ولأن في التاريخ بدايات المستقبل…
ولأن في التاريخ بدايات المستقبل…
تُخصّصُ هذه الصفحة صبيحة كل يوم سبت، لتحتضنَ محطات لامعات من تاريخ الحزب السوري القومي الاجتماعي، صنعها قوميون اجتماعيون في مراحل صعبة من مسار الحزب، فأضافوا عبرها إلى تراث حزبهم وتاريخه التماعات نضالية هي خطوات راسخات على طريق النصر العظيم.
وحتى يبقى المستقبل في دائرة رؤيتنا، يجب أن لا يسقط من تاريخنا تفصيل واحد، ذلك أننا كأمّة، استمرار مادي روحي راح يتدفق منذ ما قبل التاريخ الجلي، وبالتالي فإن إبراز محطات الحزب النضالية، هو في الوقت عينه تأكيد وحدة الوجود القومي منذ انبثاقه وإلى أن تنطفئ الشمس.
كتابة تاريخنا مهمة بحجم الأمة.
إعداد: لبيب ناصيف
الأمين المميّز التزاماً وتفانياً قومياً اجتماعياً… أمل شفيق ابراهيم
منذ أن التقيت به في ستينات القرن الماضي، وتباعاً، إلى أن فارق الحياة، وهو يحتل لديّ مساحة شاسعة من المحبة والتقدير.
كنت رئيساً لمكتب الطلبة، عندما كان الأمين أمل طالباً في «كلية الشرق الأوسط» في «الفنار»، ومعه الرفيق سمير صلاح الدين 1 ، كنت أزورهما في الكلية وأتابع معهما نشاطهما الحزبي.
غادر الرفيق سمير إلى الولايات المتحدة، وغادر الأمين أمل إلى إحدى الدول العربية مستمراً على نشاطه الحزبي وعلى حضوره الحلو في أي مكان حلّ فيه واستقرّ.
لم يبتعد عن بلدته «بعقلين» ولا عن «الشوف». فكان طبيعياً أن نلتقي، ودائماً ضمن الكثير من مشاعر المحبة والارتياح، ليس فقط لما خبرته فيه طوال تلك السنوات، انما بناءً لما سمعت عنه وحدّثني به عارفوه.
هذه النبذة عن الأمين أمل لا تغطي كل سيرته ومسيرته. انها فقط نقطة وفاء مني، لمن يستحق الكثير. لذا أمل من عارفيه وهم كثر، أن يكتبوا لنا بما يُغني تلك السيرة، فننشر ما سيردنا في ملحق لهذه النبذة.
عند رحيله نعاه، إلى عائلته، حزبه السوري القومي الاجتماعي بالكلمة التالية:
«ينعى الحزب السوري القومي الاجتماعي الأمين المناضل أمل شفيق ابراهيم الذي توفي إثر تعرضه لنوبة قلبية..
والأمين الراحل انتمى إلى الحزب في أوائل السبعينات وتحمل فيه مسؤوليات عدّة، آخرها مسؤولية منفذ عام منفذية الشوف، ومنح منذ أسابيع رتبة الأمانة في الحزب، تقديراً لعطاءاته..
هذا وسيقام له، غداً، تشييع حزبي وشعبي، في مسقط رأسه بعقلين، عند الساعة الواحدة ظهراً، بحضور وفد مركزي من قيادة الحزب.. وسيلقي عميد الإذاعة والإعلام الأمين حافظ الصايغ كلمة في المشيّعين».
ونعاه أيضاً كل من مجلس إدارة، أطباء وموظفي مستشفى بعقلين وفرع تجمع النهضة النسائية في الشوف.
في ملحق العدد 1073 نشرت «البناء» التغطية التالية عن التشييع الحاشد الذي أقيم للأمين أمل. قالت:
شيّع السوريون القوميون الاجتماعيون في مدينة بعقلين، المأسوف على شبابه الأمين أمل شفيق ابراهيم، في مأتم حاشد شارك فيه وفد مركزي ضمّ إلى رئيس الحزب الأمين علي قانصو، رئيس المكتب السياسي الأمين أسعد حردان، نائب رئيس المكتب السياسي الأمين توفيق مهنا، عميد الإذاعة والإعلام الأمين حافظ الصايغ، عميد عبر الحدود الأمين لبيب ناصيف، وعدد من المسؤولين بالإضافة إلى منفذ عام الشوف الرفيق نشأت الطويل الراحل، الأمين لاحقاً وهيئة المنفذية وعدد من ممثلي الأحزاب والهيئات وحشد من القوميين والمواطنين وأهالي منطقة الشوف والجوار وفعالياتها.
الرفيق خالد قعسماني
خلال التشييع القيت كلمات استهلها ناظر الإذاعة والإعلام الرفيق خالد قعسماني معدداً مزايا الفقيد وقال: نحن وأنت يا حضرة الأمين الراحل مؤمنون بأننا نقتل الموت لنقيم الحياة. أوليس الموت جزءاً من الحياة.
أضاف: كنتَ أيها الأمين الراحل وافر العطاء لمجتمعك الذي انتميت إليه وإلى أناسه، فأعطيت كل ما فيك لمن شاطروك العقيدة والإيمان، ولمن لم يدركوا مفهوم الحقيقة التي أدركتها، وفي الحالتين من دون حساب..
الدكتور نصير عامر
ثم ألقى كلمة مركز بعقلين الطبي د. نصير عامر، ومما جاء فيها:
«أمل، أيها الصديق الحبيب، أيها الوفي لمجتمعك، والمحب لمعارفك، والأمين على صداقتك كما للمبادئ، كم كان يؤلمك أن ترى أسرة كريمة مستورة بحاجة إلى من يسد رمقها أو شاباً متفوقاً يحول بينه وبين تحصيله العلمي وضع مالي صعب، فتمد أياديك البيضاء بكرم يفوق حد الوصف.
ولأنك كنت تتوق إلى النهضة وتسعى إلى البناء في شتى الميادين، فكيف إذا كان الأمر متعلقاً بصحة إنسان أو معالجة مريض، عزّ أن ترى مركزاً طبياً في بعقلين يعاني من أوضاع مالية صعبة أوشك على الإقفال، فسارعت إلى تحمل الجزء الأكبر و الأهم من الأعباء الباهظة من أجل إعادة إحيائه دون تردد، وبلا حساب.
أيها الحبيب الراحل، بعقلين التي أحببت تلالها وروابيها وبيادر الغلال فيها موشحة اليوم بالسواد، يذرف أبناؤها دموع الحزن على رحيلك أيها الفارس الذي هويت عن صهوة جوادك باكراً، ولا زال رمحك شامخاً يطال السماء. أزهار تشرين و أشجار السرو في حديقتك الجميلة ذبلت قبل موعدها والأوان».
منير الغصيني
وباسم فرع بعقلين في الحزب الاشتراكي ألقى منير الغصيني كلمة جاء فيها:
«عرفناه نحن التقدميون الاشتراكيون منذ حداثته، بطهارته وعنفوانه وتواضعه، عرفناه بمحبته لأبناء بلدته، وعرفناه أكثر فأكثر عندما أكرمه الله وأجزل عليه العطاءات، فإذ به أكثر كرماً وأنصع نقاوةً وأشد تواضعاً وأقوى محبةً للناس ولقضاياهم.
أضاف: «الخسارة كبيرة والمصاب جلل، ونحن أصبنا به تماماً كما رفاقنا في الحزب السوري القومي الاجتماعي.
لك السفر الطويل في الخلود، لك الدفء بجوار ربك، ولزوجك المفجوعة صفية، ولأولادك الأعزاء ولرفاقنا في الحزب السوري القومي الاجتماعي الصبر والسلوان».
الرفيق غسان أبو عجرم
وألقى الرفيق غسان أبو عجرم كلمة مؤثرة عن فضائل الأمين الراحل قائلاً:
«رفيقنا الحبيب، يا حضرة الأمين الجزيل الاحترام، قلائل هم الذين يظلون حاضرين رغم غيابهم، ومالئي الأذهان والقلوب رغم ابتعادهم، تظل ذكراهم محفورة في الوجدان مهما طالت سنوات الفراق النهائي.
امل ابراهيم، هو واحد منهم، غادرنا ولم يزل فينا ومعنا.
ربيع الشباب يسأل عن فقيده: ارحل حقاً؟.. أيعقل أن يكون قد رحل دون استئذان؟..
يا أميننا على الواجب، خالدٌ أنت أرضاً وسماءً. أنا لا أرثيك لأنني ما تعودت أن أرثي الأحياء، كيف أرثيك وأنت من الأمناء على الحياة، فالحياة لا تزال تحتضنك لأن الجواهر تدفن في التراب ولكنها لا تصير تراباً، ولقد كنت من جواهرنا، وستظل.
اليوم وفي بلدتك تنتصب الأيادي لتحييك، وكأني بعيون رفقائك تردد صدى النفوس العظيمة. فهنيئاً لك يوم آمنت.. وعلى هدى هذا الإيمان، سلام لروحك يوم ارتحلت..»
الرفيق جميل راجح
وباسم منفذية الشوف، تحدث الرفيق جميل راجح الأمين، المنفذ العام لاحقاً فقال:
«يا صاحب الابتسامة النقية الدائمة والوجه المشرق الصبوح والطلّة البهية كالملاك، والعينين الطافحتين ذكاءً وطيبةً ونبلاً، يا أيها الكريم الودود، المحسن بسخاء، يا أليف المعشر والنفس السمحة العذبة الرقراقة الصافية، يا صديق الأطفال والشباب والشيوخ، يا سديد الرأي والحجة المقنعة والعقل الكبير، يا شامخاً كالنسر ومتواضعاً كالسنبلة الناضجة، أعطيتَ فاُعطيت، وأكرمتَ فأُكرمت.
تُفارقنا جسداً، أما ذكراك العطرة فستبقى معنا ما حيينا، ونعاهدك أن نكمل المسيرة التي وقفتَ حياتك من أجلها بكل العزم والإيمان والثبات، ستبقى يا أمل روحاً طاهرة في الجنة وستبقى حاضراً في قلوبنا وأفكارنا إلى الأبد.
يا أيها الأمين الذي استحق رتبة الأمانة منذ أيام، ولم يتسنَّ لنا بعد أن نحتفل بك أميناً جديداً لمبادئ المعلم الخالد سعاده، نهلتَ من نبع فكره وفلسفته فأصبحت قدوة لرفقائك في الوطن وفي المغترب.
لم تساوم يوماً على مبادئك تحت أحلك الظروف، بل بقيتَ صامداً كالطود، حارساً أميناً للنهضة والعقيدة لأنك آمنت بها وتمرستَ بالنضال لأجل تحقيقها، ولطالما حلمتَ بأن تكون الأمة السورية أمة هادية للأمم تحتضن بجناحيها كل أبنائها، مردداً مع الزعيم: «سواءً أفهمونا أم أساؤوا فهمنا سنبقى نعمل للحياة ولن نتخلى عنها أبداً».
نودّعك اليوم ونبكيك، لكننا نعتّـز بك رفيقاً مخلصاً وفياً، جسّد في مسيرته قيم الحق والخير والجمال، وكنا نتمنى أن يكون عمرك مديداً وإقامتك معنا طويلة، ولكن كما قيل: «إذا كنت في إدبار والموت في إقبال فما أسرع الملتقي»، وبالفعل كان اللقاء سريعاً».
الأمين حافظ الصايغ
وبالمناسبة ألقى عميد الإذاعة والإعلام الأمين حافظ الصايغ كلمة مركز الحزب، وفيها تحدث عن بلدة بعقلين التي ولد ونشأ فيها الأمين أمل ابراهيم، وعن الجبل الذي كان شاهداً للقيم الوطنية ولوحدة لبنان وللعزة والكرامة، معدداً مزايا الأمين الراحل الذي «انتمى إلى مدرسة الفكر والعقيدة والقيم والأخلاق والفضائل والصراع والمعرفة ليكون رفيقاً نموذجياً في حزب شاء أن يكون في هذه الأمة جسر عبور لعزها ومستقبلها».
وقال العميد: «يا أمين أمل، الكبار أمثالك لا ينتهون بمأتم، لأنك تركتَ بصماتك في كل مكان حللت، وفي حزبك، ومع كل من عرفك. لقد عرفناك في أحلك الظروف، يوم كان هذا البلد ينزف نتيجة صراعاته الداخلية ونتيجة من أرادوا أن يذهبوا به إلى مواقع أخرى… عرفناك حارساً أمينا لوحدة شعبك، مكافحاً من أجل رفع الظلم عن هذا الشعب، وفي مواجهة العصبيات المذهبية والطائفية، ملبياً نداء إيمانك التوحيدي والبعيد عن كل المصطادين في الماء العكر، والمتاجرين بالدين والطوائف، وعرفناك أيام الاجتياح الصهيوني، يوم أديت قسطك للنضال. أضاف الصايغ: « يا أمل، هذا البلد الذي لا يتسع لأمثالك، هذا البلد الذي لا يتسع للأحرار، ولا يتسع إلا للواقفين على باب الإقطاع، هذا البلد الذي لا يتسع لمبدعيه ولكباره، هذا البلد فرض عليك أن تغترب إلى السعودية. ولكن غربتك كانت حضوراً دائماً لوطنك، لأنك أتيت بما في السعودية من خير إلى هذا الوطن لتزيد على بنيانه حجراً ولتزيد على إمكاناته إمكانية، فأنت لم تكن غريباً عن هذا الوطن، غُربت عنه كما غُرب عنه الآلاف أمثالك، ولكنكم عدتم لإصراركم على هذا الانتماء العميق وعلى الولاء للوطن.
وتابع قائلاً: «نفتقدك يا أمل، والبلد يضج بالخطابات المؤذية، يضج بالتراشق السياسي والإعلامي الذي لا يخدم الوحدة الوطنية.. نفتقدك لأنك كنت صوتاً للحوار الرصين، وصوتاً محاوراً يعترف بالآخر.. ونفتقدك في حزبك الذي آل على نفسه أن يبقى رغم كل الصعوبات وكل الهجمات الصورة الصادقة للالتزام بقضية الإنسان في هذا الوطن.
نعاهدك أننا سنبقى حراس هذا الوطن من الاختراقات الصهيونية، أكانت عبر الفكر المذهبي الطائفي العنصري، أو عبر محاولة جعل لبنان تحت الوصايا الأجنبية التي أمعنت في تقسيم هذه الأمة من سايكس- بيكو إلى فلسطين والعراق.. ويريدون أن ينقلوا التجربة إلى لبنان، ولكن لبنان سيبقى عصياً على هذه الوصايا، وعصياً على الإرادات الأجنبية، فلبنان الذي دحر الاحتلال الإسرائيلي، وزرع أرضه بشهدائه لا يمكن لهذه الأرض أن تُـدنّس ثانيةً، لا بالإرادات الأجنبية ولا بالوصايات ولا بالاحتلالات. فيا أمل، حيث كنت أنت معنا هنا.. مع شباب الشوف، الشوف الأبي، مع رفقائك يستوحون من مسيرتك صموداً حول القيم والمبادئ التي آمنت بها، سوف تبقى يا أمل في كل قرى الشوف، في بعقلين، في الجاهلية، في كفرحيم، في كل منطقة من مناطق وقرى هذا الشوف الكريم، ستبقى الصورة التي تمثلّت في الأجيال الطالعة لتكمل المسيرة وليبقى أمل حاضراً في كل قرية، في كل مديرية، حاضراً في كل رفيق يرفع يده اليمنى لكي يرفع عز وكرامة هذا الوطن».
كذلك ألقيت كلمات لكل من: أبو عماد فرحان العلي، وصبحي الحلبي باسم المجلس البلدي في بعقلين، وألقى الشاعر سمير أبو ذياب قصيدة رئاء، كما ألقى الشاعر الرفيق خالد زهر قصيدة رثاء.
وفي الختام ألقى الرفيق محمود ابراهيم، كلمة العائلة، توجه فيها بالشكر من جميع الذين واسوا العائلة في مصابها الجلل.
وبعد الكلمات، ووري جثمان الأمين الراحل الثرى في جبانة بلدته «بعقلين».
نشرت الرفيقة دنيا الحامد الكلمة الوجدانية التالية في عدد البناء المشار إليه آنفاً:
إلى الأمين الراحل أمل ابراهيم
يا راحلاً من فناء هذا الجسد… هل أضناك البقاء؟
أمعقول أن روحك قد تعاظمت لدرجة أنها لم تعد تحتمل ضيق هذا الجسد؟
ما زال الوقت باكراً… وما زال لنا فيك حلم… فإلى أين أنت ماضٍ؟
إلى أين، ونحن لم نعتد بعد الفراق؟
زوايا البيت تسأل…
الأصحاب… الأهل… والجيران.
ونحن نسألك، لماذا ترجلت باكراً.. يا أحسن جليس ورفيق وصديق؟
كنتَ دالية فيء وأمان… نتظللها في أوقات الصعاب..
كنتَ المساحة الخضراء الآخذة بالتمدد لتقلّص مساحات الشوك والحرمان..
سنفتقدكَ يا رفيق، قامة في مطلع كل صبح، وإن كانت نفسك تفرض حقيقتها على هذا الوجود.
لو أنك تمهّلت قليلاً… لنطبع على جبينك قبلة الوداع… ونهديك قليلاً من الورود… أو كلمة شكر..
أما وقد استعجلتَ الرحيل، فنقول لك وداعاً، ولتكن السماء الرحبة المسكن الأوسع لروحك… ولتكن روح الملائكة وبركات الرب من يقود خطو سموّك.
كلمة وفاء
لعل من اكثر الرفقاء الذين عرفوا الأمين أمل ابراهيم، ورافقوه عائلة ودراسة وحزباً وتفانياً ونضالاً وتجلياً في كل ميدان هو الأمين غازي ابو كامل المتألق بإيمانه وقدوته والتزامه النهضوي.
منه هذه الكلمة عن رفيق دربه الأمين أمل ابراهيم.
«كان علامة فارقة منذ انتمائه عام 1968، إتسم بالجدية والمسؤولية والفهم العقائدي، وما أكثر المحطات الدالة في سيرته، ان كان في انتمائه المبكر ام في المسؤوليات التي تحمّلَ اعباءها، ام بدوره في نشر الفكر بين الطلبة والمواطنين، ام في تجربته الحزبية الطويلة، ناظراً للإذاعة عام 1972 وعضواً في المجلس القومي عام 1973 ومنفذاً عاماً للشوف عام 1974 حتى سفره إلى الكويت خريف 1975. وبقي رافداً مالياً ومسهلاً سفر العديد من الرفقاء للعمل حيث عمل مع شركة PROFEX في لبنان والكويت .
وفي عام 1998 وعند قيام الوحدة الحزبية اجمع عليه ليكون منفذاً عاماً للشوف تاركاً عمله المزدهر متحملاً مسؤولية المرحلة بإعادة جمع الصفوف.
أبان تلك الفترة، انتخب عضواً في المجلس البلدي في بعقلين منفرداً وفاز بأصوات وازنة. كما ساهم مساهمة فعالة في قيام نصب الشهيدة ابتسام حرب في غريفة، وأيضاً تحمّل معظم أعباء الحملة الانتخابية للمرشح فارس ذبيان الأمين لاحقاً .
كنا في المسؤولية معاً في اكثر من هيئة إلى ان عملت ناموساً للمنفذية أثناء توليه مسؤولية منفذ عام عام 1974. منذ مؤتمر ملكارت الذي شارك بأعماله، وهو يحتل موقعاً تقدماً بيننا إن كان بتميّزه بالمعرفة والقدرة على الحوار ام بروح المبادرة التي تحلى بها، ام بإيمانه العميق بالقضية الكبرى التي اعطته جزءاً من حجمها مسجلاً ومضات ساطعة من تاريخ المرحلة.
إن رحيله المبكر بعمر 56 عاماً وهو في عزّ عطائه، خسارة حزبية واجتماعية لرجاحة رأيه وحضوره الحزبي ولمكانته الاجتماعية التي إفتقدناها.
إن بصماته في مساعدة العديد من الرفقاء والمواطنين في توفير فرص التعليم والإستشفاء ورفد العمل الحزبي، وانني شاهد على معظم هذه التقديمات التي شكلت رافعة حزبية نموذجية تمثلت فيها الإنسانية بأسمى مراتبها متفانياً في سبيل الآخرين، كان حالة استثنائية متميزة.
اثناء عضويته في المجس البلدي في بعقلين في الفترة 1998-2004 إقترح تسمية ساحات بعقلين وشوارعها بأسماء من تميّز من ابنائها متبنياً وعلى حسابه الخاص إقامة إحداها بإسم أديبنا القومي الكبير سعيد تقي الدين. فبدل التكريم الموسمي الخجول الذي لا يليق «برفة جناحه» اراد له موقعاً يخلّده وشاهد على أدبه وسيرته وقبل ان يصبح صاحب «المنبوذ» منبوذاً، أعاده إلى الذاكرة ومن بعده أكملت عائلته واصدقاؤه مشعل سعيد تقي الدين لوحةً من عبارات ذلك الادب الفريد ومجسماً برونزياً له، مفتتحاً المستديرة رئيس الحزب آنذاك الأمين اسعد حردان والاستاذ وليد جنبلاط وذلك عام 2010.
مُنحنا معاً رتبة الامانة وتبلغنا ذلك قبل يومين من وفاته، قدر له ان يتوّج نضاله بمنحه رتبة الامانة.
صريح الرأي واضح الرؤية، كان قولاً فصلاً في المواقف والقرارات، نقاشه موضوعياً لا جدلياً مترفعاً عن الأنا القاتلة والوجاهة المزيّفة، لم يبحث عن دور، كانت تأتي إليه الادوار والمهمات والمسؤوليات.
كان صريحاً لا مسايراً، وفي زمن المراوحة ما أحوجنا إلى هذه القيمة المضافة من رجال ندروا».
عندما أتكلم عن الأمين الرائع أمل ابراهيم لا بد ان اذكر الامناء الراحلين الذين عرفتهم الشوف في العشرين سنة الاخيرة. كنت كتبت عن البعض منهم وآمل ان اتمكن عن آخرين، وعن الجميع فيكون لكل منهم حضوره في ذاكرة الحزب، وتاريخه.
الامناء الجزيلو الاحترام: فؤاد ابو عجرم، خليل ابو عجرم، فؤاد ذبيان، رضا خطار، سعيد ورد، عارف زهر الدين، خليل غنام، انطون الغريب، عاطف ضو.
ولا ننسى الرفيق سعيد تقي الدين الذي كان عملاقاً في الادب وفي النضال القومي الاجتماعي، وخالداً في حزبه وفي أمته على مدى الاجيال.
ولا انسى، شخصياً عدداً من الرفقاء الاحباء الذين عرفتهم في سياق عملي الحزبي، اذكر منهم بكثير من الحب:
غانم وهبه «بطمة»، فريد يزبك «كفرنبرخ»، عواد ابو اسماعيل «بعقلين»، محمد حماده «بعقلين»، والصديق المواطن حسيب أبو ضرغم «كفرحيم».