إيران تنتظر نتائج المساعي الأوروبية لمواجهة العقوبات… قبل العودة للتخصيب السعودية تخسر العلاقة بباسيل بالتمسك بتمييز جعجع… ومعركة أصوات مجلسية
كتب المحرّر السياسي
بقي الملف النووي الإيراني في الواجهة، مع الإعلان الأوروبي عن خطة مزدوجة لتعويض الشركات ومصارف الأوروبية كل الخسائر التي تنتج عن العقوبات الأميركية على إيران من جهة، والسعي للتحضير لاجتماع في فيينا يضمّ مكونات دول التفاهم النووي الإيراني، الخمسة زائداً واحداً، ناقص أميركا، بمشاركة إيرانية لبحث كيفية تحصين التفاهم، بما في ذلك فتح تفاوض جديد حول تعويض إيران بحوافز مالية مغرية مقابل تفاهمات تطال برنامجها الصاروخي والسعي لتسويات في المنطقة، فيما كانت موسكو تشتغل على الخط الأوروبي عبر البوابة الألمانية لبرنامج أوسع يطال العقوبات الأميركية على روسيا التي تشغل بال الألمان، بحجم الضرر الذي تسببه للاقتصاد الألماني، وما بدا أنه تأسيس لمنظومة مالية أوروآسيوية لا تمرّ بواشنطن، يكون التعامل باليورو محورها في العلاقات الاقتصادية البينية بين دول أوروبا وآسيا.
الموقف الإيراني كما عبّر عنه وزير الخارجية محمد جواد ظريف والمسؤول عن الملف النووي علي أكبر صالحي، ينتظر ما ستحمله أوروبا خلال أسابيع قليلة من إجراءات عملية بعيداً عن الخطب السياسية التي لا تقدم ولا تؤخر، لتقرر إيران ما إذا كان هناك ما يستحق الإعلان عن البقاء في قلب التفاهم النووي أو إعلان الخروج منه، والعودة للتخصيب المرتفع حتى نسبة تتخطى الـ 20 التي كانت قد بلغتها عند توقيع التفاهم.
لبنانياً، بلغت الحركة السعودية المواكبة للتصعيد ضد حزب الله نهايات غير سعيدة، مع النتائج التي حملها إفطار السفارة في بيروت وغاب عنه رئيس التيار الوطني الحر والرئيس السابق للحكومة نجيب ميقاتي والنواب الفائزين من الطائفة السنية من خارج تيار المستقبل، ومع كل غياب تلقت السعودية خسارة رهان كانت تبنيه على تشكيل محور حيادي في المواجهة مع حزب الله، قوامه الغائبون عن الإفطار. فطُويت صفحة هذا المحور، بعدما تجسّد في ترتيب الإفطار والترتيبات البروتوكولية التي أعدّت له تكريساً لرئيس الحكومة سعد الحريري كعنوان للسعودية في إعلان طي الأزمة معه بإبعاد مدير مكتبه نادر الحريري، عبر جعل الإفطار تكريماً لرئيس الحكومة وبرعايته، ما تسبّب باعتذار ميقاتي من جهة، واستبعاد النواب الفائزين من غير المستقبل، الذين كانت السعودية قد قطعت شوطاً معهم في الانفتاح من قبل، والخسارة الكبرى كانت مقاطعة الوزير باسيل، كنتيجة للتمييز المتعمّد لرئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، سواء بالترتيب البروتوكولي للإفطار أو بما سبقه وتلاه من اتصالات سعودية بنواب وكتل نيابية تمحورت حول تجميع الأصوات لصالح مرشح القوات لمنصب نائب رئيس مجلس النواب النائب المنتخب أنيس نصار بوجه مرشح التيار الوطني الحر، الذي يبدو أنه حُسم لصالح النائب إيلي الفرزلي العائد إلى المجلس ولموقعه فيه كنائب للرئيس، بعدما صار سقف ما تطمح إليه القوات هو تجميع أصوات لا فرصة فوز، بينما بات فوز الرئيس نبيه بري برئاسة المجلس بإجماع سياسي ولو خرج عنه بعض التصويت النيابي.
في المستقبل الحكومي سرّبت بعض الأوساط القريبة من السعودية مشروع الحديث عن حكومة تكنوقراط كمخرج مناسب لاستبعاد ممثلين مباشرين لحزب الله، وتمثيله بغير حزبيين، ما وجدته مصادر سياسية مطلعة نوعاً من التسلية السياسية والإعلامية، مضيفة أن الحكومة ستكون سياسية بامتياز وأن حزب الله يرفض كل محاولة للتعمية على حضوره المباشر، بتمويه مقصود، وأنه سيتمثل بحزبيين ومن الصف الأول.
لبنانياً ونيابياً، احتفل القوميون بنصرهم في الكورة، حيث تميّز هذا النصر بفوز الحليفين تيار المردة والحزب السوري القومي الاجتماعي كل بمقعد بصورة تتيح القول إن المقعد القومي هو حاصل حضور الكورة كقلعة قومية تاريخية، وهذا ما تضمّنته كلمة النائب المنتخب سليم سعادة معاهداً على قيادة عمل نهضوي سياسي وطني وقومي من جهة. وإنمائي بيئي شعبي واجتماعي من جهة موازية.
أما وتنتهي ولاية المجلس النيابي منتصف الليلة الاثنين – الثلاثاء 21 22 الحالي، وحسم موعد انتخاب رئيس للمجلس ونائبه وهيئة مكتب المجلس يوم الأربعاء، تتجه الأنظار الى الموقف الفصل لتكتل لبنان القويّ الذي سيُصدر يوم غد الثلاثاء عقب الاجتماع الاسبوعي للتكتل برئاسة الوزير جبران باسيل حيال تسمية رئيس حركة أمل نبيه بري، رئيساً للمجلس، من عدمه، والى اجتماع تكتل «الجمهورية القوية» ليبنى على الشيء مقتضاه حيال القرار القواتي من تسمية الرئيس بري، علماً أن مصادر قواتية تميل الى تسمية بري.
لكن أياً كان القرار العوني، فإن الأجواء على خط بعبدا عين التينة إيجابية، فاللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس بري عكس أجواء مشجّعة للتعاطي مع استحقاقات المرحلة المقبلة.
ولا تنفي أو تؤكد المصادر العونية لـ «البناء» إمكانية تسمية الرئيس بري، فهي تكتفي بالقول إن الأمر رهن المشاورات والمفاوضات الجارية، مع إشارتها إلى أن الاقتراع بورقة بيضاء في حال حصل لن يؤثر على العلاقة، لا سيما أن كتلة التحرير والتنمية لم تصوّت للعماد عون في جلسة انتخاب الرئيس، ولم «تخرب الدني».
أما في ما خصّ انتخاب نائب الرئيس، وبينما يتّجه حزب القوات إلى ترشيح النائب المنتخَب انيس نصار الذي سيحظى بدعم أصوات تيار المستقبل، بحسب ما تؤكد مصادر معراب لـ «البناء»، فإن التيار الوطني الحر حسم ترشيح النائب المنتخب إيلي الفرزلي لهذا المنصب. ويستند هذا القرار الذي سيصدر يوم غد الثلاثاء عن اجتماع تكتل لبنان القويّ، وفق المصادر العونية نفسها، إلى «ما يتمتع به الفرزلي من خبرة ودراية وحنكة سياسية تؤهله شغل هذا المنصب. لا سيما أن هذا الموقع لا يعني جلوس نائب الرئيس مكان الرئيس بري عند خروج الأخير من الجلسة، فأهمية هذا الموقع تكمن في إدارته جلسات اللجان المشتركة التي لطالما عجز النائب فريد مكاري خلال ترؤسه هذه الجلسات من ضبط إيقاعها». ولا تتوقف المصادر العونية عند ترشيح نصار، فـ «العملية ديمقراطية ومن ينل عدد أصوات أكثر سيفوز». ولن تلجأ الى المقايضة مع القوات حيال منصب نائب رئيس مجلس الوزراء، فما ارتكبه الدكتور سمير جعجع من تجاوزات تخطّت الخطوط الحمر خلال مرحلة الانتخابات وما بعدها لن يمرّ مرور الكرام.
وأمل النائب العميد شامل روكز أن يكون جو جلسة الأربعاء إيجابياً، لافتاً الى أنه يرى أن الأمور تسير بايجابية على عكس ما يراها البعض، مشيراً الى انه يفضل الفرزلي نائباً لرئيس مجلس النواب «بناء على اعتبارات عدة منها تاريخه وعلاقاته وقدرته على لعب دور تقريبي بين بعبدا و عين التينة «. وقال روكز «علينا جميعاً أن نقدر أحجام بعضنا لنتمكن من تشكيل الحكومة. والتواضع أساسي ليتمثل كل طرف بقدر حجمه». واعتبر ان «الحقائب السيادية يجب أن تكون من حصة رئيس الجمهورية وهو أمر يحلّ المشكلة حول توزيع الحقائب السيادية»، وأكد «أنني جاهز لكل ما قد يُطلب مني وتوليَّ وزارة الدفاع ليس مطروحاً».
وبينما أعلن الرئيس سعد الحريري من دارة السفير السعودي في اليرزة أنه لا يدعم ترشيح الفرزلي لمنصب نائب رئيس مجلس النواب، كان البارز تخطي رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط الاعتبارات الشخصية تجاه الفرزلي انسجاماً مع موقف الرئيس بري معلناً من عين التينة أنه سيُوصي أعضاء اللقاء الديمقراطي خلال اجتماعهم اليوم، بانتخاب الفرزلي نائباً للرئيس من منطلق أنّه يعمل جاهداً على أن لا يكون «هناك أي تعارض بين المختارة وعين التينة، لأن فوق الأسماء هناك العلاقة الحميمة والصداقة مع دولة الرئيس بري».
وكان الفرزلي أكد أمس، في حديث إعلامي أنه «في حال كنت مرشحاً لتولي نيابة رئاسة مجلس النواب ولم يصوّت رئيس الحكومة سعد الحريري لي كما صرّح فيدي ممدودة له للتعاون والعمل وللجميع».
وفي سياق متّصل حسم حزب الطاشناق من جهته موقفه من ترشيح الرئيس بري لرئاسة المجلس. فهذا القرار تبلّغه الأستاذ خلال الزيارة التي قام بها الأمين العام لحزب الطاشناق النائب هاغوب بقرادونيان إلى عين التينة، وكذلك الحال تجاه رئاسة الحكومة، فبقرادونيان أعلن من بيت الوسط أن تسمية الرئيس سعد الحريري لرئاسة الحكومة تحصيل حاصل.
وقبل أن تصبح حكومة الرئيس سعد الحريري مستقيلة وتصرّف أعمال مع انتهاء ولاية المجلس ليل 21 -22 يعقد مجلس الوزراء جلسة اليوم في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد مشال عون من أبرز بنود جدول أعمالها «المخصّصات العائدة لمشروع بناء المستشفى العسكري المركزي الجديد، الذي وتبلغ قيمتها حوالى 180 مليار ليرة، ستقدّم الاستشفاء لأكثر من 360 ألف عسكري ومدني، بحسب ما يؤكد الوزير يعقوب الصراف.
وفي سياق آخر، يبدو أن المكونّات السياسية الأساسية مستعجلة لتشكيل الحكومة للانكباب على معالجة أزمة النازحين التي تلقي بظلالها الاقتصادية على لبنان، لا سيما أن هناك قوى سياسية بدأت تتخوّف من تداعيات القانون رقم 10 السوري على لبنان، علماً أن مصادر نيابية سورية تؤكد لـ «البناء» أن القانون رقم 10 ليس طارئاً على المنظومة التشريعية السورية، فهو جزء من إعادة الإعمار بشكل يساهم في تنظيم المناطق بشكل حديث مواكبة مع إعادة الإعمار، والحديث عن نقل الملكية من مواطنين إلى مواطنين معقّد، لأن أية عملية نقل ستكون مرتبطة بالقيد العقاري.
وتؤكد مصادر وزارية في تكتل التغيير والإصلاح لـ «البناء» أن الدولة السورية تريد عودة النازحين الى ديارهم وقراهم، وبالتالي هذا القانون 10 قد يعجّل عودة النازحين الموالين للدولة السورية. الأمر الذي سينعكس إيجاباً على لبنان، إذ إن المعارضين في لبنان ليسوا بأعداد كبيرة، مع اشارة المصادر الى ان لبنان يستضيف على ارضه منذ ما قبل الأزمة نحو 500 ألف سوري تحت عنوان اليد العاملة.
من ناحية أخرى، أقامت منفذية الكورة في الحزب السوري القومي الاجتماعي احتفالاً حزبياً وشعبياً حاشداً بمناسبة فوز عضو المكتب السياسي المركزي سليم سعادة في الانتخابات النيابية في الكورة، وأكد سعادة أنّ الكورة العلمانية أمانة في رقابنا، لأننا نقف في وجه الدعوات اللبنانية المتصهينة التي تقود مِللَها نحو النار والانتحار. وشدد على انّ الكورة اللبنانية أمانة في نفوسنا وعقولنا، لأنّ كورتنا هي كورة العلم والمعرفة ولأنّ نشأتنا منذ الثلاثينيات هي نشأة فكرية فلسفية معرفية عقائدية وليست من إفرازات الحرب الأهلية الميليشيوية. إنّ الكورة اللبنانية أمانة غالية نحميها بسواعدنا لأننا نتمثل بها وتتمثل بنا، لأننا ندافع عنها في وجه الغزاة البرابرة سارقي بيوتها وغلالها وشهاداتها العلمية.