قالت له
قالت له: كم أنا نادمة على القبلة التي ضاعت من بين ثغرينا خشية مني للتورّط، فلتسامحني على ما كان وما كنتَ ترغب أن يكون.
بقي صامتاً.
فقالت له: حزينة لفراقنا ومشتاقة للقاء، فلتأخذني إليك وما عندي طاقة صبر إلا الانتظار.
بقي صامتاً.
قالت: كنتُ أعلم أنّك تحبّها أكثر مما تحبّني. وأغار. وكنت تؤكد لي أنني حبيبتك الوحيدة حتى اكتشفت أن خيانتك لي معها هي حبّك الذي لم تَخُنْه يوماً ولن تخونَ. وها أنا أسمح والحب تسامح. وما عادت لي قدرة على العتاب بعد الغياب.
بقي صامتاً.
قالت له: أفتقد لحظاتنا الجميلة وابتساماتك وشرود عينيك وتساؤلاتي. واليوم أجد كل الأجوبة على الأسئلة التائهة فقد كنتَ معي وتفكر فيها. وها أنت معها الآن. وها أنا أسترضيك فهل يُرضيك؟
بقي صامتاً.
قالت: هل تعلم أنني منذ الفراق لم أعرف طريقاً لقلبي مع سواك، ولا أظنّه سيكون وقد عاهدت قلبي أنه لك وحدك، مهما طال الغياب. وأنك أشجع مني وقد تحرّرت مني وزدتُ عبودية لحبك ومنحت قلبي لقلبك، رغم كل الذي صار فلا تبخل عليّ بالأخبار.
بقي صامتاً.
أمسكتْ قميصَه وبندقيتَه وشدّتْهما إلى صدرها. وقد بللتهما بدمعها وهي تضمّهما بكل قوّتها. وتقول عهدي لك أن العشيقة التي أخذتك مني ستأخذني إليك. وأنني سأحمل عهدك لها، عهدي أمام عينيك. وسأمضي كما مضيتُ. وفي مثل اليوم كان نصرك وكان سحرك وكان تحرير الأرض. وعرفت أنك في الليل كنتَ تصلّي في محراب قضية بينما مَن في عمر شبابك يواعدون صبية. وأنني أسأت الظن فيك كثيراً حتى أهديتَني بدل الحرير تحريرا… فنَمْ قرير العين يا دمعَ العين وعشيقَ الروح ورحيقَ قلبي المجروح… ورأسي المرفوع لا يخفي كسرَ الجناح، كما لا يخفي وجعُ الضلوع صوت السلاح… وقد جعلتني حبيبة الشهيد.