الأمين العام لحزب الله في ذكرى التحرير: الحصار السياسي والمالي للمقاومة معركة خاسرة

أكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أن ذكرى عيد المقاومة والتحرير في 25 أيار 2000 هي محطة سنوية لشعبنا ولشعوب أمتنا ومنطقتنا وهي محطة إنسانية وجهادية مليئة بالعبر والدروس ويمكن الاعتماد عليها لبناء الحاضر والمستقبل.

وشدّد السيد نصر الله في كلمة له عبر الشاشة بمناسبة الذكرى الـ18 لعيد المقاومة والتحرير على أن » العدو في العام 2000 انسحب ذليلاً مدحوراً دون قيد أو شرط، لأن هناك مستوىً من الخسائر لم يعُد يتحمّله«، وتابع » عندما نتحدّث عن أي حرب مقبلة نتحدّث بيقين عن النصر، لأن الله معنا وشعبنا ومقاومينا موجودون ولائقون ان ينزل عليهم الله تعالى النصر«. وأضاف » في حرب تموز 2006 كانوا لائقين بالنصر وما يثبت ذلك أنهم عادوا سراعاً الى بيوتهم وحافظوا على مقاومتهم«.

وعن وضع أسماء قيادات في حزب الله في ما يُسمّى اللوائح الإرهابية الأميركية والخليجية، قال السيد نصر الله » تعمُّد وضع اسمائنا على لائحة الارهاب الاميركية والخليجية لإبعاد الناس عنا ومن يريد التواصل معنا«، وتابع: إن » الدولة والحكومة اللبنانية مسؤولة عن اللبنانيين الذين توضع اسماؤهم على لائحة الارهاب ولا يجوز أن تديرا ظهرهما لهم«، ولفت الى انه » في إطار تجفيف مصادر تمويل المقاومة يأتي الضغط على الجمهورية الاسلامية الإيرانية كداعم اساسي«.

وقال السيد نصر الله » عندما تكون هناك جهة تطالب فعلاً بالسيادة على أرضها ولا تسمح للأميركي والإسرائيلي ان يمد يده على مائك وأرضك ونفطك فمن الطبيعي أن يرى فيك هذا العدو تهديداً له ولمصالحه، ولذلك سيقوم بشنّ الحروب عليك ويغتالك وأيضاً بفرض عقوبات عليك وإدراج اسمائك على لوائحه للإرهاب وما شاكل من إجراءات أخرى«.

وتابع » لذلك على كل من يتعرّض لهذا الإجراء أو ذاك أن يحتسب نفسه وعائلته كمن يضحّي ويقدّم شهيداً او جريحاً. وهذا جزء من المعركة والتضحية ويجب أن نواجه. وفي المواجهة علينا الوصول الى تعطيل هدف العدو. وهدف العدو هنا هو المسّ بإرادتنا وعزمنا وتصميمنا وثباتنا وبقائنا بهذا الموقع. وطالما أننا عازمون وصامدون هذا ليس له أي قيمة كالشهداء والجرحى والتدمير. وهذا جزء من المواجهة«.

ولفت السيد نصر الله إلى أنه حتى الآن هم جرّبوا القتل والتدمير والتهجير علينا وعلى أهلنا. وكل ذلك لم يمس الإرادة والتصميم. وهنا نقول إن هذه الخطوة والعقوبات لا تقدّم ولا تؤخّر وليس لها أية نتيجة، إنما علينا أن نتحمّله ونبني عليه لصناعة الانتصارات«. وتابع » لو افترضنا أن هذه العقوبات استطاعت أن تقطع جزءاً او كل هذا المال، أقول لهؤلاء الاعداء انكم مخطئون في فهم هؤلاء الناس، فالأميركي وادواته يعتقدون ويرون أن الانسان هو مرتزق ويساوي مبلغاً معيناً بالدولار ولا يفهمون أن هذا الإنسان عقائدي ووطني. وهذا هو خطأهم حيث يعتقدون أن المقاومة مرتهنة لإيران وعندما نقطع عنهم المال يقع الخلاف بينهم. وهم لا يفهمون أن أبناء المقاومة وأهلها يضحّون بكل ما لديهم وبفلذات أكبادهم ولديهم إرادة شعبية وثقافة شعبية ولا يمكن إلحاق الهزائم بهم عبر هذه العقوبات. ولذلك أقول لهم هذه المعركة خاسرة ومن السهل أن نعطل اهداف هذه الحرب الجديدة«.

وقال السيد نصر الله إن » المقاومة التي فرضت على العدو الهزيمة والاندحار هي اليوم أقوى وأشدّ وأكثر حضوراً. بعد المعركة الكبرى التي خضناها في سورية برجال وشباب المقاومة، وسبق أن قلت إن حلفاء سورية لن يسمحوا بسقوط دمشق واليوم نتوجّه الى سورية قيادة وجيشاً وشعباً والى كل حلفائهم لنبارك لهم تحرير دمشق وريفها ومحيطها بالكامل وحفظها من أي خطر«.

وقال السيد نصر الله » كل مسألة العقوبات لن تؤثر على عملية تشكيل الحكومة اللبنانية وسبق أن وضعنا على لوائح الإرهاب الخليجية ولم تؤثر على مسألة دخولنا إلى الحكومات اللبنانية«، وتابع » البعض يقول إن حزب الله يستعجل تشكيل الحكومة خوفاً مما هو آتٍ. وهنا أقول لهم أنتم مخطئون لأننا لا نخاف من التطورات في المنطقة وبالعكس نحن لسنا قلقين من التطورات، لأننا واثقون من الله وشعبنا وإنما نحن نريد إتمام التشكيل بسرعة لأن في ذلك مصلحة عامة للبنان«.

ورحّب السيد نصر الله » بسرعة انتخاب رئيس المجلس النيابي وتكليف رئيس الحكومة لتشكيلها«، ولفت إلى أن » هناك بعض المفاوضات لإتمام تشكيل الحكومة. وهذا أمر طبيعي وستكون هناك شروط وشروط مضادة، والأمر يحتاج الى جهد وتعاون من كل القوى. ونحن نتطلع الى حكومة جادة فاعلة قوية تتمثل فيها أكبر شريحة كبيرة ممكنة من الكتل السياسية النيابية التي نطالبها بأن تأتي ببرامجها الانتخابية إلى الحكومة«. وأوضح أن » في هذه البرامج هناك الكثير من المساحات المشتركة حتى تصدق هذه القوى مع الناس، والمطلوب الصدق والجدية والوفاء والمطلوب أن تلاحق الناس وتواكب«.

ولفت السيد نصر الله إلى أنه » في الحكومة سنؤكد على ايجاد وزارة تخطيط ونحن لم نطلب وزارة سيادية«، واضاف: الوزارة السيادية التي ستعطى للطائفة الشيعية محسوم أنها من حصة حركة أمل وسيكون لنا وجود فاعل في الحكومة وسنتفق مع حركة امل على توزيع الحقائب بيننا، ولن يكون هناك أي خلاف على الإطلاق. وهذا التحالف الوطني مع الحركة يقدّم النموذج للجميع«.

وأشار السيد نصر الله إلى أنه من الأمور التي وعدنا بها هي أن نكافح الفساد والهدر في الادارات ومؤسسات الدولة، ونحن اليوم نقول إن حزب الله مصمّم على مواصلة هذا الأمر. وهي مهمة الكل في حزب الله وسيعملون عليها على مستوى القرار والخطة والتنفيذ«، وتابع » في الأيام المقبلة سنبدأ بمشاورتنا مع حلفائنا على مكافحة الفساد ووقف الهدر لنتفق على خطوات ومواقف مشتركة. ونحن منفتحون وهذه المصلحة يجب أن تخاض بمعركة وطنية واسعة وشاملة لمكافحة الفساد لا بمعركة حزبية. وعلينا أن نوقف الانهيار بتعاوننا جميعاً«.

وعن ملف مكافحة الفساد، قال السيد نصر الله إن » قيادة حزب الله قررت ودرست وعينت مسؤولاً لمتابعة هذا الملف يعمل تحت عين الأمين العام مباشرة«. وأضاف » قلنا إن هذا الملف سيكون له مسؤول وهو سيكون المعني لتعيين الخطط والتواصل مع الاخوة والحلفاء. وهذا الملف سيكون جزءاً من العمل الجماعي في حزب الله«، واوضح أنه » لا مانع أن نتعاون مع قوى لبنانية في مكافحة الفساد على الرغم من عدم اتفاقنا معها في الملف الإقليمي«.

وأعلن السيد نصر الله أن النائب حسن فضل الله هو من سيتولى مسؤولية ملف مكافحة الفساد في حزب الله الذي سيشكل مركز الإسناد والتخطيط والمتابعة ومواكبة المتابعة وكل بنية حزب الله، وأمل أن » نحقق نتائج طيبة في هذه المعركة الوطنية«.

وقال السيد نصر الله » عندما نتوجه في هذا العيد الى شعبنا بالتهنئة والتبريك نشكر اولا الله الذي منّ علينا بهذا النصر العزيز والكبير، ونشكر الشهداء واللائحة تطول من الشهداء القادة على رأسهم الشيخ راغب حرب والسيد عباس الموسوي والقادة الشهداء كمحمد سعد وخليل جرادي والشهداء من كل فصائل المقاومة واقتحام المواقع وكل الشهداء في ميادين المواجهة مع العدو«. وأضاف » الشكر ايضاً للجرحى وللأسرى ولعوائل الشهداء والجرحى والأسرى، وايضاً الشكر لعموم الناس وخاصة أهل القرى والبلدات الذين عاشوا تحت الاحتلال وعلى خطوط التماس وكل ما عانوه في هذه المناطق وبقية المناطق اللبنانية خاصة التي تعرضت للقصف والاعتداء«.

واعتبر السيد نصر الله ان » الجيش اللبناني والقوى الامنية كان لهم حضورهم وايضاً فصائل المقاومة الفلسطينية والجيش العربي السوري وما قدم من تضحيات«، وتابع » هؤلاء جميعاً هم ممن شاركوا بصنع هذا الإنجاز بالإضافة إلى كل من دعمهم ووقف الى جانبهم في لبنان بشتى السبل وصولاً لتحقيق الانتصار على العدو في العام 2000، بالاضافة إلى مساعدة إيران وسورية لإنجاز هذا النصر، وهنا لا بد من التذكير بخذلان العالم للبنان على الرغم من مشاهدة جرائم العدو والقتل والاحتلال«.

وقال السيد نصر الله » ببركة كل هذه التضحيات كان الانتصار والتحرير وعادت الأرض باستثناء مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من بلدة الغجر. عادت الأرض وعاد الأسرى وعاد الأمن والأمان على طول الحدود مع فلسطين المحتلة ومعهم كل لبنان، والمهم أنك تعيش أمنا وأماناً بكرامة وحرية«. ولفت إلى أن » انتصار العام 2000 تحقق رغم عدم وجود أي تكافؤ بالفرص والإمكانات، حيث كانت هذه الإمكانات متواضعة جداً من حيث العديد والعتاد والأسلحة سواء من حيث النوعية أو الكثافة. ومع ذلك كان هذا الانتصار الكبير والعظيم، وهنا نقول إن هذا الانتصار له بعده الإنساني والأخلاقي«.

وحول عدم اقامة احتفال بذكرى عيد المقاومة والتحرير، قال السيد نصر الله » لم نقم احتفالاً بمناسبة عيد المقاومة والتحرير بسبب ان الناس صائمون على أمل إقامة الاحتفال بيوم القدس العالمي في آخر يوم جمعة من شهر رمضان«، وتابع » يجب أن يحظى هذا اليوم باهتمام خاص على مختلف الصعد بالتحديد لما تتعرّض له القدس وكل فلسطين من مخططات وبعد قرار ترامب باعتبار القدس عاصمة لكيان الاحتلال ونقل السفارة الاميركية ولمواكبة التضحيات الجسام التي يقدمها أهل فلسطين في غزة وداخل أراضي العام 1948، ولذلك نأمل أن يكون يوم القدس الآتي موقع عناية خاصة على مختلف الصعد«

والتقى الأمين العام لـ«حزب الله» رئيس مجلس النواب نبيه بري، بحضور المعاون السياسي لبري وزير المالية في حكومة تصريف الاعمال علي حسن خليل، والمعاون السياسي للأمين العام لـ «حزب الله» حسين الخليل، واستمر اللقاء ساعات عدة، استعرض الطرفان خلال الاجتماع الأوضاع العامة في المنطقة وما يجري على الساحة الفلسطينية بشكل خاص، مؤكدين الدعم الكامل للشعب الفلسطيني في نضاله الوطني بالوسائل كافة. وكان نقاش معمق في الملفات الداخلية، وأبدى الطرفان » تقييمهما الإيجابي لنتائج الانتخابات النيابية والمشاركة الشعبية الواسعة التي أكدت على الالتزام بخيار المقاومة وبناء الدولة ومؤسساتها والمشروع السياسي الذي يحمله » حزب الله« وحركة امل وحلفاؤهما«. كما نظر الطرفان » بارتياح كبير لانتخاب رئيس المجلس النيابي وتكليف رئيس الحكومة«، آملين » استكمال هذه الخطوات بتشكيل سريع لحكومة وحدة وطنية موسعة تعكس التمثيل الصحيح«. وجرت في اللقاء مقاربة شاملة للملفات الاقتصادية والمالية والإدارية حيث تم التأكيد على العمل الجاد لمحاربة الفساد، وتم الاتفاق على الآليات المناسبة لمتابعة هذه الملفات.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى