ورد وشوك
مسرّعةٌ تمضي سنوات من العمر تُطوى كصفحات كتاب استهوانا منه العنوان، فرحنا نقلب فيه الصفحات بعجالة تضيع معها المتعة في قراءة فحواه بإمعان لإغناء الفكر ـ أثمن ما يميز الإنسان عن باقي المخلوقات ـ هكذا كان دأب من صدر إلينا الإرهاب متسللاً عبر منافذ حدودية رسمية فعل فعله فيها الفساد بشكل هرمي وُزعت الأدوار. إنها تجارة بيع الأوطان أحقر تجارة وأربحها على الإطلاق. يرسم سياستها حفنة من الدهاة قننوها في كتاب عنوانه «بناء دولة الإسلام». مستخدمين لجني المكاسب والأرباح جيشاً من الأغبياء فيه للأسف المتعلم والجاهل على حد سواء يُستغل كل منهم أسوأ استغلال. فالغباء لعنة تفوق لعنة الفقر و الجهل بأشواط. معه لا يفقهون أن دولة إسلامهم تعني نهب تاريخ وخيرات الأوطان والسيطرة على منابع الغاز بعد أن كاد نفطهم يغير بهم. في الأفق لاحت بشائر تصفية الحسابات بين باعة الأوطان ومن كان الرهان عليهم في إتمام الصفقات. في نهاية الأمر ما همّنا نحن تسوية الأوضاع كيف ما اتفق والسلام. فالغرغرينا لم تكن لو لم يكن جرح البلاد مبطناً بفساد، ولنا في قصة بناء سور الصين العظيم عبرة تضاهي وجعنا وتحاكيه. فعندما أراد قدامى الصينيين أن يعيشوا في أمان بنوا سورهم العظيم معتقدين أن شدة ارتفاعه تمنع أحداً من تسلقه لكن وخلال السنوات المئة الأولى بعد بناء السور تعرّضت الصين للغزو ثلاث مرات وفي كل مرة لم يكن العدو بحاجة لتسلق جحافله السور، بل كان يكفيهم دفع رشوة للحارس ليفتح لهم الباب. لقد انشغل الصينيون ببناء السور ونسوا بناء الحارس. ما أحوجنا اليوم لهدم أسوارنا بمعاول أناس أحرار ضمائرهم أثمن من أن تدخل المزادات فأزمتنا أزمة أخلاق. أزمة أنسنة الإنسان.
رشا المارديني