انتظروا… والزمن بيننا

د. فايز الصايغ

في المراجع أنّ هنري كيسنجر وزير خارجية الولايات المتحدة في عهد الرئيس نيكسون أبدى سعادته الغامرة عندما سمع بقرار الرئيس أنور السادات بطرد الخبراء الروس من مصر، لكنه لم يكتم شعوره بالاستغراب ولا أخفى ملامح الدهشة عندما تساءل… لماذا لم يتصل بنا السادات ويطلب مقابلاً؟

وعندما زار السادات القدس المحتلة في عام 1977 نقل عن الرئيس كارتر قوله متسائلاً: على أيّ أساس أجرى السادات حساباته؟ وكيف يرى وحده النتائج؟

والسؤال اليوم… ترى على أيّ أساس وما هي النتائج التي ستسفر عن التعاون الاستخباري الخليجي، وفي المقدمة السعودية مع «إسرائيل» يومياً ولم تنفه أية دولة خليجية، ولو كان من باب النفي أو الخجل أمام الرأي العام العربي عموماً… والخليجي على وجه التحديد.

لم يعد التعاون الاستخباري السعودي مع «إسرائيل» سراً، فقد كشفت الأحداث أنّ الانخراط في المشروع الصهيوني الذي يستهدف محور المقاومة، وفي مقدم المحور سورية، لم يعد خافياً على أحد… وهذا يعني أنّ تكوين نواة «داعش» ودعمها ومساندتها بالمال والسلاح والمعلومات هو تكوين صهيوني أميركي بالتنسيق والتعاون مع السعودية منبت الإرهاب والتكفير وتوفير مختلف أنواع الدعم اللوجستي لهذه المجموعات المسطحة فكرياً والمغسولة عقولها والساعية للبحث عن المتعة في غياهب الغيبات الساذجة…

لم تستطع «إسرائيل» ولا الولايات المتحدة الأميركية ولا التنازلات التي قدمها الرئيس السادات إنقاذه من المصير وكان ما كان… فأيّ مصير ينتظر الذين سخروا كلّ ما لديهم لخدمة الصهيونية واستهداف آخر قلاع العرب في مواجهة الاجتياح الصهيوني الأميركي للمنطقة العربية.

الريح الصفراء بلون الصحراء تعصف في المنطقة فيما تردّد الريح في اتجاهات مختلفة لن تستثني حركتها وسرعتها دول المال والنفط التي سخرت ثروات الشعوب وبدّدتها على الأحقاد الزمنية والخرق السياسي وشراء الذمم والنفوس وتوريط الشعب وتضليل الأمة لصرف الأنظار عن تهديد القدس وتهديد المسجد الأقصى، والتسليم للقدر الأميركي المرسوم على مقاس مصالح «إسرائيل»، واستمرار احتلالها للأرض والمقدسات.

الريح الصفراء بدأت هبوبها في أربع رياح المنطقة، وعندما تتشابك المصالح عالمياً وإقليمياً وعندما تتلاشى الحدود أمام منظومة «داعش» وصناعها ومموّليها، لتكون على هذا القدر من الإرهاب غير المسبوق، لم يعد في إمكان هذه الدول بمن فيها أميركا وأوروبا ودول الخليج وكلّ من ساهم في إيجاد التنظيم، حماية نفسها أو مصالحها لا من دخل منها التحالف ولا من تمرّد لحساباته الخاصة… المرض يجتاح المنطقة ولا اعتقد أنّ أحداً يملك أية مناعة، لا سياسية ولا عسكرية ولا جغرافية.

وحدها سورية التي واجهت وصمدت وضحّت وانتظرت… وحدها القادرة على اجتياح الريح الصفراء والمرض المحمول على الأجنحة، وقد أثبتت أحداث السنوات الأربع الماضية نجاعة الدواء العسكري الذي أنجزه الجيش السوري على الأرض وفي السماء.

انتظروا، والزمن بيننا…

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى