المغتربون في أستراليا لا ينسون الوطن الأمّ… يستعيدون الماضي الجميل ويعيشون الحاضر «المريح» رغم قسوة الغربة ويأملون بعض الاهتمام الرسمي
شبلي أبو عاصي – استراليا
من يعبر البحار ويقطع المسافات البعيدة ويحط رحاله في أديلايد والتي هي من أهمّ الولايات الأوسترالية يشعر الزائر كأنه في وطنه بين أهله وأقاربه، وأصحابه ومحبيه.
أديلايد… هذه الولاية الجميلة بأرضها وبحرها وغاباتها وطيورها ومناخها جعلت أهلها يعيشون أجمل وأحلى حياتهم من الراحة والهدوء والاستقرار والسكينة.
فالجميع هنا يعرف واجباته ويتقيّد بكافة الأنظمة والقوانين.
هذه الولاية الجميلة بدأت بالصعود منذ قرابة المئة عام، فكانت في مراحل سابقة مناطق نائية يستخدمها الإنكليز في نفي وإبعاد وسجن المتمرّدين والمجرمين الذين يشكلون أخطاراً أمنية عليهم، فيتمّ نفيهم الى هذه المنطقة عقاباً لهم، والسجن الكبير القديم لا تزال بعض معالم أبنيته حتى اليوم.
احتضنت أديلايد في بداية الهجرة، كما بقية الولايات، عدداً من المغتربين اللبنانيين والسوريين والذين وصلوا سيدني عام 1880 وملبورن 1881 وعائلات وصلت أديلايد بين 1900 و 1920.
في هذه الولاية تنوّع سكاني إضافة الى اللبنانيين والسوريين والعراقيين.
هناك هجرة تمّت من الصين والهند وإيطاليا واسبانيا.
تحوّلت أديلايد من منطقة نائية منفية الى إكتظاظ سكاني وعمارات وأبنية ضخمة ومنطقة اقتصادية لها دور فاعل، حتى أصبحت من أهمّ الولايات الأسترالية مناخاً واقتصاداً وعلى مختلف الصعد، وهذا يعود الى الدور البنّاء للنظام القائم في هذه الولاية من قبل الحكومة الأوسترالية بعيداً عن السرقات والسمسرات والصفقات.
– أهلها طيبون، الجميع هنا يشعر مع الآخر بمحبة وتعاون وإخلاص حيث توجد جاليو كبيرة من لبنان وسورية، وبينهم من لهم جذور تعود إلى عشرات السنين لعائلات كانت من أوائل المهاجرين من آل النجار والهاني وشاهين وأبو رسلان ونمر.
فالجالية اللبنانية أخذت بالتصاعد وتزداد عدداً الى ان أصبحت تعدّ اليوم بالآلاف.
المغتربون اللبنانيون والسوريون منذ هجرتهم وطموحهم يكبر ويزداد حتى وصل بعضهم الى مراحل متقدّمة وجيدة في أعمالهم فبنوا الشركات والمصانع والمطاعم وبرعوا في مجالات العلم والاقتصاد والطب ولهم باع طويل في ذلك حيث يوجد أفضل الأطباء في مستشفيات أديلايد منهم الدكتورة الشهيرة أمال ابو حمدان اختصاص ديسك عمود فقري وأعصاب .
وخلال زيارتنا الى هذه الولاية التقينا عدداً من الفاعليات والأهالي، حيث لم نشعر اننا في غربة، فالعادات في بلادنا من الاستقبال وحسن الضيافة هي نفسها هنا. الزيارات العائلية والمشاركة في مختلف المناسبات قائمة وأولوية لديهم.
رجل الأعمال المغترب هيثم الحمرا قال: نحب لبنان كثيراً حيث الأهل والأقارب، لكننا نحن الذين ولدنا هنا ونشأنا وتربّينا في هذه الولاية نعتبرها وطننا الثاني، كلّ شيء متوفر عندنا، أعمالنا جيدة وعلاقاتنا الإجتماعية على أحسن حال، نعرف بعضنا، نعيش أصدقاء واخوة.
أضاف: في هذه الولاية مئات العائلات اللبنانية منهم من مضى عليهم عشرات السنين بينهم رجال أعمال وأصحاب فنادق وشركات وفي كافة حقول التجارة والإقتصاد.
وقال: نقوم كلّ عام وبالتعاون مع الشباب منهم فؤاد شبطيني ونضال النجار بتنظيم معارض واحتفالات بعيدة عن السياسة إنما الهدف جمع الجالية اللبنانية والسورية والتلاقي والتواصل والتعارف.
اما الأموال التي نجنيها من كلّ احتفال فيتمّ توزيعها عبر لجنة من الصبايا والشباب على العائلات المحتاجة والتي تعاكسهم ظروف الحياة.
وختم الحمرا قائلاً: كما لدينا فريق رياضي من أبناء الجالية اللبنانية والسورية يقوم بنشاطات رياضية متنوعة.
المغترب رائد منذر وهو من المشجّعين والمساهمين في كلّ الأنشطة التي تعود بالفائدة على أبناء الجالية ركز على أهمية التواصل في ما بينهم وحثهم بالعودة الى ربوع الوطن رغم الحياة الجميلة الهادئة هنا، فالدولة تؤمّن كلّ حاجات الناس شرط التقيّد بالقوانين والأنظمة.
– المغترب حسام البنا قال: الحياة في الاغتراب قاسية وصعبة ولكن العمل ضروري، فرغم بعد المسافات بين بلادنا واستراليا ورغم محبتنا لهذه الدولة الكريمة والتي لها علينا أفضال لن ننكرها، فيبقى الوطن كما اوستراليا الأحب والأغلى على قلوبنا.
المغترب وسيم أبو عاصي قال: نفكر دائماً بالوطن والأهل والأصدقاء لكن هكذا شاء القدر ان نستقرّ في هذه الولاية الجميلة والحمدالله العمل جيد وتواصلنا مع أبناء الجالية مستمرّ ونشعر كأننا في لبنان قال: عدم وجود فرص عمل في الوطن جعل الكثير من الشباب اللبناني يفكر في الهجرة لهذه البلاد، بلاد الخير والعطاء، والقانون والنظام .
– أما المغتربون رواد الحمرا وزياد عماشة وروجي الهاني فتحدّثوا عن غربتهم القاسية لكن الحاجة جعلتنا ان نصل الى هذه البلاد، فكلّ شيء فيها جيد ونعيش في بلد يلفه الأمن والاستقرار وراحة البال، ولفت الهاني أنه مع ذويه وأشقائه ومن سنوات طويلة في أديلايد ولديهم أعمال في مجالات البناء وتواصلهم مع الوطن قائم دائم ومستمرّ.
– المغترب جورج الأشقر والمغترب عماد حنوش وهما من الناشطين في أعمالهم والمزوّدين مع غيرهم بالمعرفة وبالنهضة القومية يعملون من أجل حياة حرة وكريمة، ورداً على سؤال: الزيارات للوطن مستمرّة نأمل أن يعمّ الهدوء والأمن كي نستقرّ فيه نهائياً رغم حبّنا لأستراليا والتي بفضلها استطعنا ان نعمل ونصل الى ما وصلنا اليه.
– اما الأمين محسن صفي الدين فلفت إلى أنّ أديلايد هي من الولايات الأجمل في أستراليا حيث الراحة والمناخ والهدوء والأمن بالإضافة الى مجالات التجارة وغيرها من المجالات.
وقال صفي الدين: المغتربون هنا لا يشعرون أنهم في الغربة رغم مرارتها لأنّ الآلاف من اللبنانيين والشاميين والعراقيين وغيرهم يعملون هنا بجهد وتعب ولديهم علاقات اجتماعية متبادلة. وختم: على الدولة اللبنانية ان تضع سياسة خارجية تهتمّ بالمغتربين أكثر بكثير مما تفعل اليوم، لأنّ الاغتراب هو الركيزة الأساسية لمجتمعنا.
– اما المغترب رفعت صيموعة من جبل العرب فقال: للدولة الأسترالية أفضال علينا وهي تعامل كلّ الناس على مسافة واحدة، فالمهمّ الالتزام بالأنظمة الاسترالية وأستراليا تخدم شعبها فلن ننسى هذه البلاد الجميلة كما أننا لن ننسى سورية التي بدأت تخرج من محنتها منتصرة وسوف تعود أقوى مما كانت.
في الختام، يمكن القول انّ الهجرة الى استراليا كانت ولا زالت ملاذاً دافئاً للمغتربين الباحثين عن مستقبل لهم.
فمنذ الهجرة الأولى أيام العثماني ابراهيم باشا وفرض الخوات والتجنيد الإجباري بدأت الهجرة عبر البواخر التي كانت تبقى أشهراً تشق أمواج البحار والمحيطات لتصل الى هذه البلاد حيث تستمرّ الرحلة أكثر من شهرين معرّضين حياتهم للأخطار.
ابناء بلادي هم كالنسور لا يتعبون من التحليق وليس لهم مدى ان يصلوا لأهدافهم للعيش بحياة حرة وكريمة، ورغم صعوبة الإغتراب يمكن القول إنها أضاءت لبلادنا الليالي القاسية والحزينة وبفضل المغتربين كانت للبنان بمثابة الشريان الحيوي.
يبقى على الدولة اللبنانية ان تكون لها التفاتة كريمة وفعلية اتجاه المغتربين ليس فقط من أجل جولات انتخابية وانما من أجل تأمين أبسط حقوقهم ليشعروا انّ هناك في وطننا لبنان من يهتمّ بهم.