هل يقترن التمديد للمجلس برفع الغطاء الأزرق عنه؟ انجازات الضاهر: صواريخ ضدّ الجيش
هتاف دهام
يستعد المجلس النيابي الأسبوع المقبل للتمديد لنفسه مرة ثانية لسنتين وسبعة أشهر. فهل سيكون هذا التمديد جائزة ترضية من تيار المستقبل لنائب كتلة لبنان أولاً خالد الضاهر على ما اقترفه بحق طرابلس وأبنائها والجيش اللبناني للتربع من جديد على كرسيه في المجلس النيابي، رغم تقديمه أوراق ترشيحه للانتخابات النيابية منفرداً؟ أم أنّ التمديد للبرلمان سيقترن برفع الغطاء المستقبلي عن الضاهر تمهيداً لرفع الحصانة عنه وصولاً إلى محاكمته؟
لم يُرجف طلب رفع الحصانة الموجود في أدراج المجلس منذ أكثر من سنتين النائب الشمالي. بقي على منواله التحريضي، لعلمه أن التركيبة السياسية تقف سداً منيعاً أمام رفع الحصانة عنه وعن زميليه طلال المرعبي ومحمد كبارة. لم يبالِ لتشديد الرئيس سعد الحريري بعد أحداث عرسال على الاعتدال السنّي، ودعم الجيش الجيش اللبناني في حربه ضد الإرهاب، واستمر على مواقفه على رغم التنصل المستقبلي منها واعتبار الأمين العام لـ«تيار المستقبل» أحمد الحريري كلام الضاهر عن الجيش لا يمثل «تيار المستقبل».
ما يجري في طرابلس سيكون بمثابة اختبار لكتلة المستقبل، لا سيما ان الرئيس سعد الحريري كما أعلن في اتصاله بقائد الجيش العماد جان قهوجي يدعم الجيش في معركته ضد المجموعات المسلّحة، أخذ قراراً بتجميد عضوية الضاهر داخل التيارالأزرق من دون إعلان القرار، لربما يستفيد من صوته في بعض «المناسبات التشريعية». اتخذ الحريري قراراً وتبلغته كتلة المستقبل مجتمعة بعدم دعوة «سعادته» الى اجتماعات الكتلة، التي يقاطعها نائب طرابلس أصلاً، في خطوة اعتبرتها مصادر طرابلسية امتصاصاً للنقمة التي أحدثها النائب السلفي ضد تيار الازرق في طرابلس، ومحاولة للتبرؤ من أدائه وأفعاله، بغض النظر عن محاولات تيار الرئيس رفيق الحريري الاستثمار في الدولة بحكم وجوده في الحكومة، وفي الميدان لأنه لا يستطيع ترك الضاهر يفعل ما يريده، ضمن لعبة توزيع الأدوار التي كان ينتهجها هذا التيار مع بدء الأزمة السورية بين من يهاجم الجيش، ومن يستنكر، ويتبرأ من ذلك.
وفيما تنتهي حقبة الـ 17 شهراً الشهر المقبل، لتبدأ حقبة جديدة مع التمديد الجديد المرتقب، فهل يكمل الضاهر الفصل الثاني من حربه على الجيش والمقاومة والدولة السورية؟ فالأخير سجل في فترة التمديد الأول «إنجازات تحريضية ضد المؤسسة العسكرية من توجيه السهام إلى الجيش وصولاً إلى الدعوات للانشقاق عنه». عضو لجنة الدفاع الوطني الذي لا يحضر وفق زملائه في اللجنة التي يرأسها النائب سمير الجسر، الاجتماعات الا نادراً، حفلت مسيرته النيابية بالدعوات الى شق الجيش اللبناني، ومبايعة التنظيمات الارهابية، وبالمحطات الطائفية والمذهبية التي كادت أن تحدث فتنة سنّية شيعية، وسنّية – علوية.
وفق رئيس حزب التحرير، بشر النبي محمد والدته حينما كانت حاملاً به. ولذلك يشعر صاحب جمعية العدالة الاجتماعية منذ أن علم بالوحي الذي نزل على أمه وبشر به، بأنه ينطلق كصاروخ. فبدأ بإطلاق الصواريخ المنافية للحقيقة على الجيش اللبناني وصولاً إلى اتهام حزب الله بتفجيرات الضاحية الجنوبية، وتلفيق الاتهمات ضده بحجة «أنه هو الوحيد الذي حشر حزب إيران والمتواطئين معه في الزاوية من طريق الحقائق التي كشفها وفضحت كل مخططاتهم» وفق ما قال لصحيفة السياسية الكويتية الأحد الفائت».
وعلى رغم دقة المرحلة التي يمر بها لبنان، يكيل الضاهر الاتهامات الى المؤسسة العسكرية منذ خوضها المعارك ضد المسلحين من عبرا الى عرسال، يتهم المخابرات بتعذيب «شباب أهل السنّة والإساءة اليهم في السجون العسكرية»، مضيفاً في مؤتمر صحافي عقده في 22 من الشهر الفائت «نحن لن نرضى بأن يستمر ذلك لأن عند السنّة تتم الإهانة على الشبهة وهذا أدى إلى احتقان كبير وفقدان الثقة بالمؤسسة العسكرية». يتهم الضاهر في المؤتمر نفسه «قائد الجيش جان قهوجي ببيع المؤسسة العسكرية لحزب إيران من أجل إيصاله الى رئاسة الجمهورية لذلك هو يتمسك بضابط المخابرات الفاسد المجرم في الشمال الذي يستهدف الأبرياء ويغطي الفاسدين»، محذراً من ثورة سنّية في طرابلس لأن الاحتقان بلغ مداه.
يصول ويجول صاحب «الأحلام المقدسة» للعمل على دعوة ضباط وعسكريي عكار إلى التمرد والخروج من الجيش، الذي وفق الضاهر تعتقل مخابراته وتصفي شباباً في شكل تعسفي وتعمل على تلفيقِ التهمِ لتشويه صورة طائفةٍ بكاملها، غامزاً في 24 من ايلول 2013 من «أن حزب الله تمكن من إختراق صفوف مخابرات الجيش، للعمل وفق أجندات النظام السوري، الذي يسعى للزج بكرة النار إلى لبنان».
حاول الضاهر ولا يزال وضع أبناء الطائفة «السنّية» في مواجهة مع الجيش، ففي حديث الى المؤسسة اللبنانية للارسال في 26 حزيران الماضي أشار نائب عكار الى «أنّ مخابرات الجيش وعناصرها تعامل الطائفة «السنّية» كمكسر عصا، وان جهاز المخابرات يخطئ بحق الانسان وبحق المواطنين، وهو يريد تصحيح هذا الوضع، وكان على قائد الجيش الإستقالة بدل التمديد له».
ولما كان عدد من النواب زملائه في كتل أخرى يعملون على تقديم اقتراحات قوانين لإعطاء زيادة غلاء معيشة للاسلاك العسكرية، دأب الضاهر في اقتراحاته السلفية على شق الجيش اللبناني وهو الذي دعا أصلاً الى إنشاء الجيش اللبناني الحر بالتوازي مع الجيش السوري الحر، وما فتئ يستهدف وتياره الجيش في عرسال بمنعه من محاربة المسلحين، ليناشد في مؤتمر صحافي عقده في التاسع من الشهر الجاري الملك السعودي عبدالله بن عبدالعزيز «ألا يتم دفع أي مبلغ من المليارات الأربعة لتسليح الجيش»، بعدما كان رئيسه سعد الحريري حط في بيروت بإيعاز سعودي حاملاً من الملك عبدالله هبة المليار دولار كصفقة أدت الى انتهاء معركة عرسال بانتصار المسلحين، لافتاً إلى «أن مخابرات الجيش تعبث بأمننا من أجل تحقيق مشروع إيران والنظام السوري».
صب الضاهر إنجازاته البرلمانية على التنبؤ بـ«أن الثورة السنّية قادمة وليست ببعيدة، وان استهدافَ العلماء السنّة والناشطينَ في نصرةِ الشعب السوري يصبُّ في مشروعِ شيطنة طائفة بكاملها وتشويه صورتها»، مبشراً في المؤتمر الصحافي الذي عقده في الحادي من شهر ايلول الماضي «طالما تمارسون بحقنا ما يمارسه بشار الأسد في سورية وما مارسه نوري المالكي في العراق بحق أهل السنّة، أقسم بالله، أنه سيحصل في لبنان مثلما حصل في سورية والعراق».
دأب الضاهر على العمل الى جانب المجموعات المسلحة التي كانت تحارب ضد النظام السوري، وانتشر مقطع فيديو على موقع «يوتيوب» يظهر فيه النائب الضاهر عبر قناة «الجزيرة» يقول تعليقاً على معارك القصير من قاتل بالقصير فقط 280 مقاتلاً وأسعفنا منهم 1800 جريح.
كيل الاتهامات لحزب الله
تزعم النائب السلفي مجموعات مسلّحة في طرابلس وعكار، ليبايع بعد ذلك تنظيم «داعش» لا سيما بعد أحداث عرسال الاخيرة. أيد «داعش» و«جبهة النصرة» بوصفهما مدافعين عن السوريين، قائلاً في حديث إلى «البيان» الاماراتية في 16 من الشهر الفائت «داعش والنصرة يردان على حزب الله الذي اعتدى على الشعب السوري»، ضارباً عرض الحائط التنكيل بالجثث والذبح والقتل الذي تمارسه عناصر هذين التنظيمين، بحق عناصر الجيش اللبناني.
لم يكل نائب عكار أو يتعب طيلة 16 شهراً عن مهاجمة حزب الله. وضعه نصب أعينه. اتهم في تصريح له في 5 كانون الثاني «الحزب بقتل الانتحاري قتيبة الصاطم ووضعه في سيارة مفخخة ومن ثمّ تفجيرها في حارة حريك»، زاعماً في في حديث له في 16 من الشهر الفائت «أن الحزب قتل معظم عناصرالجيش هناك ومنهم المقدم نور الدين الجمل حين كان متجهاً الى اللبوة».
حمّل في حديث له في 21 حزيران الماضي حزب الله مسؤولية عودة مسلسل التفجيرات الى لبنان، لافتاً الى أن «ارهاب حالش حزب الله يستجلب ارهاب داعش، فهما وجهان لعملة واحدة»، معتبراً في حديث في الخامس من شهر آب الماضي ان «اعتقال المدعو عماد جمعة ما كان ليتسبب أساساً باندلاع حرب داحس والغبراء، لولا قذائف حزب الله التي انصبت على مواقع المسلحين السوريين لإجبارهم على الرد وإدخال الجيش في مواجهة معهم».
لم يكف الضاهر عن الزعم «أن داعش هي حزب الله الإيراني، وهناك داعش في المقابل لتبرير الأعمال الاجرامية في لبنان». ففي تصريح له في 26 كانون الثاني الماضي سأل «هل رأينا داعش أو جبهة النصرة في لبنان قبل قيام حزب الله بأعمال إرهابية في سورية»؟ وقال في تصريح في 10 من شباط الماضي «تدخل حزب ولاية الفقيه في سورية ادى الى تدخل داعش في لبنان، ونحن نرفض أن نكون وقوداً لمصلحة ولاية الفقيه ومشروع بشار الاسد وإيران في لبنان».
تفوق الضاهر على «إسرائيل» بكرهها وحقدها على المقاومة، سارع الى اتهام «الحزب» بالوقوف خلف عملية إطلاق الصواريخ في الشياح واعتبر في 07/01/2014 «ان حزب الله اسوأ من «إسرائيل» وأجرم منها، وقتل من اللبنانيين والسوريين اكثر مما قتلت «اسرائيل»».
غرر الضاهر بعدد من الشباب الطرابلسيين الذين ذهبوا الى العراق للقتال الى جانب تنظيم «داعش» وعادوا قتلى الى طرابلس ومنهم المدعو علي طلال النمل وخالد العلي والملقب بابن الضابط.
لم تمر مسيرة الضاهر من دون استهداف رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون الذي اتهمه بالتآمر على المسيحيين قائلاً في 18 من تموز الفائت «من يدعي الاصلاح والتغيير منغمس حتى أخمص قدميه بالتآمر على مسيحيي لبنان والمشرق العربي ويعمل على ضرب وجودهم وأصالتهم من خلال محاولته الاستيلاء على الموقع المسيحي الأول في الدولة اللبنانية»، قائلاً: «من الغباء الاعتقاد بـأن تيار المستقبل قد يأمن الى العماد عون ويرضى به رئيساً للجمهورية بسبب انتفاء الوضوح لديه في التوجه الوطني العام».
رحال: الضاهر لا ينتمي الى المستقبل
لا يروق سلوك الضاهر النائب رياض رحال الذي يعتبر الجيش خطاً أحمر. وفق رحال التواصل بينهما مقطوع منذ أكثر من سنتين و«هيك أريح»، فمن يعتدي على الجيش ويكيل الاتهامات ضده يقول نائب عكار أنا ضده.
يؤكد رحال لـ«البناء» «ان ضاهر هو رئيس لحزب التحرير ولا ينتمي الى تيار المستقبل، ولا علاقة لنا به». يطالب رحال بعكس نواب الشمال الذين يركزون على الحل السلمي، «الجيش بإطلاق النار على أي مسلح أو مواطن يطلق النار في وجهه، وبإسقاط الأبنية التي يطلق منها النار على الوحدات العسكرية». أما النائب هادي حبيش فيعلق على سياسة الضاهر بطريقة دبلوماسية بالقول: «كل نائب يعبر عن موقفه الشخصي الذي لا يعني موقف الكتلة التي تقف الى جانب المؤسسة العسكرية». يؤكد حبيش لـ«البناء» على دعم الجيش في معركته ضد المسلحين في طرابلس التي يمكن تطويق الاشتباكات فيها بعكس عرسال المفتوحة على الدولة السورية.
المرعبي مدافعاً عن الضاهر
في المقابل فإن النائب معين المرعبي «القرفان والصائم عن الكلام» كما يقول، يسارع في حديث لـ«البناء» الى الدفاع عن الضاهر متحدياً «القوى السياسية والجيش اللبناني أن يكون الضاهر دعا الى الانشقاق عن الجيش».
في نظر المرعبي «من يهاجم قيادة الجيش لا يعني أنه يهاجم المؤسسة ككل»، قائلاً «إما مؤسسة عادلة ووطنية وإما على الدنيا السلامة». يدافع المرعبي عن المسلحين بطريقة غير مباشرة. يؤكد ان قيادة الجيش هي من جند شادي المولوي واسامة منصور وأحمد الميقاتي وغطت تصرفاتهم، أما اليوم فهي لم تعد في حاجة لهم لذلك رفعت الغطاء عنهم». لا يبرر المرعبي للجيش «ما قام به في التبانة بحق المديينن كما يزعم، ويطالب الامم المتحدة بالتدخل أمام استعمال الجيش القوة المفرطة في المناطق الآهلة بالسكان في سوق الخضار، فنحن لسنا في دولة الموز أو دولة البطاطا».
إلا أن النائب المرعبي غاب عن ذاكرته التحريض الذي حصل بعد مقتل الشيخ أحمد عبد الواحد، من قبل انصار الضاهر وطلبهم تشكيل الجيش الحر في لبنان على غرار الجيش الحر في سورية، وتوزيع مقرّبين منه عدداً من القمصان على أطفال في بلدة ببنين العكّاريّة، مطبوع عليها عبارة «الجيش اللبناني الحر».
في غضون انشغالاته بالتهجم على الجيش، لم يقدم النائب الضاهر أي مشاريع خدماتية وانمائية تذكر. أبناء بلدته تبنين «كفوا ووفوا»، في الحديث عن تقاعس سعادته مشيرين الى «انه بعد إنشائه جمعية العدالة الاجتماعية عقب خلافه مع الجماعة الاسلامية افتتح مستوصفاً ومدرسة خاصة تابعين للجمعية واكتفى بذلك، أما عدا ذلك فحدث ولا حرج. شقيقه ربيع الضاهر الملاحق من مخابرات الجيش، يتابع بالنيابة عنه قضايا الموقوفين في السجون لأسباب أمنية من خلال الضغط على بعض القضاة لإطلاق سراحهم لا سيما أن كثيرين من عناصره شاركوا في معارك باب التبانة وجبل محسن، هذا فضلاً عن إلغاء ضبوطات عن مبانٍ من دون رخص، وقضايا مخالفة للقوانين». أما النائب الضاهر فيجيب رداً على سؤال لـ«البناء» بـ«أن انجازاته كثيرة لا تحصى، لكنه يرفض تعدادها أو الحديث عنها مع «البناء» باعتبار الصحيفة على حد زعمه منحازة وتتعاطى معه بعدوانية، على رغم معاودة الاتصال به مرات عدة».
وأمام كل ذلك، تؤكد مصادر نيابية في كتلة الوفاء للمقاومة لـ«البناء»: «أن القضاء العسكري ليس في حاجة الى رفع المجلس النيابي الحصانة عن النائب الضاهر للتحرك ضده، فالدستور اللبناني يجيز للقضاء العسكري إلقاء القبض عليه في حال ضبط بالجرم المشهود»، مشيرة إلى «أن الاعترافات الموثقة لدى قيادة الجيش من أحمد الميقاتي تؤكد أن الضاهر ضبط متلبساً».