طلاب مكفوفون يخوضون امتحانات الشهادة الثانوية في دمشق
شباب ورود فرضت عليهم الحياة والظروف أن يخسروا بصرهم.
منهم من كان كفيفاً بالولادة ومنهم من فقد بصره نتيجة إجرام التنظيمات الإرهابية وقذائف الحقد، لكن مهما كانت الأسباب لم تقف عقبة في طريق دراستهم بل تمكّنوا بإرادتهم وتصميمهم من التقدم لامتحانات الثانوية العامة.
في مركز عثمان ذي النورين لذوي الحاجات الخاصة في مدينة دمشق يدخل 41 طالباً من ذوي الحاجات الخاصة برفقة كاتب خاص لكل واحد منهم، بينهم خمسة طلاب في الفرع العلمي وما تبقى من الفرع الأدبي.
الموجّهة التربوية المختصة تدخل القاعة الامتحانية وتشرح لهم الأسئلة ليبدأوا بالإجابة مع مرافقيهم الذين يكتبون ما يمليه عليهم الطلاب بكل أمانة وسط توفير كامل المستلزمات الضرورية لسير الامتحان، وفقاً لما أفادت به رئيسة المركز ناهدة قاصو.
مخللاتي
قذيفة غادرة أفقدت الشاب اياد مخللاتي شبكية عينيه فوجد نفسه أمام تحدٍ جديد في التكيف مع ظروفه ومتابعة دراسته، فكان حبه للحياة دافعاً كبيراً له لتجاوز إصابته والتقدم لامتحانات الشهادة الثانوية.
ابن حلب المشهورة بالفن الأصيل أبكى كل الموجودين حوله عند غنائه بصوته العذب بعد انتهاء الامتحان، ليوضح سرّ موهبته بالغناء ومواصلته للدراسة. وقال حتى أتابع دراستي اعتمدت على المنهاج الصوتي الذي حصلت عليه من جمعية الشام للمكفوفين وكنت في وقت سابق أدرس الموسيقا والغناء في مدرسة صباح فخري في حلب. أما اليوم فأنا أقيم بدمشق لأتابع تحصيلي العلمي الذي قرّرت ألا أتخلى عنه ليكون طريقاً لي للانتساب الى المعهد العالي للموسيقا. وبابتسامة هادئة يتابع «أفكر أن أشارك ببرنامج ذا فويس للغناء».
باكير
الطالب نور الدين باكير من الفرع الأدبي شاء القدر أن يولد كفيفاً فاختار أن يتابع دراسته إيماناً منه بأنها الطريق الوحيد لنيل مقعد جامعي يمكنه من تحقيق حلمه وضمان مستقبله.
وفي وصفه لطريقة دراسته يشير باكير الى انه لم يتقيّد خلال فترة المراجعة للامتحان ببرنامج معين، بل استعانَ بعدد من أصدقائه لتسجيل المواد الدراسية على «كاسيت» يستمع إليه باستمرار ليتمكن من حفظ الدروس. وقال «اليوم أتقدّم لامتحان مادة الجغرافيا والأسئلة كانت سهلة نسبياً بالنسبة لي».
شليل
ولأن الطموح لا حدود له فان حصول الكفيف فادي شليل على إجازة جامعية في التاريخ وإعداده أبحاثاً تاريخية مختلفة لم تُشبع رغبته في تطوير نفسه أكثر حيث أعاد التقدم لامتحان الشهادة الثانوية لدراسة فرع الإعلام الذي لطالما أحبّه واتبع دورات عدة في هذا المجال في سبيل تحقيق ما يطمح إليه منوّهاً بدور والدته التي ساعدته على وضع برنامج خاص للامتحان الحالي.
ورد أم كفيفين أحدهما محاضر جامعي
ولأن الأم تبقى المعطاء الأكبر رغم كل الظروف والأحوال قامت الأم ريام ورد بتقديم كل ما يمكن لمساعدة أبنائها على مواصلة تعليمهم، ولا سيما ابنتها بتول الكفيفة التي تتقدّم لامتحان الشهادة الثانوية حالياً والتي ترغب بإيصالها إلى مستوى أخيها الكفيف الذي أصبح اليوم دكتوراً محاضراً في جامعة دمشق.
وتقول «أرافق ابنتي بتول يومياً إلى الامتحان وأنتظرها بقلق حتى تنتهي، لأني أريدها أن تحصل على علامات جيدة لتصل إلى مستوى أخيها. وبذلك أكون قد وضعتهم على الطريق الصحيح».
أمام الإرادة تضمحل كل الصعاب والتحديات وتصبح مواجهة الحياة أسهل..
فمن يرى هؤلاء الشباب الذين تحدّوا فقدانهم إحدى حواسهم المهمة يدرك جيداً أن النجاح يتجسّد في نفس الإنسان ورغبته وارادته وليس في جسده. ورغم ذلك فقدان أبصارهم لم يقف عائقاً اما طموحاتهم.
سانا