نستطيع أن ننال من الإرهاب

العلامة الشيخ عفيف النابلسي

ليس أمراً عابراً وعادياً وجود خلايا إرهابية تنتشر في أكثر من منطقة في لبنان. لقد نمت هذه الخلايا بشكل ملحوظ خلال السنتين الماضيتين مُتّبعة مخططاً يسير بمراحل إلزامية لإرسائه، وذلك في تزامنٍ مع ما يجري في كل من سورية والعراق لتشكيل إمارة تنتظم هويتها الثقافية والسياسية والأمنية مع غيرها من الإمارات التي تُقدّم الإسلام بصورة دموية ونزعات عدمية، وهو الأمر الذي يترك انطباعاً بأنّ حقيقة الإسلام هي ما تتضمّنه أفعال الإرهابيين من ذبح وقتل وتنكيل ووحشية، وأفكار يريدون أن يُضفوا عليها شرعية نبوية.

ما قام به الجيش مؤخراً من عملية عسكرية في الشمال، ومن مداهمات طاولت خلايا إرهابية كانت تتحضّر للقيام بمجموعة من العمليات الخطيرة ضدّ الجيش والمصالح العامة في البلاد، يُعدّ تحركاً موفقاً. لأنّ نجاح هذه الخلايا بتحقيق أهدافها كان سيضاعف حجم التعقيدات على الساحة اللبنانية التي ما زالت حتى الآن تعاني من ارتدادات ما يحصل في المنطقة بأسرها.

ولعلّ الوثيقة التي تداولتها وسائل الإعلام عن ميثاق جرى بين الجماعات المتطرفة في القلمون السورية حول كيفية التعامل مع أتباع الملل والطوائف الإسلامية والمسيحية تؤشر إلى حجم الأخطار المقبلة من جهة هؤلاء. فالوثيقة ليست مجرّد تجمّع تلتقي فيه الجماعات على مبادئ معينة، ولكنها تشكل حالة رهان على تغيير كبير على مستوى البنية الديمغرافية اللبنانية. وهي أيضاً تثير الرعب والمخاوف لدى مختلف المكونات فيما لو استطاعت هذه الجماعات الدخول إلى لبنان واجتياح مناطقه. وعليه فإنه يستحيل إفشال مخططات هذه الجماعات بالمواقف الكلامية، بل هناك ضرورة ملحة للتعامل معها بقوةٍ حمايةً لكل المكونات الاجتماعية في لبنان.

وإذا قلنا إنّ جحيماً ينتظر اللبنانيين فيما لو تمّ غضّ النظر عن هؤلاء فإننا لا نكون نغالي. وما قام به الجيش وما زال وما يجب على كل لبناني أن يقوم به هو عدم إتاحة الفرصة لهؤلاء الإرهابيين بالتمدد، أو أن يعثروا لهم على مكان آمن وبيئة حاضنة ليشكلوا إمارتهم.

إننا نستطيع بلا ريب أن ننال من الإرهاب الذي يهدد وطننا إن أقبلنا على إصلاح المؤسسات ودعمها، وهذه المرة لن يكون هناك إمكانية للعبور إلى الدولة من دون دحر الإرهاب ولذلك نقول لمن رفع هذا الشعار سابقاً: القضاء على الإرهاب هو السبيل للعبور إلى الدولة المأمولة. فالاستحقاق الأكبر أمام كل السياسيين يتمحور في حماية الجيش ودعمه بكل السبل الممكنة للقضاء على الإرهاب واستئصاله من جذوره. نعم هو أولوية حتى على انتخاب رئيس جديد أو أي استحقاق دستوري آخر.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى