عشق الصباح

عشق الصباح

قالت: ما بالك، كأنك تلكّ عباب اللغة كم يلج عباب البحر وهو لا يتقن فنّ العوم؟ يبدو أن هذا الزمن يتبرّأ ممّن يحافظ على ذاكرته ولم يزل يقبض على قبس من المعرفة والحب! هذه قهوتك وهذه أوراقك لم يبق لك هذه الشرفة. ولا شيء إلا الصدى وصوت الريح. روحي موزعة تلوب على الذين أحبهم كتوزع النوارس على اتساع شاطئ البحر، وهذا المطر غير المتوقع في حزيران ينهمر كغناء شجي في البراري البعيدة! والموج يقذف زبده بغضب على الرمل.

قالت: ما لي أراك وحيداً في شرفتك ترتشف قهوتك متعباً، معجوناً فيك الحزن، تلتحف الليل وتراتيلك ملء الفضاءات يطوف صوتك في كل الجهات، تسمع النجوم انين بوحك.

قال: لم اقرأ في أي كتاب سماويّ ولا في في كتب التاريخ ولا في الروايات، أنّ قتل النفس متعة تمنح أيّ كائن متوحّش العبور لِيلتهم بغريزته الشهوانية سبعين أو أكثر من حوريات الجنة. من أين جاؤوا بكل هذه الفتاوى الملغومة بالحقد والفتن حتى ينتشر في بلادنا كل هذا الوباء من التوحش؟

في شرفة بحرية يرقب المطر… كان عليه أن يصبر ولا تكن لجوجاً، يا حسافة. نكرتك المدن كما تنكر لك الخلان والأصحاب. كأن هذا الزمن النافر يرفض وجودك أيها المتسربل بحزنك ورؤاك صرت غريب. مثقل بحكايات الذاكرة، آت من زمن يسكنه الوجع.

أخذ رشفة من فنجان قهوته. ترقرق الدمع في عينيه وهو يضحك من خيالاته.. كتب: لم أزل كلما جاء المطر.. أشم رائحة عطرك ورائحة الحبق في كفيكِ؟

حسن إبراهيم الناصر

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى