بيان سداسي لـ «مجموعة السبع»..! وتهديد أميركي برسوم جمركية جديدة
في أجواء من التوتر التجاري والدبلوماسي بين الدول الأوروبية والولايات المتحدة. انقلب الرئيس الأميركي دونالد ترامب على حلفائه الأوروبيين وكندا الذين هدّدهم بـ «فرض رسوم جمركية كبيرة عليهم»، بعد قمة لمجموعة السبع انتهت بالفشل.
فقد سحب ترامب فجأة موافقته على البيان الختامي لقمة الدول الصناعية السبع الكبرى التي استمرّت يومين في مالبي في مقاطعة كيبيك الكندية، على الرغم من تسوية تمّ التوصل اليها بعد جهود شاقة حول القضايا التجارية.
ترامب
وفي تغريدات له على «تويتر» اتّهم ترامب رئيس الوزراء الكندي بأنه «غير نزيه وضعيف»، مع أنه صرّح قبل يوم واحد أن العلاقة الثنائية لم تكن يوماً أفضل مما هي عليه اليوم في تاريخ البلدين. وجدد ترامب خصوصاً تهديده بـ «فرض رسوم جمركية على السيارات الأوروبية والأجنبية المستوردة إلى الولايات المتحدة»، وهو قطاع أهم من الألمنيوم والفولاذ الذي طالته الإجراءات الأميركية.
وأضاف ترامب «أنه طلب من ممثلي بلاده في القمة سحب التأييد للبيان الختامي، نظراً إلى أنّ كندا تفرض رسوماً جمركية هائلة على المزارعين والعاملين والشركات الأميركية».
وكان الوفد الأميركي والرئيس نفسه وافقوا على هذه الوثيقة التي تتضمّن 28 نقطة خاضت «مجموعة السبع» التي تضمّ الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان، مفاوضات شاقة من أجل إقرارها.
وفشلت قمة دول مجموعة السبع في ردم هوة النزاع التجاري بين دول المجموعة، وكان الرئيس الأميركي قد رأى أنّ «المجموعة تعهّدت بمراقبة» ما وصفه بـ«الطموحات النووية لإيران»، معتبراً أنّ «هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق مع كوريا الشمالية».
وبرر دونالد ترامب ضربته هذه التي وجّهها إلى حلفاء الولايات المتحدة، بـ «تصريحات أدلى بها رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو الذي يستضيف القمة في المؤتمر الصحافي الختامي!».
لكن كبير المستشارين الاقتصاديين للبيت الأبيض لاري كادلو أوضح أنّ «انسحاب الرئيس الأميركي من البيان الختامي لقمة مجموعة السبع كان هدفه عدم إظهار ضعف قبل قمته مع كيم».
كندا
فيما كان قادة مجموعة السبع قد غادروا مالبي عندما قرّر ترامب تمزيق البيان الختامي للقمة. ولم يُدلِ مكتب ترودو بأي تعليق أولاً. واكتفى بالتذكير بأنّ «رئيس الوزراء الكندي لم يقم في مؤتمره الصحافي سوى بتكرار تصريحات كان قد أدلى بها من قبل».
من جهته، أكد رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو الذي فرضت واشنطن رسوماً جمركية على وارداتها من بلده ومن أوروبا من الألمنيوم والفولاذ، في المؤتمر الصحافي «إنّ هذه الرسوم مهينة». وكما فعل الاتحاد الأوروبي، أعلن رئيس الوزراء الكندي «أنّ بلاده ستفرض رسوماً جمركية انتقامية على البضائع الأميركية»، مؤكداً أنّ «الإجراءات الانتقامية ستتخذ في تموز».
وقال رئيس الوزراء الكندي إنّ «الكنديين مؤدّبون ومنطقيون، لكننا لن نسمح بإيذائنا». وكان قد أشاد بـ«التوافق الذي توصّلت إليها الدول السبع حول عدد من القضايا. والنصّ لا يحلّ النزاع الجاري»، لكن الجميع رحّبوا به معتبرين أنّه «خطوة على طريق خفض التصعيد والحوار».
فرنسا
بينما أعلنت الرئاسة الفرنسية «أنّ التعاون الدولي لا يمكن أن يكون رهناً لنوبات غضب أو انتقادات». وفي بيان لها، قالت الرئاسة الفرنسية «إنّ من تخلّى عن بيان قمة مجموعة السبع أظهر عدم تجانسه مع المجموعة».
وقال قصر الإليزيه في بيانه «أمضينا يومين للتوصّل إلى نص والتزامات. إننا متمسّكون بها، وأي طرف يتخلّى عنها ويدير ظهره يبرهن عن قلة تماسك وقلة انسجام مع نفسه».
يُذكَر أنّ الموقف الفرنسي أتى بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب سحب تأييده للبيان الختامي الصادر عن القمة.
جدير بالذكر أنّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ألمح إلى «طريقة تفكير الملياردير». وقد صرّح خلال المفاوضات في مالبي «أن فرنسا تطبّق التبادل الحر مع ألمانيا مع أنها تعاني من عجز تجاري معها».
ألمانيا
بدوره، قال ناطق باسم الحكومة الألمانية إنّ برلين «تدعم البيان الذي اتفقنا عليه جماعياً».
وتشعر ألمانيا خصوصاً بالقلق، لأن «السيارات تمثّل من حيث القيمة، ربع صادراتها إلى الولايات المتحدة». وقال الاتحاد الألماني للسيارات «إن حصة السيارات الألمانية الفاخرة من هذه السوق تتجاوز الأربعين في المئة».
البيان الختامي
وكان رئيس حكومة كندا جاستن ترودو، قد أشار إلى أنّ «مجموعة الدول السبع المجتمعة في بلاده اتفقت على إصدار بيان مشترك بعد قمّة شهدت انقسامات».
ترودو أضاف «أن يومين من نقاشات القمة كانت بين 6 دول من جهة والولايات المتحدة من جهة أخرى».
وفي هذا الصّدد، صدر عن مجموعة الدول السبع المجتمعة في كندا بيان ختامي تعهّدت هذه الدول فيه «تحديث منظمة التجارة العالمية وخفض الرسوم الجمركية».
كما دافعت مجموعة السبع في بيانها الختامي عن «القواعد التجارية المشتركة»، مندّدة بـ «الحمائية».
وطالبت مجموعة السبع روسيا بـ «الكف عن تقويض الأنظمة الديمقراطية». وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يحضر القمة قد دعا إلى «إعادة روسيا إلى مجموعة الدول السبع»، لكنّ هذا الأمر لقي معارضة أوروبية من فرنسا وألمانيا وبريطانيا.
لكنّ الرد الروسي جاء على لسان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي وصف من جهته انتقادات مجموعة السبع بـ «الثرثرة الخلاقة» ودعاها إلى «الالتفات إلى المواضيع العملية المرتبطة بالتعاون الحقيقي».
كما أن دول مجموعة السبع تعهّدت بـ «ضمان سلمية البرنامج النووي الإيراني» ودعا البيان إيران إلى «دور بنّاء عبر المساهمة في جهود مكافحة الإرهاب والتوصل إلى حلول سياسية في المنطقة».
الرسوم الجمركية بين الأوروبيّ والأميركيّ
وتشكل الرسوم الجمركية موضوع خلاف حاد بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. وتفرض أوروبا رسوماً تبلغ عشرة في المئة على السيارات المستوردة من خارج دوله، بما في ذلك من الولايات المتحدة. فيما تفرض الولايات المتحدة رسم جمركي نسبته 2.5 في المئة على السيارات الأجنبية.
واشتكى ترامب مرات عديدة في جلسات خاصة من «وجود عدد كبير من سيارات مرسيدس في نيويورك وعدم انتشار عدد كافٍ من السيارات الأميركية في الشوارع الأوروبية».
ولتقييم مدى عدالة المبادلات التجارية مع شركائه، يركز ترامب على سؤال واحد: «هل تعاني الولايات المتحدة من عجز أو فائض تجاري مع هذا البلد أو ذاك؟».
والميزان التجاري مع ألمانيا يسجل فائضاً لمصلحة برلين.
وفي هذا الشأن كتب بيتر نافارو مستشار الرئيس الأميركي للشؤون التجارية، في مقال في صحيفة «نيويورك تايمز» مؤخراً أنه «ليس مستغرباً أن ألمانيا تبيعنا كميات من السيارات أكبر بثلاث مرات مما نصدره إليها».
بوتين يصف التعليقات الأوروبية بالثرثرة
ولافروف لدينا مجموعات تمثل آلية فعالة للتوافق
وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس، انتقادات مجموعة السبع بـ «الثرثرة» ودعاها إلى بدء «تعاون حقيقي».
وقال بوتين أثناء زيارته إلى الصين «أعتقد أنه يجب وقف هذه الثرثرة الخلاقة والالتفات إلى المواضيع العملية المرتبطة بالتعاون الحقيقي».
وجاء تصريح الرئيس الروسي رداً على أسئلة الصحافيين حول البيان الختامي لقمة مجموعة السبع، وقال بوتين أيضاًً إنّ «دول مجموعة السبع أخفقت مجدداً في تقديم أي دليل على وقوف روسيا وراء تسمّم عميل روسي مزدوج سابق وابنته في بريطانيا في آذار الماضي».
وكانت دول مجموعة السبع دعت روسيا أول أمس، إلى وقف ما وصفته بأنه «محاولات لتقويض الديموقراطية ودعم النظام السوري» ورفضت «إعادة موسكو إلى صفوفها».
وتبنّت المجموعة «اتهامات بريطانيا بوقوف موسكو وراء تسمّم العميل المزدوج سيرغي سكريبال وابنته يوليا».
وقالت في بيانها الختامي «نشاطر النتيجة التي توصّلت إليها المملكة المتحدة التي رجّحت أن الاتحاد الروسي مسؤول عن الهجوم وبأنه ليس هناك أي تفسير بديل معقول».
من جهته، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف «أنّ بلاده لم تطلب الانضمام إلى مجموعة الثماني»، منوّهاً إلى أنّ «بلاده تعمل بشكل رائع في منظمة شنغهاي ومجموعة بريكس وتحديداً في مجموعة العشرين»، معتبراً أنها «واعدة للمستقبل لأنها تمثل آلية فعالة للتوافق».