إلى طرابلس في أول يوم من عيد الفطر السعيد
يكتبها الياس عشي
قبل خمسين عاماً كنتُ أسمع بُحّةَ العطر من بساتين طرابلس
كانت بساتين الليمون تومئ إليك، وتخرج متعطّرةً، متبرّجةً، لابسةً أجمل ما حاكته سماء المدينة من ثياب العيد
طرابلس، قبل خمسين عاماً، كانت محاصَرة بالضوء، والعطر، وزرقة السماء، وبهجة الصبايا، ومن عيونهنّ تفرح المدينة
طرابلس، يومذاك، كانت أنا، وخريستو نجم، وحسن دندشي، وأديب صعيبي، وكامل درويش، وحسيب غالب، وأنطون السبعلاني
وكانت ميخائيل فرح في مكتبته التي صارت ملتقى الأدباء، والشعراء، والحكايات الخرافية
وكانت منعطفات في أزقّة لُوّنت جدرانها بنكهة الشعر، وطرقاً فسيحةً على أرصفتها المضاءة بالقناديل ينظر العاشق بطرف عينه، فيحمرّ وجه الحبيبة، وتختفي وراء النافذة
قصّة عشقٍ وأدبٍ وشعرٍ كانت مدينة طرابلس..
وكانت قارورة العطر التي ضاعت منّا.