حلفاء المملكة نحو أغلبية وزارية بطرق «ملتوية»؟
روزانا رمّال
يجزم ركن بارز في 8 آذار لـ«البناء» ان مشروع السعودية في لبنان لم يتوقف عند أزمة احتجاز الرئيس سعد الحريري الاخيرة وأن التدخل في الانتخابات النيابية والتمويل الذي لوحظ في الحملات الانتخابية للقوى المؤيدة لها، خصوصاً القوات اللبنانية التي حصدت نتيجة أفضل من الانتخابات السابقة مستمر. وقد وصل الى حدود تأليف الحكومة والتوزير والتدخل في المهل. ويُقسم هذا الشقّ الى قسمين: الأول مرتبط حسب السعودية بحسابات إقليمية أبرزها باليمن والعراق، وثانيهما بحضور حلفائها في الحكومة اللبنانية التي ستتكفل بتمظهر حضور طاغٍ لفريق 8 آذار بعد الفوز في الانتخابات النيابية، ورجوح الكفة مع التيار الوطني الحر لصالحها. وبالتالي فإن ضعف التمثيل بالحكومة يعني خسارة سياسية للسعودية قاسية للمملكة تضاف لهزيمة انقلاب السيد مقتدى الصدر في العراق. يتابع المصدر لـ «البناء» «الطرق الملتوية هي سيدة الموقف اليوم. فالمملكة أوصت حلفاءها كل على حدة، بالمطالبة بحصص يتكفل مجموعها بتأمين أكثرية ما يُعرف بـ 14 آذار سابقاً. فيطلب الحريري عزل القوى السنية من خارج تيار المستقبل بحجة تمثيل الأكثريات في طوائفهم. الأمر نفسه اتبعه النائب السابق وليد جنبلاط على أن تكون الحصة كاملة من كنفه. ويتكفل الدكتور سمير جعجع بالمطالبة بحصة وزارية تفوق حجمه النيابي استناداً الى اتفاق معراب الذي تقرأه القوات كتعهّد يلزم رئيس الجمهورية بحصة وازنة للقوات طيلة فترة حكمه، في وقت يرى التيار الوطني الحر أن هذا المفهوم لم يكرس في البيان وهو ليس موجوداً على الإطلاق، اضافة الى اعتبار هذا الشرط قد تحقق في أولى حكومات العهد التي صارت اليوم تصرف أعمالها». ويختم المصدر لـ«البناء» ان الامور لا تزال عند المربع الأول ولم يصل احد الى توزيع الحقائب وشكلها والاسماء التي ستوزر عند الكتل مجتمعة، لأن الامور لا تزال تنتظر نقطة دفع إقليمية يمكن على اساسها اعتبار ان عجلة التشكيل بدأت. وشدد المصدر على «اعتبار عدم حصول لقاء بين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان حتى الساعة او ربما تأخيره إشارة سلبية تؤخر عملية التشكيل وتربك الحريري الذي سيتردّد في حسم بعض الخيارات البديهية بدون الرجوع للمملكة».
وعليه يصبح الطريق الجديد للتعويض عن النتيجة غير المرضية للرياض والتي ترجمها تيار المستقبل بخسارة عدد كبير من المقاعد، إضافة الى خسارة حليف يعوّل عليه سعودياً في أكثر المواقف تطرفاً كالوزير أشرف ريفي لحضوره في طرابلس ليحلّ مكانه الأكثر اعتدالاً، جعل السعودية محكومة بتكريس الحريري الحاضر الأول المؤيد لسياساتها. وهذا استتبع إعادة النظر مجدداً نحو امكانية إصلاح ما تهدم واعادة المياه الى مجاريها مع بعض القوى التي يمكنها أن تشكل فارقاً او عنواناً لعودة سعودية الى الساحة اللبنانية بحركة تربك خصومها، ومنها تطبيع العلاقة من جديد مع النائب السابق وليد جنبلاط الذي عاد بإشارات تؤكد أن الرياض غير ممتنة من العهد، وإن كان هذا الموقف التصعيدي هو موقف الاشتراكي قبل الزيارة إلا أن هذا يؤكد ان جنبلاط لم يلتمس أي رغبة سعودية بعدم التعرض للعهد.
السؤال حول إمكانية نجاح هذه الطرق التي يسمّيها البعض مخارج واستنباطات لسيناريوات ترجّح كفة التمثيل عند الاكثريات المذكورة هو الأبرز واذا كانت قوى الرابع من آذار بصدد التوحّد بغير المباشر، فإن القوى المقابلة تدرك ان هذا النوع من الحيلة السياسية لن ينطلي عليها حتى ولو كان المطلوب هو الخضوع لمبدأ حكومة وحدة وطنية أو وفاق كما يطلب فريق الثامن من آذار عبر تعميمه لفكرة أكبر تمثيل وزاري ممكن للكتل كافة.
بهذا الإطار يستغرب مصدر في تيار المستقبل الذهاب الى منطق حكومة الوحدة الوطنية وزجّ أسماء سنية لتوزيرها ضمن هذا المنطق، متسائلاً عن كيفية تشريع هذه الفكرة من دون أن ينبثق هؤلاء النواب عن كتلة سنية موحّدة وواضحة المعالم. وبالتالي يبقى حصر التمثيل بالحريري هو الأعم الأغلب، لكن وبالمقابل لا تبدو العلاقة مع المملكة العربية السعودية تاريخياً رافضة لوجود أي من القوى السنية المفترض توزيرها على سبيل المثال الوزير السابق عبد الرحيم مراد الذي التقى بفترة سابقة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ولا الوزير السابق فيصل كرامي الذي لا يشكل أيّ حرج للرياض. وبالتالي لا يمكن اعتبار أن عوامل من هذا النوع ستلغي هذه المشاركة.
وإذا كان هذا المنطق المعمول به بعد شهر من تسمية الرئيس سعد الحريري رئيساً مكلفاً بدون أي نتيجة تذكر، فإن الوقت الذي صار يداهم اللبنانيين يأخذ نحو الكثير من المخاوف التي يخشى ان يتم استغلالها كأزمة الفلتان الأمني في البقاع والأزمات المالية المتفاقمة وصولاً الى ازمة النازحين. فيوضع لبنان تحت ضغط الانهيار المالي ويقبل العروض المقدمة او بالحد الادنى يفتح باب السجالات الكبرى على مصراعيها لقبول عروض دولية للإبقاء على النازحين مقابل حل مشاكل داخلية ضمنها تسيير تشكيل حكومة قد لا يكون آخرها العرض الذي تحمله المستشارة الألمانية اليوم الى بيروت.