التوقيت السياسي… البدائل المستقبلية في سورية وتحدّيات أميركا الإقليمية 1
إعداد وترجمة: ليلى زيدان عبد الخالق
«كذب المنجّمون ولو صدقوا»، مأثورة قالها أحدهم يوماً للمتنبئين وما أكثرهم خصوصاً في لبنان، والذين تدور حولهم الشكوك إزاء المصادر التي يستقون منها «تنبؤاتهم». ولعلّ التاريخ ذكر متنبئّين بارزين مثل نوستراد آموس، الذي شغل الدنيا، وكُتب عنه الكثير، وتبنّته «هوليوود» في عددٍ لا بأس به من الأفلام السينمائية.
وفي سياق قد يتّصل بالتنبّؤ والتنجيم عبر خيط رفيع، يأتي التحليل السياسي… مهلاً، قلنا تحليل، ما يعني أنّ هناك علماً مبنيّاً على دراسة الماضي والحاضر وما دار ويدور في فلكهما، وربط ذلك بالمستقبل، فتخرج الرؤية المستقبلية، وإن ألصق بها البعض جزافاً صفة التنجيم أو التنبّؤ.
في التقرير التالي، وجهة نظر، نابعة من دراسة مستفيضة، أفضت إليها ورشة عمّل نظّمتها مؤسّسة «رند» في كانون الأول عام 2013، وذلك لاستكشاف مجموعة من البدائل المستقبلية للصراع السوري. وركّزت ورشة العمل على مقارنة النتائج ومناقشة الأحداث التي حصلت منذ بدء الصراع، وتحليلها.
إلّا أنّ ورشة العمل هذه انطلقت ـ ومن وجهة نظر شخصية ـ من مسلّمات أرساها الإعلام المفبرك، لا سيما الإعلام الخليجي وأيضاً الأميركي، الذي لم ينقل حقيقة «الربيع العربي»، بل نقل ما أراد صنّاع «الربيع العربي» إيصاله إلى الشعوب والباحثين الاستراتيجيين.
ومن المنطلقات المشكوك في صحتها في هذه الورشة، مقولة «إنّ النظام السوري بدا ضعيفاً أمام القوات التي احتشدت ضدّه في وقت مبكر، لكنه سيطر مؤخّراً على أرض الواقع بفضل المساعدة الخارجية، تنظيم الميليشيات المحلية، واستغلال الخلافات العميقة داخل صفوف المعارضة». وتناست ورشة العمل أنّ النظام السوري ذاته، كان قد نقل سورية من الدولة المتماسكة، إلى الدولة الحديثة المنافِسة عالمياً، وأنّ النظام ذاته أمّن وظائف كثيرة للشباب بعد إدخال الحداثة إلى البلاد، أما في ما يخصّ «الحرية» التي ادّعى «المتمرّدون» أنّهم يطالبون بها، فلا ننسى أنّ النظام أجرى حينذاك مروحة واسعةً من الإصلاحات والتعديلات الدستورية، وأن «الحرّية» تحوّلت لدى «المتمرّدين» إلى «القتل».
ومن النظريات الأخرى التي علقت في أذهان المشتركين في ورشة العمل، ما أرساه الإعلام المفبرك حول «تحوّل الصراع من انتفاضة شعبية ضدّ النظام البعثي الاستبدادي إلى معركة متعدّدة الأطراف». وكأنّ أحداً «خطف الثورة»، أو ثمّة من يقول باستغباء، إنّ «النظام السوري خلق التنظيمات الإرهابية لخطف الثورة وخنقها».
إلّا أنّ ما علينا الاعتراف به، المسار العلميّ الذي سلكته ورشة العمل، وافتراض السيناريوات التي يمكن أن يفضي إليها الصراع في سورية، ولعلّ الأبرز في ذلك، إظهار ورشة العمل كيف أنّ الصراع المطوّل كفرضية، سيؤدّي إلى تقسيم سورية وشرذمتها وتفتيتها إلى دويلات متناحرة، وكيف أنّ انتصار النظام في سورية سيكون انتصاراً للعالم أجمع على الإرهاب، وسيرسم نهايات لممالك وإمارات خليجية.
كتب كل من آندرو لايبمان، وبراين نيفيبوروك، وجايسون كيلماير في موقع «www.rand.org»:
في كانون الأول عام 2013، عقدت مؤسّسة «رند» ورشة عمل لاستكشاف مجموعة من البدائل المستقبلية للصراع السوري. تركّز ورشة العمل هذه على مقارنة النتائج ومناقشة الأحداث التي حصلت منذ بدء الصراع وتحليلها. فالصراع السوري آخذٌ في التحوّل أكثر فأكثر، وهذا ما توقّعناه نحن والمشاركون في ورشة العمل هذه. فقد صيغت وجهة النظر التي تقضي بالتقدم اللافت لتنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام ـ داعش» في الشمال والغرب السوريَيْن، قبل اتخاذ الولايات المتحدة قراراً بضرب أهداف «داعش» في سورية والعراق، وهذا لم يؤثر في تقييمنا المسار السوري المستقبلي. وكان إحساسنا الأولي أن الولايات المتحدة الأميركية في مواجهتها قوة النظام السوري، يدعّم وجهة نظرنا القائلة بتصاعد قوة الأسد، وأن انتصاره هو السيناريو الأقرب إلى التحقق. وبما أن برنامج مساعدة الثوار السوريين لم يبدأ بعد، ويبدو أن هدفه مقاتلة «داعش»، هذا الجانب من السياسة الأميركية لم يدخل أيضاً في حساباتنا.
استخدم هذا التنظيم، وكما هو معروف، عدداً من الأسماء، بما فيها «الدولة الإسلامية في العراق ISI»، و«الدولة الإسلامية في العراق والشام ISIL»، و«الدولة الإسلامية في العراق وسورية ISIS». أما اليوم فإن هذه الجماعة تطلق على نفسها ـ وببساطة ـ إسم «الدولة الإسلامية IS». فالمكاسب الإقليمية للعراق في الشرق السوري وسط الاعتداءات الآثمة المتواصلة على المتمرّدين السوريين فاقت كلّ توقعاتنا. تقدّم نظام الأسد الثابت والمكلف ضدّ المعارضة في الشمال والشرق السوري وقتال أفراد المعارضة بين بعضهم البعض، يبرّران إعادة النظر في افتراضاتنا وتوقعاتنا المستقبلية.
كان من المفترض لورشة العمل هذه أن تأتي في مصلحة المشتركين فيها، غير أن التطورات الهامة الحاصلة منذ ذلك الحين، جاءت لتجادل التوثيق للمناقشات السابقة والتغييرات على أرض الواقع. ويهدف هذا البحث إلى تقديم وثائق. ونحن متأكدون أن هذه السيناريوات الأربعة التي نوقشت، تهدف إلى تقديم إطار مفاهيمي جامد لتقييم مسار الحرب السورية وتأثيرها على المصالح الأميركية والغربية.
قدم الخبراء المشاركون في ورشة العمل من المجتمعات السياسية والاستخباراتية من الولايات المتحدة. وقد قيّم المشاركون أربعة سيناريوات مستقبلية متطوّرة.
الحرب في سورية
شكّلت الحرب في سورية شوكةً في خاصرة صنّاع السياسة الأميركيين. تغيّرت خطوط الدفاع وتحوّلت في كثير من الأحيان أثناء الصراع. بدا النظام ضعيفاً أمام القوات التي احتشدت ضدّه في وقت مبكر، لكنه سيطر مؤخراً على أرض الواقع بفضل المساعدة الخارجية، تنظيم الميليشيات المحلية، واستغلال الخلافات العميقة داخل صفوف المعارضة. فقد تحوّل الصراع من «انتفاضة شعبية ضدّ النظام البعثي الاستبدادي» إلى معركة متعدّدة الأطراف، تشمل القوات البعثية/العلوية المالية للنظام، الميليشيات البعثية غير النظامية الموالية للنظام، حزب الله اللبناني، الميليشيات الشيعية العراقية، الثوار العلمانيين المعتدلين، الانفصاليين الأكراد، الثوار الإسلاميين التقليديين، والسلفيين الجهاديين وتنظيم «داعش» عابر الحدود. وقد أرسلت معظم الدول المجاورة وبعض دول الخليج الفارسي الدعم المادي لفريق أو أكثر من هذه الفرق المتناحرة. أرسلت إيران خبراء، أسلحة ومساعدات لقوات الحكومة السورية، بينما دعمت كلّ من قطر والسعودية والأردن وتركيا الثوار الانفصاليين. وقد بدأت الولايات المتحدة مؤخراً بإرسال بعض الأسلحة لبعض القوى المعارضة، بينما بعثت روسيا بالأسلحة المتطورة لنظام الأسد منذ بدء الصراع. وستؤثر نتيجة هذا الصراع في الاستقرار في الشرق الأوسط وعلى ديناميات السياسة الإقليمية لسنوات وربما لعقود وقد يؤدي إلى تفاقم الصراع السنّي الشيعي في المنطقة.
تعقّدت المصالح الأميركية للغاية منذ منتصف العام 2013. في حين لا تزال الولايات المتحدة ترى في نظام الأسد عدوّها اللدود نظراً إلى تحالفه مع إيران وعدائه الشديد إزاء «إسرائيل». يتعامل صنّاع القرار الأميركي مع هذه التهديدات الناجمة عن المكاسب الأخيرة لـ«داعش» في العراق وتأثيرها في حركة «الثورة السورية» على حساب الفصائل المتمرّدة التي يدعمها الغرب. وأخيراً، فإن قرار مجلس الأمن في الأمم المتحدة 2118 الذي صدر في أيلول 2013، والذي قضى بتدمي الأسلحة الكيماوية السورية وأسلحة الدمار الشامل، جعل من الحكومة السورية شريكاً فعلياً في مكافحة انتشار هذه الأسلحة.
سيناريو رقم 1: الصراع المطوّل
يفترض هذا السيناريو أن هذه الحرب لا تزال مستمرة بلا هوادة، مع مستويات عالية من العنف مع استمرار الدعم الخارجي من جميع الجهات. تتصلّب خطوط المعركة وتعود إلى الأذهان وضعية الحرب العالمية الأولى، إذ سيطر كل فريق على مساحة معينة في الوقت الذي لم تطوّر فيه أيّ من الفصائل القدرة على كسر الجمود. فتحوّلت سورية في الواقع إلى عددٍ من الدويلات:
الدولة العلوية الرديفة التي يديرها نظام الأسد ويدافع عنها الجيش السوري وميليشيات الدفاع الوطني، ستخرج على ساحل البحر المتوسط للسيطرة على دمشق وقد تسيطر أيضاً على ممرّ يصل دمشق بالمحافظات العلوية على ساحل المتوسط، وربما يشمل هذا الممرّ مدن حمص وحماه.
دولة كردية ستظهر في أقصى شمال شرق البلاد.
سيطرة الإسلامية السنية المعتدلة على معظم مناطق الجنوب السوري، وبعض أرياف دمشق الشرقية والمناطق الواقعة بين دمشق ومرتفعات الجولان. وسيشمل هذا الكيان المنطقة الواقعة بين محافظة حمص والحدود اللبنانية.
إمارة سلفية ـ جهادية، يقودها «داعش» مع بعض المناطق لـ«القاعدة» و«جبهة النصرة» ، تحتلّ الشمال السوري حلب وكامل محافظتي الرقة ودير الزور في الشرق السوري.
تقييم ورشة العمل سيتسبّب الصراع المطوّل بانتكاسة حقيقية لإيران وحزب الله. فإن عدم قدرة الأسد على استعادة الأراضي في الغرب السوري قد يُنظر إليه من القادة في طهران وفي بيروت الغربية على أنه انفجارٌ عكسيّ ستكون له تداعياته السلبية على المنطقة، خصوصاً لناحية المساعدات بالغة الأهمية التي قدّمتها إيران وقدّمها حزب الله لنظام الأسد. ومع ذلك، فإن المشاركين في ورشة العمل قد أجمعوا أنه لا يمكن لإيران أن تتخلى عن الأسد حتى بعد حصول مثل هذه الانتكاسة. وهي قد تقوم ـ على العكس من ذلك ـ بالعمل بهدوء وروية على بناء ثقة وتأثير مع بعض المجموعات المتمردة السنّيّة غير الجهادية، وربما مع الأكراد بهدف الحفاظ على شبكة من الرعاية لهم داخل سورية، قد تعوّض إلى حدّ ما انكماش قوة نظام الأسد. وسيبقى الإيرانيون يقدّمون الدعم للمناطق العلوية لتقوية جنود الأسد هناك.
أما المشاركون، فعلى العكس من ذلك، آمنوا بأن الصراع الطويل الأمد سيحقق المزيد من الانتصارات لـ«القاعدة» و«داعش». فالمتطرفون يقولون الآن للعالم السنّي أنهم كانوا قلّة قليلة عند بدء الانتفاضة في أوائل عام 2011، وقد أصبح لهم موطئ قدم في البلاد مع نهاية العام 2012. وفي أوائل 2013، كان «داعش» و«جبهة النصرة» يحققان انتصارات جدّية على المجموعات الثورية الأخرى، فضلاً عن إعدادهم بنية للحكم في محافظات كالرقة ودير الزور كما في حلب. وإذا ما نجح «داعش» مع بعض الفصائل الجهادية في التحضير لإمارة في الشمال والشرق السوريَيْن بحلول عام 2015، سيتوجهون إلى الغالبية السنيّة في المنطقة بالادّعاء أنهم قد نجحوا في بناء نموذج حقيقي للخلافة العربية الإسلامية يجاور القدس، ثالث الأماكن المقدّسة لدى المسلمين.
لم تنجح «القاعدة» في العراق بالادّعاء بذلك خلال ذروة نجاحاتها في 2006 2007، كما أنها لم تستطع أن تؤسّس شبكة من المخيمات التدريبية في المناطق الخاضعة لسيطرة الطالبان في أفغانستان خلال عامَيْ 2000 2001. لن يكون أمام القوى الديمقراطية والعلمانية من المجموعات المتمرّدة من خيار سوى الوقوف إلى جانب الأسد كلّما طالت فترة الصراع. ومن المفارقات الواضحة، أن عدداً من النخب الفكرية والفنية والمدنية، التي غذّت روح «الانتفاضة» ضدّ الأسد في ربيع 2011 قد تعود إلى حضن نظامه، بعدما دخل الصراع في أتون الدم والقتال والاستنزاف.
لا شكّ أن المنطقة الشرق أوسطية ستدخل في خضم المعاناة خصوصاً مع استمرار تيجّح السنة المتطرفين في المنطقة بالنجاحات التي يحققها «داعش» على أرض الواقع. فقد يبدأ هؤلاء المتطرّفون بشنّ حملات عسكرية ضدّ حزب الله في لبنان بغية إضعافه، بينما قد نشهد ايضاً بداية تمرّد سنيّ في الأردن، مدعوم من قبل «داعش» المتمركز عبر الحدود الشرق السوري والغرب العراقي. أما «القاعدة» في اليمن فسغدو أكثر قوة وحزماً وقد تحاول إعادة تموضعها في السعودية. وخلاصة القول، نحن نتوقع انتشاراً لصراعات سنيّة شيعيّة تلفّ العالم المسلم من أقصاه إلى أقصاه.
سيناريو 2: انتصار النظام
لا يسجّل النظام في هذا السيناريو انفجاراً حازماً ضدّ الثوار علماً أن العنوان يشير إلى هذا ، بل يقوم بدلاً من ذلك بطحن المتمردين في المناطق المكتظة في الغرب السوري مستخدماً كلّ إمكانياته العسكرية والجوية ضدّ المتمردين في الضواحي. سيكون الجيش السوري، في نهاية المطاف، قادراً على صدّ هجمات المتمرّدين وإعادتهم إلى الحدود التركية، ومرتفعات الجولان وإلى الشرق على الحدود مع وادي نهر الفرات. ستسطيع بعض الوحدات المتمرّدة الحفاظ على بعض الضواحي شرق دمشق وربما أجزاء من مدينة حلب. بينما سيحقق النظام النصر مدعوماً من إيران وحزب الله، إضافة إلى أن اقتتال الفصائل المتمرّدة في ما بينها، عاملٌ آخر مساعد في انتصار النظام. يفترض هذا السيناريو الثاني أن الصراع سينضج ويقوى بين الجيش النظامي والقوات المتمرّدة في المناطق الحدودية. فالسلام هدفٌ بعيد المنال في المستقبل القريب.
تقييم ورشة العمل
سيترك هذا الانتصار الجيش السوري ضعيفاً بعد سنوات من القتال الدموي، وسيطول به الأمر كي يتعافى من هزيمة كانت شبه محتومة، لولا الدعم الخارجي المتمثل بإيران وحزب الله وروسيا للميليشيات المحلية ما حسم المعارك لمصلحة النظام. فالمعارك غير الاعتيادية التي كانت تدور رحاها بين الجيش النظامي والقوات المتمرّدة على مدى السنوات الخمس الماضية كعصابات «الشبيحة» التي استخدمت لترهيب المعارضين للأسد في المدن والقرى. وحتى لو كانت مثل هذه الممارسات أقلّ خطراً وتخويفاً من اقتتال الفصائل المتمرّدة بين بعضها البعض، كانت ستؤثر في تقوية جهاز أمن نظام الأسد، لتخطّ بالتالي أفضل سيناريو لانتصار النظام. وحتى مع النهاية الأمثل لمثل هذا السيناريو في ما يتعلّق بنظام الأسد، والذي سيترك الاقتصاد السوري منهاراً وبحاجة ماسّة إلى الدعم الخارجي، واضعاً النظام تحت رحمة المتبرعين الأجانب.
اتفق المشاركون في ورشة العمل أن انتصار النظام سيكون دون أدنى شك مكسباً لحزب الله وإيران. ستبدو المساعدات الإيرانية العامل الأهم الذي قلب المقاييس وسمح للنظام بالبقاء حياً وبالحفاظ على تأثيره في الأرياف السورية الغربية. وهذا الانتصار سيجعل من إيران قوة أكثر تسلطاً في الخليج الفارسي، ما قد يقوّض استقرار بعض حلفاء الولايات المتحدة كالبحرين والكويت. ومع ذلك، ستبقى سورية دائماً «الجائزة الكبرى» بالنسبة إلى الإيرانيين فاقتصادها المدمّر ومشاكل لاجئيها الهائلة، كلّ ذلك سيتطلّب مساعدات طويلة الأمد. العبء المادي الذي يقع على كاهل الأسد سيقوّي اقتصاد إيران. وقد يخلق مثل هذا الضغط فرصة للولايات المتحدة الأميركية وحلفائها الأوروبيين لتقديم بعض المساعدات الاقتصادية للأسد كوسيلة لاستعادة أواصر المودّة مع النظام ـ بهدف جذبه بعيداً عن المحور الإيراني.
تكهّن بعض المشاركين في ورشة العمل بأن انتصار النظام على الإرهاب الجهادي السلفي من شأنه أن يساعد الولايات المتحدة في التخفيف من حدّة التهديد الذي تشكله هذه المجموعات على مصالح أوروبا والولايات المتحدة. سيخرج حزب الله منتصراً بعدما كانت له اليد الطولى في حسم المعارك ضدّ المسلّحين، خصوصاً في القصير في منتصف العام 2013. وانتصار حزب الله هذا، سيزيد من مكانته بين اللبنانيين الشيعة ويدعّم موقعه كقوّة أساسية في لبنان. ويبدو أن شعبية هذا الحزب التي كانت قد ازدادت بشكل هستيري واسع إبان حربه مع «إسرائيل» عام 2006 ستخفت. فالشارع العربي لم يعد ينظر إلى حزب الله على أنه قوة عربية ضدّ «إسرائيل»، إنما يراه على أنه «أداة للفرس» في حربهم ضدّ الإسلام السنّي. ففي دول مثل مصر أو الأردن، ستضعف هذا الشعبية لسنوات عدّة مقبلة.
وأخيراً، فإن انتصار النظام سيكون هزيمة مرّة في حلق دول الخليج العربي التي دعمت الحركات الإسلامية المتمردة في سورية. ستواجه كلّ من السعودية وقطر خسارة سياسية ثقيلة الوطأة، وقد ينتهي الأمر بالدولتين إلى إلقاء كلّ اللوم في ذلك على الولايات المتحدة. ولا شكّ أن العلاقات الأميركية السعودية والأميركية القطرية ستتخبط في أزمة حقيقية.