محور المقاومة وأعداء سورية… علاقات موقتة وموضعية!
ربى يوسف شاهين
لا شك في أنّ الحرب المفروضة على سورية كانت سبباً في تحالفات واصطفافات دولية عدة، فلم يوفر «محور أعداء سورية» جهداً في إسقاطها، لكن قوة الدولة وتحالفاتها الاستراتيجية مكّنتها من الصمود خلال سنوات الحرب. فالحكمة في إدارة المسارات السياسية والميدانية كانت كفيلة في توجيه الوقائع لصالحها، ولا يمكننا أن ننكر بأنّ حلفاء سورية كان لهم دور بارز في مسارات الحرب السياسة والعسكرية، ولكن في المقابل سعى هؤلاء الحلفاء إلى إنشاء علاقات مع محور واشنطن بغية التوصّل إلى الحلّ السياسي، من دون إغفال بأنّ السيادة السورية على أراضيها حق لا يمكن المساس به.
في سياق التحالفات الدولية كان واضحاً أنّ أعداء الدولة السورية اعتمدوا المراوغة في الكثير من الملفات السياسية، وهذا ما بدا واضحاً لإيران وروسيا، إيران التي عملت على تفعيل خيار المقاومة، الأمر الذي وجّه الولايات المتحدة لتعطيل مفاعيل التدخل الإيراني في سورية من خلال فرض العديد من العقوبات نتيجة لتحالفاتها الإقليمية أو لكونها تُعتبر تهديداً استراتيجياً وإقليمياً لحلفائها كـ «إسرائيل» والسعودية، خصوصاً لجهة دعمها حزب الله، لكن إيران برزت كقوة إقليمية في الملف السوري وعلى الأرض السورية، وكحليف وداعم في الحرب على الإرهاب. وقد ساهمت الأزمة المفتعلة بين السعودية وقطر، والتي كانت نتيجة لأجندات أميركية خاصة، في إضعاف محور أعداء سورية، فسارعت إيران إلى الوقوف بجانب قطر ومحاولة كسر الحصار الذي فرض عليها من دول مجلس التعاون الخليجي، وعلى الرغم من وجود خلافات بين إيران وقطر بشأن الملف السوري، إلا أنّ إيران وعبر استراتيجيتها الرامية إلى إيجاد حلّ سياسي في سورية عمدت الى الاستفادة من الأزمة الخليجية، والتي سيكون لها تأثير مباشر على الحرب المفروضة على سورية أيضاً. وهذا ما بدا واضحاً من خلال الاقتتال بين الفصائل الإرهابية المحسوبة على قطر والسعودية والذي أدّى بدوره إلى تحقيق المزيد من الإنجازات الميدانية.
في ما يخصّ العدو التركي، يمكننا القول إنّ تركيا الغازية لمناطق في الشمال الغربي لسورية، شكلت وقطر محوراً متضامناً، لدعمهما حركة الإسلام السياسي كالإخوان المسلمين وحركة حماس، والفصائل الإرهابية في سورية. وهذا ما أرادته واشنطن وأيّدته من أجل إطالة أمد الحرب السورية. فالولايات المتحدة تخشى محور المقاومة، لذلك عمدت إلى توثيق صلتها بالمحور التركي عبر تأييدها غزو عفرين في الشمال الغربي السوري، إلا أنّ انفلات زمام الأمور منها خلال سنوات الحرب، ولحفظ ماء وجهها أمام حلفائها أيّدت الأكراد في الشمال السوري ليكونوا لها اليد التي تضمن بقاءها، لكن الخوف الكبير والذي بدأت خيوطه تتكشف من اللعبة الكبرى، تمثّل بخوف أميركا من خسارة تركيا كركيزة أساسية في محورها. وهذا ما رأيناه في الاتفاق التركي الأميركي في ما سُمّي اتفاق منبج، لكن في المقابل يستمرّ محور حلفاء سورية في توجيه الضربات لواشنطن، وبهذا أتت الضربة الكبرى لها عبر القمة الثلاثية والتي جمعت الروسي والإيراني والتركي، من أجل تفعيل مناطق خفض التصعيد لإقصاء واشنطن وتحييد دورها. وبطبيعة الحال فقد عمد أردوغان إلى حماية وجوده في ملف الشرق السوري، رغم ادّعاءاته ومناوراته التي قام بها في مؤتمري أستانة وسوتشي.
من جهة أخرى يمكننا القول إنّ الموقف السياسي للولايات المتحدة في الحضيض، لذلك عمدت إلى دعم الخليج المتمثل في السعودية والذي أعلن على الملأ تحالفه مع «إسرائيل» والتي تُعدّ الطفلة المدللة لأميركا. فالتوافق السعودي «الإسرائيلي» يكمن في أنّ الجانبين يكنّان الحقد الكبير لمحور المقاومة. ومن هذا المنطلق أصبحت التحالفات على العلن فكلّ حسب مصالحه وإنْ كانت على حساب الآخر. فالولايات المتحدة و«إسرائيل» وقطر والسعودية وتركيا ومن لفّ لفّهم باتوا على حافة الهاوية أمام رجاحة الرئيس الأسد في معالجته وتصدّيه لهذه الحرب من خلال ثبات وقوة الجيش السوري وإقامة التحالف القوي مع روسيا وإيران وحزب الله والذي أثمر سقوط أقنعة الأعداء، كلّ حسب موقعه في الحرب على سورية.
والأيام المقبلة ستكشف المزيد مما يجري في أروقة العملاء.
من كلّ ما سبق يمكننا القول إنّ علاقة روسيا وإيران والعراق بمحور أعداء سورية لا يمكن أن تكون على حساب العلاقة مع سورية استراتيجياً او سياسياً. فالأطماع الأميركية والتركية والخليجية واضحة للجميع، ورغم ما رَشح عن اتفاقات في مؤتمري أستانة وجنيف لجهة الضامنين، لا يمكن لواشنطن وأدواتها تمرير مشروعهم في الجغرافية السورية، حيث إنّ محور المقاومة ملزم باحترام سيادة الأراضي السورية. وهو المشارك بمنع تقسيمها ومحاربة الإرهاب في ظل الجيش السوري حتى القضاء على الإرهاب بالكامل.