ميركل في بيروت: المال مقابل «النازحون رهائن حتى الانتخابات السورية… وأمن أوروبا» «توربو الحريري» يتّجه لعرض صيغة حكومية الإثنين في بعبدا… حصة الرئيس للتسويات
كتب المحرّر السياسي
«الحُدَيْدة حرّة بيد أحرار اليمن»، كما قالها قادة أنصار الله وعلى رأسهم الناطق الرمسي محمد عبد السلام والناطق بلسان الجيش اليمني العميد شرف لقمان في تكذيب المزاعم السعودية الإماراتية، باتت حقيقة موثقة بالفيديو والصورة. بينما فشلت قناتا «العربية» و»سكاي نيوز عربية» ببث الشريط الذي وعدتا به منذ الصباح عن انتشار القوات المدعومة من التحالف السعودي الإماراتي في مطار الحُدَيْدة.
في سورية تحرّكات في الاتجاه ذاته، عبر تقدّم بطيء وعلى نار متوسطة للجيش السوري للفصل بين محاور الاشتباك المقبل ضمن خطة الحسم العسكري لجنوب سورية، وتقسيم مناطق المواجهة إلى قطاعات معزولة عن بعضها، بينما لا جديد عن مساعي التفاوض التي تقودها روسيا تحت عنوان تسوية الجنوب، بعدما باتت التفاصيل تحت بند الانتظار حيث الوضع في سورية ومستقبل الحلّ السياسي، هو الملف الأبرز للقمة المرتقبة بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترامب، وصار انعقادها موضوعاً رسمياً سيسافر مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون إلى موسكو الأسبوع المقبل، وفقاً لبيان عن البيت الأبيض تحضيراً لأعمال القمة، التي ستتوزّعها ملفات عديدة، يتقدّمها الوضعان السوري والكوري، مع نصيب لا بأس به لكلّ من الملف الإيراني والملف الأوكراني، كما قالت مصادر إعلامية روسية.
خلال سنتين مقبلتين لن تكون المقدّمات اللازمة لإجراء الانتخابات فوق دستور جديد في سورية قد توفرت، كما تقول وسائل إعلام ألمانية تواكب زيارة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى لبنان والأردن تحت شعار ملف النازحين السوريين، ومعادلة الانتخابات الحرة في سورية، وفقاً للمقاييس الأوروبية صارت هي الشرط لدعم عودة النازحين. وربما يكون هذا حق لأوروبا أو لسواها إذا كان الحديث عن شروط دعم العودة، لكن ما تقوله مصادر دبلوماسية لبنانية هو أنّ ما سمعه اللبنانيون من محدثيهم الأمميّين والأوروبيّين في مؤتمر بروكسل يتجاوز الحديث عن دعم العودة إلى التدخل لمنع العودة بغير الشروط الأوروبية عبر رهن المساعدات للبنان بقبوله الشروط الأوروبية، مضافاً إليها تعهّد لبنان بمنع تسرّب النازحين إلى أوروبا، وفق معادلة تسمّيها مفوضية اللاجئين دمج النازحين أو التوطين المؤقت. وهو ما يخشى لبنان أن يكون المهمة التي جاءت لأجلها المستشارة الألمانية، وفق معادلة، المال مقابل تعهّد لبناني بعرقلة عودة النازحين السوريين إلى بلدهم خارج قرار أوروبي أممي بالعودة، مضمونه ضمان المشاركة الانتخابية الأولى في الحلّ السياسي للنازحين في أماكن النزوح لضمان التأثير على تصويتهم السياسي، وضمان عدم تأثيرهم على جدار الأمن الأوروبي بطرق بابه كلاجئين، كما قال مصدر سياسي متابع للزيارة.
ميركل ستلتقي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس المجلس النيابي نبيه بري المتفقين على رؤية موحّدة لقضية النازحين عنوانها تسهيل العودة إلى المناطق السورية الآمنة بالتعاون مع الدولة السورية، كما ستلتقي رئيس الحكومة سعد الحريري المشارك بالرؤية التي تدعمها ميركل، بينما تتوقع مصادر متابعة نهاية الزيارة بربط نزاع بين الرؤيتين وبعض المساعدات للبنان.
تبقى قضية تشكيل الحكومة العنوان الأول للأحداث اللبنانية، حيث أوحى الرئيس المكلف سعد الحريري عزمه عرض تشكيلة أولية على رئيس الجمهورية توقعت مصادر على صلة بالمشاورات التي أجراها مع كلّ من حركة أمل والقوات اللبنانية وتيار المردة والحزب التقدمي الإشتراكي أن تكون في زيارة يقوم بها الحريري يوم الإثنين إلى بعبدا.
ووفقاً للمصادر تدور رؤية الحريري، بعد إعلانه عن تشغيل «التوربو»، حول استخدام حصة رئيس الجمهورية في الحكومة للتسويات، فتتكوّن من درزي وسني ومسيحي من الذين لا يرضى الحريري وحلفاؤه بتمثيلهم ويحظى تمثيلهم برضا رئيس الجمهورية، مقابل أربعة وزراء للقوات اللبنانية بينهم نائب رئيس الحكومة، وثلاثة للاشتراكي بينهم وزير مسيحي، وستة للمستقبل ورئيس الحكومة بينهم وزير مسيحي هو مستشاره غطاس خوري، وستة لثنائي حركة أمل وحزب الله بينهم وزير المال، ووزير للمردة، وستة وزراء للتيار الوطني الحر بينهم وزير الخارجية، ووزير مسيحي يتفق عليه الرئيسان يرجّح أن يكون أرمنياً.
بري أرجأ إجازته لمواكبة الأجواء الإيجابية
فور عودته الى بيروت أعاد الرئيس المكلف سعد الحريري تحريك عجلة تأليف الحكومة وتفعيل قنوات التواصل على المحاور والخطوط كافة بعد توقفها لأكثر من أسبوع في محاولة من الحريري لجس نبض الأطراف واستطلاع سقف مطالبها وهوامش تنازلها، قبيل وضع اللمسات الأخيرة على المسودة التي كانت مدار بحث بين الحريري والوزير جبران باسيل في باريس، على أن يزور الرئيس المكلف بعبدا اليوم لعرض تشكيلته الأولى على رئيس الجمهورية.
والتقى الحريري في بيت الوسط على التوالي ممثلي القوى السياسية، وزير المال في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية في بيت الوسط، بحضور الوزيرين يوسف فنيانوس وغطاس خوري، ووزير الإعلام ملحم الرياشي وعضو اللقاء الديموقراطي النائب وائل أبو فاعور.
وأفادت المعلومات أن الحريري كان مستمعاً ولم يدخل في تفاصيل الحصص والحقائب، وعلمت «البناء» أن الأجواء الإيجابية التي استجدّت منذ لقاء باريس بين الحريري وباسيل والمشاورات التي أجراها الحريري أمس، استدعت من رئيس المجلس النيابي نبيه بري إرجاء إجازته العائلية إلى الخارج لأيام والبقاء في لبنان لمواكبة عملية التأليف وتقديم التسهيلات والمساعدة في تذليل العقد إذا استدعت الحاجة. وأشارت مصادر «البناء» الى أن «كافة القنوات فُتحت، وفي حال تطوّرت الأجواء الإيجابية ونجحت المشاورات في تخطّي بعض العقد من الممكن أن نشهد حكومة خلال الأسبوع المقبل». ولفتت الى أن «التطوّرات الإقليمية الخطيرة والتحديات الداخلية لجهة تفاقم الوضع الاقتصادي ومخاطر الوضع المالي التي نقلها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى جانب تطور الوضع الأمني في البقاع، دفع جميع الأطراف الى الشعور بالمسؤولية وخفض سقوفهم الحكومية». وأفادت مصادر الرئيس بري لـ«البناء» الى أنه تبلغ مؤشرات إيجابية حول مسار التأليف من الحريري عبر الوزير خليل، موضحة أن كلام بري حول البطء في عملية التشكيل هدفه حثّ الحريري لمحاورة الأطراف والإسراع في التأليف».
وردّ الحريري على من يتّهمونه بالتباطؤ والمماطلة، فقال «أنا لا أسير ببطء فقد فتحت «التيربو» وأتشاور مع كل السياسيين»، موضحاً أنّ «لا عقد خارجية في تأليف الحكومة بل داخلية، وكل الأمور قابلة للحلّ»، وأضاف «نحن نتشاور مع كل الفرقاء السياسيين وسنجمع كل الناس. وهذا واجبي».
ويبدو من سطور كلام الحريري في رده على سؤال حول تمثيل سنة المقاومة في الحكومة أنه لا يرفض الأمر بالمطلق. ورأت مصادر مراقبة في موقفه تنازلاً لمعارضيه في الطائفة السنية مقابل التنازل الذي أبداه التيار الوطني الحر لشريكه في الساحة المسيحية القوات اللبنانية حيال الحقيبة السيادية، وذلك بعد لقاء الحريري باسيل في باريس.
وجدّدت مصادر 8 آذار إصرار الثنائي الشيعي والحلفاء على تمثيل حلفائه لا سيما الحزب السوري القومي الاجتماعي والنواب السنّة خارج تيار المستقبل بوزيرين على الأقل، أحدهما مَن يتفق عليه النواب السنة الستة المعروفين بحلفاء المقاومة، وربما يكون فيصل كرامي أو عبد الرحيم مراد، والثاني لمن يسمّيه الرئيس نجيب ميقاتي. وتساءلت المصادر: هؤلاء يمثلون أكثر من ثلث النواب السنة في المجلس النيابي وبالتالي لا يستطيع الحريري الهروب من تمثيلهم، وإلا لماذا يصرّ على تمثيل القوات اللبنانية بـ 5 وزراء ولا تملك ثلث النواب المسيحيين؟
ووفق معلومات «البناء» أن أحد الحلول للعقدة الدرزية هو توزير شخصية درزية غير النائب طلال أرسلان تحظى بموافقة الأخير، ولا تكون مستفزة لرئيس اللقاء الديموقراطي وليد جنبلاط. كما علمت «البناء» أن شبه اتفاق تمّ بين الرئيس المكلف والقوات اللبنانية والتيار الوطني الحر على أن تكون حصة القوات 4 وزراء بينها وزارة العدل على أن ينال تكتل لبنان القوي 7 وزراء و3 للرئيس عون. وأشارت مصادر «التيار» لـ«البناء» الى أن «التيار لا يرفض إسناد وزارة أساسية للقوات كالعدل أو ما يوازيها، لكن لن نقبل أن توازي حصتنا حصة القوات للفارق الكبير في عدد النواب. وبالتالي على القوات أن تعرف حجمها»، ولفتت الى أن «وزارتي الخارجية والطاقة والمياه من حصة التيار». وعلمت «البناء» أن وزارة الصحة محسومة لحزب الله على أن ينال الحزب الاشتراكي وزارة الأشغال للنائب وائل أبو فاعور. فيما يتكتّم الرئيس بري حتى الآن عن الوزراء الذين سيمثلون حركة أمل في الحكومة بانتظار نوعية الحقائب التي ستمنح للحركة». وعقد لقاء أمس، بين الوزير السابق سليمان فرنجية والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسين الخليل.
وتوجّه الرئيس المكلف مساء أمس، إلى الأردن ، في زيارة خاصة لبضع ساعات، للمشاركة في حفل قران أخيه نور النعيمي، يعود بعدها إلى بيروت .
عون: مستعدّ للتسهيل
ونقل زوار الرئيس عون عنه لـ «البناء» تفاؤله بولادة الحكومة مبدياً ارتياحه لعودة المشاورات مع عودة الرئيس المكلف الى بيروت، مشدداً على ضرورة أن يكون للبنان حكومة تواجه التحديات الجمة التي تواجهه في الداخل والخارج. ولفت عون الى أنه «مستعدّ لتقديم كافة التسهيلات لتأليف الحكومة ولو تطلب الأمر أن يكون لديه وزراء سنة ودروز، لأنه يمثل كل اللبنانيين وليس طائفة بذاتها».
ونفت مصادر وزارية وقانونية مقربة من بعبدا لـ«البناء» أن يكون رئيس الجمهورية قد قيّد الرئيس المكلف بمهلة للتأليف. وأشارت الى أن «مسألة التأليف خاضعة للتشاور بين رئيسي الجمهورية والحكومة وغير مقيدة بمهل في الدستور. وبالتالي لا يملك رئيس الجمهورية صلاحية تقييد رئيس الحكومة بهذا الأمر، بل يستطيع حث الرئيس المكلف أو الضغط عليه من خلال المجلس النيابي ودفعه للاعتكاف والدعوة الى إجراء استشارات نيابية جديدة»، مذكرة بتأليف الحكومات في السابق، حيث استغرق الرئيس تمام سلام حوالي ثمانية شهور لتأليف حكومته، وكذلك الرئيسين ميقاتي والحريري، وأيدت المصادر كلام رئيس المجلس عن ثغرات في الدستور في مسألة المهل وغيرها من المسائل التي تتعلق بصلاحيات رئيس الجمهورية مقابل صلاحية رئيس الحكومة والوزير لجهة تنفيذ المراسيم، ودعت الى حوار هادئ حول هذه الثغرات في الدستور وإجراء تعديلات لا تمسّ بجوهر الطائف ولا تسبّب أزمات سياسية أو طائفية.
ميركل للبنان: أموال مقابل إبقاء النازحين
في غضون ذلك، وصلت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل الى بيروت مساء أمس، واستهلّت زيارتها بمشاورات مع الحريري تناولت آخر المستجدات في لبنان والمنطقة وسبل تفعيل العلاقات الثنائية بين البلدين في مختلف المجالات، لا سيما على الصعيد الاقتصادي والتبادل التجاري. غير أن هدف الزيارة بحسب مطلعين البحث مع الحكومة اللبنانية بأزمة النازحين السوريين بعد تصعيد الخارجية اللبنانية والتحضيرات للبدء بإعادة قسم من النازحين الى سورية. وإذ من المتوقع أن تلتقي ميركل اليوم الرئيسين عون وبري. أشارت مصادر وزارية لـ«البناء» الى أن ميركل ستعرض على الحكومة المزيد من المساعدات المالية للبنان مقابل إبقاء النازحين على أراضيه، لكن أوساط بعبدا لفتت لـ«البناء» أن عون سيبلغ ميركل اليوم بأن لبنان اتخذ قرار إعادة النازحين الى سورية بأي ثمن، ولن يتراجع، وسيعرض عليها خطة تقضي بإعادة النازحين الى سورية ومنحهم المساعدات المالية تحت رعاية الأمم المتحدة. الأمر الذي يخفف العبء الاقتصادي عن لبنان والمالي عن الأمم المتحدة ويزيل الخطر عن أوروبا». وشدّدت الأوساط على أن «ملف النزوح سيكون أول ملف سيطرح على طاولة مجلس الوزراء المقبل نظراً لتداعياته الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية المخيفة».
الجيش يعزز إجراءته في البقاع
على صعيد آخر، وبعد الصرخة التي أطلقها الرئيس بري والمعلومات الخطيرة التي كشفها النائب جميل السيد، شهدت مدينة بعلبك وضواحيها إجراءات أمنية غير تقليدية نفذها الجيش اللبناني وسط معلومات عن التحضير للخطة الأمنية التي سينفذها الجيش والقوى الأمنية في مناطق البقاع.
وأكد قائد الجيش العماد جوزيف عون أمس، خلال جولة على مركز للجيش في عرسال أن «الجيش كان وسيبقى إلى جانب أهل بعلبك الهرمل والبقاع وسيكون سنداً لهم للوصول إلى تحقيق الأمان الكامل وترسيخ شروط الحياة الطبيعية المنتظمة بشكل دائم».