من السرّ الى العلن… دواعش الغرب!
فاديا مطر
– لم يكد يمضي وقت طويل على اعتداء طيران التحالف الأميركي على منطقة جنوب شرق مدينة البوكمال السورية في قرية «الهري» في 18 حزيران الحالي، حتى سارع متحدث التحالف الغربي الى نفي وجود أيّ عمل عسكري في تلك المنطقة، فتحالف واشنطن الذي ما يزال ينتهك حرمة الأجواء والأرض السورية لم يدّخر فرصة لاستهداف القوات التي تحارب تنظيم «داعش» الإرهابي في عدة مواقع عراقية كانت أم سورية كما صرّحت الوسائل الإعلامية العراقية اليوم باستنكارها توجيه ضربات للقوات التي تحارب تنظيم «داعش» في سورية والعراق، وهي الطريقة التي يعتمدها تحالف واشنطن في كلّ مرة يتمّ فيها الاعتداء على الجيش السوري كما حصل في 20 أيار المنصرم، فهذه الاعتداءات لم تعد خافية في ظاهرها ومضمونها عما تعبّر، إنْ كان لجهة محاولة تعويم تنظيم «قسد» الموالي لها أو التعتيم على تنظيم «داعش» الإرهابي العامل في كنف القاعدة الأميركية في منطقة التنف الحدودية، وهو ما أصرّت واشنطن في عدة مناسبات على اعتباره ضرورة لحين القضاء على التنظيمات الإرهابية في سورية والعراق، فما خفي أعظم وما يُخطط في غرف العمليات التابعة للتحالف الغربي أعظم وأعظم، وهو ذات المضمون الذي تحث واشنطن حلفاءها على العمل عليه من محاولات محاصرة محور المقاومة وتوسيع نطاق الحصار على إيران وافتراضها عدواً بديلاً في الإقليم لتغيير فرضيات العدوان وحرف البوصلة عن الكيان الصهيوني ومشاريعه، فالتحالف الذي أنشئ في العام 2014 اعترف باستهداف 883 مدني في الرقة والحسكة ودير الزور منذ نشأته، وبيان وزارة الخارجية أكد في 5 من حزيران الحالي انّ التحالف استهدف مدنيين في الحسكة والرقة ودير الزور لرفضهم الانضمام الى ميليشيات «قسد»، وهو ما يفسّر مضمون المجازر التي يفتعلها التحالف لتعزيز ميليشيات إرهابية تعمل تحت رايته، فالتخفي الداعشي وراء القوات الأميركية في الحدود السورية العراقية والسورية الأردنية بات برهان يربط التحالفات الغربية بتنظيمات ترعاها دول إقليمية وتعززها بدعم لوجستي واستخباراتي وغرف عمليات مدفوعة الثمن والإمكانيات، وهو إعادة تدوير للإرهاب وإعادة استعمال في مناطق تحاول فيها واشنطن تغيير معادلات السيطرة أو فرض نطاق حيطة ضمن عمل ضغوطها السياسية، وهو ذات الأمر الذي تحاول فيه دول التحالف الخليجي ان تعوّم مشاريعها المشتركة مع الكيان الصهيوني، فالارتباط بات واضحاً لجهة نوعية وكمية التحالفات الأقليمية مع «إسرائيل» واستجرار عواصم التطبيع لخندق هذه التحالفات، وما فرضه محور المقاومة من معادلات أودت بحياة تنظيم «داعش» والنصرة وغيرها من فصائل الارتباط الإرهابي إلا خسارة تحاول واشنطن عبرها استنقاذ ما يمكن إنقاذه من وسائل الضغط الباقية لها في معادلات الإقليم، فالباطن لم يعد يخفيه الظاهر، والتنسيقيات التي تديرها واشنطن ولندن وباريس في المنطقة أصبحت مكشوفة لجهة ارتباطها العميق مع التنظيمات التي تدعمها دول التحالف الخليجي الذي يلاقي انكسارات إضافية في كلّ من اليمن ولبنان والبحرين، وهو ما يجعل دواعش الغرب «الأوروأميركي» فضيحة واضحة تلاحق كواليس السياسة الغربية الفاشلة أينما حلت أو انحلت من تعهّداتها الدولية وحاولت إعادة تدوير الإتفاقيات التي أبرمت سابقاً، فاستعمال الإرهاب بات وسيلة الغرب السهلة لتدمير دول الممانعة وتخريب الحدود وتعويم المناهج العدائية والقتالية في كلّ مكان ترى فيه تصدّياً لمشاريعها، فتنظيم «داعش» هو صنيعة غربية بدعم إقليمي أظهرت مكنوناته استهدافات التحالف لمن يتصدّى له ويحاول تغيير مستويات السيطرة عليه وإلحاقه بمن سبقه من تنظيمات إنهارت تحت ضربات محور المقاومة والممانعة، وهو الطريقة التي تراها دول الغرب بديلاً عن «شرق أوسط جديد» تعاقبت عليه حكومات واشنطن لفرضه وتغيير معالم المنطقة العربية لصالح وحيد وهو «الكيان الصهيوني»، فما أكثر العبر وما أقلّ المعتبرين من حكومات رهنت نفسها لمشاريع التفتيت والاستيلاء ولو على حساب شعوبها وممتلكاتها وإمكانياتها المستقبلية، فما بطن فضح ظاهر التحالف، وما ظهر فضح بواطن الدعم الإقليمي الذي يتباهى علناً بالتطبيع مع العدو والدعوة لإرساء موضع التطبيع رسمياً، فهل سياسات اليوم تحمي خادمها غداً؟ أم أنّ الوكيل سيبيعه الأصيل في أقرب فرصة قادمة؟! هو ما تحمله تغيّرات التحالفات التي نفقت بعضها في صفقات أبرمت على حسابات لم تكن في حسبان حاملها.