قتيل آخر يُشعل انتفاضةً في القدس

كتب أليؤور ليفي في صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية:

أعلام حماس الخضراء تلوّن مداخل البيوت، من اليمين ومن اليسار في اليوم الذي تلا جنازة عبد الرحمن الشلودي، «المخرّب» الذي نفذ عملية الدهس في محطة القطار الخفيف في القدس. التوتّر في قريته سلوان ملموس جدّاً، والمهرجان الذي أقيم قرب منزله اجتذب الكثير من السكان. كانت حماس أوّل من سيطر على الحدث، كما يقول «ق»، أحد الزعماء البارزين في القرية، ومن خلال «التطرّف الواضح» على الارض، هكذا استطاعوا أن ينسبوا الشهيد لهم.

المهرجان وصل إلى ذروته. أحد رجال حماس يلقي خطابا ويحرّض ضدّ «إسرائيل» وضدّ المستوطنين الذين اختاروا السكن في القرية. «طالما أن المستوطنين يزدادون هنا، فإن شعبية حماس هنا ستزداد»، قال «ق». رجال حماس يصلون إلى الأولاد ويقولون لهم: ها هم «الإسرائيليون» يأخذون أرضنا، ويُقنعونهم أنّ المعارضة العنيفة ضدّ «إسرائيل» هي الحل الأمثل، «إسرائيل» تعطي الارهاب سبباً للاتساع.

في سلوان، مثل باقي قرى شرق القدس، تدور حرب طاحنة بين حماس وفتح. التوتر بين التنظيمين الفلسطينيين واضح وملموس، ولكن هناك أمر واحد يتفق عليه الجميع سكان سلوان يجلسون على وعاء ضغط، هذه قنبلة موقوتة. وكما يقول «ن» أحد النشطاء البارزين في القرية: «يشعر الناس هنا أنهم يدفعونهم إلى الحائط، خطوة وراء خطوة. السيطرة اليهودية على المنازل التي تقوم بها إلعاد من اجل تعزيز علاقة اليهود بالقدس، وعطيرت كوهانيم، هذا يدفع الناس هنا إلى الفهم أن المقاومة هي الخيار الوحيد بالنسبة إليهم وهنا يتحول الحجر إلى سلاح. الشبان يشعرون أن إلقاء الحجارة طريقتهم الوحيدة للتعبير عن الغضب المتفاقم داخلهم. هذا الواقع الذي يولدون فيه. وهم لا يعرفون أيّ شيء آخر».

لا يقبل الادعاء القائل بأن التعليم المختلف يمكنه التأثير في طريقة التفكير وفي أعمال الشبان المُخلّين بالنظام. «اليهود يأتون إلينا ويجلسون بيننا، لا العكس». ويضيف: «ماذا تريدني أن أفعل، أن أجلس وأصمت؟». ومع ذلك، فإن اصبع الاتهام في سلوان موجهة إلى الشرطة، التي تؤجج الوضع في المنطقة. «المستعربون يدخلون إلى هنا ملثمين ويشجعون الشبان على إلقاء الحجارة»، يدّعي «ن»، «عندما تبدأ الفوضى التي بادروا إليها هم أنفسهم يقومون باعتقال الشبان وإدخالهم إلى المعتقل».

السكان في سلوان ينفون الادّعاءات حول انتفاضة صامتة في القدس، ويدّعون أن الوضع لم يصل بعد إلى هذا المفترق، ولكنهم يُحذرون من أن هناك رائحة انتفاضة في الجو. ستكون هناك لحظة يتفجر فيها كل شيء في النهاية، يدّعي شبان القرية. قتلٌ إضافي آخر في سلوان أو هدم بيت من شأنهما أن يشكلا المفتاح الذي يؤدّي إلى انتفاضة ثالثة. وبحسب ادّعائهم فإنهم في حماس يفعلون كل شيء لأجل تأجيج الاوضاع ودفعها باتجاه الصدام العنيف والواسع.

بالامكان ملاحظة التوتر في كل لحظة وفي كل زاوية في سلوان. الفلسطينيون واليهود يعيشون إلى جانب بعضهم البعض في القرية المكتظة، التي هي عملياً قرية في القدس، وفي أحسن الحالات لا يتحدثون مع بعضهم البعض. وفي أسوأ الحالات فإن تبادل الشتائم يتحول بسرعة إلى مواجهة عنيفة. يمكننا مشاهدة جيب حماية خاصة، زجاج نوافذها مهشم بسبب الحجارة وهي تمرّ إلى جانب المنازل التي عليها علم «إسرائيل». الدخول إلى معظم منازل اليهود يكون عن طريق بوابة حديدية كهربائية، وعلى الجدران كامرات مراقبة كثيرة.

في المقابل، وفي الجانب الآخر من الشارع، هناك مجموعة من الشبان الفلسطينيين الذين ينظرون إلى الجيب نظرات مليئة بالحقد. «المستوطنون الجدد الذين دخلوا إلى هنا يحاولون أن يكونوا أبو علي»، قال «ق»، وأضاف: «هم يتجوّلون مع الغاز المسيل للدموع في أيديهم من أجل إخافة أولادنا وإبعادهم. ومن هنا تبدأ الكراهية لدى الشبان».

سمع السكان عن نوايا وزير البناء والاسكان أوري آريئيل الانتقال للسكن في سلوان، وهم غاضبون. «ما الذي يبحث عنه هنا؟»، يسأل «ق»، «فقط هو يريد أن يضيف فتيلاً للانفجار». وتمرّ في هذه الاثناء سيارة شرطة في الشارع مع مصابيح زرقاء وتدخل بالتدريج إلى أزقة سلوان هناك ايضاً بيت العزاء الذي أقامته العائلة لـ«المخرّب الشلودي». «الآن كل شيء هادئ هنا»، يقول شبان القرية. «أنت ترى أنه لا يوجد إخلال بالنظام، فلماذا تدخل الشرطة إلى هنا؟ هذا فقط يعطي الشبان سبباً للبدء بإلقاء الحجارة ولا أحد يعرف كيف سينتهي ذلك».

جميعهم يعرفون الشلودي، الذي تحوّل إلى بطل القرية، وفي كل زاوية تشاهَدُ منشورات وكتابات تحيّي الشهيد، وهكذا وُلد رمز جديد للشبان في سلوان. «يكبرون ويتذكرون كل ما مرّ عليهم، وقد يفعلون ما فعله الشلودي بالضبط»، يقول «ق»، «أنا على يقين من أن أحدهم سيفعل ذلك».

وعلى رغم كل شيء، فإنهم في سلوان يؤمنون أنهم سيكونون مستعدّين في النهاية. «الاحتلال سينتهي»، كما يلخّص «ن» و«ق»، «والسؤال هو: بأيّ طريقة سيحدث هذا؟ لا أحد يعرف جواب ذلك».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى