ممثل شخصي للرئيس الفرنسي في سورية.. بدأ التحوّل الجدّي

3

روزانا رمّال

بعد مرور اكثر من 8 سنوات على مأساة الشعب السوري بمواليه ومعارضيه للنظام، وبعد ان عاشت أسوأ ايام تاريخها المعاصر، كان من الصعب تصور لحظة الاعتراف الدولي بالهزيمة حتى ان هذا النهار كان مستبعَداً من قبل كثيرين يعتبرون ان الحرب ما زالت طويلة، صحيح أن فصولها لم تنته، لكنها عمليا سقطت بسقوط اهدافها السياسية والعسكرية.

كل شيء يوحي بالنسبة للمجتمع الدولي ان سورية قاب قوسين او ادنى من إعلان انتصار نهائي. وهذا الاعلان يعني تقدماً عسكرياً مباغتاً يمكن ان يحرم المجتمع الدولي من أوراق تفاوض، او بالحد الادنى انتظار سورية لحين انتهاء العمليات برمّتها لترفع سقف التفاوض الذي لن تحتاجه ربما، فعلى ماذا تفاوض وقد حرّرت كامل الارض؟

التفتت واشنطن أن ربع الساعة الأخير من الحرب قد وصل وأن الاحتفاظ ببعض الاوراق الثمينة في الجنوب قد تكون الأكثر حساسية، في نهاية الفصول كيف لا و»اسرائيل» تترقب مصيره وتربط الصراع بإيران وحزب الله ارتباطاً وثيقاً به على اساس أن الوجود المحوري الذي يتهدّدها هو هذا الوجود.

لا يمكن التوقف عند تطورات سياسية بدون بعض ما يجول في الوجدان العربي اليوم الذي تآمر على سورية. فهل من مراقب للواقع السياسي الحالي وماذا يعني التطور السياسي الكبير نحوها؟

قبل شهرين صرّح مصدر دبلوماسي عربي رفيع لـ»البناء» أن «العلاقات من تحت الطاولة مع سورية بدأت وأن شيئاً لن يعيد الامور الى الوراء، وان ما ينقص هو اعلان اللحظة المناسبة لهذا التطور بدون ان يشكل هذا هزيمة للحلفاء أي أولئك الذين وقفوا معنا ومع الأميركيين، اضافة الى ان العدو الاساسي للأميركيين والسعوديين وأي خليجي اليوم هو إيران والملف السوري صار خلفنا».

كلام المصدر يؤكده زوار ولي العهد السعودي منذ سنة تقريباً الذين نقلوا الى الأجواء المحلية اللبنانية ومنهم أسماء سنية بارزة انفتاح ولي العهد على الملف السوري منذ ذاك الوقت، والتماس هؤلاء أن بقاء الرئيس الاسد تحصيل حاصل بالنسبة اليه. كل هذا يؤكد انحسار الهمّ السعودي بملف واحد وهو اليمن والتهديد الذي صار أقرب اليها من الوريد بعد استهداف الحوثيين للرياض ومدن خليجية.

بالعودة لسورية التي كانت رأس حربة المشروع الذي انحدرت منه باقي الأزمات، فالتطور بدون شك كبير. وهو بدأ صباح امس بمقال نشره روبرت فيسك في الاندبندنت البريطانية قال فيه إنها «لحظة تاريخية تتخلى فيها عن إسقاط الاسد».

ربما يكون هذا مجرد مقال رأي لا تُبنى عليه كل المعطيات غالباً حتى ولو صدقت إلا ان التطور المباشر جاء من الفرنسيين الذين قرروا بدء التطبيع بأشكاله الأولى مع النظام السوري برئاسة بشار الاسد رسمياً. فقد اعلن قصر الاليزيه ان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون سمّى سفير فرنسا في طهران مبعوثاً خاصاً وشخصياً الى سورية!

إنه لخبر يتحدّث بصمت عن الهزيمة الغربية.. البعض يجدها هزيمة بوجه الإنسانية، لكنه يعترف بها ويعترف أن الأمور تغيّرت، وبدأت نقطة التحوّل الكبير، تغريدة من النائب السابق وليد جنبلاط تحكي الكثير عن هذه الهزيمة الغربية مثل أن يقول «يا لها من مصادفة حزينة ومفجعة. فبعد الانتفاضة السلمية التي قام بها أطفال درعا آنذاك منذ سبع سنوات، وبعد صمود أسطوري في مواجهة نظام «التوحّش»، ها هو ما يُسمى بالمجتمع الدولي ومعهم الجامعة العربية العقيمة يسلمان درعا لسجان التعذيب والاعتقال والاختفاء والقتل. عاش صمود أطفال درعا».

الكل يعترف بهزيمة مشروعه ورؤاه. وها هي سورية تقول شيئاً جديداً، لكن السؤال عن إيران سيبقى الأبرز بالايام المقبلة. فهي ليست بأحسن حال والرئيس حسن روحاني يدعو الى التكاتف المحلي لعدم تركيع إيران وشعبها. روحاني الذي يدرك ان الوضع الاقتصادي هذه المرة مهدد يدرك أيضاً ان الضغط لن يثنيه عن مواصلة سياسة بلاده.

اما على الجهة المقابلة والأكثر تأثيراً في المصير المنشود، وعلى الرغم من ان العلاقات الأميركية الروسية ليست بأفضل حالها، كما قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالأمس، إثر لقائه مستشار الامن القومي الأميركي جون بولتون إلا ان الامور بصورتها المطلقة لا تبدو كذلك فقد اعلن الرئيس بوتين عن قمة قريبة بينه وبين الرئيس الاميركي دونالد ترامب. وأكد يوري أوشاكوف مساعد الرئيس الروسي على ذلك بعد انتهاء اجتماع بولتون ببوتين ووزير الخارجية سيرغي لافروف معلناً، أن موسكو وواشنطن اتفقتا على مكان وزمان قمة بوتين – ترامب، مشيراً إلى أنه سيعلن اليوم عن تفاصيل القمة.

في زيارة بولتون فقد بحث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون، «الأفكار التي يمكن أن تناقش في القمة المزمع عقدها، والتي تتعلق بالقضية السورية وعلى وجه الخصوص الملف الإنساني».

إنها سورية اذاً التي ستجمع زعيمي الولايات المتحدة بروسيا أخيراً بعد كل التطورات وضغوطات الميدان. ومن المفترض ان تكون هذه القمة، قمة رسم المصير!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى