اتفاق أوروبي في قمة بروكسل لتسريع نشر قوات على حدود أوروبا ومنح تركيا ودول أفريقية 3.5 مليار يورو كمساعدات للاجئين
توصل قادة دول الاتحاد الأوروبي، أمس، لاتفاقات بشأن صياغة الوثيقة الخاصة بمواجهة تدفق المهاجرين، وتسببت أزمة المهاجرين في اندلاع أزمة دبلوماسية، شهر حزيران الحالي، بين فرنسا وإيطاليا، بسبب خلاف حول سفينة أكواريوس للمهاجرين، التي رفضت روما استقبالها.
وعقد قادة دول الاتحاد الأوروبي، في بروكسل، قمة استمرت يومين لبحث قضايا الهجرة وإعادة توزيع اللاجئين.
وتشهد أوروبا أخطر موجات الهجرة منذ الحرب العالمية الثانية، التي كان سببها في المقام الأول عدد من الصراعات المسلحة والمشاكل الاقتصادية في بلدان أفريقيا والشرق الأوسط.
فيما برزت بعض الشكوك بشأن الاتفاق، وأبدى البعض فتوراً إزاء التضامن في استقبال المهاجرين الذي طالبت به إيطاليا بعدما هدّدت بإفشال القمة.
المجلس الأوروبي
في هذا الشأن، أعلن رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك، أمس، «أنّ قادة دول الاتحاد الأوروبي تمكّنوا في ختام مفاوضات استمرّت قرابة 12 ساعة، من التوصل إلى اتفاقات بشأن صياغة الوثيقة الخاصة بالهجرة».
وصرّح توسك، «أن دول قادة الاتحاد الأوروبي وافقوا على منح تركيا ودول الاتحاد الأوروبي 3.5 مليار يورو لدعم اللاجئين الذين تستضيفهم تلك الدول»، مضيفاً: «وضعنا المزيد من السيطرة على السواحل الليبية وعلى كل السفن احترام التعامل مع خفر السواحل الليبية».
وقال توسك، في مؤتمر صحافي في بروكسل مع رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، «سنعطي 3 مليارات يورو لتركيا للمنظمات التي تدعم اللاجئين»، مضيفاً «وافقنا على تحويل مبلغ 500 مليون يورو للصندوق الاستئماني للدول المضيفة للاجئين في الاتحاد الأفريقي».
ألمانيا
فيما أشادت المستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، بقرار الاتحاد الأوروبي حول الهجرة، معتبرة أنّ «تبنيه يعني تلبية للمطالب الموجهة لها من حليفها في حكومة ألمانيا الاتحاد الاجتماعي المسيحي ».
ووصفت ميركل هذا القرار، خلال مؤتمر صحافي عقدته أمس، في بروكسل عقب قمة للاتحاد الأوروبي حول الهجرة، بأنّه «خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح»، وأضافت: «يجب أن أقول إن هناك تقدماً ملموساً، لكننا لم نصل بعد إلى نهاية السبيل».
وأشارت المستشارة الألمانية إلى أن «الهجرة تمثل تحدياً لا تواجهها دول منفردة في الاتحاد الأوروبي فحسب وإنما أوروبا كلها».
وشدّدت ميركل على «نية الاتحاد الأوروبي لمواصلة التعاون مع تركيا من أجل حل قضية الهجرة غير الشرعية وتطبيق الاتفاق حول المهاجرين»، وتابعت مبينة: «هناك إشارة مهمة تتمثل بأننا قررنا تسليم تركيا الدفعة الثانية من المساعدات المالية بقيمة 3 مليارات يورو».
كما أكدت ميركل «استعداد الاتحاد الأوروبي لتقديم دعم مالي لكل من لبنان والمغرب».
وعلى صعيد آخر، أكدت ميركل «أن الاتفاق، الذي توصّل إليه الاتحاد الأوروبي حول الهجرة، أمر أكثر من المتكافئ للشروط، التي طرحها أمام المستشارة الألمانية زعيم حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي ، هورست زيهوفير».
وأكدت ميركل على «تمسّكها بنهجها السابق في السياسة الخاصة بالهجرة»، لافتة إلى أن ألمانيا «عليها عدم التصرّف بصورة أحادية وغير منسّقة تضرّ الدول الأخرى»، فيما اعتبرت أن «تشديد الإجراءات الأمنية على حدود ألمانيا يجب أن يجري فقط بالتنسيق مع الشركاء الأوروبيين».
فرنسا
من جهته، أعلن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أمس، «أنّ دول الاتحاد الأوروبي اتفقت على تسريع انتشار قوات حراسة الحدود على حدود دول الاتحاد»، مؤكداً أنّ «موجة الهجرة إلى أوروبا ستستمرّ بسبب الصراعات».
وقال ماكرون عقب اجتماع قادة الاتحاد الأوروبي لمناقشة قضية الهجرة، «إنّ الهجرة إلى أوروبا ستستمر، نتيجة الديموغرافيا في أفريقيا والحروب في الشرق الأوسط»، مضيفاً: «قررنا إنشاء مراكز استقبال للمهاجرين في دول الوصول عبر تمويل أوروبي ومن لا يحقّ له اللجوء سيتم إرساله إلى بلده».
وأضاف ماكرون أن «فرنسا متمسكة بحق اللجوء»، إلا أنه تابع «لن ننشئ مراكز لاستقبال المهاجرين في فرنسا لأن فرنسا ليست المحطة الأولى التي يصل إليها المهاجرون، بل سننشئ المراكز في البلاد التي يصل إليها المهاجرون أولاً، كإيطاليا واليونان، ولذلك سنتضامن مع هذه الدول ونساعدها مالياً».
وأضاف الرئيس الفرنسي: «شددنا على ضرورة تسريع نشر قوات الفرونتكس على الحدود الخارجية لدول الاتحاد الأوروبي واستمرار العمل باتفاقية دبلن».
هولندا
بدورها، أكد رئيس الوزراء الهولندي، مارك روته، «أنّ الاتفاق الذي توصّل إليه قادة دول الاتحاد الأوروبي هو قرار شامل لأزمة الهجرة»، مشيراً إلى أنّ «القرار يعزز حدود أوروبا الخارجية وبالتالي ينقص أعداد اللاجئين وخسائر الأرواح».
وأضاف في بيان صحافي، أمس، «بروكسل تسعى إلى تبني مزيد من المعاهدات مع الدول المصدرة للاجئين».
وقال روته: «لقد توصّل رؤساء الاتحاد الأوروبي، الليلة الماضية، إلى اتفاق في المجلس الأوروبي في بروكسل، وبعد مفاوضات طويلة، توصلنا إلى اتفاق مع جميع قادة الاتحاد الأوروبي من أجل السيطرة على تدفق الهجرة، إنه نهج متكامل يتمّ فيه تعزيز الحدود الخارجية لأوروبا ونظام اللجوء الأوروبي، ويحدّ من تدفق المهاجرين».
وأضاف رئيس الوزراء الهولندي: «تحدّثنا بشكل رئيسي عن مكافحة تهريب البشر في البحر الأبيض المتوسط، والخسائر غير الضرورية في الأرواح البشرية نتيجة لذلك، وهذا يعني أن أوروبا تريد إجراء صفقات تشبه تركيا مع دول خارج الاتحاد الأوروبي ومواقع وصول محكومة في أوروبا».
وتابع: «في كلتا الحالتين، من المهم تحديد الأشخاص المؤهلين فعلياً لطلب اللجوء أو إعادتهم، وأخيراً، وفي ظل الرئاسة النمساوية، سيبدأ العمل على تحديث سياسة اللجوء الأوروبية بجهود متجددة في 1 تموز».
إيطاليا
من جانبه، قال رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي «إنّه راضٍ عن الاتفاق الذي توصّل إليه رؤساء الاتحاد الأوروبي، فجر أمس، بشأن الهجرة»، مضيفاً «أنّ روما ستقرّر لاحقاً ما إذا كانت ستستضيف مراكز للمهاجرين».
وقال كونتي للصحافيين عقب محادثات استغرقت تسع ساعات مع نظرائه في بروكسل: «نحن راضون المفاوضات استغرقت وقتاً طويلاً ولكن إيطاليا لم تعُد وحدها اعتباراً من اليوم».
وسرد كونتي «عناصر الاتفاق بما في ذلك «إمكانية إقامة مراكز للمهاجرين في دول الاتحاد الأوروبي للبتّ في طلبات اللجوء»، لكنه أوضح أنّ «إيطاليا لم تقرّر بعد ما إذا كانت ستقبل بمثل هذه المراكز على أراضيها».
وأضاف للصحافيين بعد حضور أول قمّة أوروبية له: «هذا قرار سنتخذه سوياً في الحكومة. لم يطلب منا عمل ذلك على الإطلاق».
مجموعة فيسغراد
وكالعادة رفض قادة دول مجموعة فيسغراد بولندا والمجر وتشيكيا وسلوفاكيا المشاركة في سياسة الاستقبال وشدّدوا صباح أمس على «التخلي عن التضامن المفروض من خلال حصص المهاجرين».
وقال رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان «من الواضح أن إعادة توطين المهاجرين لا يمكن أن تتم بدون موافقة مسبقة ورضى الدول المعنية. والمجر ستبقى بلداً مجرياً ولن تتحول بلد مهاجرين».
من جهته أكد نظيره السلوفاكي بيتر بيليغريني أنه «بشأن الحصص الطوعية، سأكون حذراً جداً».
بلجيكا
كما أكد رئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشال أنه «طالما اتفاق دبلن حول شروط التكفل بطالبي اللجوء لم يتغيّر، ليس هناك تضامن».
وبلجيكا هي إحدى الدول الثماني في الاتحاد الأوروبي التي قبلت التكفل ببعض الناجين من سفينة منظمة لايف لاين التي رست بمالطا بعد رفضها من قبل إيطاليا. وحذّر رئيس وزرائها من أنّ «هذه العملية لن تتكرّر قبل إصلاح اتفاق دبلن».
النمسا
فيما استبعد المستشار النمسوي سيباستيان كورتز فكرة إقامة مركز مماثل في بلاده. وقال «بالطبع لا. لسنا بلداً يملك حدوداً خارجية للاتحاد الأوروبي، لسنا بلد وصول أول إلا إذا قفز الناس المهاجرون بمظلة».
نصّ الاتفاق
يقوم الحل الوسط الذي تم التوصل إليه بعد تسع ساعات من النقاش، على «مقاربة جديدة» مع إنشاء «منصات إنزال» للمهاجرين خارج أوروبا بهدف ردعهم عن اجتياز المتوسط.
وينص كذلك على إقامة «مراكز خاضعة للمراقبة» في دول أوروبية «على أساس اختياري» يوضع فيها المهاجرون بعد وصولهم وتجري فيها «بصورة سريعة» عملية فرز المهاجرين غير الشرعيين الذين ينبغي ترحيلهم عن أولئك الذين يحقّ لهم طلب اللجوء ويمكن توزيعهم ونقلهم إلى دول أوروبية أخرى وذلك بالمثل على أساس «تطوّعي».
ويدعو الاتفاق الأعضاء كذلك إلى «اتخاذ كل الإجراءات» الضرورية على المستوى الداخلي لتجنّب انتقال المهاجرين بين دول الاتحاد الأوروبي، وغالباً ما تتجه تلك «التحرّكات الثانوية» نحو ألمانيا التي تشهد جدلاً سياسياً أضعف المستشارة أنغيلا ميركل.
وتمّ توجيه تحذير للمنظمات غير الحكومية من أنّ «على كافة السفن العاملة في البحر المتوسط احترام القوانين المرعية وعدم تعطيل عمليات خفر السواحل».