الجيش السوري يتقدّم في «الشيخ سعد والدفاع الجوي»… وبصرى الشام تنضمّ للمصالحات الحريري يربط النزاع الحكومي مع باسيل… والناشف: بمشاركتنا تصير «حكومة وحدة وطنية»

كتب المحرّر السياسيّ

أكثر من نصف محافظة درعا صار تحت سيطرة الجيش السوري، مع دخول الجيش السوري بلدة الشيخ سعد من محورها الشرقي وتحريره أحياء عدة داخل البلدة وسط اشتباكات عنيفة مع المجموعات المسلحة، وتقدّمه في محاور ثكنة الدفاع الجوي في الجنوب الغربي لمدينة درعا وقرب انضمام كلّ من بلدات طيسيا ومعربة والسماقيات وصماد وسمج وابو كاتولة والمتاعية والطيبة والندى وجمرين بريف درعا إلى المصالحات. وبعدما أعلن المسلحون في مدينة بصرى الشام في ريف درعا الشرقي الموافقة على المصالحة مع الحكومة السورية وبدأوا بتسليم الأسلحة الثقيلة والمعدّات العسكرية التي بحوزتهم تمهيداً لدخول الجيش السوري إليها.

أصداء انتصارات الجيش وصلت جبهات الجنوب الغربي، قرب حدود الجولان المحتلّ، حيث قصدت قيادات الجماعات المسلحة قيادة جيش الاحتلال طلب الدعم أو الإيواء، فكان الجواب بإعلان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو عن إقفال الحدود، وطالب بالعودة إلى اتفاق فك الاشتباك الموقع عام 1974 ونشر وحدات الأندوف الأممية، منعاً لتكرار استقبال جماعات العملاء وإرباك الداخل الإسرائيلي اقتصادياً أسوة بما حدث يوم دخل عملاء جيش أنطوان لحد بعد تحرير جنوب لبنان عام 2000.

على الجبهة اليمنية، جولات مكوكية جديدة للمبعوث الأممي مارتن غريفيث، بين عدن وصنعاء في محاولة لإنقاذ ماء وجه التحالف السعودي الإماراتي من المكابرة، بعد الهزيمة المدوّية في معارك الحُدَيْدة. والجديد الإعلان الإماراتي عن وقف العمليات تحت شعار منح جهود غريفيث فرصة إحداث اختراق. والسبب الفعلي حجم الخسائر والعجز عن تنفيذ هجوم جديد قبل إعادة تنظيم الصفوف واستجلاب المؤازرة اللازمة بوحدات إضافية قادرة على القتال، كما قالت مصادر عسكرية يمنية.

لبنانياً، لا يبدو الدخان الأبيض الحكومي قريباً، فالحراك السياسي الذي سيدخل تجميداً مؤقتاً مع سفر الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري في إجازة، تمدّد مهل الانتظار، التي أراد الحريري تحصينها بالصلاحيات، محتمياً باجتماع رؤساء الحكومات السابقين في دارته، بينما لا يبدو الاختراق المنشود في الأفق، بعدما ظهر أنّ العقدة المسيحية التي تتمثل بالسقف العالي للمطالب القواتية، لم تصل مساعي الحلحلة فيها نقطة الوسط ليمهّد الطريق لزيارة مرتقبة لرئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع إلى بعبدا للقاء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، بحيث بدا اللقاء الذي جمع الرئيس الحريري بالوزير جبران باسيل أقرب لربط النزاع عند ما وصفته مصادر متابعة بالخطوط الحمر التي لا يمكن لرئيس الجمهورية وللتيار الوطني الحر القبول بتخطّيها والنزول دونها، سواء ما يخصّ منصب نائب رئيس الحكومة أو الحقائب السيادية، أو احترام النسب المحققة عبر التمثيل النيابي والتي تمنح التيار ضعف حصة القوات، ولا تمنح القوات وصاية على حصة رئيس الجمهورية.

رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي حنا الناشف، تناول الشأن الحكومي اللبناني في اجتماع حزبي في دمشق خصّصه للمعارك في جنوب سورية التي أكد الثقة بتأسيسها لانتصار كبير، وللانتخابات المحلية التي دعا القوميين للمشاركة الفاعلة فيها، معتبراً أنّ قضية عودة النازحين السوريين إلى بلادهم يجب أن يترجمها حوار حكومي لبناني سوري، ليقول في الشأن الحكومي إنّ مشاركة الحزب في الحكومة مصلحة لبنانية، فهذه المشاركة هي التي تُضفي على الحكومة صفة الوحدة الوطنية، وتميّزها عن حكومات الأكثريات الطائفية.

أكد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي حنا الناشف ضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية تتمثل فيها كل القوى اللبنانية. وشدّد على أن تمثيل حزبنا يُضفي على أي حكومة تتشكل صفة حكومة الوحدة الوطنية. ومن هذا المنطق فإن وجود الحزب القومي في الحكومة هو مصلحة للبنان.

وفي موضوع النازحين السوريين، أكد الناشف خلال اجتماع عقده في دمشق لهيئات منفذيات: دمشق، ريف دمشق، القلمون، حرمون، القنيطرة، السويداء وطلبة جامعة دمشق، أننا طالبنا الحكومة اللبنانية مراراً وتكراراً بأن تنسّق مع الحكومة السورية لتأمين هذه العودة، لكن كان هناك عدم استجابة نتيجة ضغوط تُمارَس عبر المؤسسات الدولية.

أضاف: هناك دول تمارس سياسة التهويل لمنع عودة النازحين. والهدف من هذه السياسة استخدام النزوح ورقة ضغط على سورية. لكن ورقة الضغط هذه سقطت، حتى أن بعض القوى اللبنانية التي تسير في ركب هذه السياسة الدولية باتت تطلق مواقف تعتبر فيها أن النازحين يشكلون عبئاً على لبنان. لذلك لم يعُد مقبولاً الاستثمار في معاناة النازحين السوريين، والمطلوب إزالة العوائق من طريق عودتهم الى بيوتهم للعيش بكرامة.

ولفت إلى أن الخطوات التي يقوم بها الأمن العام اللبناني بهذا الخصوص، يجب أن تُحصّن بقرار من الحكومة اللبنانية وبتواصل رسمي مع الحكومة السورية.

أكد الناشف أننا واثقون من قدرة الجيش السوري على تحقيق انتصار سريع في مناطق جنوب الشام، ولهذا الانتصار دلالات مهمة، فهو هزيمة للمخطط الصهيوني.

ولفت رئيس الحزب في كلامه بالقول: إن كل المناطق على السوية والأهمية نفسيهما بالنسبة للدولة السورية. ولن تبقى هناك منطقة خارج سلطة الدولة بما فيها المناطق التي تقع تحت احتلال المجموعات الإرهابية والأتراك والأميركيين.

وخلال حديثه عن استحقاق انتخابات المجالس المحلية في أيلول المقبل، دعا الناشف القوميين إلى المشاركة الكثيفة في هذا الاستحقاق ترشحاً واقتراعاً. وقال: الانتصار العسكري والانتصار السياسي يجب أن يُواكَبا بانتصار الإنماء، ووظيفة المجالس المحلية إنمائية بامتياز.

جعجع في بعبدا منتصف الأسبوع

حتى الساعة لم يترجم على الأرض إصرار الفرقاء السياسيين على ضرورة التعجيل في تأليف الحكومة. فالاتصالات السياسية لم تخرج حتى الساعة بأي جديد على صعيد حل العقد الاسياسية، لا سيما منها المسيحية المتمثلة بالخلاف العوني القواتي على توزيع الحقائب الوزارية المسيحية. ورغم ذلك ثمة من يقول إن زيارة وزير الثقافة غطاس خوري الى قصر بعبدا يوم السبت حملت اجواء جيدة، عكست الطبيعة الإيجابية للقاء الرئيس ميشال عون بالرئيس المكلف سعد الحريري الخميس الماضي، وأكدت أن مروحة الاتصالات والمفاوضات على قدم وساق للتعجيل في التأليف.

عون لم يعُد طرفاً في اتفاق معراب

وعليه، من المرجّح أن تشهد مشاورات التأليف تطوراً على الصعيد المسيحي خلال الزيارة المرتقبة لرئيس حزب القوات سمير جعجع إلى قصر بعبدا منتصف هذا الأسبوع، علماً أن مصادر وزارية مقرّبة من رئيس الجمهورية تشدّد في حديث لـ «البناء» على أن رئيس الجمهورية لم يعُد طرفاً في لقاء معراب، فهو أصبح رئيساً للجمهورية، وبالتالي أيّ تباين حيال إعلان النيات ينبغي أن يجد طريقه إلى الحل بين الدكتور جعجع ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل.

وتشدد مصادر نيابية عونية لـ البناء على أن ما يقوم به حزب القوات يأتي في سياق تجاوز وتخطي نتائج امتحان الانتخابات النيابية التي نصّبت كتلة لبنان القوي في المرتبة الاولى، مشددة على أن الوزير باسيل لم ينقض على اتفاق معراب، وكل ما في الأمر انه يعمل بعيداً عن أي إلغاء سياسي. وفق ما أفرزه استحقاق 6 ايار الذي يقطع الطريق على أي مساواة في توزيع الحقائب، مع إشارتها إلى أن رئيس الجمهورية وفق العرف المعمول به بعد الدوحة يحصل على وزارة سيادية ويسمّي نائب رئيس مجلس الوزراء، على أن تتوزع الحقائب السيادية الثلاث الأخرى على الكتل الأساسية الثنائي الشيعي – التيار الوطني الحر – المستقبل .

الحريري مقتنع بمطالب القوات

وبينما استفبل الرئيس المكلف تأليف الحكومة سعد الحريري قبيل سفره الى باريس وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، وعرض معه آخر المستجدات السياسية، لا سيما ما يتعلق بموضوع تأليف الحكومة الجديدة. أشارت مصادر تيار المستقبل لـ البناء ، إلى أن الحريري يميل باقتناع إلى إعطاء حزب القوات ما تطالب به من حصة وزارية، مشيرة إلى أن عقدة تمثيل القوات استحوذت على مجمل لقاء بيت الوسط مساء أمس. في حين كان لافتاً ما أكده النائب جورج عدوان أمس لقناة الجديد أن بند المناصفة الوزارية بين العهد و القوات متفق عليه طوال ولاية الرئيس، وليس لمرة واحدة أو اثنتين، معلناً أن هذا البند مكتوب ضمن الاتفاق الذي ساهم في انتخاب ميشال عون رئيساً للجمهورية، لافتاً الى أن الاتفاق قائم مع الرئيس عون وهو مَن سيحمي هذا الاتفاق لأنه الجزء الأساسي منه، والأسبوع المقبل سيشهد توطيدًا للاتفاق وليس تراجعاً عنه ، في اشارة الى زيارة الحكيم الى بعبدا.

جنبلاط لن يتراجع

وليس بعيداً عن مسار العقبات المحلية، فإن العقدة الجنبلاطية لا تزال على حالها، مع تمسك النائب السابق وليد جنبلاط بثلاثة وزراء، وتشدّد مصادر لـ البناء على أن الاتصالات متواصلة مع الرئيس الحريري في هذا الشأن عبر الوزير غطاس خوري الذي يلتقي النائب وائل أبو فاعور باستمرار. فنحن لن نتراجع عن مطلبنا المحقّ ولن نقبل بفكر إسناد المقعد الدرزي الثالث لشخصية مستقلة، لافتاً إلى أننا نطالب بحقيبتين أساسيتين من بينهما وزارة الصحة وحقيبة دولة.

لا مهلة دستورية للتأليف

في غضون ذلك، وفي ضوء التباين حيال المدة الدستورية للتأليف تلقى الرئيس الحريري دعماً من رؤساء الحكومات السابقين، حيث التقى الحريري السبت كلاً من الرؤساء فؤاد السنيورة، نجيب ميقاتي وتمام سلام، حيث أكد الجميع أهمية التعاون مع الرئيس المكلّف سعد الحريري، والتضامن على دعمه في مهمته لتأليف الحكومة العتيدة وما يلي التأليف من مسؤوليات. وتشدّد مصادر قيادية في المستقبل على أن الدستور لم يحدّد أي مهلة دستورية للرئيس المكلف لتأليف الحكومة، ولم يعطِ رئيس الجمهورية تحت أي ظرف كان قرار الفصل في مسار تأخير التشكيل وتأليف الحكومة.

من ناحية أخرى، عاد ملف النازحين السوريين ليتصدّر واجهة الاهتمامات الداخلية، مع الاهتمام المتواصل للمدير العام للأمن العام عباس إبراهيم بهذا الملف. وبانتظار أن يوضع على سكة المعالجة الكاملة والنهائية ملف عودة نحو مليوني نارح، يواصل الأمن العام تأمينه عودة الراغبين، وفي هذا الإطار أمنت المديرية العامة للأمن العام العودة الطوعية لإثنين وأربعين نازحاً سورياً إلى بلداتهم في سورية، بواسطة حافلتين من نقطة التجمع في المصنع بمواكبة دوريات من المديرية العامة للأمن العام حتى نقطة جديدة يابوس الحدودية. وتمّت عودة النازحين بالتنسيق مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR وحضور مندوبيها.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى