المخاوف وقضية اللاجئين

عباس الجمعة

لا يمكن التغاضي عن قضية اللاجئين والمخاوف المصاحبة في ظلّ المحاولات المتنامية لتصفية القضية الفلسطينية، وتعاون متزايد مع هذه المحاولات من أطرافٍ عربية ودولية. وما خرج منه مؤتمر المانحين في واشنطن حول العجز التي تعاني منه وكالة أونروا، وخاصة أنّ الشعب الفلسطيني يواجه صفقة القرن ومحاولات التصفية، مما يتطلب من الجميع الالتفاف حول دعم موقف القيادة الفلسطينية وتعزيز الوحدة الوطنية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، ودعم صمود الشعب الفلسطيني.

وأمام ما تقدّم لا بدّ من قراءة سريعة للسياسة الأميركية المتعلقة باللاجئين وما يتوقع من الرؤية الأميركية المقبلة بخصوصهم. فإنّ موضوع اللاجئين وحقهم في العودة إلى ديارهم، حيث تسعى الادارة الأميركية لتصفية حق العودة وشطب القدس. وهذا يستدعي من جموع اللاجئين في كلّ مكان أخذ زمام المبادرة للدفاع عن حقوقهم، فقد أثبتت التجربة على مدى السنوات السبعين الماضية بأنّ الشعب الفلسطيني اللاجئ في أماكن اللجوء والمنافي أخذ زمام المبادرة وهو متمسّك من خلال نضاله بالقرارات الأمميّة وفي مقدّمتها القرار 194.

من هنا نرى وندرك أنّ القوّة في الوحدة، لكن هناك استمرار بإعادة إنتاج النكبة من خلال ما يُسمّى «صفقة القرن»، وهذا الأمر بحاجة الى وحدة الشعب الفلسطيني للقيام بواجباته اتجاه الخطر الداهم وخاصة ما تتعرّض له وكالة «أونروا»، هو لاستهداف اللاجئين بوصفهم رمز القضية الفلسطينية، حيث تستهدف المؤامرة لشطب «أونروا» قضية العودة، التي تُعتبر المركب الأساسي للمشروع الوطني، وللنضال الوطني الفلسطيني، وجوهر الصراع، ونحن نتطلّع الى مسيرات العودة في قطاع غزة وما تقوم به المقاومة الشعبية على أرض فلسطين يشكّل بوصلة النضال.

لذلك، فإننا نخشى اليوم مما يجري حول تقديم مشاريع إنسانية لقطاع غزة من قبل أطراف إقليميّة ودوليّة تحضر لعقد اتفاق للتسوية، بالاشتراك مع أطراف عربية لا يخفي بعضها لهفته لعقد اتفاقات مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، أو تطبيع العلاقات معها.

إنّ ما يستحقه الشعب الفلسطيني اللاجئ اليوم من كافة القوى والفصائل هو دعم صموده، لأنّ المخيّم يحمل اسم حق العودة عن جدارة. وهو كتلة مؤثرة في تظهير الشخصية الوطنية، ورسم خطوط الموقف السياسي الفلسطيني.

إنّ عجز وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» وتقليص خدماتها لاعتبارات سياسية تصبّ في اتجاه تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين، وأنّ «الإجراءات الممنهجة» والمتتالية التي تتبعها الوكالة لها ارتباط وثيق بالضغوط التي يشنّها المجتمع الدولي على الشعب الفلسطيني، من أجل تصفية قضيته والتآمر على حقوق لاجئيه خدمة للاحتلال، وهذا يتطلّب من المجتمع الدولي لتحمّل مسؤولياته والتصدّي للبلطجة الأميركية على قرارات الأمم المتحدة وإلزامها بتسديد التزاماتها المالية لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين وحماية الحقوق الإنسانية والتي كفلته وتشكلت لأجله الوكالة إلى أن يعود اللاجئون إلى أرضهم التي هجّروا منها، وتتمكّن الأمم المتحدة من إنفاذ قراراتها بالعودة والتعويض استناداً للقرار 194.

وفي ظلّ هذه الظروف نؤكد بأنّ اللاجئ الفلسطيني دائماً يعتبر المخيم وطناً مؤقتاً، بانتظار العودة إلى فلسطين. وهو أمر لم يكن ولا يعني الاستكانة والانتظار، وإنما كانت هناك دائماً محاولات لتقليل فترة الانتظار الطويل، لهذا نقول إنّ على الدول المانحة والدول العربية وكافة الدول الموقعة على المواثيق الدولية القانونية سدّ عجز وكالة «أونروا» باعتبارها الشاهد الحي على النكبة والمساهمة في تقديم الدعم المالي غير المشروط لمؤسسة «أونروا» بما يمكّنها من تأدية واجباتها الإنسانية والحياتية لجموع اللاجئين.

ختاماً، في ظلّ المخاطر التي تحيط بالقضية الفلسطينية عامة، وقضية اللاجئين خاصة، نطالب الجميع بالالتفات إلى أوضاع اللاجئين الفلسطينيين، من أجل بقاء قضية حق العودة حية، وأهمية بقاء «أونروا» وأداء دورها ضمن الظروف والمعطيات الحالية، حتى إنفاذ قرارات الأمم المتحدة المتعلقة باللاجئين الفلسطينيين.

كاتب سياسي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى