البحرين تواجه أزمة مالية أفقدتها ثقة الأسواق
كشفت أحدث البيانات المالية الرسمية في البحرين أبعاد أزمة مالية تواجهها المملكة أفقدتها ثقة أسواق المال، وفتحت الباب للتكهنات بشأن الحلول المحتملة وكلفتها.
وفقاً لأحدث الأرقام، بلغ صافي الأصول الأجنبية لدى البنك المركزي حوالي 1.8 مليار دولار، وهو مبلغ يغطي واردات المملكة لنحو 40 يوماً فقط، أي أنه دون المستوى الآمن للاقتصادات الناشئة واردات 90 يوماً على الأقل .
والأخطر من ذلك أنّ مجموع الأصول الأجنبية لدى البنك المركزي وبنوك التجزئة البحرينية انخفض إلى سالب 1.4 مليار دولار بنهاية أيار الماضي، وهو أدنى مستوى مسجل على الإطلاق.
وتعني القيمة السالبة أنّ مجموع الالتزامات يفوق مجموع الأصول. ووردت تلك الأرقام في البيانات التي نشرها البنك المركزي الأحد الماضي.
وفي ظلّ الوضع المالي الحرج يخشى المستثمرون ألا تتمكن البحرين من سداد سندات دين متوافقة مع الشريعة صكوك بقيمة 750 مليون دولار، يستحق سدادها في تشرين الثاني المقبل.
وتسببت المخاوف المتصاعدة في انخفاض قيمة الدينار البحريني في السوق الفورية، ليصل سعر الدولار الأميركي مقابله إلى 0.382 دينار في 26 حزيران الماضي، وهو أدنى مستوى للدينار في 17 عاماً.
ويعكس ذلك القيمة الواقعية للدينار، لكنه لا يمثل السعر الرسمي، إذ إنّ البنك المركزي يربط سعر الصرف عند 0.376 دينار مقابل الدولار، ويقوم ببيع الدولار عند الحاجة لإبقاء عملته قريبة من ذلك المستوى.
ومن زاوية الديون المتضخمة، ارتفع الدين العام للبحرين في العام الماضي إلى ما يعادل 89 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وتشير تقديرات الأسواق إلى احتمال نسبته 30 في المئة لتخلف المملكة عن سداد سندات دينها في السنوات الخمس المقبلة، وفقا لمؤسسة «ماركت».
فما الذي أوصل البحرين إلى هذه الحال؟ وما الحلول المتاحة أمام المملكة؟
ظهرت متاعب البحرين عام 2014 حين انهارت أسعار النفط، فانكمشت العائدات الرئيسية للمملكة واضطرت للتوسع في الاقتراض لسد العجز في ميزانيتها.
وتفتقر البحرين أصلاً إلى الموارد النفطية والمالية الوفيرة التي يتمتع بها جيرانها في منطقة الخليج. ووفقاً لتحليل وكالة رويترز فإنّ حكومة المملكة لم تتمكن من تنفيذ إجراءات للتقشف والإصلاح المالي بسبب الخشية من المعارضة الشعبية.
والحل الذي يبدو سهلاً هو أن تطلب البحرين المساعدة المالية من دول خليجية. وقد قالت السعودية والإمارات والكويت في بيان مشترك يوم 26 حزيران الماضي أنها تنظر في كافة الخيارات لدعم البحرين، وستعلن قريبا برنامج مساعدات مالية للمملكة، لكنّ البيان لم يتضمن أي تفاصيل.
ويرى كثير من المصرفيين أنه حتى إذا قدم الدعم المالي للبحرين فإنّ ماليتها العامة ستبقى مهتزة ما لم تتخذ خطوات تقشف صعبة لتقليص العجز في موازنتها. ويتساءل آخرون: هل سيكون الدعم الخليجي مطلقاً أم محدوداً؟ وكم مرة سيقدم هذا الدعم؟
وفضلاً عن الدعم المعلن، يعتقد محللون أنّ حلفاء البحرين في الخليج يمدونها بالعملة الصعبة في صمت لدعم احتياطياتها، لكن يبدو أنّ ذلك لم يحدث الأثر المطلوب حتى الآن.
وبالإضافة إلى الدعم الخليجي المحتمل، تملك البحرين استثمارات في الخارج يمكنها تسييلها إذا ضاقت بها السبل أكثر من ذلك.
وفي سياق الأزمة، كشفت مصادر أنّ حكومة البحرين تستعين منذ أشهر بشركة «لازارد» للاستشارات وإدارة الأصول بهدف تحسين الوضع المالي. وتعمل «لازارد» في عدة مجالات منها الاستشارات المالية السيادية وإعادة هيكلة الديون.