تسوية درعا تحصر المواجهة بداعش والنصرة… وسخونة على جبهة الجولان بري يفعّل الحراك المجلسي… وأوساط الحريري لحلحلة بعد لقائه جعجج وجنبلاط

كتب المحرّر السياسيّ

تحوّلت موسكو عاصمة سياسية أولى قبيل القمة التي ستجمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالرئيس الأميركي دونالد ترامب، حيث زارها بالتزامن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ومستشار مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران الدكتور علي ولايتي، والرابط بين الزيارتين قمة هلسنكي التي ستجمع الرئيسين بوتين وترامب، وعلى طاولتها مطالب ورؤى إسرائيلية وإيرانية متعاكسة تجاه مصير الملف النووي الإيراني والوضع في سورية، حيث لا تخفي موسكو اقترابها من الموقف الإيراني، بعدما بذلت جهوداً لإقناع نتنياهو بالتمسك بتفاهم فك الاشتباك مع سورية وعدم الانجرار وراء إغراءات التدخل والعبث بالجغرافيا السورية. وهو يعود إليها بعدما فات أوان الحديث عن فك الاشتباك من دون ربطه بمستقبل الجولان من جهة، وربط الوجود الإيراني ووجود حزب الله في سورية بمشيئة الدولة السورية وموقفها السيادي من جهة، ودرجة الاستعداد الأميركي والإسرائيلي للخروج من الجغرافيا السورية من جهة أخرى.

بالمقابل تتمسك روسيا وتشجع إيران على التمسك بالتفاهم حول ملفها النووي، رغم الانسحاب الأميركي منه، وتسعى لطمأنة إيران إلى أن صادراتها النفطية ومعاملاتها التجارية لن تتأثرا بالعقوبات الأميركية، خصوصاً بعد اجتماع فيينا الذي جمع وزراء خارجية إيران والدول الموقعة على التفاهم الستة ناقصاً واحداً، وما خرج به من توافق على اعتماد عملات الدول المستوردة المشاركة لسداد مستحقات إيران من مبيعات نفطها. وهو ما كشف عنه نائب وزير الخارجية الإيرانية عباس عرقجي بقوله «إيران والدول الأطراف في الاتفاق النووي، لن تستخدم الدولار الأميركي في تعاملاتها التجارية في ما بينهما»، مشيراً إلى أن «الاجتماع مع وزراء خارجية دول 4+1 الأطراف في الاتفاق النووي، الذي عقد الجمعة، طُرح خلاله مقترح ضرورة عدم استخدام الدولار في التعاملات التجارية بين إيران والدول الشركاء، وتنفيذ ذلك في أقرب وقت ممكن «ولفت إلى أن «المجتمعين بحثوا مقترحات عملية حول القطاع المصرفي و قطاع البترول أيضاً»، مشيراً إلى أن «من بين المواضيع الأخرى التي تمّ بحثها في الاجتماع هو البحث عن سبل إقامة استثمارات في إيران رغم العقوبات الأميركية».

الدكتور ولايتي الذي وصل موسكو استبق لقاءه بالرئيس بوتين بالإشادة بحجم التفاهمات الاستراتيجية التي تجمع روسيا وإيران في ملفات عديدة أبرزها التعاون في مكافحة الإرهاب والحرص المشترك على التفاهم النووي.

الوضع في سورية الذي كان حاضراً في لقاء نتنياهو مع بوتين، وسيحضر في لقاء ولايتي معه، وسيكون العنوان الرئيس لقمة بوتين وترامب، لا يزال يسابق القمة في توسيع رقعة الانتشار العسكري السوري جنوباً، حيث تمّ التوصل ليل أمس لتسوية مع الجماعات المسلحة في درعا البلد يضمن دخول الجيش إليها ويُنهي القتال فيها، ليصير القتال مع جماعات جبهة النصرة وتنظيم داعش في الجبهات الغربية الجنوبية عنوان الأيام المقبلة، في ظل سخونة تشهدها جبهة الجولان مع تصدّي الدفاعات الجوية السورية لتحرشات إسرائيلية في جبهة القنيطرة، وفشل التصدي الإسرائيلي لطائرة بدون طيار حلقت فوق الجولان المحتل، فيما الحديث عن التوجّه شمالاً بدأ قبل انتهاء معارك الجنوب، حيث تتخوّف الجماعات المسلحة من فتح الجيش السوري لجبهة إدلب، حيث تسيطر جبهة النصرة وينتشر في ريفها تنظيم داعش وتعجز الجماعات المسلحة المشاركة في اتفاقيات خفض التصعيد عن إنهاء وجودها وفقاً لتفاهمات أستانة، ما يرشّح وضع المدينة وريفها لسيناريو مشابه لما جرى في الغوطة وجبهات الجنوب.

لبنانياً، دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري لجلسة عامة للمجلس يوم الثلاثاء المقبل لانتخاب أعضاء اللجان النيابية ملوّحاً بجلسة مناقشة عامة للأوضاع في ضوء التعثر الحكومي، تفعيلاً لحراك مجلسي يسدّ الفراغ الناجم عن الركود الحكومي، رغم التفاؤل الذي تتحدث عنه أوساط الرئيس المكلف سعد الحريري وتنفي وجود عراقيل خارجية، مؤكدة مساعي الحريري لتخطي العقد المحلية، من دون أن تتحدث عن اختراقات جدية على جبهة التأليف بعد لقاءين مسائيين للحريري بكل من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، بينما تأمل هذه الأوساط بتمكنه من بلورة صيغة جديدة يستطيع عرضها على رئيس الجمهورية مطلع الأسبوع المقبل إذا نجحت مساعي هدنة إعلامية يسعى لإجماع حولها من الأطراف المعنية بتشكيل الحكومة، تمهيداً للتداول بحلول وسط للعقد المستعصية، والمحصورة بالعقدتين الدرزية والمسيحية كما قالت، في ظل إيجابية يبديها الحريري تجاه رغبة رئيس الجمهورية بتضمين حصته وزيراً من النواب السنة من خارج تيار المستقبل مقابل مقعد وزاري مسيحي من حصة رئيس الحكومة.

بري أمهل الحريري أسبوعاً

رغم الاتصالات واللقاءات التي حصلت يوم أمس وخلال الأيام القليلة الماضية بين الرئيس المكلف والقوى السياسية، إلا أن الأجواء التي رشحت عن لقاء الأربعاء النيابي في عين التينة والذي حضره نائب «القوات اللبنانية» زياد حواط والنائب فؤاد مخزومي، أوحت بأن لا تقدم على الصعيد الحكومي. وعلى هذا الأساس أمهل رئيس المجلس النيابي نبيه بري الرئيس المكلّف أسبوعاً قبل أن يبادر الى الدعوة لعقد جلسة تشاور عامة تتصل بأزمة التأليف عقب جلسة انتخاب اللجان الثلاثاء المقبل، لا سيما أن هناك جملة اقتراحات ومشاريع قوانين عالقة في المجلس. وفي هذا الإطار كان لافتاً ما طلبه رئيس حكومة تصريف الأعمال من رئيس المجلس بضرورة تمرير قوانين عالقة كانت الحكومة الحالية أحالتها إلى المجلس في وقت سابق، ما يعني أن الحريري سلّم بأن أمد التأليف سيطول بعدما أبلغته السعودية بأن لا حكومة من دون «القوات اللبنانية» والحزب الاشتراكي، وبالتالي حكومته لا تستطيع مواجهة ضغط المطالب والأزمات الاقتصادية والحياتية التي تقف بالجملة على شفير الانفجار، فيحاول الرئيس سعد الحريري امتصاص واحتواء الغضب الشعبي وملء الفراغ الحكومي بأن يحل المجلس النيابي مكان الحكومة حتى تأليف الحكومة الجديدة.

أما فيما خصّ دورة تطويع عناصر ورتباء في قوى الأمن الداخلي فعلمت «البناء» أن «زيارة سيقوم بها مستشار الرئيس بري أحمد بعلبكي ومسؤول وحدة التنسيق والارتباط في حزب الله وفيق صفا الى المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان للتأكيد له ضرورة اعتماد الكفاءة في اختيار الأسماء الشيعية، علماً أن بري أشار خلال لقائه الأخير بالحريري الى أهمية تحقيق المساواة في التوظيف وعدم اعتماد المحاصصة السياسية.

ونقل النواب عن رئيس المجلس في لقاء الأربعاء أمس، تأكيده مرة أخرى «وجوب الإسراع بتشكيل الحكومة وعدم الاستمرار بالمراوحة والجمود في ظل هذه الاوضاع الدقيقة التي تمر بها البلاد».

ونقل النواب أيضاً عن بري، قوله: «إنه بعد مرور كل هذا الوقت لتأليف الحكومة وإعطاء كل هذه الفرصة فقد دعا دولته الى عقد جلسة للمجلس يوم الثلثاء المقبل لانتخاب أعضاء اللجان النيابية. وإذا لم يحصل تطوّر إيجابي في شأن تشكيل الحكومة، فإنه سيدعو ايضاً المجلس الى جلسة عامة للتشاور في الوضع العام في البلاد»، مشدداً مرة أخرى على «ضرورة التصدي للأوضاع الاقتصادية والمعيشية».

وقال بري إنه «يعول على المجلس النيابي الحالي لتنشيط وتعزيز عمله ودوره التشريعي والرقابي». مضيفاً «ان محاربة الفساد تقتضي تطبيق المساواة وتكافؤ الفرص واعتماد الكفاءة أساساً للتوظيف»، مشيراً الى انه «أثار هذا الأمر مع الرئيس الحريري بالأمس وابلغ القيادات العسكرية والأمنية المعنية التزامه باعتماد معيار الكفاءة آملاً من الآخرين سلوك هذا النهج». وأكد بري «انه اذا اعترضت المراجع والقيادات السياسية الأخرى، فإنه سيستمر بالإصرار على اعتماد الكفاءة في ما يتعلق بالطائفة الشيعية ولا تراجع عن هذا الموقف».

جنبلاط: لا تسوية على الحصة الدرزية

وعلى غرار زيارته الى بعبدا الأسبوع الماضي، لم تُغير زيارة رئيس اللقاء الديمقراطي وليد جنبلاط الى بيت الوسط في طبيعة الموقف الاشتراكي من الحصة الدرزية. فالبحث مع الرئيس المكلف تناول شرحاً لأحقية المطلب الجنبلاطي انطلاقاً من نتائج الانتخابات بعيداً عن أي حلول وسطية وأي تسويات على الحصة الدرزية مع النائب طلال أرسلان، كما الحال في الحكومة الحالية، ولفت جنبلاط في تصريح بعد اللقاء الذي حضره النائب وائل أبو فاعور ووزير الثقافة غطاس خوري والنائب السابق باسم السبع، الى أننا «مستعدون للمساعدة في التأليف، لكن الرئيس ميشال عون طلب إمكانية تغيير الموازين في ما يتعلق بالحصة الدرزية، هذا القانون السيئ جعلني أتكلم دزرياً، وقلت للرئيس في الماضي كان يمكنني القيام بتسويات، ولكن الآن لا يمكن». كما أشّر تصويب جنبلاط ضد رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل على أن التصعيد لا يزال سيد الموقف على جبهة «التيار» «الاشتراكي»، وبالتالي العقد الدرزية مكانك راوح، وقال جنبلاط: «من الأفضل أن يعمل وزير الخارجية جبران باسيل فقط في الخارجية وأن لا يدمّر الاقتصاد »، مشيراً الى أن «التلاعب بعواطف الناس والقيام بحلقات للتهجم على الاقتصاد والتبشير بأن الاقتصاد على باب الانهيار هو خطأ». أضاف: «حصلت على تقرير من مؤسسة «موديز». وهو جيد جداً ويعطي حصانة للاقتصاد اللبناني. هذا لا يعني أن الحكومة والمجلس معفيان من القيام بالخطوات الضرورية من أجل تحسين الاقتصاد وخلق فرص عمل. لكن من وراء هذه التصريحات العشوائية، هناك فقط هجوم على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ربما لأنه لا يلبي، أو لأن بعض الجهات في الحكم يريدون تغيير رياض سلامة. والأمر نفسه يسري على طيران الشرق الأوسط».

جعجع: الحريري لن يعتذر

وبعدما قال جنبلاط للحريري كلامه الحكومي ومشى، حطّ رئيس «القوات» سمير جعجع في بيت الوسط، وقال في تصريح بعد لقائه الحريري إن «رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة لديهما كامل النية بتشكيل الحكومة، إلا أن بعض الأفرقاء لا يرغبون بتسهيل التشكيل وليعلم المعرقلون أن الرئيس الحريري لن يعتذر عن التشكيل. وبالطبع لا إمكان لتشكيل حكومة الأخير غير مقتنع بها»، داعياً «جميع الأفرقاء ليكونوا متعاونين لولادة الحكومة، ولا أريد ذكر أسماء المعرقلين وسنعمل كل يوم لتوسيع مروحة التحالفات اللبنانية». و»نعم صار بدا حكومة ولكن ليس حكومة عوجاء». ورأى جعجع أن «البحث الوحيد اليوم هو كيفية العمل لإنشاء حكومة بأسرع وقت ممكن، وضمن حدود إمكاناتنا مستعدّون للتنازل لأجل تشكيل الحكومة».

«المستقبل» لعون: لن نمنحك الثلث المعطل

وفي سياق ذلك، يبدو أن فريق الرئيس المكلف ومعه 14 آذار يختلقون عقداً مصطنعة أمام إنجاز التأليف بهدف كسب الوقت والتعمية على الأسباب الحقيقية التي تضعها مصادر في 8 آذار في إطار الغضب السعودي على الرئيسين عون والحريري بعد أزمة احتجاز رئيس حكومة لبنان في تشرين الماضي في السعودية. وتشير لـ«البناء» الى أن «فك أسر الحكومة لم يحن والحريري بانتظار إشارة خارجية من السعودية والولايات المتحدة»، معتبرة أن «السعودية تستخدم الورقة الحكومية في لبنان لابتزاز حزب الله وإيران في التفاوض على ملفات المنطقة لا سيما في سورية واليمن». وتربط المصادر بين «التأليف في لبنان والتفاوض على حسم جبهة الجنوب السوري». وتنقل مصادر «البناء» عن رئيس الجمهورية امتعاضه من جمود التأليف في مكانه وتصلب رئيس القوات اللبنانية والنائب السابق وليد جنبلاط بموقفيهما، ما يكشف التدخل الخارجي بالشأن الحكومي.

وبعد ادعاء فريق 14 آذار بأن مطالبة رئيس الجمهورية بحصة وزارية هو سبب تعقيد التأليف، أشاعت أوساط المستقبل أمس، سبباً آخر، عبر عنه صراحة عضو المكتب السياسي في التيار النائب السابق مصطفى علوش الذي قال إنه «لا يجوز أن تؤلّف الحكومة على أساس وجود فريق فيها يستطيع إسقاطها عندما يشاء»، معتبراً أن «مطالبة التيار «الوطني الحر» بـ 11 وزيراً من ضمنها حصّة رئيس الجمهورية هو للسيطرة على الحكومة، بشكل سلبي من خلال الإمساك بثلث معطل يسمح في أية لحظة بإسقاط الحكومة. وأضاف: هذا ما يسعى إليه ايضاً « حزب الله » وحركة «أمل» من خلال المطالبة بوزير هنا وآخر هناك». وشدّد على أن «القضية ليست فقط صلاحية بل أيضاً لا يجوز لرئيس الحكومة أن يكون تحت رحمة القوى الموجودة فيها»، لافتاً الى أن «ما سمعناه بالأمس من الرئيس سعد الحريري يؤكد أن الأمور لم تتحسّن بعد وليست أفضل مما كانت عليه قبل سفره». واستبعد علوش «حلّ العقد الثلاث المسيحية والدرزية والسنية في وقت قريب».

«التيار» – «القوات»: إنقاذ المصالحة لا الاتفاق

أما على جبهة التيار الوطني الحر – القوات فلم تُتخذ خطوات جدية لاحتواء العاصفة الأخيرة التي انفجرت بين الطرفين ووصلت الى ذروتها عقب تسريب القوات مضمون تفاهم معراب، باستثناء جهود بكركي التي نتج عنها فقط تعهّد الفريقين التزام التهدئة الإعلامية ووقف السجالات والعودة الى الحوار وترميم الاتفاق بينهما، لكن أي موعد بين جعجع وباسيل لم يُضرَب حتى الآن ولا توحي الأجواء بإمكانية انعقاده في وقت قريب، لكن مصادر «البناء» تؤكد أن «الطرفين وبكركي يعلمون بأن اتفاق معراب سقط ولم يعُد صالحاً للمرحلة الجديدة وما محاولات بكركي إلا لإنقاذ المصالحة المسيحية وتجنّب أي تداعيات للخلاف السياسي على الأرض في الساحة المسيحية»، لكن تبادل الرسائل السياسية والحكومية بين التيار والقوات لم يتوقف، فقد غمز وزير الطاقة والمياه سيزار أبي خليل ، من قناة جعجع، وقال في تصريح عبر وسائل التواصل الاجتماعي: «مَن يعرقل تشكيل الحكومة هو مَن يطالب بما ليس من حقه. لم يمضِ شهران على الانتخابات فوقوا وتذكّروا أحجامكم». وأكد النائب حكمت ديب «أن المصالحة بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية قائمة وصامدة بغض النظر عما يحصل من سجالات»، معتبراً أن «الاتفاق السياسي شيء والمصالحة الراسخة مع القوات اللبنانية شيء آخر»، مشدّداً على أن «لا شيء يمسّ المصالحة. والاختلاف في السياسة أمر مشروع». وفي حديث تلفزيوني رأى ديب أن «الكشف عن اتفاق معراب الذي كان سرياً يبيّن عن نية المسرّب بعدم الإكمال به».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى