إيران بين المحافظة على الاتفاق النووي وتقديم التنازلات
هتاف دهام
رسائل هامة تنقلها الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى دول المنطقة وروسيا والهند وعدد من الدول الأوروبية حول مآل الاتفاق النووي الإيراني. فبعد أن حطّ مستشار قائد الثورة الإسلامية في الشؤون الدولية علي أكبر ولايتي في موسكو ناقلاً إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رسالتين من مرشد الثورة والرئیس حسن روحاني، زار مساعد وزير الخارجية للشؤون السياسية عباس عراقجي نيودلهي، في حين تنقّل كبیر مساعدي وزیر الخارجیة للشؤون السیاسیة الخاصة حسین جابري أنصاري بين لبنان وسورية. هذه الزيارات تأتي في سياق القرار الإيراني المتخذ بضرورة وضع الدول الصديقة لطهران في أجواء ما آلت إليه الأمور حيال الاتفاق العام 2015، عقب انسحاب الرئيس دونالد ترامب منه.
تسعى طهران إلى التفاوض مع شركائها للتصدّي لسياسات الإدارة الأميركية الجديدة لا سيما بعد عودة «عقوبات ترامب» تهدّد اقتصاد الجمهورية الإسلامية، تقول مصادر مطلعة على الموقف الإيراني لـ«البناء». فهي تجهد من أجل الحفاظ على الاتفاق النووي نظراً لأهميته الاستراتيجية على الصعيد الاقتصادي.
بالنسبة إلى مصادر عليمة بالموقف الأميركي، فإن الزيارات الإيرانية أتت قبيل قمة هلنسكي بين الرئيسين الروسي والأميركي دونالد ترامب التي يبدو أنها فتحت الباب أمام علاقة طويلة الأمد بين واشنطن وموسكو في المقابل فإن هذه القمة «ستكبل» نفوذ العديد من دول إقليمية وغربية. فقمة فنلندا أكدت العمل من أجل سلامة وأمن «إسرائيل»، وركزت على اتفاق العام 1974 بين سورية و«إسرائيل». الأمر الذي يؤكد التفاهم الأميركي الروسي حول الخروج الإيراني من سورية، لا سيما في ضوء تأكيد الرجلين التنسيق بين جيشيهما في سورية، مع إشارة المصادر إلى أن الحركة الإيرانية في المنطقة ستضبط في ضوء القمة المزمعة الذكر.
في موازاة ذلك، يؤكد المصدر المطلع على الموقف الإيراني، أن هناك خطوطاً حمراء لا أحد يستطيع تجاوزها. فطهران لن تتراجع. ومستشاروها منتشرون في دمشق بطلب من حكومتها. وبالتالي فإن المساعي الإسرائيلية – الأميركية لن تغيّر من الوضع الراهن، لا سيما أن التنسيق السوري الإيراني بلغ أوجه في المرحلة الماضية في مكافحة الإرهاب والتصدي لـ«إسرائيل».
وليس بعيداً، فإن أنصاري بحث مع الرئيس العماد ميشال عون والرئيس نبيه بري والوزير جبران باسيل، في موضوع الاتفاق النووي، بالإضافة إلى موضوعات متعلقة بالملفين السوري واليمني. فأنصاري مسؤول ملف اليمن وسورية في وزارة الخارجية الإيرانية ومشارك أساس في مفاوضات أستانة. على هذا الأساس أشار خلال جولته اللبنانية امس، بحسب ما علمت «البناء» إلى الجهود المتواصلة من أجل الحل السياسي في سورية وضرورة عودة النازحين الى ديارهم وتأليف لجنة دستورية من الحكومة والمعارضة بغرض صياغة إصلاح دستوري. وفي مجال اليمن، كان بارزاً إعلان أنصاري عن المفاوضات الجارية بين طهران والدول الأوروبية خلال الأشهر الأخيرة لتأكيد الحل السياسي في هذا البلد.
وبمعزل عما تقدم، يمكن القول إن الجمهورية الإسلامية وبالتزامن مع جهودها لبقاء الاتفاق النووي تستعد للتفاوض حول ملفي سورية واليمن، انطلاقاً من إدراكها أن بقاء الأوروبيين في الاتفاق النووي يفرض عليها تقديم بعض التنازلات نظراً لانعكاسات اتفاق جنيف الإيجابية على اقتصادها. وعلى هذا الأساس تصر على التفاوض، حول كل الموضوعات، لا سيما أن المقترحات التي قدمتها كل من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا لإنقاذ الاتفاق النووي جاءت مخيبة لآمال خامنئي وروحاني.