«الصحن سبيلاً إلى الأمل !

معظمُ سيداتِ البيوتِ يحرِصْنَ على أغراضِهن وأدواتِهن المنزلية. فهي رفيقة عيشِهن وتكاد تكون من شخصيتهن المنزلية.

ويحضرني الآن موقفٌ من أيام الطفولة عندما كنت أستمع لأحاديث والدتي وأستمتع بها «أطال الله في عمرها ، هي وصديقاتها. فقد كنت حريصة أن أستفيد من تجاربهن في ما يجري معهن في حياتهن اليومية.

ففي إحدى المرات وبينما أنا أستمع لوالدتي وصديقاتها في مجلس عزاء استغربنا جميعاً تصرّف إحدى كبيرات السن المعزيات! فقد قطعت الحديث بصوت عال لتطلب من ابنة المتوفاة وبجرأة وبثقة صحناً قد أرسلت به طعاماً لوالدتها قبل وفاتها بأيام قائلة :

« يا بنتي معليش تناوليني الصحن حتى ما تنقص الدزينة .

وكان رد ابنتها – ولووووو – تكرمي يا خالة !!

وعندما أخذته منها لاحظ الجميع مدى حرصها وغبطتها بالصحن وهي خارجة تتمتم بكلماتها يا بنتي من أجل ألا يُسجل هذا الصحن دَيناً على المرحومة في السماء حيث ذهبت».

ربما هو ذلك الأمل السعيد لهذه السيدة العجوز التي تشعر بالحياة واستمرارها؟

أو ربما ذلك الصحن يشكل عندها أمان الدزينة

الـ 12 واستقرارها؟

فتظنّ أن متعة التفاؤل لديها باكتمال عددها، وحرصاً وحفظاً لأشيائها وممتلكاتها المحببة عندها؟

ما أحوجَنا لهذا الأمل ولهذا التفاؤل – حتى ولو كانا بعيدين – وبالأخص اليوم في أزمتنا مع العالم اللامنتمي؟

هل خطر في بال أحد وبروح هذا الأمل والتفاؤل أن يتجرأ ويتجرّد من الضغوط الدولية والجاهلية؟

فيطالب – ولو في مجلس عزاء – باسترجاع أقاليم مسلوبة؟ لكيلا تنقص خارطة الأمة؟!!

.. ثم هل استحى سبحانه أن يضرب مثلاً ما بعوضة :

إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً

وهاتي الحِكَم من العجائز..

تلكن اللواتي يعلمْننا ألا نفرطَ بشيء ولو كان صغيراً، لأن عدونا يتربّص بنا ولن يتركنا – إذا استطاع – إلا جلداً على عظم.

ثم لن يوفر حتى العملاء عندما ينتقل إلى المرحلة الثانية من زراعة الشياطين في بلاد الشام المباركة !!

د.سحر أحمد علي الحارة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى