يا لاعبي لبنان… اعتبروا وتنبّهوا
ابراهيم موسى وزنه
ذات يوم جاءني أحد اللاعبين القدامى ممن لعبت إلى جانبهم لسنوات متمنياً أن أكلّم مدرب منتخب لبنان لفئة الشباب لكي يعير انتباهه جيداً إلى ابنه الذي كان قد استدعي للمشاركة في تمارين «الغربلة» قبل أن يصار إلى اختيار 22 لاعباً ليمثّلوا منتخب الشباب، على غير قناعتي ونزولاً عند رغبة الصديق كلّمت المدرّب، آملاً منه الالتفات بعين الرعاية والاهتمام إلى ابن صديقي الموهوب وصاحب المستقبل الموعود بحسب والده… وبعد يومين سألت المدرب عن مستوى اللاعب فنياً وبدنياً، فقال لي: «موهوب وسريع ولديه رؤية جيدة للملعب لكنه يلهث بشكلٍ دائم أثناء التمارين وخصوصاً خلال الركض، وعندما سألته عن الأمر، أجاب لا أعلم السبب، فسألته هل تشرب «الأرغيلة»؟ رد أحياناً، وهل تسهر كثيراً؟ رد مبتسماً ومن لا يسهر!» ثم تمنى المدرب مني أن أخبر والده بأن ابنه مشروع لاعب فيما لو ترك «الأرغيلة» وابتعد من السهر المرهق». ولما أخبرت صديقي بالأمر لم يتقبّل موضوع «الأرغيلة» مقرّاً بطول السهر الذي يلف حياة خليفته في الملاعب. المهم، وبعد فترة من المراقبة ضبط صديقي ابنه بالجرم المشهود وهو يجلس في أحد المقاهي مع صحبة يتنافسون في نفث الدخان، فاتصل معتذراً مني ومن المدرّب مع قناعته الأكيدة أن ابنه لم يُظلم في استبعاده من لائحة الـ22 بل ظلم نفسه بالمواظبة على استنشاق «سم الهاري» قاصداً «الأرغيلة».
من هذه الحادثة التي حصلت منذ عشر سنوات، أنتقل للحديث عن لاعبي هذه الأيام الذين باتوا يتفننون في الإمساك بـ«نباريش الأراغيل» وفي توسيع بيكار الدخان المنبعث من أفواههم من دون حسيب وغير آبهين بمسيرتهم الكروية التي باتت في مفهوم غالبية لاعبي هذه الأيام لا تتجاوز ست أو سبع سنوات، في حين كان اللاعبون القدامى يعمّرون لأكثر من 12 سنة في الملاعب، وهنا تقودنا الذاكرة إلى استرجاع ما حصل مع منتخب لبنان في أبو ظبي منذ سنتين حيث كانت «الأراغيل» تصل إلى غرف بعض اللاعبين خلسة وبعيداً من عين الرقيب، لا بل صرنا نتابع مسلسل عرض صور بعض نجوم الأندية في المقاهي على صفحات التواصل الاجتماعي، ودائماً من باب التباهي وإظهار الشخصية غير الآبهة لأي عتب أو لوم. نعم، ففي زمن لاعبي «الأراغيل» والمدخنين المدمنين على السهر لن نتوسم خيراً ولا ارتقاءً لكرتنا المتعبة بأنفاس أهلها؟ وكلامي المتمحور حول النصح والإرشاد، يدفعني إلى التذكير بما حصل بيني وبين اللاعب الأرميني الشهير بابكين ماليكيان لاعب الهومنمن ومنتخب لبنان في التسعينات ، سألته على هامش مشاركته في أحد معسكرات المنتخب، ما سر بقائك في الملاعب حتى هذا السن؟ وكان يومها في الثامنة والثلاثين من عمره، وبدلاً من أن يجيبني أمسكني بيدي وأخذني إلى القاعة حيث يتناول زملاؤه الطعام، قائلاً: «لقد أكلت صحناً واحداً وتناولت حبة فاكهة فيما فلان وفلان وفلان ـ ولا داعي لذكر الأسماء ـ ها هم مستمرون في تناول الطعام، ومساء يستمرون أيضاً في السهر وإرهاق أنفسهم مع تفننهم في التهرّب من الرقابة المفروضة على البعثة»، كلام بابكين بالأمس هو بمثابة وصفة سحرية للاعبي هذه الأيام وخصوصاً أولئك الطامحون للوصول إلى النجومية والتألق، فكرة القدم يا لاعبينا الكرام تستحق منا كل الاحترام، وعندما تقررون تطوير أنفسكم فنياً وذهنياً وبدنياً على الصعيد الرياضي لا بدّ من التزام كثير من الاعتبارات… فتنبهوا إلى حياتكم الكروية لأنها تستحق… والسلام عليكم.
صحافي وناقد رياضي