الاكاديمي المميّز والمناضل الرفيق الدكتور اسماعيل سفر
التقيت به ذات مرة في احد مؤتمرات الحزب، ثم رحت التقيه كلما حضر الى بيروت لزيارة ابنته المتأهلة والمقيمة في الضاحية الجنوبية، فيزورني في مركز الحزب في فترة توليّ عمدة شؤون عبر الحدود.
هو الرفيق الدكتور اسماعيل سفر، المناضل، المثقف، الاكاديمي، ابن بلدة «تل الدرة» التي سمعنا بها كثيراً كلما تعرّضت لهجمات متكررة من الوحوش الدواعش، فصدّتهم وصمدت، وقدمت شهداء، ودائماً كانت منتصرة.
هذه النبذة التعريفية عن الرفيق د. اسماعيل سفر ليست إلا البداية، اذ عنه يحكى الكثير، ونأمل ان نتمكن في حلقة ثانية، وأكثر، ان نضيء بما توفرت لدينا من معلومات عن بلدة «تل الدرة»، عن سيرته الأكاديمية الغنية، وعن مسيرته الحزبية النضالية، ومنها تعرّضه للاعتقال ولتعذيب قاس جداً، مع مجموعة من الرفقاء من بينهم الأمين غالب الأطرش، الأمين بدري جريديني 1 وغيرهما من ابطالنا الذين تحرّكوا في اصعب الظروف لتنظيم الحزب في عدد من المناطق الشامية.
كنت اتولى مسؤولية عمدة شؤون عبر الحدود، عندما بلغني رحيل الرفيق د. اسماعيل سفر، فأوردت في نشرة عبر الحدود بتاريخ 21 اب 2007 الكلمة التي وجهتها الى آل الرفيق الراحل، والى منفذ عام واعضاء هيئة منفذية حماه.
« بحزن شديد تبلغت خبر الرحيل المفاجيء للرفيق اسماعيل سفر الذي عرفته رفيقاً مناضلاً وقومياً اجتماعياً مؤمناً بوعي، وملتزم بصدق.
اعرف الكثير عن ماضيه النضالي وعما كابد في السجون والملاحقات والمعتقلات فما زادته إلا عنفواناً وصلابةً وصموداً.
كما اعرف بتقدير كبير انتاجه الأكاديمي الفكري، واعلم أن رحيله خسارة لأهله، لمحيطه، لحزبه، لأمته، وأدركُ اي لوعة خلّف وأي فراغ هيهات أن يُـملأ.
أشارككم اللوعة واعتبر نفسي مشاركاً اياكم حزنكم، واشعر في داخلي بأسى عميق وقد تسنى لي مراراً أن ألتقي الرفيق اسماعيل سفر، وأتبادل معه الرسائل واعرف كم كان قومياً اجتماعياً مشعّاً بفضائل النهضة.
عندما يُكتب تاريخ الحزب في كل من السلمية وحماه، سيحتل الرفيق اسماعيل سفر مساحة كبيرة تليق بنضاله القومي الاجتماعي وبحضوره المتقدم.
اليكم، اهلاً ورفقاء، اتقدم بأحرّ وأصدق تعازيّ والبقاء للأمة.
بعض من كثير
مواليد 1930،
درس المرحلة الابتدائية في مسقط رأسه بلدة «تل الدرة»، تابع دراسته الثانوية في مدينة حماه والتحق بقسم الحقوق في جامعة حلب حائزاً على إجازة بالدرجة الأولى، وبناءً على ذلك تلقى منحة للتوجه الى أوروبا ليتابع دراسته. خيّر بين ثلاثة دول وهي روسيا وبلغاريا وبلجيكا فاختار بلجيكا ليحصل على شهادة الدكتوراة وبناءاً على هذا الاختيار رسم مستقبل حياة عائلته المكوّنة من سبعة ذكور، وختامها أنثى حيث درسوا جميعاً وحصلوا على شهادة الدكتوراة.
الدكتور هيثم: حائز على الدكتوراة في علم النفس ومؤسس «رابطة المغتربين السوريين في بلجيكا وهولندا ولوكسمبورغ.
الدكتور فوزي: طبيب جراحة تجميلية وطب داخلي.
الدكتور مصطفى: مختص في الجراحة.
الدكتور رمزي: حاصل على الهندسة المعمارية. عمل في السعودية ومن انجازاته انه حقق بناء ناطحة سحاب في الكويت بارتفاع 300 متر، وتمّ الحديث اعلامياً عن هذا الانجاز.
الدكتور احمد: طبيب اسنان.
الدكتور عماد: دكتور في مادة الفلسفة
وجمانة، طبيبة اسنان.
درس الدكتور اسماعيل سفر في جامعتيّ لياج وبروكسل وحصل على شهادة الدكتوراة في العلوم الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، عنوان الأطروحة يتعلق بوضع مشروع تنموي للعالم العربي.
وقد عرض عليه العمل في السوق الأوروبية المشتركة، وهذا العرض كان من الممكن أن يفتح له آفاقاً ايجابية على الصعيد الشخصي والمهني والمالي. لكن الدكتور اسماعيل رفض هذا العرض قائلاً أنه مؤتمن على وعد قطعه لوطنه بالعودة إليه.
بعد انتهاء منحته، عاد الى بلاده الشام فعيّن استاذاً في جامعة حلب كلية الاقتصاد ، حيث تعرّف عليه آلاف الطلاب الذين تخرّجوا من هذه الكلية وقرأوا كتاباته وأبحاثه.
استمر في جامعة حلب حوالي عشرين عاماً شاغلاً كرسياً هاماً في هذه الكلية، وبنفس الوقت قبِـل إعارة من جامعة حلب الى مجموعة من الجامعات العربية في المغرب العربي، والغربية، منها جامعتي لوفان ومونص البلجيكيتين، وجامعات فاس في المغرب والجزائر وصفاقس في تونس….. الخ
لكنه استمر بالعمل في إلقاء المحاضرات في العالم العربي واوروبا، والكتابة، حيث نشر له العديد من الكتب في الاقتصاد منها الحوار العربي العربي، والشراكة العربية الأوروبية التي قال انها فخ جديد، ووجه جديد للاستعمار الغربي، والعديد من الكتب الاخرى التي نُشرت بالعربية والفرنسية عن دار النشر الباريسية ببلوسود Publsud ودور نشر عربية أخرى.
كان هاجسه:
أولاً : التفتيش عن حلّ لمعاناة المواطن في العالم العربي، ولمقاومة الفقر وسوء التنمية، حيث كانت أكثر ابحاثه تدور حول هذا المحور، فكان يقارن ما يطرحه مع النظريات الأوروبية الشهيرة، ويعرض ذلك في محاضراته وكتاباته.
ثانيا: ارتباطه بأرضه وشعبه الذي يريد أن يجد له مستقبلاً أفضل، ومن هذا المنطلق تخلى عن كل ما عُرض عليه في أوروبا، وآثر العودة الى قرية «تل الدرة» ليقيم بين أهله، يصغي إليهم، وبنفس الوقت يحرص على بناء عائلة يجسّد فيها قناعاته الشخصية في خدمة هذا البلد، ليترك خلفه أثراً يستمر من بعده في تأدية رسالته.
بعد التقاعد قضى حياته في بيته في «تل الدرة» يكتب وينشر ويهتم بحديقة منزله المتواضع، ويتابع التواصل مع نجله الأكبر الدكتور هيثم الذي يعمل بروفسوراً في جامعة الدولة في مدينتي مونص وبروكسل في بلجيكا.
وفاته:
توفي الرفيق الدكتور اسماعيل سفر في 18 اب 2007 إثر نوبة قلبية حادة كانت الأولى وأدت الى وفاته.
عن تشييعه أورد منفذ عام حماه الأمين د. ياسر الحكيم 2 في الصادرة رقم 02/10/75 تاريخ 23/08/2007، ما يلي:
« شيّعت مدينة السلمية وفي موكب مهيب وحشد مميّـز الرفيق د. اسماعيل سفر مساء يوم الاحد الواقع فيه 20/08/2007 الى مثواه الأخير في قرية «تل الدرة». وقد تقدّم الموكب الذي انطلق من السلمية، الاعلام القومية الاجتماعية بعد ان قُدم للراحل التحية الرسمية. شارك في التشييع منفذ عام حماة وهيئة المنفذية، ومنفذ عام حمص وحشد كبير من الرفقاء والاصدقاء وابناء المنطقة، وقد شارك رفقاء الفقيد وأفراد عائلته في استقبال وفود المعزّين.
الرفيق الراحل من مواليد «تل الدرة» – السلمية 1930
انتمى الى الحزب السوري القومي الاجتماعي عام 1950 في حماه عن طريق الرفيق اسماعيل بطرش
اقترن من الرفيقة خديجة قاسم
حصل على اجازة الحقوق عام 1961 ودكتوراة دولة في العلوم الاقتصادية من بروكسل «بلجيكا» عام 1972،
استاذ كرسي في جامعة حلب حتى عام 1992.
أولاده الدكاترة: هيثم، فوزي، مصطفى، احمد، رمزي، عماد وجمانة.
تمت ملاحقته لعدة سنوات عقب اغتيال «المالكي» وأثر تولّيه مسؤولية العمل الحزبي في الشام عام 1959 1960،
شارك في المؤتمر العام النوعي عام 1988 في بيروت.
لم ينقطع عن التواصل مع الحزب سواء في الوطن او عبر الحدود
– له حضور دولي وتبادل مع مجموعة من الجامعات البلجيكية.
مؤلفاته وهي اختصاصية جامعية:
بتاريخ 07/10/2005 اوردتُ في الصادرة رقم 47/12/73 الموجهة الى فروع الحزب في كل من اوتاوا، تورنتو، مونتريـال، ملبورن، سدني، المملكة المتحدة، باريس، المانيا، اسبانيا، وأوكرانيا، المعلومات التالية عن مؤلفات الرفيق الدكتور اسماعيل سفر.
الحوار العربي العربي من أجل مشروع حضاري جديد:
عناوين فصوله الخمسة:
الفصل الأول: نظرة تحليلية الى الواقع العربي: هدر الأمكانات.
الفصل الثاني: رباط النهضة في القضية الوطنية: حديث المنطق والتاريخ.
الفصل الثالث: بعث التراث بالتجديد: التجديد الاستراتيجي.
الفصل الرابع: مفاتيح الديمقراطية في المنطقة العربية، هدم اللاديمقراطية.
الفصل الخامس: الطليعة العربية في جماهيرها: العودة الى التاريخ.
الشراكة الأوروبية المتوسطية والشرق أوسطية في ظل النظام العالمي المعاصر:
وهذ الكتاب كان صدر أولاً باللغة الفرنسية ثم صدرت النسخة العربية منه.
فصوله ستة، وخاتمة بعنوان «العولمة تسير على سكّتي الاستغلال والهيمنة».
عناوين الفصول هي التالية:
الفصل الأول: الرأسمالية وعاملها الخارجي.
الفصل الثاني: الرأسمالية وانبثاق نظام الهيمنة الجديد.
الفصل الثالث: الرأسمالية والتخلف في العالم.
الفصل الرابع: العالم العربي والعالم الرأسمالي.
الفصل الخامس: الشراكة الأوروبية المتوسطية.
الفصل السادس: الشراكة الأوروبية العربية
التحرر العربي الديمقراطي، طريق التكامل بالتنمية والتنمية بالتكامل:
من فصول الكتاب:
دراسة الوضع الحالي للتخلف العربي.
مسيرة التخلف على المنحنى التاريخي العربي وتلازمها مع مسيرة التقدم الرأسمالي.
الاستراتيجية العربية الخلفية والتعاون الاقتصادي العربي المعاصر 18451 حتى يومنا هذا.
تجربة التكامل الاقتصادي في البلدان المتخلفة: بين النظرية وتطبيقها.
الطريق الى التكامل الاقتصادي العربي.
استراتيجية التكامل الاقتصادي العربي السليمم.
هوامش:
1 – بدري جريديني: مراجعة النبذة عنه على موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info
2 – ياسر الحكيم: طبيب. كان منفذاً عاماً ناجحا في منفذية حماة. تعرّض للخطف في بداية الاحداث في الكيان الشامي وما زال مصيره مجهولاً. تميّز بثقافته ومناقبيته وحضوره الحزبي الجيد.
اسجل تقديري للرفيق غسان قدور الذي قدم الكثير من المعلومات عن الرفيق د اسماعيل سفر.