الخوذ البيضاء جرائم بالجملة والنهايه صهيونية…
جمال محسن العفلق
تأسّست في لندن على يد ضابط استخبارات، وتدرّبت في تركيا في عام 2013 – الاسم هو جماعة القبعات البيضاء أو الخوذ البيضاء… وعلى موقعها الرسمي «الدفاع المدني السوري»، وصل العدد الى ثلاثة آلاف متطوّع، علماً أنّ كلمة متطوّع لا تنطبق عليهم. فكلّ التقارير تشير إلى أنّ تلك الجماعة تتلقى دعماً مادياً معلناً وغير معلن ويتقاضى العاملون فيها رواتب، وخصّصت الولايات المتحدة لهم مبلغ ستة ملايين دولار.
هذه الجماعة كما غيرها من الجماعات الإرهابية العاملة في سورية لا تختلف عن النصرة أو داعش أو أيّ تنظيم مسلح آخر، ولكن تميّزها إجادتها صناعة الأفلام وقدرتها التسويقية لهذه الفيديوات. والغريب في دور هذه المنظمة وجودها في موقع الهجوم الكيميائي المزعوم بالتحديد والقدرة على تصوير الحدث بشكل مباشر، واللافت أيضاً أنّ المتطوّعين في هذه المجموعة لا يرتدون أي أقنعة واقية ولا ملابس واقية من الهجمات الكيماوية.
وعندما بدأت هذه المجموعة عملها، كانت أحد المصادر الرئيسية إنْ لم يكن الوحيد في حصر عدد الضحايا وعدد الغارات، وقبل أن يعرف أهل المنطقة بالغارات الجوية كانت هذه المجموعة تنقل الخبر عبر وسائل الإعلام والإعلان المعادية. وتصل تقارير هذه المجموعة مباشرة إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة، وتعتمد فور وصولها لتصبح مادة دسمة للسياسيين الغربيين أمام كاميرات الصحافة العالمية.
قد لا يتطابق اسم هذه المجموعة وأهدافها المعلنة مع كلمة جرائم؟ ولكن الواقع يثبت أنّ هذه الجماعة كانت لديها مهمّة محدّدة وهي قتل الإنسان السوري وقتل أيّ طفل وتسويق صوره. وتركيز هذه الجماعة على فبركة تقارير هجمات كيميائية كان مبعث الشك دائماً. وهذه التقارير كانت تأتي دائماً قبيل إعلان الجيش السوري عن التوجّه الى منطقة ما لتحريرها.
والمضحك في الأمر أن نال «الدفاع المدني السوري» في أيلول/ سبتمبر 2016 جائزة رايت ليفيلهوود، المعروفة باسم جائزة نوبل البديلة، وذلك تقديراً لجهود أفراده في إنقاذ الأبرياء. ومنحت الجائزة من طرف مؤسسة «رايت ليفليهوود» السويدية والتي تمنح جوائز سنوية للعاملين في مجالات حقوق الإنسان والصحة والتعليم والسلام.
والغريب أنّ هذه المنظمة الوليده حصلت على ترشيحات من منظمات حقوقية وإغاثية سورية ودولية لنيل جائزة نوبل للسلام لعام 2016، وأطلق ناشطون حملة تضامن مع عناصر الدفاع المدني السوري تدعو إلى دعم ترشيحهم، نظراً لجهودهم في مجال حقوق الإنسان.
ولا نعلم اليوم ما هي الجهود الإنسانية التي قامت بها تلك المنظمة. فكلّ ما لدينا هو فبركة وتصنيع أفلام واستغلال للأطفال واستغلال للفقراء من دون علمهم. والأهمّ السعي الدائم لقتل الشعب السوري، من خلال التصعيد والدعوة للجيوش الأجنبية لقصف سورية، وهذا الطرح هو خيانة عظمى للوطن وللمواطن السوري، ولا يمكننا فهم كيف تنقسم الإنسانية عندما ترحّب هذه الجماعة بقصف المناطق الخاضعة للحكومة، في حين أنها تشجب وتدّعي الإنسانية في الأماكن التي كانت تخضع للجماعات الإرهابية.
واليوم كشفت هذه الجماعة عن الوجه القبيح لها، ولمن تتبع ومَن هم الذين يبحثون عن حمايتها، فكلّ التقارير تشير إلى أنّ وقوع هذه الجماعة بيد الاستخبارات السورية سيكون زلزالاً على أجهزة الاستخبارات الغربية، وسوف تكشف الاعترافات أسراراً كثيرة وتدحض كلّ ما قيل سابقاً عن ضربات كيميائية وسوف يعود الضحايا المفترضون الى الحياة.
فكم صورة نشرت على أنها لأحد ضحايا القصف ليعود صاحب الصورة إلى الحياة من جديد ويتمّ تصويره في مكان آخر، ولن تكون مفاجأة لأحد إذا ما كان بعض الذين نقلتهم العصابات الصهيونية الى الأردن، ومن ثم سيتمّ نقلهم الى أماكن مجهولة لاحقاً هم أنفسهم الضحايا المفترضون لتلك المجموعة.
وبالعوده الى دور الاستخبارات الغربية والصهيونية في الحرب على سورية نجد أنّ هذه الأجهزة تركز على نقل من لديهم معلومات مهمة والعملاء المأجورين خوفاً من افتضاح أمر تلك الأجهزة. والاحتمال الأكثر ترجيحاً هو تصفية هؤلاء العملاء لاحقاً لدفن الحقيقة معهم. وهذا ما لم يفهمه العملاء حتى هذا التاريخ. فكلّ الذين تعاملوا مع أعداء أوطانهم تمّت تصفيتهم لاحقاً فلا أحد يثق بالخائن.
إنّ الربيع العربي المزعوم هو نتيجة لدور العملاء والخونة. فمن منا لا يتذكر مقاطع الفيديو التي بثتها قنوات الفتنة وكان سعر المقطع لا يتجاوز ألف دولار أميركي في أحسن الأحوال؟ ومَن منا لا يتذكر فضيحة المراسل الخاص بالجزيرة الذي كان يتحدّث عن معارك القصيْر وكان مقرّه شقة مفروشة في بيروت يتصل منها؟
لقد ثبت اليوم أنّ أكثر المنظمات الإنسانية والمدعومة من الغرب تحديداً ليست أكثر من غرف سوداء ومركز عمليات لتسهيل المصالح الغربية، دورها تشويه المفاهيم الإنسانية وتدمير المعاني الأخلاقية. وهذه المنظمات بالإضافة الى التنظيمات الأصولية ما هي إلا أدوات بيد الصهيونية العالمية التي لم ولن تتوقف عن تخريب العالم عموماً والعالم العربي خصوصاً، وبالمال العربي الذي بلغ ذروتة اليوم في دعم أدوات القتل.
لم يطوَ ملف الخوذ البيضاء بعد، فتداعيات عملية نقلهم والتي قامت بها العصابات الصهيونية تفتح فصلاً جديداً في دور الصهيونية بتحريك ما سمّي معارضة، ودور ما يسمّى «ائتلاف الدوحة» الخائن الذي لا يزال يأخذ من تركيا مقراً له.
إننا اليوم على يقين بأنّ هذه السنوات العجاف، بالرغم من قسوتها علينا زادتنا قوة وإصراراً على موقفنا أنّ بندقية المقاومة هي الحلّ. وهي المنتصرة ولو بعد حين…