قرار استيراد الأرز وتقليص المساحات المزروعة يضع المصريين تحت رحمة تقلبات أسعار الغذاء العالمية

تستعد الحكومة المصرية للبدء في استيراد الأرز من الخارج بعد أن كانت البلاد على مدى عقود مصدراً للأرز المتوسط الحبة. ويخشى فلاحون أن يؤدي هذا التحول إلى القضاء على زراعة الأرز.

ويفترض أن تعلن وزارة التموين والتجارة الداخلية خلال ثلاثة أشهر البلدان التي سيسمح بالاستيراد منها وضوابط الاستيراد. ويقول تجار إن مصر ستستورد على الأرجح نحو مليون طن من الأرز عام 2019.

وقد أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في 8 يوليو الحالي قراراً يجيز استيراد الأرز، بعد أن نفذت الحكومة هذا العام حملة لتقليص المساحة المسموح بزراعتها منه، وغلظت عقوبة الفلاحين الذين يزرعونه بشكل غير نظامي لتصل إلى الحبس.

وكانت مصر تنتج من الأرز 4.5 ملايين طن سنوياً، تستهلك منها نحو 3.3 ملايين، وتصدر الباقي. لكنّ الإنتاج سيقل مع تقليص المساحات المزروعة بهذا المحصول.

وحسب قرارات وزارة الزراعة، يسمح هذا العام بزراعة 724 ألف فدان أرزاً فقط بهذا مقارنة بـ 1.1 مليون العام الماضي، وفق الأرقام الرسمية، و1.8 مليون يعتقد تجار الغلال أنها كانت تزرع فعلياً.

وجاءت هذه القرارات، بعدما أقر البرلمان تعديلات لقانون الزراعة مطلع أيار الماضي تعطي وزيري الزراعة والري سلطة إصدار قرار بحظر زراعة محاصيل حسب استهلاكها للمياه. ويبدأ موسم زراعة الأرز مطلع أيار.

أزمة مياه

ويأتي هذا في وقت تخشى فيه الحكومة من نقص مياه النيل جراء ملء خزان سد النهضة الإثيوبي، وهي عملية تسعى أديس أبابا إلى إتمامها في ثلاث سنوات. بينما ترى القاهرة أنّ هذه وتيرة سريعة قد تسبب لها عجزاً مائياً خطيراً.

وقال نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، في تصريحات صحافية هذا الشهر، إنّ استيراد الأرز يمثل «نكسة» بعد أن كان يصدر للخارج. ورأى أنّ ذلك سيكون «بداية لتدمير زراعة هذا المحصول الحيوي».

وأشار أبو صدام إلى أنّ هناك بدائل كثيرة عن الاستيراد في ظلّ الخوف من العجز المائي، ومنها زراعة أصناف حديثة من «الأرز الجاف» الذي لا يستهلك كميات كبيرة من المياه ويتحمّل ملوحة الأرض.

من جانب آخر، قال الباحث والمحلل الاقتصادي أشرف إبراهيم، في تصريح، إن الحكومة «ترى استيراد الأرز من الخارج أرخص من زراعته محلياً، لكنّ هذا الوضع خطير ويضع الدولة في مأزق كبير».

وأوضح أنّ «اعتماد الاقتصاد على استيراد الغذاء الأساسي يجعله عرضة لتقلبات أسعار الغذاء العالمية، كما أنّ الطقس السيئ عند بعض الدول سيؤثر سلباً على إمدادات الغذاء لضعف الإنتاج وبالتالي ارتفاع أسعاره». ويعدّ الأرز من السلع الغذائية الأساسية للمصريين مثل الخبز، ولذلك تضعه الحكومة ضمن السلع التموينية المدعمة.

وأضاف إبراهيم أنّ «استهلاك الأرز للمياه كان يمكن السيطرة عليه من خلال الاستعانة بالمراكز البحثية الزراعية في جميع الجامعات والمعاهد والمؤسسات المصرية، من أجل إنتاج سلالات أقلّ استهلاكاً للمياه».

من ناحية أخرى، أشاد رئيس شعبة الأرز باتحاد الصناعات المصرية رجب شحاتة بقرار السماح باستيراد الأرز، وقال إنّ الهدف هو «ضبط الأسواق ومنع رفع الأسعار».

وأشار شحاتة إلى أنّ حجم محصول الأرز، الذي يُحصد عادة في آب وأيلول، يكفي حاجة السوق المحلية بنسبة 90 في المئة، وأنّ الكميات التي من المتوقع استيرادها لا تتجاوز 500 ألف طن، بحسب قوله.

وأضاف رئيس شعبة الأرز أنّ مصر يمكنها أن تستورد هذا المحصول من دول عدة مثل تايلند والهند وروسيا والولايات المتحدة والبرازيل وميانمار.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى