«الداعشيّات» هنّ الخطر الداهم!
نشرت صحيفة «غارديان» البريطانية تقريراً كتبته نادية خومامي، عن تحذيرات من خطر تولّي النساء تنفيذ العمليات في تنظيم «داعش»، في غياب معطيات عن عددهن لدى الحكومات والأجهزة الأمنية.
ويستند التقرير إلى دراسة أصدرتها جامعة «كينغز كولدج» في لندن تقول إن غياب المعطيات وتغيّر موقف التنظيم في شأن الحالات التي يسمح فيها للمرأة بحمل السلاح جعل خطر النساء أكبر مما كانت تتوقعه الأجهزة الأمنية.
وتشير الدراسة إلى مشاركة النساء المتزايدة في العمليات في الفترة الأخيرة. وبلغت نسبة النساء 13 في المئة من إجمالي الأجانب الذي التحقوا بتنظيم «داعش» في العراق وسورية بين نيسان 2013 وحزيران 2018 والبالغ عددهم 41490 شخصاً.
ويعتقد القائمون على الدراسة أن بعض النساء يشكلن خطراً داهماً على الأمن، بسبب نشاطهن المباشر، أو بسبب التدريب الذي تلقوه في المناطقة التي كانت تحت تنظيم «داعش»، وإمكانية نقل المهارات التي حصلن عليها إلى أشخاص آخرين أو إلى أطفالهن.
ويذكر التقرير أن تنفيذ العمليات من قبل نساء التنظيم تأخذ ثلاثة أنماط هي خلايا نسائية، أو نساء يشاركن في العمليات مع أفراد من العائلة، أو نساء ينفّذن عمليات فردية.
وتؤكد الكاتبة أن النساء في تنظيم «داعش» لا يقتصر وجودهن على دور زوجات المسلحين، بل تجدهن في وظيفة التجنيد والدعاية وجمع الأموال، وغيرها من النشاطات.
وينصح الباحثون الحكومات على العمل مع الهيئات المحلية لتحديد هوية ومكان النساء العائدات من صفوف تنظيم «داعش» في سورية والعراق، والتعامل معهن وفق مقتضيات القانون الدولي.
ويؤكدون على ضرورة الاهتمام بوضع القاصرين وحاجتهم إلى إعادة التأهيل لا الإجراءات العقابية، فهنّ يشكّلون أيضاً خطراً، بحسب الدراسة، بسبب الأفكار التي لُقّنت لهم والمهارات التي اكتسبوها في مناطق سيطرة تنظيم «داعش».
وفي ما يلي، جولة على أهم التقارير التي نشرتها صحف غربية وعبرية أمس:
آتلانتك
لم تكن «إسرائيل» أقوى مما هي عليه الآن، ورغم أنها تحظى بعلاقة وثيقة مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فضلاً عن ترسانتها العسكرية والنووية القوية، وقواتها الجوية القادرة على قطع مئات الكيلومترات باتجاه أعدائها، لكنها دولة صغيرة عرضة للهجوم.
تقول مجلة «آتلانتك» الأميركية، في تقرير بعنوان «لماذا تخشى إسرائيل من الوجود الإيراني في سورية»: إن «إسرائيل» ـ رغم الدعم الأميركي والقوة العسكرية ـ هي دولة صغيرة ذات بنية تحتية محدودة، ولديها مطار دولي وحيد، وبضعة محطات كبرى لتوليد الطاقة، وشبكة كهربائية، حذّر خبراء «إسرائيليون» من خطر تعرّضها لهجمات.
ونقلت المجلة الأميركية عن مسؤولين أمنيين، أن «إسرائيل» تتخوف من سيناريو كارثي قد يتحقق لو تطورت الأسلحة التي تتوفر لدى إيران وحليفها اللبناني حزب الله، بما يكفي لضرب البنية التحتية المدنية والعسكرية ولشلّ الحياة اليومية في «إسرائيل».
وتشير المجلة إلى أن إيران وحزب الله لديهما صواريخ متطورة صممت من أجل استغلال ثغرة الضعف تلك عند «إسرائيل»، وقد أدى خطر تلك الأسلحة لجر «إسرائيل» بشكل أعمق نحو الصراع السوري، وهو يمهد لتغيير جذري في الحرب المقبلة مع حزب الله، والتي قد تتم في موعد أقرب مما كان متوقعاً.
ويوضح مايكل أورين، سفير «إسرائيل» السابق لدى الولايات المتحدة، تلك المخاوف قائلاً: لا يتركز خوفنا الأكبر عند وجود إيران قرب الحدود، بل من وجود إيران في سورية. ولن يفيد إبعاد قوات إيرانية عن الحدود ما دامت تحوز صواريخ يصل مداها إلى 200 كيلومتر.
وحذر أوفر زالزبيرغ، محلل بارز في القضايا «الإسرائيلية» لدى مجموعة «كرايسيس إنترناشونال» من أنه في حال نشوب حرب، سيتلقى سكان «إسرائيل» ضربات لم يشهدوها منذ عشرات السنين.
وبحسب التقرير، منذ حرب حزب الله الأخيرة مع «إسرائيل» في عام 2006، وسع الحزب مخزونه الصاروخي. وبدعم إيراني، أصبحت ترسانته أكثر تطوراً.
وإن كان بمقدور هذه الترسانة الصاروخية أن توقف الحركة في مدينتي «تل أبيب» والقدس، وإغلاق مطار «بن غوريون» ـ وفقاً لما يراه مايكل إيلمان، المسؤول الرفيع لدى المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية ـ فإنها لن تكون دقيقة بما يكفي لتدمير أهداف عسكرية محددة.
ويضيف: لا أعتقد أن القدرات الأحدث التي تستعرضها إيران ستكون ذات فاعلية عسكرية حتمية، لكنها قد تعطل خططاً «إسرائيلية».
ويشير التقرير إلى أن الجيش السوري يشن هجوما بالقرب من الحدود مع «إسرائيل»، بما يهدد بإشعال فتيل تصعيد أكبر، إذ سارعت «إسرائيل» إلى إرسال تعزيزات نحو جانبها من الحدود خشية اندلاع عمليات عنف هناك، وفيما لم تظهر مشاركة مقاتلين إيرانيين في الهجوم، يخشى مسؤولون في القدس من احتمال أن يتحركوا بهدوء حال استعادة الحكومة السورية السيطرة على المنطقة.
وقد نقل عن مسؤول عسكري «إسرائيلي» قوله في لقاء مع مجموعة «كرايزيس إنترناشونال»: سوف نهاجم مواقع لحزب الله في لبنان، وإن كان ضمن مناطق مدنية، وسوف نستخدم القوة المفرطة ضد قرى أو مناطق يعمل من خلالها حزب الله. وسوف نسحق هذه الميلشيا وندمرها نهائياً.
لكن يشاع أن الولايات المتحدة الأميركية وروسيا و«إسرائيل» تتفاوض على حل دبلوماسي للصراع السوري من شأنه إنشاء منطقة عازلة خالية من قوات مدعومة إيرانيا بالقرب من الحدود «الإسرائيلية»، ورغم ذلك فإن خطر صواريخ حزب الله البعيدة المدى يبقى قائماً، وفقاً للمجلة.
هاآرتس
قالت صحيفة «هاآرتس» العبرية إن قيام «إسرائيل» بإنقاذ مئات من أعضاء منظمة الخوذ البيضاء الإنسانية من جنوب سورية ونقلهم إلى الأردن جاء في الوقت المناسب. وقد أدت المخاوف من أنهم قد يقتلون على أيدي جنود نظام الأسد، الذين استولوا على جزء كبير من الجنوب وكانوا يتقدمون نحو الخط الفاصل في مرتفعات الجولان، إلى ترك فرصة صغيرة للمناورة. وشهدت العملية تعاوناً بين الجيش «الإسرائيلي» والأردن والولايات المتحدة وبلدان أخرى، بالإضافة إلى «فرسان الجولان»، وهي ميليشيا سورية تدعمها «إسرائيل».
وكانت إحدى المخاوف في أن مئات اللاجئين الذين فروا من القرى في الجولان السوري والذين وفدوا بالقرب من السياج قد يعطلون عملية الإنقاذ. لكن بعد اتفاق الإخلاء بين سورية وروسيا وقوى المعارضة، تخلت «المعارضة» عن المنطقة وعاد اللاجئون إلى ديارهم نهاية الأسبوع الماضي. وهكذا، لم يكن هناك لاجئون على الحدود بحلول يوم السبت الماضي.
ونقل تقرير الصحيفة «الإسرائيلية» عن أحد سكان الدروز في الجولان قوله: «لقد أخليت المنطقة بأكملها في يوم واحد. لقد غادر الجميع في الحال. والآن ننتظر عودة قوات الأمم المتحدة إلى معسكرهم في غضون يومين».
كان هناك ما يبرر القلق على حياة أعضاء منظمة الخوذ البيضاء. المجموعة، التي دشنها في عام 2012 متطوعون من المناطق التي استولت عليها قوات «المعارضة»، كان لديها 2000 متطوع بحلول عام 2014، بما في ذلك العشرات من النساء. وقد تلقت حوالى 30 مليون دولار سنوياً من الولايات المتحدة ودول الخليج وجماعات الإغاثة الدولية. وتقول المنظمة إن أعضاءها الذين يخاطرون بحياتهم أنقذوا أكثر من 80 ألف شخص، وربما أكثر من 90 ألف شخص.
ومن بين الجهود التي قامت بها المنظمة أنها ساهمت في تحرير الأشخاص من المباني التي دمرها الجيش السوري والقوات الجوية الروسية، وساعدت الجرحى في الأماكن التي لم تتوافر فيها أي مساعدات أخرى.
إن دور «إسرائيل» في إنقاذ نشطاء الخوذ البيضاء، والذي تضمن تعهداً من الدول الغربية بتحييدهم بعد مغادرتهم للأردن قريباً، هو دور هام للغاية، لكنه ليس كافياً، بحسب التقرير.
لا تزال أرواح الآلاف من الأشخاص الذين أصبحوا تحت سيطرة الجيش السوري في الأيام الأخيرة في خطر. ولن يتمكنوا من الفرار إلى الأردن، الذي يمنع دخول اللاجئين ويطالب بأن يعود اللاجئون المتواجدون على حدوده بالعودة بعد أن استولى الجيش السوري على معظم المنطقة الحدودية على الجانب الآخر.
وتتمثل المرحلة التالية في نشر القوات السورية على طول الخط الفاصل وإعادة المراقبين الدوليين. من المقرر أن تنتشر الكتيبتان السوريتان 90 و61 والشرطة العسكرية الروسية حتى الخط الفاصل. وسيتم تنفيذ ذلك بعد أن تترك ميليشيات «المعارضة» المنطقة وتتجه لمحافظة إدلب، بالرغم من إمكانية بقاء أي شخص يوافق على نزع سلاحه.
ووفقاً لصحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، سيشتمل الخط الفاصل الآن على ثلاثة قطاعات. وسوف يكون القطاع الأقرب إلى «إسرائيل» منزوع السلاح ويخضع لمراقبة قوات الأمم المتحدة والشرطة العسكرية الروسية. وسوف يبدأ القطاع الثاني على بعد 10 كيلومترات داخل الأراضي السورية، مع نشر الجيش السوري لـ350 دبابة و3 آلاف جندي مسلحين بأسلحة خفيفة. في القطاع الثالث، سيتمكن الجيش من نشر 650 دبابة و4500 جندي ومدفعية محدودة المدى.
ويتضمن الاتفاق بين «إسرائيل» وروسيا أيضاً السماح للجيش السوري بالقيام بعمليات ضد تنظيم «داعش»، الذي لا يزال نشطاً في حوض نهر اليرموك، لكن القوات السورية يجب أن تعود إلى قواعدها عندما ينتهي القتال. وستتمركز القوات الروسية عند تل الحارة على ارتفاع 1200 متر فوق سطح البحر أعلى التلال المطلة على الجولان. ومن هناك سيتمكنون من مراقبة تنفيذ اتفاقية فصل القوات.
ستظل ميليشيا «فرسان الجولان» قادرة على العمل في المنطقة الفاصلة. وفقاً لتقرير نشره موقع «ذي إنترسبت» الأميركي، تلقت ميليشيا «فرسان الجولان» المساعدات والأسلحة والتدريب من «إسرائيل». تعرض صفحة المنظمة على «فايسبوك» أحد رجال هذه المليشيات وهو يقوم بتحميل شاحنة بصناديق مواد غذائية عليها شعار شركة «تنوفا الإسرائيلية»، وكتبت كلمة «طعام» على صندوق آخر باللغة العبرية.
ووفقاً لتقرير «ذي إنترسبت»، فقد تم تأسيس المليشيا للعمل في الجولان السوري، على غرار جيش جنوب لبنان الذي أسسته «إسرائيل»، لمنع القوات الموالية لإيران من دخول المنطقة إبان الحرب الأهلية اللبنانية. من خلال تقديم المساعدات الإنسانية إلى المجموعة، تسعى «إسرئيل» إلى الحصول على إمكانية الوصول العسكري إلى الجولان السوري.
وطبقاً لمصدر سوري تحدث إلى موقع «ذي إنترسبت»، فقد عارضت الميليشيات أولاً التعامل مع الجانب «الإسرائيلي»، لكنهم بدأوا ينظرون بشكل إيجابي تجاه «إسرائيل»، التي كانت تدفع لهم رواتب وتمنحهم الأدوية والغذاء والماء.
يسمح الاتفاق الجديد بشأن نشر القوات السورية في الجولان السوري للمليشيا بالعمل في المنطقة منزوعة السلاح بشرط عدم الاصطدام مع القوات السورية. يسود ترتيب مماثل في منطقة بيت جن، حيث تعمل قوات الميليشيا مع «إسرائيل» تحت قيادة قائد معروف بِاسم «مورو».
ووفقاً لهذه التقارير، يبدو أن تدخل «إسرائيل» في سورية أعمق وأعمق بكثير مما كان يسمى «مساعدات إنسانية». التنسيق العسكري بين «إسرائيل» وروسيا والأردن، ومشاركة «إسرائيل» بشكل مباشر أو غير مباشر في المناقشات حول خطط روسيا للتخفيف من الأزمة السورية، وقدرة «إسرائيل» على التأثير في التحركات التكتيكية في الجولان، تجعل منها شريكاً غير مباشر ولكنه شريك هام لنظام الأسد، والذي يمكنه الآن أن يطمئن إلى أنه لن يتعرض لأي خطر من «إسرائيل».
إكسبرت أونلاين
إنهم يعرفون الكثير، عنوان مقال غيفورغ ميرزايان، في «إكسبرت أونلاين»، حول الخوذ البيضاء وحرص دول الغرب و«إسرائيل» على إخراجهم وتصفيتهم قبل أن يفشوا بما لديهم من معلومات.
وجاء في المقال: قامت الدول الغربية بإجلاء الخوذ البيضاء من جنوب غرب سورية بأيد «إسرائيلية». كانت الخوذ البيضاء أهم أداة للغرب على جبهة المعلومات في الحرب السورية. مع مرور الوقت، تدهورت العلاقات بين الأميركيين والخوذ. جزئياً، لأن إدارة البيت الأبيض الجديدة أدركت عقم الجبهة السورية للنضال ضد إيران. واستناداً إلى أوامر أولئك الذين على مصلحة بجر ترامب إلى الحرب السورية، ابتدعت الخوذ مزيداً من القصص المزيفة. ولذلك، لم يكن مستغرباً، توقف الولايات المتحدة عن تمويل المنظمة، ثم موافقتها على تخصيص عدة ملايين من الدولارات لـ«الأبطال» ليعملوا حتى نهاية العام. لكن واشنطن لم تكن مستعدة لتركهم تحت رحمة القدر. فهؤلاء الناس يعرفون الكثير، ويجب ألا يقعوا في يد بشار الأسد.
في الواقع، كان هناك أكثر من خيار. على سبيل المثال، تصفيتهم ثم إلقاء المسؤولية على الطاغية الدموي الذي قرر الانتقام من الأبطال السوريين لفضحهم جرائمه . هذا أرخص وأكثر موثوقية لولا مشكلتين: أولاهما، هناك الكثير منهم، مئات. يمكن لأحد ما تجنب الموت والهروب إلى الأسد والثانية، ستؤدي تصفيتهم بوصفهم أداة مستعملة إلى الإضرار بالسمعة الأميركية، فأدوات أخرى محتملة في صراعات أخرى ستخشى ببساطة التعامل مع الأميركيين.
هذا هو السبب في قرار الغرب سحب الخوذ من جنوب غرب سورية. كان من الضروري إخراجهم في أقرب وقت ممكن. فالسوريون سيطروا على الحدود مع الأردن وحوصرت الخوذ في شريط ضيق من الأرض على طول مرتفعات الجولان ، التي كان المسلحون المستعدون للاستسلام لا يزالون يسيطرون عليها.
بلغ عدد من تم إخراجهم 422 من الخوذ وأفراد أسرهم ، وفقاً للبيانات الرسمية. الآن، يتم الاحتفاظ بهم في مأوى سري في أراضي الأردن، وبعد ذلك في غضون ثلاثة أشهر، سوف يستقرون في بريطانيا وكندا وألمانيا، بعيدا عن الكاميرات. وبما أن المعلومات عن مكانهم سيتم حجبها بصرامة بحيث لا تستطيع أيدي المخابرات السورية الدموية والمخابرات الروسية الوصول إلى الأبطال ، فلا أحد يمنع الغرب من تصفية أهمهم وأكثرهم خطرا بهدوء. بعيداً عن الشر.
ناشونال إنترست
حذّرت مجلة «ناشيونال إنترست» الأميركية من خطورة انهيار مصر، وتحوّلها إلى دولة فاشلة، بسبب ما وصفته بـ«رداءة الحكم، وهشاشة الوضع الاقتصادي».
وقالت المجلة الأميركية في تقرير لها، ترجمته «عربي21»: إن مصر أصبحت اليوم أقل قدرة بوصفها لاعباً إقليميّاً مما كانت عليه قبل عقود نظراً إلى سنوات من التآكل الداخلي للدولة المصرية، مشيرة إلى أن حال الجيش المصري الآن ما هو إلا انعكاس رديء للقوة التي كانت لدى مصر في عام 1973.
وحول اتجاه رئيس سلطة الانقلاب في مصر، عبد الفتاح السيسي، إلى التقارب مع روسيا على حساب العلاقات المصرية الأميركية بسبب التوترات الثنائية التي شهدتها الأعوام الأخيرة بين القاهرة وواشنطن، استبعدت الصحيفة الأميركية أن تتحول المؤسسة العسكرية المصرية من الولاء للغرب إلى الولاء لروسيا.
وأشارت المجلة الأميركية إلى أنه «ليس من السهل تحويل أنظمة التشغيل العسكرية بجرة قلم، خاصة بعد عقود من اعتماد مصر على التجهيزات والتدريبات الأميركية في جميع المجالات، في ما عدا شبكة الصواريخ الدفاعية»، مؤكدة أن موسكو لا يمكنها أن تمنح القاهرة المميزات التي تحصل عليها من خلال علاقاتها بواشنطن.
وأكدت أن «مصر لم تعد بالأهمية ذاتها التي كانت عليها ذات مرة بصفتها حليفاً عسكريّاً للولايات المتحدة»، موضحة أن «تزلف واشنطن إلى السيسي، والسعي إلى استرضائه، بالرغم من سياساته الضالة خشية أن يتحول إلى موسكو، لن يوقف انهيار مصر».
وأردفت المجلة الأميركية قائلة: «لم تعد مصر جائزة استراتيجية يمكن للولايات المتحدة أو روسيا أن تكسبها، وإنما باتت تحدياً يحتاج إلى المعالجة من خلال الدبلوماسية الحذرة، وربما عند الضرورة من خلال دبلوماسية الإكراه».
وفي ما يلي نص تقرير مجلة «ناشيونال إنترست» الأميركية:
بينما يتركز جل الاهتمام بشأن التنافس بين الولايات المتحدة وروسيا في الشرق الأوسط على سورية وإيران، إلا أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ما لبث يحاول بهدوء الولوج إلى مصر. فعلى سبيل المثال تعرض أنا بورشفسكايا في مقال أخير لها صورة خطيرة تبدو فيها الولايات المتحدة على وشك فقدان مصر لصالح روسيا.
ولقد سمعنا هذا الكلام من قبل، وسمعناه بالذات من أولئك الذين يعارضون إلحاق أي شروط بالمساعدة العسكرية التي تقدمها الولايات المتحدة إلى مصر. يقول هؤلاء: «عليكم الحذر، فالرئيس عبد الفتاح السيسي لم يعد يعتقد أن بإمكانه الاعتماد على الولايات المتحدة بسبب التوترات الثنائية التي شهدتها الأعوام الأخيرة». ثم تحذر هذه النظرية من أن القاهرة بدأت تتجه نحو روسيا، الأمر الذي من شأنه في نهاية المطاف أن يحرم الولايات المتحدة من حليف مهم في المنطقة.
وأصل الحقيقة في هذه الفرضية أن السيسي يسعى في ما يبدو إلى إحياء لعبة الحرب الباردة التي جُربت في الماضي، وأثبتت نجاعتها في إشغال الولايات المتحدة وروسيا ببعضهما البعض. إضافة إلى ذلك، يبدو أنه معجب إلى درجة كبيرة بالرئيس الروسي بوتين، فكلاهما في الأصل ضابط مخابرات، وكلاهما طاغية مستبد. ولكن لدينا ما يجعلنا نشك في ما إذا كانت المؤسسة العسكرية المصرية على استعداد لأن تتحول من الولاء للغرب إلى الولاء لروسيا، كما نشك في ما إذا كانت مصر ما تزال بأهميتها نفسها التي كانت عليها ذات مرة بوصفها حليفاً عسكريّاً للولايات المتحدة.
نحتاج لأن نرى الإيقاع المتسارع في علاقات التعاون ما بين مصر وروسيا خلال السنوات الأخيرة ضمن سياق أوسع بكثير من مجرد المثلث الأميركي المصري الروسي. فمصر لا تسعى إلى استبدال الولايات المتحدة بقدر ما ترغب في كسب الدعم الروسي وإضافته إلى ما تحصل عليه من دعم أميركي. ثم، لقد سعت مصر ما بعد الثورة إلى التحول نحو سياسة خارجية أكثر استقلالاً تتمكن من خلالها من اللعب بكفلائها وضرب بعضهما بالبعض الآخر. فعلى سبيل المثال، كثيراً ما يحدث ذلك ما بين مصر وكفلائها السعوديين والإماراتيين. كما كانت تلك هي الخطة الأصلية لجمال عبد الناصر قبل أن يتحالف بشكل مكشوف مع الاتحاد السوفيتي ما بعد حرب السويس في عام 1956. بمعنى آخر، لا ترغب مصر في أن تكون متواكلة على روسيا أكثر مما هي متواكلة على الولايات المتحدة. أضف إلى ذلك أن السيسي سعى إلى توسيع الارتباطات الدفاعية والتجارية مع ألمانيا وفرنسا تماماً كما فعل مع روسيا.
وفي خضم طفرة الزيارات والإعلانات الثنائية فإن من السهولة أن يقع المرء في المبالغة في تقدير حجم ما تقدمه روسيا لمصر. خذ على سبيل المثال قروض روسيا لمصر، والتي يتوجب على مصر سدادها، فهذه ليست بديلاً عن المنح التي تقدمها الولايات المتحدة مساعدة لمصر، كما أن روسيا ليست في المقام نفسه كالولايات المتحدة من حيث تسهيل دخول مصر إلى العواصم الأوروبية، وإلى المؤسسات المالية الدولية. ما تحتاجه مصر هو الاستثمار في القطاع الخاص، وتحتاج من ذلك إلى الكثير والكثير جداً، وليس هذا مما بإمكان بوتين أن يقدمه. أضف إلى ذلك أنه ليس من السهل تحويل أنظمة التشغيل العسكرية بجرة قلم، وخاصة بعد عقود من اعتماد مصر على التجهيزات والتدريبات الأميركية في جميع المجالات في ما عدا شبكة الصواريخ الدفاعية.
كما أن بوتين لم يكن داعماً للسيسي بلا شروط كما يزعم بعض الناس، وفي الوقت نفسه لم يرحب السيسي بكل استهلالات بوتين ومقترحاته. ما زال بوتين محجماً عن استئناف جميع الرحلات الجوية التجارية إلى مصر، والتي توقفت منذ التفجير الإرهابي الكارثي في 2015، والذي حطم الطائرة الروسية بعيد إقلاعها من مطار شرم الشيخ. صحيح أن بوتين وافق مؤخراً على السماح للرحلات الجوية بالتوجه إلى القاهرة، ولكنه لم يسمح بعد باستئنافها إلى المطارات المطلة على ساحل البحر الأحمر، والتي كانت المهوى الرئيسي للسياح الروس الذين كانوا يترددون على مصر بأعداد كبيرة. وأما السيسي فما زال محجماً بدوره عن الاستجابة لطلب روسي بالسماح للروس باستخدام المطارات العسكرية المصرية، ربما لأن من شأن ذلك أن يضر بعلاقاته مع المؤسسة العسكرية في الولايات المتحدة.
ولكن ماذا لو انهارت العلاقة العسكرية بين الولايات المتحدة ومصر لأي سبب من الأسباب، وسعى السيسي إلى تعويض ذلك من خلال التحالف المكشوف مع روسيا؟ سيبدو ذلك على السطح كما لو كان انسحاباً آخر للولايات المتحدة من موقعها الذي كانت يوماً تهيمن فيه على المنطقة. أما من الناحية العملية، فإن تأثير ذلك في المصالح الأميركية سيكون أقل بكثير مما كان متوقعاً في الماضي.
نظراً إلى سنوات من التأكل الداخلي للدولة المصرية، فإن مصر اليوم أقل قدرة بوصفها لاعباً إقليميّاً مما كانت عليه قبل عقود، وما جيشها اليوم إلا انعكاس رديء للقوة التي كانت لديها ثم تبرأت منها تماماً في عام 1973. فعلى سبيل المثال، يتمتع الجيشان الأردني والإماراتي اليوم بقدرة أكبر بكثير على إظهار القوة وبسط النفوذ داخل المنطقة، وهما أكثر قابلية من المصريين للعمل بانسجام مع القوات الأميركية.
وباستثناء ليبيا، والتي هي أكثر أهمية بالنسبة للأوروبيين منها للمصالح الأميركية، لم تبد مصر رغبة في نشر قواتها خارج حدودها. لقد انتقلت القوة إلى الخليج نظراً إلى الأهمية المتزايدة للنفوذ الاقتصادي، وفي الوقت ذاته تفوقت البلدان العربية الأخرى وبلدان شمال أفريقيا على مصر في مجالات مثل التنمية البشرية. وبينما يبدو أن إدارة ترامب تعتقد أن مصر تشكل حجر الزاوية في عملية السلام «الإسرائيلية» الفلسطينية، إلا أنه لا رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو، ولا رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يتوقع منهما تجاوز ما رسمه كل منهما لنفسه من خطوط حمراء نزولاً عند طلب من السيسي.
تقف معاهدة السلام «الإسرائيلية» المصرية على أرض صلبة، كما أن العلاقات الثنائية الدافئة على المستوى الرسمي، الباردة على المستوى الشعبي، لم تعد تعتمد على تشجيع الولايات المتحدة ولا على تدخلاتها. والأغلب أن مصر ستستمر في السماح للسفن الأميركية بالعبور من خلال قناة السويس مقابل المبالغ السخية التي تدفعها البحرية الأميركية. قد تبادر مصر بحظر حقوق التحليق والهبوط للطائرات العسكرية الأميركية، ولكن هذه المصلحة نفسها غدت أقل قيمة مما كانت عليه ذات يوم بفضل استمرار الولايات المتحدة في تعزيز موقعها في قطر. كما أن السلوك العربي الآخذ في التساهل تجاه «إسرائيل» والانفتاح عليها قد يفتح هو الآخر خطوطاً جديدة للطائرات المدنية والعسكرية على حد سواء. وأخيراً، يصعب تقدير القيمة الحقيقية لتعاون مصر مع واشنطن في مجال مكافحة الإرهاب، ولكن ما نعلمه يقيناً هو أن السياسات المصرية تساهم بشكل أو بآخر في مفاقمة مشكلة الإرهاب، ونعلم كذلك أن مصلحة القاهرة تكمن في الاستمرار في عمليات مكافحة الإرهاب، بغض النظر عن مستوى العلاقات بين مصر والولايات المتحدة الأميركية.
مكمن الخطر بالنسبة للولايات المتحدة لا يتمثل في احتمال خسارتها مصر، وإنما في احتمال أن تنزلق هذه الدولة ذات المائة مليون نسمة لتغرق في مصير غامض، أو لتصبح حتى دولة فاشلة بسبب رداءة الحكم والنمو السريع في تعداد السكان، وهشاشة الوضع الاقتصادي. ما من شك في أن ذلك سيكون مآلاً مؤسفاً حقّاً، وذلك أن مصر القوية من شأنها أن تكون مصدراً مهماً للاستقرار في الشرق الأوسط. إلا أن التنافس مع موسكو على ولاء مصر لن يوقف انهيار البلد. ثم، لا بد من التحذير من أنها من خلال التزلف إلى السيسي والسعي إلى استرضائه، بالرغم من سياساته الضالة خشية أن يتحول إلى روسيا، فإن الولايات المتحدة إنما تزيد من احتمال تحقق مثل هذه المآلات السوداوية. لم تعد مصر جائزة استراتيجية يمكن للولايات المتحدة أو روسيا أن تكسبها، وإنما باتت تحدياً يحتاج إلى المعالجة من خلال الدبلوماسية الحذرة، وربما عند الضرورة من خلال دبلوماسية الإكراه.