بمشاركة شعبية حاشدة السويداء تشيّع شهداءها وهي مصممة على الدفاع عن الوطن.. والأسد يؤكد أن هذه الجريمة محاولة لبثّ الحياة في التنظيمات الإرهابية
أكد الرئيس السوري بشار الأسد خلال استقباله مبعوث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الخاص إلى سورية ألكسندر لافرنتييف، والوفد المرافق له، أن جريمة السويداء تدلّ على أن الدول الداعمة للإرهاب تحاول إعادة بث الحياة في التنظيمات الإرهابية لتبقى ورقة بأيديهم يستخدمونها لتحقيق مكاسب سياسية، إلا أن هذه المحاولات لن تنجح إلا في هدر مقدرات شعوب هذه الدول وسفك المزيد من الدماء البريئة.
وأثنى الأسد على ما تقوم به موسكو من أجل المساعدة في تهيئة الظروف لعودة جميع السوريين إلى مدنهم وقراهم، وأكد أن سورية حريصة على عودة جميع أبنائها، فقد رحبت بأي مساعدة ممكنة للسوريين النازحين في الداخل والخارج، لأن ذلك من شأنه أن يسهم في تحقيق عودتهم.
من جهته، دان لافرنتييف خلال لقائه الرئيس الأسد العمليات الإرهابية التي استهدفت محافظة السويداء، وأكد أن هذه الهجمات الوحشية تؤكد صحة المسار الذي تنتهجه الدولة السورية لجهة مواصلة الحرب على الإرهاب حتى تطهير كامل الأراضي السورية.
كلام الاسد جاء بالتزامن مع تشييع محافظة السويداء، وبمشاركة شعبية حاشدة، عدداً من الشهداء الذين ارتقوا بسبب الاعتداءات الإرهابية فجر أول أمس.
وأشار المشاركون في التشييع إلى أن الوطن يعلو ولا يعلى عليه مؤكدين استعدادهم الدائم للدفاع عن الوطن وتقديم الغالي والنفيس في سبيل عزته وأمنه واستقراره ودحر الإرهابيين المرتزقة عن كل شبر من أرض سورية.
وأكدوا أن السويداء كما كانت عبر تاريخها، سداً منيعاً في وجه المحتل الفرنسي والعثماني تقف اليوم في وجه الإرهاب وتقدّم التضحيات والشهداء فداء للوطن ودفاعاً عنه.
ولفت شيخ عقل طائفة المسلمين الموحدين الشيخ يوسف جربوع إلى أن أبناء محافظة السويداء يقفون سداً منيعاً في وجه هؤلاء الطغاة الجبناء الذين أتوا على حين غرة وانقضوا على النساء والأطفال والشيوخ، مشيراً إلى أن على الإرهابيين وكل من تسوّل له نفسه أن يعي تاريخ المحافظة ومواقف أبنائها.
وقال جربوع: «نحتفل اليوم بعرس أبنائنا الشهداء ممن ضحوا بأرواحهم ودمائهم في سبيل الدفاع عن الأرض والعرض والوطن ونقول للجميع.. هذه هي السويداء.. هؤلاء هم أبطالها الذين علموا الدروس التاريخية للاستعمار الفرنسي والاحتلال العثماني وكل من يحاول النيل من الوطن وكرامته».
من جهته قال شيخ عقل طائفة المسلمين الموحدين الشيخ حمود الحناوي خلال مراسم التشييع: «نودّع اليوم شهداءنا الأبطال الذين دافعوا عن الأرض والعرض والوطن وقدّموا دماءهم الزكية فداء لأهلهم وهذا ليس غريباً عنهم وأن شهداءنا فخر لنا. فالشهادة أعز ما يكون من موت».
وأضاف الحناوي: أن «ما تعرّضت له السويداء أمس، من جريمة إرهابية تكرار للجرائم التي ارتكبتها التنظيمات الإرهابية بحق أبناء الوطن في مختلف المحافظات».
بدوره أشار مطران بصرى وحوران وجبل العرب للروم الأرثوذكس سابا إسبر إلى أن الذي جرى أمس، «مذبحة تمت على حين غرة وحلقة في سلسلة تستهدف محافظة السويداء التي كان قدرها دائماً أن تكون مصداً لكل أنواع الغدر التي استهدفت هذه البلاد المباركة»، مبيناً أن هؤلاء الشباب الذين نودّعهم اليوم ونرفع دعاءنا دائماً من أجل الرحمة لهم «حققوا أسمى آيات التضحية وقدموا أنفسهم من أجل أن يبقى هذا البلد في حرية وكرامة وسلام».
وعبر مواطنون مشاركون بالتشييع على المصاب الجلل الذي أصاب كل الوطن أمس عن مدلولات هذه الملحمة التي سطرها أهالي السويداء بالدم والشموخ والعنفوان على صفحات التاريخ. فيقول بسام مقلد من أهالي قرية رامي: «ارتقى 20 شهيداً من قريتنا من أبناء عمي ليكونوا في عداد كوكبة الشهداء الذين قدّمتهم المحافظة من خيرة شبانها دفاعاً عن أرضها»، مبيناً أن أبناء السويداء لم يسمحوا للإرهاب بالدخول إلى بلدهم أو اقتطاع أي ذرة تراب منه». ويقول عادل جربوع: «كلنا مشاريع شهادة للدفاع عن الأرض والعرض وعلينا الاستمرار بالتكاتف لنكون أكثر قوة في التصدي للهجمات الإرهابية وإفشال المخططات العالمية والمؤامرات التي تستهدف بلدنا».
من جهته قال سامر الشعار الذي فقد ابن عمه شهيداً مع شهداء المحافظة: «إن ما قدّمته السويداء بالأمس، لدحر أدوات وعملاء أميركا و»إسرائيل» ليس غريباً عن أبنائها المتمسكين بإرث أجدادهم النضالي».
وأشار أسامة الباروكي إلى أن «الكلام يعجز عن الوصف في هذا الموقف البطولي لأبناء السويداء الذين قدموا أرواحهم في سبيل الدفاع عن الوطن والتصدي لهذا الإرهاب الداعشي، بما يؤكد أن السويداء عصية عليه».
وأكد كل من خطار أبو فخر ووائل غرز الدين «الاستعداد دائماً لبذل الغالي والنفيس للدفاع عن عزة الوطن وكرامته وتقديم الشهيد تلو الشهيد حتى تحقيق النصر المؤزر ودحر الإرهاب وأدواته التكفيرية».
بينما لفت ياسر ومأمون الجرماني إلى أن السويداء «تقف اليوم وقفة عزة وكرامة عبر تقديمها كوكبة من الشهداء بما يؤكد التمسك بالأرض والدفاع عنها».
وأشار عماد دويعر إلى أن «الاعتداءات الإرهابية التي تعرّضت لها المحافظة أول أمس، تكشف الوجه البشع للقوى الظلامية التكفيرية وتفضح مواقف الأطراف المعادية لسورية»، لافتاً إلى أن «اعتداءات الإرهابيين الجبانة لن ترهب السوريين الذين سيهزمون قوى الإرهاب والشر والعدوان». وبيّن مروان أبو طافش أن هذه «الأعمال الإجرامية بحق أبناء المحافظة الآمنين هي دليل إفلاس وعجز وفشل المجموعات الإرهابية التكفيرية بعدما تلقت ضربات موجعة على يد أبطال الجيش العربي السوري»، مشيراً إلى أن «الدول الداعمة والممولة للإرهاب تتحمل المسؤولية الكاملة عن هذه الاعتداءات الجبانة التي تدل بكل وضوح على وحشية الإرهابيين الذين نفذوها».
وقال إحسان العشعوش: إن الأعمال الإرهابية «لن تثني عزيمتنا وإرادتنا عن الثبات والصمود في وجه الإرهاب، مهما تغوّل الإرهابيون في إجرامهم، ومهما تكالب أعداء الوطن»، لافتاً إلى أن السويداء «كانت وستبقى عصية على كل المؤامرات».
كما اعتبر ناصر أبو حلا أن هذه «الأعمال الإجرامية الدنيئة تعكس الطبيعة الإجرامية للعصابات الإرهابية وهي مدانة بكل الشرائع السماوية»، مؤكداً أن أبناء المحافظة «ثابتون في أرضهم وهم يد واحدة في وجه الإرهاب» وأن «النصر آتٍ بهمة رجال الجيش العربي السوري الميامين».
وكان ارتقى عشرات الشهداء وأصيب عشرات آخرون بجروح جراء اعتداءات إرهابية انتحارية على مدينة السويداء بالتزامن مع هجمات لإرهابيي «داعش» على عدد من القرى بالريفين الشرقي والشمالي في المحافظة.
ميدانياً، رفع الجيش السوري العلم السوري على معبر القنيطرة على الشريط الفاصل مع الجولان المحتل، بالتزامن مع دخوله قرى الحميدية والقحطانية ورسم الرواضي بريف القنيطرة الأوسط ورفع العلم السوري فيها.
ونقلت مواقع التواصل الاجتماعي مشاهد لرفع العلم السوري فوق المعبر الذي تفصله أمتار قليلة عن الجهات المقابلة الخاضعة لسيطرة الاحتلال.
وذكرت وكالة سانا أن الجيش السوري عثر على مشفى ميداني بداخله كميات كبيرة من الأدوية بعضها «إسرائيلي» من مخلفات الجماعات المسلحة قرب معبر القنيطرة.
يأتي ذلك بعد استعادة الجيش السوري السيطرة على المزيرعة وبحيرة سد عدوان بريف درعا الشمالي الغربي جنوب سورية.
وقالت الوكالة إن وحدات من الجيش دخلت ظهر أمس إلى قرية الحميدية شمال مدينة القنيطرة بنحو 3 كم وبدأت على الفور وحدات الهندسة بتمشيط القرية وتفكيك الألغام والعبوات الناسفة التي زرعها المسلحون في الشوارع لتأمين القرية تمهيداً لعودة الأهالي الى منازلهم وممارسة حياتهم الطبيعية بعد سنوات من سيطرتهم على القرية.
وبالتزامن مع انتشار وحدات الجيش في قرية الحميدية تم رفع العلم السوري في القرية إيذاناً بعودة مؤسسات الدولة إليها.
وعرض الإعلام الحربي مشاهد من قرى وبلدات صيدا الجولان واللوبيد وأم اللوقس وغدير البستان والسكرية، إضافة إلى مشاهد من داخل مقار وسجون المجموعات المسلحة التي كانت قائمة في المنطقة.
وكان مصدر عسكري أعلن تحرير تل الجموع بريف درعا الشمالي وأربع نقاط استناد متصلة به بعد القضاء على آخر تجمّعات الإرهابيين فيها.
وذكر المصدر العسكري في تصريح لـ سانا أن «وحدات الجيش العاملة في الريف الشمالي لدرعا أحكمت السيطرة على تل الجموع وأربع نقاط استناد متصلة به وأبطلت مفعول شبكة كبيرة من الألغام المضادة للدروع والأفراد واستولت على كمية كبيرة من العتاد الحربي الثقيل».
ولفت المصدر إلى أن «وحدات من الجيش أحكمت سيطرتها على قرى وبلدات سحم الجولان والشيخ حسين وكوكب والشبرق ومسيرتة واللويحق وسلبك في ريفي درعا الشمالي الغربي والقنيطرة الجنوبي الشرقي».
بالتوازي، بدأت منظمة الهلال الأحمر السوري توزيع المساعدات الإنسانية التي قدّمتها فرنسا، معلنةّ عن دخول سبع شاحنات تضمُّ مساعدات انسانية غير غذائية مدينة دوما.
وكانت المنظّمة قد تسلمت خمسين طناً مِنْ هذه المساعدات المقدَّمة من الحكومة الفرنسية إلى الشعب السوريّ.