خريطة الاتجاهات الراهنة والتحوّلات المرتقبة عشية الانتخابات الاميركية
كرّست مراكز الابحاث معظم اسهاماتها ودراساتها للبحث في ميزان القوى بين الحزبين الذي سينجم عن جولة الانتخابات النصفية المقبلة في الولايات المتحدة، لا سيما في ظل تنامي السخط الشعبي ونبذه لسياسات الرئيس باراك اوباما.
سيخصص قسم التحليل قسطاً وافراً لآليات وافرازات الانتخابات المحتملة، خاصة في معركة السيطرة على مجلس الشيوخ حامية الوطيس بين الحزبين الرئيسيين والتعرّف على كنه السباقات الانتخابية في الولايات التي صنفت «محورية» لكلا الحزبين، اذ ان خسارتها تشكل صفعة وتراجعاً للحزب الخاسر، وتداعياتها على جولة الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2016.
هاجس «داعش» اميركيا
اعرب معهد كاتو عن اعتقاده بأن الولايات المتحدة تلجأ لتبسيط القضايا المتعلقة بالدولة الاسلامية، محذراً «ليس من الحكمة لجوء المسؤولين الاميركيين لترويج طبيعة المعركة ضد الدولة الاسلامية بأنها صراع بين الخير والشر. بيد ان طبيعته تشير الى نموذج معقد متعدّد الاطراف وتنافس بين قوى اقليمية…» واضاف: يتعيّن على القادة الاميركيين التأمل في الخيارات المطروحة بعناية فائقة في ظل دخول واشنطن وتخبّطها في حقل الغام جيو سياسي، وما ينطوي عليه من احتمال عالٍ لفشل سياسي واحباط. فالحمقى يندفعون الى ما تخشاه الملائكة من عجل.»
فلسطين
حث معهد كارنيغي دول الاتحاد الاوروبي على «منح الاعتراف بدولة فلسطين بغية المضيّ في مسار التفاوض السلمي… تجسيدا لانتهاجه سياسة مستقلة» عن واشنطن. وحذره من التقاعس عن القيام بذلك لما يتطلبه من وقف المراهنة، لا سيما ان جهود مخففة تسفر عن الحاق الضرر بمصداقيته وكذلك بامكانية التوصل الى حل سلمي للصراع الفلسطيني الاسرائيلي.»
اليمن
انفرد مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية من بين أقرانه بتناول حالة عدم الاستقرار في اليمن، منبّهاً صنّاع القرار في واشنطن الى عدم تجاهل ما يجري هناك، ومستدركاً ان ذلك لا ينبغي ان يفسّر بأنه محاولة «لإلقاء اللوم على الولايات المتحدة وحلفائها للمآسي الجارية في اليمن… بل للفت انتباه المعنيين استنساخ تجربة اليمن على ضوء ما يجري بلورته من توجهات في العراق وسورية واليمن تصل كلفتها الى بضعة مليارات من الدولارات.» واضاف: «لعله من المفيد التقاط الأنفاس لمراجعة وادراك أوجه القصور في تلك التجربة.»
تركيا
حث صندوق «جيرمان مارشال» الولايات المتحدة على بذل كل ما تستطيع لاقناع «تركيا الانخراط في الحرب على داعش… عوضاً عن القاء اللوم على عاتق تجارب الماضي، واستغلال نفوذها لدى انقرة بغية تعديل مسارها.» واوضح انّ «المشاكل الداخلية التي تعاني منها تركيا. .. هي احد اعراض، وليست سبباً، للتحديات الاقليمية الضخمة النابعة من انهيار كل من العراق وسورية.» وحث واشنطن على اظهار مزيد من آليات التأييد للحكومة التركية تستهلها «بعقد لقاء لاصدقاء سورية» هناك بحضور «الجيش الحر والعناصر الكردية المدافعة عن كوباني.»
سعى معهد ابحاث السياسة الخارجية إلى سبر اغوار «التحولات الاستراتيجية المتسارعة» في تركيا، لينسب الدور الاكبر والاشمل في «بروز الهوية الاسلامية لتركيا» الحديثة الى «قيام انقلاب عام 1980».
الحزب الجمهوري يتوثب للسيطرة على الكونغرس
الشائع بين الجمهور الانتخابي الاميركي، بشكل خاص، انه يدلي باصواته نتيجة تطابق وعود المرشحين لقضايا اجتماعية واقتصادية وسياسية ولمدى انسجامها مع تركيبته الثقافية وطموحاته الفردية. بيد ان الحقيقة تدل على اسدال «قوى معينة» ستارا كثيفا على عوامل مؤثرة عدة تحجب ما هو اهم من ذلك، لا سيما دور المال السياسي في الاستقطاب والتعبئة الاعلامية لقضايا محددة تخدم مصالح واجندات تلك القوى وتتبخر المعطيات التاريخية وعامل الالتزامات السياسية امام «سياسة الباب الدوار» لاصحاب رؤوس الاموال الهائلة وانتقائهم لمرشحين يعوّل عليهم لسنوات قد تطول. القضايا ذات الاهتمام «تقاس بالنتائج وليس بمضمونها.»
ايام تفصلنا عن نتائج الانتخابات النصفية المقبلة يميّزها حالة الاستقطاب الحادة بين الحزبين الرئيسيين وترجيح الطرف الاوفر تنظيما وقدرة وامكانيات، الحزب الجمهوري، على الفوز بمجلسي الكونغرس وما سيشكله من شل حركة العملية السياسية الرسمية عبر الصدام مع ومحاصرة السلطة التنفيذية.
لا يجوز اغفال عامل العنصرية المتجدد في تقرير نتائج الانتخابات، وحضوره الطاغي في كافة مناحي الحياة اليومية، وانْ بدرجات متفاوتة بين منطقة جغرافية واخرى. فبعض الولايات في الساحل الشرقي تتمتع بحس ليبرالي اوسع ساهم في تراجع حدة التفرقة العنصرية، مقارنة بالولايات الجنوبية، بشكل خاص، التي لا تزال تعيش في اجواء استقطابات الحرب الاهلية، والدليل الاكبر ما جرى من استقطاب في مدينة فيرغسون بولاية ميزوري عقب اغتيال شاب اسود البشرة على يد رجل شرطة ابيض وتفاعلاتها الممتدة ليومنا هذا. بعبارة ادق، فان سياسة المصالح الكبرى المسيطرة على القرار السياسي «تتجلى في تعزيز الفروقات الاجتماعية المصطنعة» بين فئات الشعب الاميركي.
كما يرصد ارتفاع وتيرة «الاتهامات» السابقة مستهدفة الرئيس اوباما وادارته من قبل الدوائر المحافظة التي تضمر حقداً عنصرياً ضد اول رئيس اسود البشرة لتحويل الانظار عن القضايا الجوهرية، اسوة باتهام «اسرائيل الآخرين بمناهضة السامية لنحو عقود ستة بغية اسكات اي انتقادات توجه لسياساتها » وحشد العامة ضد بعض اوجه سياساته التي تقارب «ترسيخ البرامج الاجتماعية والرعاية الصحية العامة» التي تتعارض مع المصالح الاقتصادية لفئة ضيقة من فاحشي الثراء. يذكر ان باكورة برامج الرئيس اوباما «الرعاية الصحية» الشامل تمت صياغته من قبل السيدة ليز فاولر، «نائب رئيس شركة جونسون آند جونسون،» احدى كبريات شركات الادوية ومنتجات الرعاية الصحية، مما يدحض زعم الادارة ومؤيديها بأن البرنامج يخدم مصالح العامة بشكل اساسي.
ذات الأمر ينطبق على المواقع الرسمية الاخرى لمناصب حكام الولايات وسلطاتها التشريعية الداخلية، وينذر بتكرار تجربة «المد والجزر» في الاستقطاب السياسي الحاد لعام 2006، عندما استعاد الحزب الديمقراطي سيطرته على مجلسي الكونغرس آنئذ. السيطرة على مجلسي الكونغرس تبشر «ملء خزائن الحزب الفائز بالتبرعات المالية من الشركات الكبرى،» كما اوجز الأمر مدير طاقم موظفي البيت الابيض الاسبق، رام عمانويل.
ويزداد الامر وضوحاً عند الأخذ بعين الاعتبار انّ المرشحين المحليين، لكافة المناصب، يتطلعون إلى لعب دور سياسي اكبر على الخارطة القومية، وتراود بعضهم رغبة الترشح للمنصب الرئاسي للجولة المقبلة عام 2016، وامعانهم في تجديد الالتزام ببرامج اقتصادية «نيو ليبرالية» خدمة للمصالح الاقتصادية الكبرى، اهمها «سياسة الخصخصة» على المستوى المحلي لموارد الولاية المعنية ومحاصرة او الغاء برامج الدعم الاجتماعية السارية.
في هذا الصدد، تجدر الاشارة الى عامل التمايز بين سياسات الرئيس أوباما وسلفه جورج بوش الابن الاقصائية والذي يكمن في حجم وكثافة طلاء التجميل للنظام السياسي والحزبي، وليس خلافا على الجوهر. فكليهما ابرز ولاءه التام لعصب النظام الرأسمالي، وول ستريت، والشركات الضخمة العابرة للقارات والحدود الاقليمية، وانتهاج سياسة «الحق الحصري المنفرد في اغتيال اي كان في اي مكان» من الكرة الارضية، وتسخير الموارد الهائلة لشن حروب لامتناهية خدمة لمصالح الشركات الكبرى: قطاعات النفط وصناعة الاسلحة وايضا في إدامة وتكريس قيم «النيو ليبرالية» في بسط سيطرتها على مقدرات العالم عبر انماط متعددة «لاقتصاد السوق وعقد اتفاقيات تجارية» تخدم مصالح الشركات الاميركية حصرا. ولم تشفع لاوباما سياسته بالاصطفاف الى جانب كبريات شركات الاستثمار المالي في «وول ستريت» ابان الازمة الاقتصادية والهزة المالية عام 2008-2009 الناجمة عن استشراء الجشع في مصادر التحكم بالثروة الذين «اصطنعوا الازمة» والاطاحة بما تبقى من القيود والضوابط القانونية لضمان السيطرة وازاحة المنافسين.
آفاق الخارطة الانتخابية لعام 2014
استعراض تاريخ الانتخابات الاميركية يدل بوضوح الى تعثر فوز حزب الرئيس في الانتخابات النصفية، كما رأينا عام 2006 ابان حقبة الرئيس جورج بوش الابن والرئيس اوباما لن يكون استثناء، لا سيما مع تدهور شعبيته بين اوساط الناخبين يفاقمها بؤس الاداء الاقتصادي وتعثر سياسته الخارجية في ساحات عدة: الحرب ضد «داعش»، اصلاح قوانين الهجرة، وانتشار وباء ايبولا التي اضحت مجتمعة مادة ثابتة في اهتمامات الناخب العادي.
اضافة إلى تلك المسائل يسود شبه اجماع بين قواعد المستقلين وبعض اعضاء الحزب الديمقراطي وغالبية من الحزب الجمهوري مفاده ان الرئيس اوباما فقد صلته بالواقع، فضلا عن تضخم الهيكل الحكومي وما يشكله من عبء على نوعية الاداء، الامر الذي يصب في مصلحة الحزب الجمهوري وتبركه بتعويذة «جهاز حكومي ضئيل.» الامر الذي حفز عدد من المرشحين من الحزب الديمقراطي تفضيل الابتعاد عن الرئيس وسياساته: احدهم السيناتور مارك بريار من ولاية اركنساس الذي عبّر عن حرجه من اسلوب الرئيس في معالجة وباء ايبولا، وكذلك الأمر مع المرشحة عن ولاية كنتاكي أليسون لاندرين غرايمز التي ترفض الافصاح عمن صوتت له للرئاسة عام 2012.
تلك هي بعض المشاهد التي تحول دون تقرّب اي مرشح من اعلان تأييده للرئيس.
احد استطلاعات الرأي الحصيفة اشار الى تفوق الحزب الجمهوري بنسبة 60 في المئة على خصمه للفوز بأغلبية مجلسي الكونغرس، بيد ان بعض التطورات غير المرئية في ولايات جورجيا وساوث داكوتا وكانساس اسفرت عن تقدم المرشحين عن الحزب الديمقراطي، مما يعيد خلط الاوراق من جديد. بلغة الارقام الراهنة، لغاية 20 تشرين الاول الجاري، تتساوى حظوظ الحزبين في مجلس الشيوخ، بنسبة 45 مقعد لكل منهما، و10 مقاعد غير محسومة للحظة. اما مجلس النواب، يرجح ان تستقر النسب على الآتي: 188 مقعد للحزب الديمقراطي، 229 للحزب الجمهوري، و 18 مقعد يتبارى الحزبين للفوز باعلى نسبة منها.
كما اشار استطلاع آخر للرأي الى اولوية بند الرعاية الصحية على ما عداه من برامج، بما فيها الأمن القومي وحال الاقتصاد والحروب الخارجية، التي عادة تشكل مادة الصمغ اللاصقة لمرشحي الحزب الجمهوري، تجسيدا لمفاضلته «القانون المحمي بالقوة،» والمفرطة احيانا.
اظهرت نتائج التصويت المبكر في عدد من الولايات الميالة للحزب الديمقراطي تنافساً شديداً اسفر عن الحدّ من نسبة تفوق المرشح الديمقراطي. في ولاية ايوا، التي تعد محورية في الخارطة الانتخابية، اشارت نسبة التصويت المبكر الى تأييد 43 في المئة للحزب الديمقراطي، مقابل 40 في المئة للحزب الجمهوري مقارنة مع نسبة متدنية عام 2012 الني بلغت 32 في المئة. استناداً الى التحولات السابقة من المرجح ان يفوز الحزب الجمهوري في ولاية ايوا.
نتائج مماثلة ايضا رصدت في التصويت المبكر لحكام الولايات، خاصة في ولاية فلوريدا، التي اسفرت عن تقدم الحزب الجمهوري بنسبة 48 في المئة مقابل 35 في المئة لخصمه الديمقراطي، على الرغم من الضخ المالي والمعنوي الهائل للحزب الديمقراطي هناك. المرشح الجمهوري ريك سكوت يتطلع ايضا الى الانتخابات الرئاسية عام 2016 كأحد مرشحي حزبه.
ورصدت صحيفة «واشنطن بوست» حالات مشابهة لم تقدم تجري في ولايات محورية اخرى قائلة أن اداء «الديمقراطيين في كل من ولاية ايوا ونورث كارولينا اسوأ بكثير عما اشارت اليه الاستطلاعات في مطلع الشهر الجاري مقابل تقدم ملحوظ للحزب الجمهوري. واضافت انها رصدت نتائج التصويت المبكر في ولايات نيفادا وكاليفورنيا وكولورادو، التي اسفرت عن قياس تفوق اداء المرشحين عن الحزب الجمهوري.
الشريحة المهملة او المستثناة من التصويت المبكر، في الولايات سالفة الذكر، هي المستقلين وغير المنتسبين للحزبين، والتي ربما ستقلع عن المشاركة بالكامل او المشاركة بنسبة ضعيفة. الامر الذي يترتب عليه بذل جهود اضافية لكلا الحزبين للتودّد لاولئك وحثهم على تأييد مرشحيهم.
النتائج المشار اليها قبل ايام معدودة من اجراء الانتخابات اقلقت الرئيس اوباما الذي كان يتطلع للعب دور المخزون الرئيسي للحزب باعلان تأييده لمرشحين بعينهم. نجح الرئيس في حملات التبرعات المالية لخزينة حزبه، بينما احجم عدد من المرشحين عن الظهور العلني معه، وهو اسلوب يتناوب على تطبيقه ساكن البيت الابيض في جولات الانتخابات النصفية.
في حال الحزب الديمقراطي، آثر الرئيس اوباما الانكفاء عن الترويج لمرشح حزبه في الولايات المحورية، مستغلا حضوره الى جانب مرشحيه في ولايات تعد شبه محسومة لصالح الحزب الديمقراطي: ايلينوي وماريلاند وكونتيكت. يذكر ان حضوره في ولاية ماريلاند «الليبرالية» دفع بعض الحضور الى الخروج من القاعة خلال القائه خطابه.
بعض القادة الطامحين في تعديل سياسة الحزب الديمقراطي يبذل جهودا عالية لقيادة دفة الحزب بعيدا عن سياسات الرئيس اوباما وتبني مواقف اكثر اعتدالا ووسطية اسوة بتجربة الرئيس الاسبق بيل كلينتون الذي انتهز فرصة بروز الحزب الجمهوري آنذاك وتبنى بعض سياساته ومواقفه مما مكنه من ديمومة رمزيته المحورية. الامر الذي يدل على عودة الرئيس كلينتون ليلعب دورا متجددا في قيادة وجهة الحزب الديمقراطي خلال ما تبقى من ولاية الرئيس اوباما، التي يطلق عليها «البطة الكسيحة» نظرا لتراجع دوره امام سيطرة الحزب المنافس على مجلسي الكونغرس.
بروز الرئيس كلينتون يتم تحت سمع وبصر الاقطاب السياسية المعنية. ووصفت يومية «ذي هيل،» المعنية بشؤون الكونغرس، جهود كل من «بيل وهيلاري كلينتون وتوظيف جاذبيتهما الساحرة لتأييد مرشحين يمثلون تيار الوسط كما في ولايتي كينتاكي واركنساس،» بيد ان رصيديهما لم يؤتِ ثماره اذ تشير الاستطلاعات الى تراجع كلا المرشحين امام خصميهما من الحزب الجمهوري. وعلقت «ذي هيل» على تعثر المرشحين الديمواطيين بالقول ان «حظوظهم بالفوز بالانتخابات تتضاءل باضطراد.»
المؤشرات الانتخابية الراهنة تدل على عزم هيلاري كلينتون الترشح لمنصب الرئاسة عن الحزب الديمقراطي، عام 2016، مما يتطلب منها اثبات قدرتها ومهارتها بايصال مرشحين ديمقراطيين في الجولة الانتخابية بعد بضعة ايام. اما وان لم يسعفها الحظ بذلك، سيترجم سلبا على حظوظها المقبلة وبروز منافسين آخرين يمثلون التيارات المعتدلة والمحسوبة على يسار الحزب الديمقراطي.
مجلس الشيوخ
يستميت الحزبان الرئيسيان في الفوز بنسبة اغلبية ممثلي مجلس الشيوخ، نظرا لتقارب تعادل التمثيل الراهن بينهما. في حال فوز الحزب الجمهوري، كما ترجح استطلاعات الرأي وتوقعات العناصر النافذة في الحزبين، سيستغل انتصاره بحجب تمويل برامج الرئيس اوباما، السابقة والمقبلة، مما سيترجم بتقليص نفوذ الرئيس وتراجع سياساته.
يحتاج الحزب الجمهوري الى الفوز بمقاعد ستة اضافية، ويتوثب للفوز بنسبة تتراوح بين 6 الى 9 مقاعد يعززه تحول شريحة المترددين للتصويت لصالحه، على الارجح. فالولايات المحورية، اوهايو نموذجا، تشير الى ميلها للتصويت لصالح الحزب الجمهوري او الثبات على نسبة غالبية تأييدها الراهنة لصالحه.
يجمع المراقبون على ترجيح كفة الحزب الجمهوري على الرغم من بعض العقبات الراهنة: مرشح الحزب في ولاية نورث كارولينا، توم تيليس، حافظ على تراجعه امام السيناتور الديمقراطي كاي هيغان لفترة قريبة، واستطاع «تلويث» سمعته بنظر الناخبين بوصفه قريبا من سياسات الرئيس اوباما لا سيما في ادارته لخطر «داعش» ووباء ايبولا. ايضا المرشح الجمهوري عن ولاية كولورادو، كوري غاردنر، استطاع الابقاء على نسبة تفوق على خصمه تتراوح بين 2 و 6 نقاط مئوية في كافة استطلاعات الرأي التي اجريت خلال شهر تشرين الاول الجاري. وكذلك الامر في ولاية ايوا وتعادل مرشحي الحزبين في ولاية نيو هامبشير، على الارجح نظرا الى البيئة الانتخابية المعادية للحزب الديمقراطي في معظم انحاء البلاد.
المقاعد الستة التي يحتاجها الحزب الجمهوري اضحت في متناول اليد: فمرشحو الحزب يتفوقون في 3 ولايات مونتانا وساوث داكوتا وويست فرجينيا وهو نصف العدد المطلوب قبل بدء الانتخابات. وربما سيتلقى الحزب هزيمة مرشحه في ولاية ساوث داكوتا بيد ان استطلاعات الرأي لا تشير الى حسم المسألة قبل يوم الانتخاب.
المقعد الرابع، للجمهوريين، هو ولاية اركنساس الذي يتقدم مرشحه، توم كوتن، بنسبة 8 نقاط مئوية. المقعد الخامس هو لولاية الاسكا التي لم يسجل تراجع مرشح الحزب الجمهوري منذ بدء الاستطلاعات في شهر آب الماضي.
المقعد السادس المرشح هو في ولاية كولورادو على الرغم من اشارة استطلاعات الرأي الى تقدم المرشح عن الحزب الديمقراطي، مارك يودال، بنسبة مريحة 9 نقاط مئوية معظمها في قطاع المرأة، وهو بحاجة ماسة الى احراز تقدم بين الناخبين الذكور لتعديل كفة خصمه كوري غاردنر الراجحة بينهم. احدث استطلاعات الرأي اشارت الى تأييد 37 في المئة من الناخبين للمرشح الديمقراطي، مقابل 52 في المئة من المعارضين، مما يدل على امكانية عالية لهزيمته.
من المقاعد المرجحة الاخرى لصالح الحزب الجمهوري هي ولاية ايوا التي اشارت استطلاعتها الى ثبات تقدم المرشحة الجمهورية جوني ايرنست في خمسة استطلاعات متتالية، وتعادلها مع خصمها الديمقراطي في الاستطلاع السادس والاخير.
تجدر الاشارة الى مقاعد الحزب الديمقراطي المهددة: لويزيانا التي تتراجع نسبة تأييد مرشحتها ماري لاندرو الى نسبة 36 في المئة امام خصمها بيل كاسيدي نورث كارولينا وهي التي سجل فيها ثبات تقدم السيناتور الحالي عن الحزب الديمقراطي، كاي هيغان، لكنها نسبة ضئيلة، وضخ الحزب الجمهوري نحو 6 ملايين دولار خصصها للدعاية والاعلان التلفزيوني لصالح مرشحه ولاية نيو هامبشير التي تصارع المرشحة عن الحزب الديمقراطي، جين شاهين، للمحافظة على نسبة تقدمها الراهنة.
يعول الحزب الديمقراطي على الفوز بمقعد داخل تمثيل الحزب الجمهوري لتعديل خسارته المرتقبة في الولايات الاخرى، مع ترجيح العكس. فالحزب لا يزال يراهن على كسب مقعد ولاية كانساس من خصمه الجمهوري بات روبرتس، الذي اشارت استطلاعات الرأي الى تفوقه في 3 استطلاعات من مجموع 4، بنسبة 52 في المئة مقابل 35 في المئة للمرشح الديمقراطي. تميل نسبة معتبرة من المترددين، 48 في المئة مقابل 25 في المئة، الى التصويت لصالح الحزب الجمهوري في كانساس في الجولة القادمة.
راهن الحزب الديمقراطي طويلا على ازاحة ممثل الاقلية في مجلس الشيوخ عن ولاية كنتاكي، ميتش ماكونل، بيد ان مرشحته أليسون لاندرغن غرايمز بدأت تتعثر في نسب التأييد اذ تقدمت في استطلاع واحد من مجموع 15 استطلاعا رجحت فوز ماكونل.
ولاية جورجيا ربما تمثل افضل الحظوظ للحزب الديمقراطي، بيد ان قانون الولاية يقتضي حصول الفائز ة على نسبة 50 في المئة من الاصوات، والا الدخول في جولة انتخابية ثانية مطلع العام المقبل. الاستطلاعات الراهنة تشير الى اخفاق المرشحة الديمقراطية ميشيل نان الفوز بتلك النسبة وتسجيل اقتراب خصمها من النسبة المطلوبة بثبات.
وعليه، واستنادا الى المعطيات الراهنة، يرجح فوز الحزب الجمهوري بغالبية مقاعد مجلس الشيوخ.
سباقات انتخابية اخرى
الجولات الانتخابية على الصعد المحلية للولايات اساسية نظرا لتلازم مسارها مع الانتخابات القومية والرئاسية، انسجاما مع قواعد وأسس النظام السياسي الفيدرالي في اميركا. السباق الانتخابي الراهن سيفرز حضور عدد من حكام الولايات، من الحزبين الرئيسيين، على الساحة القومية، بعضهم لديه مطامح الترشح لمنصب الرئيس في الجولة المقبلة.
بلغة الارقام، عدد مقاعد المرشحين عن الحزب الجمهوري يقارب ضعف عدد المرشحين الديمقراطيين الذين يعانون من وطأة اخفاق سياسات الرئيس اوباما. بيد ان الانتخابات المحلية، لمنصب حاكم الولاية، عادة ما تأخذ بعين الاعتبار اداء المرشح في منصبه وليس بمعيار قربه او بعده عن ساكن البيت الابيض. في هذا السياق، من المرجح ان يتعرض الحزب الجمهوري لخسارة بعض مناصب حكام الولايات، خاصة في ولاية بنسلفانيا وكذلك الأمر بالنسبة للحزب الديمقراطي الذي يدرك تراجع مرشحه لمنصب حاكم ولاية كولورادو. بالمحصلة، يبلغ عدد المقاعد المهددة للحزب الجمهوري 7 مقاعد، مقابل 6 مقاعد للخصم الديمقراطي.
تجدر الاشارة الى ان غالبية من تناوب على منصب رئاسة الولايات المتحدة جاء بخلفية حاكم ولاية من احدى الولايات: ريغان، كارتر، كلينتون.
الطامحون في المنصب الرئاسي عن جانب الحزب الديمقراطي يتقدمهم حاكم ولاية نيويورك، اندرو كومو، الذي تتعلق حظوظه بنجاح هيلاري كلينتون في حشد القاعدة الانتخابية.
محورية انتخابات عام 2014
في اسوأ الأحوال ستبقى معادلة شبه تعادل التمثيل قائمة بين الحزبين. بينما في حال فوز الحزب الجمهوري، كما ترجح استطلاعات الرأي، سيسعى لإحداث تغييرات جوهرية لصالح المصالح الاقتصادية التي يمثلها. على الجانب الآخر، في حال اخفاق الجمهوريين، ستبقى الاحوال على ما هي عليه راهنا.
جولة الانتخابات عام 2010 اعتبرها الحزب الجمهوري محورية اذ فاز بمقاعد ستة اضافية في مجلس الشيوخ، وغالبية 63 مقعد في مجلس النواب، و8 مناصب حكام ولايات، فضلا عن نحو 660 مقعدا في السلطات التشريعية المحلية للولايات. وحقق فوزا في بعض المقاعد التي كانت تحسب لصالح الحزب الديمقراطي في العادة، مثل ويسكونسن وبنسلفانيا وايلينوي.
الحصيلة لم تكن صافية لصالح الجمهوريين، اذ خسروا مقاعد ممثلين في نيفادا وكولورادو، وتراجع مرشحيهم لمنصب حاكم ولاية كاليفورنيا. في انتخابات ولاية نيويورك، فاز الجمهوريون ببعض المقاعد بينما خسروا منصب حاكم الولاية وبعض المقاعد في مجلس الشيوخ المحلي. بالمقابل، حافظ الحزب الديمقراطي على فوز مرشحيه لمجلس الشيوخ عن ولايات اوريغون وفيرمونت وواشنطن واريزونا ومونتانا ونورث داكوتا، واخفق في فوز مرشحه بوب كيري عن ولاية نبراسكا.
جولة انتخابات عام 2012 افرزت فوزاً للحزب الديمقراطي اعتبره محورياً، لا سيما مع فوز الرئيس اوباما بولاية ثانية رافقه خسارة مرشحيه على المستوى المحلي في ولايتي نيفادا واريزونا.
مسار الانتخابات الاميركية يشير الى وهن الزعم بان نتائجها تدل على الغلبة الكاسحة للحزب الفائز، وينبغي تركيز الانظار على الفائز بأغلبية مقاعد السلطة التشريعية بمجلسيها، الشيوخ والنواب.