الخوذ البيضاء وإنسانية القلوب السوداء!

محمد ح. الحاج

لم أنتظر حتى تتكشف الحقائق عن الخوذ البيضاء فقد كنت أعرف الكثير عن أصولها ووظيفتها منذ اللحظة التي وضعوا فيها الطفل على كرسي عربة الإسعاف، وهو يتطلّع حوله مندهشاً مما يجري رغم تعفيره بالأتربة ورشّ بعض الدماء عليه. كانت تلك اللحظة عملاً مسرحياً فاشلاً بالمعايير كافة، لكن الكثير من البشر العاديّين كانوا يقولون هؤلاء الخوذ البيضاء من المؤسسات الإنسانية وهم من الدفاع الوطني!

هم مَن قتلوا عناصر الدفاع الوطني السوريين وأخذوا مهامهم، وبسبب متابعتي للمواقع الأجنبية وما نشرته عن ممارساتهم والشكوك التي أبدتها تلك المواقع، وخاصة السويدية منها، وظهورهم أغلب الأوقات في المواقع التي يُثار حولها الاتهام باستخدام الكيماوي وارتكابهم الأخطاء القاتلة التي فضحتهم، ومنها عدم اتخاذهم الحيطة وعدم استخدام الكمّامات والألبسة الواقية وطرق معالجتهم للإصابات الكاذبة وإجبارهم الصغار أو كبار السنّ على إجراء المعالجة وإغراقهم بطوفان مياه الصهاريج، وأخيراً جاء إثبات المنظمة السويدية أنهم قتلوا أطفال سورية بما يوضح الصورة «الإنسانية» لهذا التنظيم والجهات التي أوجدته ورعته، والتي كشفت عن نفسها عندما بادرت لإنقاذه وتهريب عناصره حتى لا يقعوا بيد المخابرات السورية وتكون الفضيحة.

مئات العناصر من الدول الغربية… فهل هم من المستعربين العاملين في المخابرات الغربية والصهيونية؟ وآلاف من عناصر الاستخبارات العربية، سعوديون، أردنيون ومن باقي دول الخليج، في تعبير فاضح عن نوعية التضامن اللا إنساني بطبيعة الحال حسب المهمة، سواء عمليات قتل وتصفية العناصر العسكرية أو الأطفال واستخدامهم ذرائع للتدخّل العسكري الغربي واستهداف الجيش السوري بالذرائع الكاذبة إياها.

أما بعد انكشاف الحقائق حول الخوذ البيضاء ومعرفة من هم أصحاب الرؤوس والقلوب السوداء المشبعة حقداً على الدولة السورية أرضاً وشعباً ونظاماً، نسأل أين هو الموقف العالمي من هذه الفضيحة بكلّ أبعادها، وهل هناك من إدانة واضحة والإشارة إلى الدول الكاذبة وأنظمتها المتسترة بالإنسانية المزيّفة، أم أنّ هذه الدول حصلت على شهادة كاملة بأنها كاذبة وأنها فوق القانون؟

إذا كان العدد الذي تمّ إجلاؤه من الجنوب فقط بالمئات، فكم من وحدات في مناطق الشمال، وهل تبادر تركيا في القريب لإجلائهم على وجه السرعة، خصوصاً أنّ لها بينهم الحصة الأكبر؟ ربما كان على جيشنا استهداف هؤلاء وعرباتهم قبل استهداف مواقع المسلحين ولست أدري إنْ كنا فعلنا أم لا؟

لقد كان مجمل العمليات التخريبية في الدول العربية خدمة للكيان الصهيوني، وكان قادة الكيان يشاركون فعلاً في التخطيط وغرف العمليات وربّما لم يخسروا الكثير فقد كان هناك ما يكفي ويزيد من العرب والأجانب في خدمتهم، مجنّدون بطرق احتيالية عديدة، إغراء بالمال، وبعضهم عن قناعة إيمانية خادعة.. وتوجيه وإعداد ديني وتحريض مذهبي.

الخوذ البيضاء بما فعلته، وما ستفعله، ليست إلا جانباً معبّراً عن القلوب والرؤوس السوداء المتخمة كراهية وحقداً على هذه الأرض المقدسة، قلب العالم، وجوهرته، وجذره الذي فاض على البشرية خيراً وفلاحاً وإنسانية، لا تنسوا أننا بلد الشمس التي لا تنطفئ. سورية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى