أحزاب وطنية وهيئات شعبية تعتبر مجابهته أولى الأولويات «شذرات» من التطبيع الأردني مع الكيان الصهيوني
خاص «البناء» ـ محمد شريف الجيوسي
أكثر من هيئة شعبية أردنية أصبحت موجودة لمقاومة التطبيع مع العدو الصهيوني وإقامة علاقات تجارية واقتصادية وثقافية معه، سواء على صعيد كل نقابة مهْنية أردنية على حدة 14 نقابة أو على صعيدها مجتمعة، أو من قبل هذه جميعها مع أحزاب المعارضة في هيئة وطنية عليا على مستوى الأردن.
وهناك أيضاً جمعية مناهضة الصهيونية والعنصرية ومجموعة «جك» المناهضة للصهيونية ولمعاهدة وادي عربة والتي تولّدت عنها مجموعة ميدانية بعنوان استحي حيث يقوم شباب هذه المجموعة بتنظيم زيارات تعبوية لمحلات بيع الخضار والفواكه والملبوسات ذات المنشأ «الإسرائيلي»، حيث يوضحون لهم مخاطر التطبيع الاقتصادي مع «إسرائيل» ويحذرونهم من منعكسات ومضار عرض وبيع المنتجات «الإسرائيلية» في محالهم على الاقتصاد الأردني والمصالح القومية العليا لشعبنا الفلسطيني والأمة ككل، وقد حققت هذه المجموعة بعض الإنجازات.
لقد تمكنت اللجنة الوطنية العليا لحماية الوطن ومجابهة التطبيع من إقناع الجهات المعنية بفرض وضع ليبل على المنتجات المستوردة من الكيان الصهيوني، ليكون أمام المواطن الأردني الخيار في شراء المنتج «الإسرائيلي» من عدمه، ولكن بعض المستوردين يتحايلون ويستبدلونها أو يطمسونها أو يخلعونها، فضلاً عن أن بعض المواطنين لا يعطون بالاً للتأكد من المنشأ من دون علم.
على رغم ذلك ما زال البعض من الشعب الأردني تجاراً ومستهلكين يتعاملون مع «إسرائيل»، وتتيح المعاهدة ليس فقط حماية هؤلاء بل تأمين كل الظروف المواتية لأجل ذلك. لكنها لا تعاقب أو تفرض على المواطن التطبيع وتترك له الخيار في ذلك، وقد تعاقبْ من يحول ترهيب المطبعين أو فرض إرادة عدم التطبيع على المجتمع الأردني لكن الدولة تقوم بكل التزامات التطبيع بحسب المعاهدة، وتقول أحزاب المعارضة إن الدولة الأردنية ملتزمة بها فيما لا تلتزم «إسرائيل» بما عليها أن تلتزم به، ومن بينها تمكين الأردن حماية الأردن للمقدسات المادة 19 وحصة الأردن من المياه التي تراجعت كميتها بموجب المعاهدة وغيرها.
وتتيح المعاهدة للكيان الصهيوني شراء أسهم في البورصة الأردنية، فقد أكدت مصادر البورصة، أن «إسرائيل» تملك أسهماً بقيمة 4,211.367,27 ديناراً أردنياً 5,9 مليون دولار موزعة على 117 مساهمة ويأتي ترتيبها الـ 40 من حيث القيمة السوقية. مقارنة بـ 3.6 مليون دينار نهاية العام الماضي 2013، وفق بيانات مركز إيداع الأوراق المالية. بارتفاع قدره 611 ألف دينار أردني أو قرابة مليون دولار أميركي أو بنسبة 16 في المئة.
يذكر أن الاستثمارات الكلية في بورصة عمان حتى نهاية الشهر الماضي آذار 2014 بلغت 19.3 مليار دينار تعود إلى 101 جنسية عربية وأجنبية، وجاء الأردنيون أول المستثمرين في البورصة.
ومن مؤشرات التطبيع الزراعي الأردني مع الكيان الصهيوني، ما أعلنه وزير الزراعة الأردني د. عاكف الزعبي أخيراً، من أن حوالى «15 ألف طن» من الزيتون الذي ينتجه الأردن يتم تصديره إلى «إسرائيل» سنوياً.
وأوضح الزعبي أن إنتاج الزيتون يبلغ حوالى 30 ألف طن سنوياً غالبيته العظمى يسوق داخلياً، ويصدر منه حوالى 15 ألف طن إلى «إسرائيل» سنوياً.
أجمع 3 خبراء أردنيون على أن التطبيع الزراعي مع «إسرائيل» سيجبر المزارع الأردني على هجر أرضه، وبالتالي جعل الأمن الغذائي الأردني في خطر.
جاء ذلك في ندوة نظمتها نقابة المهندسين بمجمع النقابات المهنية، ووصف خبير الحسابات محمد البشير معاهدة وادي عربة التي وقعها الأردن الرسمي مع «إسرائيل» أواخر عام 1994 بالنكراء، مشدّداً على أن هذه المعاهدة وفي مادتها الـ6 حرمت الشعب الأردني من مياهه العذبة. وقال إن الشعب الأردني كان يتمتع بـ150 مليون متر مكعب من مياهه العذبة في اليرموك ووادي عربة، لكن معاهدة وادي عربة قلصت ذلك إلى 50 مليوناً فقط. وتطرّق إلى المادة 7 من تلك المعاهدة التي نصت على تعزيز التعاون الاقتصادي وتعهد الأردن العمل الحثيث على إلغاء المقاطعة العربية لـ»إسرائيل» والترويج لبضائعها في البلدان العربية، وأعطت المادة رقم 20 الأهمية لتنمية وادي عربة.
أما الخبير الزراعي م.محمود العوران فتحدث عن التبادل التجاري الزراعي بين الأردن و«إسرائيل» وأن من يقوم بضمان المزارع الإنتاجية من المزارعين الأردنيين هو الذي يسرب البضاعة إلى «إسرائيل»، لافتاً إلى أن المطبعين من التجار حصلوا على امتيازات كبيرة من الحكومة. وقال إن «إسرائيل» أغرقت السوق الأردنية هذا العام بنصف مليون طن من المانغا، وهي تصدر لها البطاطا والجزر والبصل والزعتر والمنتجات الحيوانية وبخاصة البيض، من خلال تجار مناطق فلسطين المحتلة عام 1948.
وخلافاً لادعاءات وزارة الزراعة بأنه بيض فلسطيني، يؤكد العوران أن هناك وثائق تدل على مصدره «الإسرائيلي»، مشيراً إلى أن التجار الأردنيين يتذرعون بدعم التاجر الفلسطيني مع أن ذلك غير صحيح.
وأوضح العوران أن إغراق السوق الأردنية، إنما يهدف إلى تراكم الديون على المزارع الأردني لإجباره على هجر أرضه وبالتالي يصبح الأمن الغذائي الأردني في خطر. وتحدث عن تسريب ثمار الزيتون الأردني لـ»إسرائيل» وعصره في المعاصر «الإسرائيلية» ليحصل على شهادة منشأ «إسرائيلية»، من ثم يتم تصديره إلى أوروبا بأسعار مرتفعة على أنه من إنتاج بيت المقدس، مشدّداً على أن ذلك يعد كسراً للحاجز النفسي مع «إسرائيل» وليس كسباً مالياً.
وقال العوران إن منع تصدير ثمار الزيتون الأردني لـ»إسرائيل» يحقق للشعب الأردني الاكتفاء الذاتي من زيت الزيتون، مؤكداً أن التطبيع مع «إسرائيل» هو اعتراف صريح بها وهو خيانة لله ولرسوله أولاً. وتطرّق إلى تطبيع أردني غير مباشر مع «إسرائيل» وهو استخدام ميناء حيفا للاستيراد والتصدير وبأسعار باهظة بحجة إغلاق موانئ دول الجوار العربية. واتهم رئيس اتحاد مصدري الخضار والفواكه الحياري الوزير الزعبي بأنه يشجع المطبعين مع «إسرائيل» ويعمل على تدمير الزراعتين الأردنية والسورية.
وتحدثت الهلال نيوز عن أن أسماكاً «إسرائيلية» غزت مطاعم وأسواق العقبة وهي بكليتها منطقة حرة ، وأن أسماكاً «إسرائيلية» مليئة بالديدان والحشرات تغزو أسواق وسط البلد في العاصمة الأردنية عمان.
ونقلت شبكة الإصلاح نيوز عن مصادر «إسرائيلية» وعن الجزيرة قولهما بأن «إسرائيل» تخطط لإنشاء منطقة صناعية ضخمة على ضفتي نهر الأردن، تقوم بها شركات «إسرائيلية» وتقوم بتشغيل آلاف العمال الأردنيين، على حد تعبيرها على أن تحمل المنتوجات النهائية عبارة «صنع في الأردن»، لتسويقها في العالم العربي.
وأوضحت وزارة التعاون الإقليمي «الإسرائيلية» أن المنطقة الصناعية ستقام جنوب مدينة بيسان على طرفي الحدود مع الأردن، وسيصل بين شطريها جسر فوق نهر الأردن.
سيقوم المشروع على مساحة 260 دونماً في الأراضي المحتلة و780 دونماً في الأردن، وستبلغ كلفة إنشائه نحو 180 مليون شيكل 52 مليون دولار .
وتموّل اليابان الجزء الأكبر من المشروع الذي يهدف إلى جعل الكيان الصهيوني مقبولا ً في المنطقة وخلق شراكات معه، باعتبار أن ذلك يصب في التطبيع السياسي، وهناك محاولات وتحركات مشابهة من الأميركي والأوروبي تصب في قبول «إسرائيل» في المنطقة من البوابة الاقتصادية، ويتجلى ذلك في اتفاقيات الكويز ومناطق الصناعة والتجارة الحرة. وستقام المنطقة الصناعية بموازاة الإعلان عن انطلاق مشروع إنشاء قناة البحرين، الأحمر والميت.
وتشمل الخطة التي عرضت تفاصيلها في موقع وزارة التعاون الإقليمي، بناء مصانع تديرها شركات أردنية و«إسرائيلية» على أراضي الأردن، وتستوعب آلاف العمال الأردنيين.
وقال براك سيري مساعد وزير التعاون الإقليمي «الإسرائيلي» إن الشركات «الإسرائيلية» ستشغل عمالة أردنية رخيصة بأجور لا تتخطى 500 دولار شهرياً. وبالتالي لا حاجة لـ «إسرائيل» لاستيراد عمال من الصين، مضيفاً أن كتابة شارة «صنع في الأردن» على المنتوجات ستمكن الشركات «الإسرائيلية» من تسويقها في العالم العربي، وبالتالي زيادة أرباحها.
وقال الصهيوني سيري إن الأردن هو الذي سيمول بناء المصانع على أراضيه، وفي الأراضي المحتلة ستبنى مكاتب الإدارة والمراكز اللوجستية ومقار التسويق. وستدير المنطقة الصناعية مديرية حكومية بمشاركة وزارات عدة وسلطات «إسرائيلية»، منها وزارات الخارجية والتجارة والصناعة والدفاع.
وتعتبر «إسرائيل» هذه المنطقة الصناعية خطوة تاريخية، كونها المرة الأولى التي تقيم فيها «إسرائيل» والأردن منطقة صناعية مشتركة منذ توقيع السلام بينهما.
يعتبر وزير التعاون الإقليمي سلفان شالوم أن المنطقة الصناعية المشتركة «شق طريق» حقيقي لتعزيز العلاقات بين الأردن و«إسرائيل»، وزيادة التنمية الاقتصادية في المنطقة.
يذكر أن هذا المشروع قد طرح مرات عدة منذ 1997، ولم يخرج إلى حيز التنفيذ لأسباب بيروقراطية واقتصادية واحتجاجات بيئية. ويندرج المشروع الجديد ضمن مخططات «إسرائيل» لإنجاز ما يعرف بـ«سلام اقتصادي» مع العرب، ما قد يمهد ويقود إلى سلام سياسي.
وفي شباط الماضي وقّعت شركتان أردنيتان مملوكتان للقطاع الخاص عقداً مع اتحاد شركات أميركي ـ «إسرائيلي» خاص لاستيراد الغاز الطبيعي من حقل «تمار» العملاق الذي تملكه «إسرائيل» تحت سطح البحر الأبيض المتوسط، على بعد 50 ميلاً من شاطئ حيفا، وسوف تدفع «شركة البوتاس العربية» و«شركة البرومين الأردنية» – وكلاهما مملوكتان جزئياً للحكومة الأردنية – إلى شركة «نوبل» للطاقة – ومقرها في مدينة هيوستون بولاية تكساس الأميركية وشركائها، مبلغ 500 مليون دولار على مدى 15 عاماً على تزويدها بالغاز إلى محطة توليد الكهرباء في المنشآت الصناعية الأردنية على البحر الميت.
وعلى رغم ما تبدو عليه الصفقة من تواضع 33 مليون دولار سنوياً إلا أنها تعتبر سابقة من ناحية استراتيجية بالاعتماد على الكيان الصهيوني في تزويد شركة البوتاس بالغاز الفلسطيني المسروق من شواطئ فلسطين.
ويرى أردنيون معارضون أن هذا الاتفاق يأتي بمثابة تسليم الكيان الصهيوني قيادة الطاقة الأردنية، بكل ما يستتبع ذلك من ضغوط لاحقاً. ويقولون إن لدى الأردن خيارات أفضل ومنها تسريع استخراج البترول من الصخر الزيتي. وصدرت بيانات وتصريحات صحافية شعبية وحزبية وسياسية أردنية عدة رافضة لاستيراد الغاز «الإسرائيلي».
ويرى مراقبون أن من أولى الأولويات المطروحة أمام الشعب الأردني والفلسطيني والعربي، مواجهة التطبيع مع الكيان الصهيوني، بكل أشكاله الاقتصادية والسياسية والأمنية والثقافية وغيره. وأن الانشغال بشعارات جزئية والتخندق حولها يجعل من قبول الواقع السيئ من اتفاقات مذلة أمراً عادياً، ما يعمي عن مجابهة التطبيع الذي يتغلغل في الجسد الأردني والعربي مهدّداً أمنه واقتصاده، وعبر التطبيع يتم استخدام سماسرة من عرب 1948، وتدمير الاقتصاد الفلسطيني في الضفة والقطاع وبالتالي إجبارهم على الانتقال في غير اتجاه، وتحريك نعرات ومخاوف من ذلك فاقتتال فاغتنام للفرصة وفرض وقائع جديدة على الأرض بتهجيرات جديدة تقود إلى اقتتال أشد فتدخل دولي فترحيل إلى منافي جهات الأرض البعيدة.