هل تسمح الولايات المتحدة بفتح الحدود الأردنية والعراقية مع سورية؟
حميدي العبدالله
عندما قرّرت الولايات المتحدة إقامة قاعدة عسكرية في منطقة التّنف لم يكن الهدف الوحيد هو الهدف العسكري، إنْ لجهة قطع التواصل بين سورية والعراق، أو لجهة سعي الولايات المتحدة آنذاك بالإسراع للسيطرة على المنطقة الشرقية بكاملها بما في ذلك محافظة دير الزور، ومركز المحافظة، وفي هذا السياق جاء الاعتداء الأميركي على مواقع الجيش السوري في جبل الثردة لتسهيل سيطرة داعش على هذا الجبل، تمهيداً للسيطرة الأميركية لاحقاً عليه بذريعة محاربة داعش، وبالتالي السيطرة على مدينة دير الزور.
اختيار التّنف لإقامة قاعدة عسكرية أميركية كان يخفي هدفاً اقتصادياً لا يمكن تجاهله من أيّ متابع جدّي للحرب التي شنّت على سورية، إذ من المعروف أنّ التّنف هو المعبر الرئيسي للنقل التجاري بين سورية والعراق، ومن لبنان إلى العراق. معروف أيضاً أنّ الدول الغربية والحكومات العربية التي تدور في فلكها تفرض حصاراً اقتصادياً على سورية منذ بداية الحرب على سورية، وفتح المعابر بين سورية وكلّ من الأردن والعراق هو مرتبط بما إذا كان هناك توجّه لدى الولايات المتحدة لرفع الحصار الاقتصادي المفروض على سورية.
واضح حتى الآن أنّ للولايات المتحدة تأثيراً كبيراً على الحكومة العراقية، وتردّد الحكومة العراقية في فتح المعبر الحدودي عبر القائم البوكمال، مبرّراته أمنية لكن الحقيقة هي أنّ تردّد الحكومة العراقية نابع من رفض الولايات المتحدة فتح هذا المعبر، بذريعة خشية استخدامه من إيران لنقل الأسلحة إلى سورية، علماً أنّ إيران إذا أرادت نقل هذه الأسلحة تستطيع من خلال «الحشد الشعبي» نقل هذه الأسلحة عبر العراق، وهناك مناطق واسعة على الحدودية السورية العراقية خاضعة لسيطرة مشتركة لقوات «الحشد الشعبي» والقوات السورية وحلفائها في المقاومة ومن تشكيلات غرفة عمليات حلفاء سورية، لكن الهدف الحقيقي للولايات المتحدة هو منع التواصل الاقتصادي بين سورية والعراق لأنّ هذا التواصل ستكون له تداعيات إيجابية على الأوضاع الاقتصادية السورية، وهذا ما لا تريده الولايات المتحدة، وتعمل على عرقلته، ولن تفتح الحدود بين سورية والعراق ما لم يحدث واحد من أمرين: موافقة واشنطن، أو تمرّد الحكومة العراقية على الإملاءات الأميركية وتغليب مصالح العراق على مصالح الأمريكيين.
الأردن أكثر ارتباطاً بالسياسة الأميركية، والأرجح لن يسمح له بفتح الحدود مع سورية، على الرغم من أنه سيستفيد وربما أكثر من سورية من هذه العملية إذا لم توافق الولايات المتحدة على ذلك، فهل سينجح الأردن بإقناع الولايات المتحدة بالسماح له بفتح حدوده مع سورية للتخفيف من أزمته الاقتصادية؟