الوتار لـ «البناء»: لا دولة مؤسّسات إذا لم يكن الجميع متساوين أمام القانون
رمزي عبد الخالق
لا يصحّ تصنيف السيدة خلود الوتار قاسم على أنها فقط ناشطة اجتماعية، هي كذلك طبعاً، لكنها أيضاً دخلت منذ زمن ومن الباب الواسع إلى معترك الحياة السياسية بمعناها الأشمل، لأنّ مفهوم العمل السياسي في الأساس هو مفهوم إنساني، قبل أن تتلوّث السياسة في لبنان وتصبح محصورة في الصراع أو الاتفاق على المكاسب والمغانم والمصالح.
ولأنها حريصة على أن يكون عملها العام شاملاً النواحي الإنسانية والاجتماعية والسياسية أنشأت السيدة قاسم جمعية «لبنانيات نحو مراكز القرار»، لتحقيق نقلة نوعية في العمل الوطني عموماً وليس حصراً في العمل السياسي…
حول هذه الشؤون والشجون وغيرها كان لـ «البناء» لقاء مع السيدة خلود الوتار قاسم في ما يلي وقائعه:
البداية يجب أن تكون من المفهوم الثقافي، مفهوم تحديد الأدوار للشركاء الموجودين في أيّ مجموعة اجتماعية، سواء أكانت هذه المجموعة منزلاً أو جمعية أو مؤسسة أو وطناً. تقول الوتار «إنّ مشكلتنا أننا لا نعرف ما هي أدوارنا، وهنا لا فرق بين رجل أو امرأة. فالرجل لديه دور وعليه القيام به كواجب، والمرأة أيضاً عليها واجب إتمام دورها كأمّ، وهو أقدس الواجبات، كذلك دورها كزوجة ومسؤولة عن العائلة، وإنْ أرادت أن يكون لها دور خارج إطار المنزل، مهما كان نوع نشاطها وعملها، فعليها أن تتأكد إذا ما كانت قادرة على ذلك أم لا».
وتضيف: «ليس لدينا الوعي الكافي، فذهنيتنا في التحرّك ليست على قدر مسؤوليتنا. نتحرّك حسب الموضة أو مجاراة للتيار السائد، ليست لدينا مسؤولية تجاه أنفسنا… وأقول إنْ كانت المرأة تريد أن تأخذ كامل حقوقها أو الرجل حتى، فيجب السؤال هل يقومان بواجباتهما الأولية؟ أنا أؤمن بأنّ الحقوق تكون على قدر المسؤولية».
نضال ومسيرة طويلة
تتابع الوتار قائلة: «هذا النضال مسيرته طويلة ولا يحقق نتائج في بضعة أيام، نحن في بلد لم يتخلص يوماً من الحرب، كلّ فترة وفترة يمرّ لبنان بأزمة. وإذا أردنا الحديث عن التاريخ القريب أيّ فترة الحرب الأهلية وما بعدها فإننا لا نزال إلى اليوم نعيش أجواء الحرب، ونعاني من نتائجها، ولم نخرج منها بشكل نهائي، لأننا عند كلّ استحقاق نُهدِّد أو نهدَّد بالحرب مجدّداً. هذا الشعور بالتهديد لم يزُل يوماً، وهو أداة من أدوات الحرب، وهذه الأدوات لا تزال موجودة مع الأسف الشديد».
ابتعاد المرأة عن السياسة؟
وترى الوتار «إنّ النساء اللواتي كان لديهن خيار البقاء في هذا البلد فُرض عليهنّ الانتباه والمحافظة على منازلهنّ وعائلاتهنّ، لأنّ على المرأة تأمين حياتها وحياة أولادها، وحتى المرأة التي درست ونجحت ودخلت قطاع العمل وكانت لها أدوار قيادية في الاقتصاد أو الاجتماع لم تقترب من السياسة لأنها اعتبرت أنّ هذا الموقع حكر خاص للأشخاص الذين كانت لهم علاقة بالحرب، لذلك نرى بثقافتنا أنّ وجود المرأة ليس ممنوعاً في أيّ قطاع، بل لها حضور ووجود فاعل وناجح ومرحّب به في مختلف القطاعات… القضاء والمحاماة والتعليم والصيدلة والطب والهندسة والمصارف والإدارة العامة والسلك الدبلوماسي والمؤسسات العسكرية والأمنية إلخ… لذلك نحتاج سوياً للتعاون للخروج من هذه الكبوة السياسية للمرأة، لأنها كبوة اجتماعية حقيقةً، وهنا للإعلام دور كبير جداً».
وتُذكّر الوتار بأنه «في العام 2013، حين كان يُفترض أن تحصل الانتخابات النيابية، كانت الميديا عاملاً أساسياً للمرأة بالتحرك لأنّ الميديا شكّلت نوعاً من الوعي والحافز للمشاركة في أيّ قطاع معينّ، لأنها قادرة. وشخصياً حفّزني قول الرئيس الأميركي حينها باراك أوباما «you can yes»، إلى جانب الميديا، حيث اقتنعت أنني قادرة وأمتلك المؤهّلات التي تخوّلني أن أكون في موقع أخدم من خلاله بلدي، وأوصل رسالتي التي أعمل على تحقيقها».
إشكالية عدم المثابرة
وتردف قائلة: «ثمة إشكالية لدينا كمجتمع أننا لا نثابر، وهذه إشكالية متأصّلة في طبيعتنا، فنحن لا نثابر كي نصل إلى أهدافنا، نحن نتكلم أكثر مما نفعل، عاطفيون جداً، ونتحرك بسرعة هائلة، ولا نثق بحركتنا ولا نؤمن بالآخر إطلاقاً، كذلك اعتدنا الاتكال على أنفسنا. لكنني أعيد وأقول إنّ اللبناني نجح وتفوّق على المستوى الفردي في كلّ دول العالم، فهل يُعقل أنه لا يوجد في لبنان أناس علميون قادرون على إخراج البلد من مشاكله؟ ما هي العقبات أمام هذا البلد؟ مصيبتنا مصيبة كبيرة، لبنان ليس على حدود السويد أو سويسرا، بل نحن في مواجهة عدو أساسي، ويجب أن نعي أنّ دورنا في هذه المواجهة وفي محيطنا الطبيعي أكبر بكثير من الحجم الجغرافي لبلدنا.
وتعود الوتار إلى العام 2006، أيّ خلال حرب تموز، وتقول «رغم تواطؤ البعض وعدم اهتمام البعض الآخر، فإنّ معظم اللبنانيين جمعتهم مصيبة واحدة، فالكلّ فتحوا بيوتهم، وشاركوا بشكل أو بآخر في مواجهة العدو، ولكن يجب أن نعي جميعاً أنّ اجتماعنا هو الأساس دائماً، ولا يجوز أن ننتظر المصائب لكي تجمعنا.
لا أتوقع شيئاً من الطعن…
أمّا عن الطعن في الانتخابات النيابية الأخيرة، فتؤكد الوتار «حقيقةً لا أعتقد أنّ شيئاً ما سيحدث، هذا شعور شخصي، كأنّ هناك موافقة خارجية ودولية على الأشخاص الموجودين في السلطة. لقد أحضرنا إثباتات قاطعة على حصول مخالفات وتجاوزات فاضحة للقانون وعلى الغشّ في أماكن كثيرة في الانتخابات. وللأسف كلّ مؤسسات الدولة خاضعة للمحسوبيات السياسية. نحن في لبنان ميزتنا الفوضى، ودائماً نتشاطر على القوانين، فيأتي تطبيقها في غالب الأحيان استنسابياً الأمر الذي يؤدّي إلى الإجحاف والظلم بحق الكثير من المواطنين غير المحظيّين، وهذا ما يجعل الغالبية العظمى من الناس تشعر كأنّ هناك تفاوتاً في درجة المواطنية مع العلم أنّ المساواة أمام القانون هي المدماك الأوّل في بناء دولة القانون والمؤسسات التي نجدها على الورق في كلّ البرامج السياسية، لكنها للأسف الشديد غير موجودة على أرض الواقع… وهذا ما يجعلنا نستمرّ في النضال من أجل تحقيقه».