أيها الحكّام احذروا مستشاريكم
يكتبها الياس عشي
يُحكى أنّ ملكاً من ملوك الزمان تعرّضت خزينة مملكته إلى السرقة، ولما عجزت شرطته عن القبض على السارق، وشاع الأمر بين الناس، تقدّم حكيم من الحكماء عارضاً على جلالة الملك خدماته، وواعداً إياه بالتعرّف على السارق في مدة لا تتجاوز الأيام الثلاثة، شرط أن يسمح له بالدخول إلى أيّ مكان في القصر، ونزل الملك عند هذا الشرط.
وفي اليوم الثالث مثل الحكيم بين يدي جلالته، وتمنّى عليه أن يستدعي كلّ مستشاري القصر، ولم تمضِ ساعة إلا وكانوا يقفون أمامه.
تطلع الحكيم في وجوههم، ثم أشار بأصبعه على واحد منهم، وقال: هذا هو السارق يا مولاي.
اعترف المستشار بفعلته، وزُجّ في السجن.
التفت الملك إلى الحكيم وسأله: كيف اكتشفت ذلك؟
أجاب الفيلسوف:
الأمر في غاية البساطة، لقد أعطيتني حرية الحركة في دوائر القصر وغرفه، فما دخلت دائرة من دوائره، ولا غرفة من غرفه، ولا مصلّى من مصلّياته، إلا ورأيت هذا المستشار يتهم من حوله بالفساد، والرشوة، والخيانة ويختم «عظاته» بالصلاة، وبعقاب من الله إن كانوا فاسقين.
قلت في نفسي: النميمة رأس الشرور، والله ما سرق الخزينة إلا هذا النمّام الفاسق.