السعودية تجمّد التجارة مع كندا وتطلب من سفيرها مغادرة البلاد..
جمّدت السعودية التعاملات التجارية والاستثمارية الجديدة مع كندا وطردت السفير الكندي في رد فعل حادّ على مناشدة أوتاوا للرياض الإفراج عن نشطاء من المجتمع المدني.
ويسلط رد الفعل الحاد والمفاجئ على هذه الانتقادات الضوء على حدود الإصلاحات التي يقوم بها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان 32 عاماً والذي يدير شؤون الحكومة اليومية. ودشن إبن سلمان حملة للتغيير الاجتماعي والاقتصادي، لكنه لم يخفف الحظر التام الذي تفرضه المملكة على النشاط السياسي.
وفي الشهور الأخيرة رفعت السعودية الحظر على قيادة المرأة للسيارات، لكنها اعتقلت أيضاً نشطاء بينهم أكثر من 12 من المدافعين البارزين عن حقوق المرأة.
الخارجية السعودية
وذكر بيان للخارجية السعودية في وقت متأخر أول أمس، «أن المملكة استدعت أيضاً سفيرها في كندا وأمهلت السفير الكندي 24 ساعة لمغادرة البلاد». وأضاف البيان «أن الرياض احتفظت بحقها في اتخاذ إجراءات أخرى».
وقال مصدر مطلع «إن البيان الذي نقلته وكالة الأنباء السعودية الرسمية فاجأ الدبلوماسيين في الرياض»، مشيراً إلى أن «السفيرين السعودي والكندي كانا في عطلة عند صدور القرار».
وأضاف المصدر «فاجأت الخطوة المجتمع الدبلوماسي كله».
ولم يتضح بعد تأثير الخطوة على التجارة بين البلدين التي يبلغ حجمها نحو أربعة مليارات دولار سنوياً وعلى صفقة دفاعية قيمتها 13 مليار دولار أبرمت عام 2014.
الخارجية الكندية
من جهتها، ذكرت متحدّثة باسم الخارجية الكندية «أن كندا تشعر بقلق بالغ من قرار السعودية، لكنّها لن تتراجع عن تصريحاتها بشأن حقوق الإنسان».
وقالت المتحدثة ماري بيير باريل «كندا ستظل دائماً تدافع عن حماية حقوق الإنسان وخاصة حقوق المرأة وحرية التعبير في أنحاء العالم».
وذكرت كندا يوم الجمعة، أنّها «تشعر بقلق عميق» بشأن احتجاز نشطاء المجتمع المدني وحقوق المرأة في السعودية ومن بينهم المدافعة البارزة عن حقوق النساء سمر بدوي.
وقالت وزارة الخارجية الكندية على تويتر «نحثّ السلطات السعودية على الإفراج فوراً عنهم وعن كل النشطاء السلميين الآخرين في مجال حقوق الإنسان».
الرياض
وقالت الرياض «الموقف الكندي يُعدّ تدخلاً صريحاً وسافراً في الشؤون الداخلية للمملكة العربية السعودية ومخالفاً لأبسط الأعراف الدولية وجميع المواثيق التي تحكم العلاقات بين الدول».
وأضافت «من المؤسف جداً أن يرد في البيان عبارة الإفراج فوراً وهو أمر مستهجن وغير مقبول في العلاقات بين الدول».
وذكر تلفزيون العربية «أن السعودية قرّرت إيقاف برامج التدريب والابتعاث والزمالة مع كندا وستنقل الطلبة المبتعثين هناك إلى دول أخرى».
البحرين والإمارات
بينما قالت البحرين والإمارات «إنّهما تقفان مع الرياض، لكنهما لم تعلنا إجراءات مماثلة».
منظمة العفو الدولية
وقالت منظمة العفو الدولية «إن ردّ الفعل تجاه كندا يظهر أن من الضروري ألا تذعن الدول الغربية للترهيب بهدف إسكاتها بشأن معاملة الرياض للمعارضين».
وقالت سماح حديد مديرة الحملات في الشرق الأوسط بالمنظمة «بدلاً من تطبيق إصلاحات في مجال حقوق الإنسان، اختارت حكومة السعودية الردّ بإجراءات عقابية على الانتقادات. الدول التي لها نفوذ كبير في السعودية مثل الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة وفرنسا التزمت الصمت لفترة أطول مما ينبغي».
ليست المرة الأولى..
وهذه ليست المرة الأولى التي تردّ فيها المملكة بقوة على انتقادات حكومات أجنبية.
ففي أيار، قالت مجلة دير شبيغل الألمانية «إن ولي العهد أمر بوقف منح عقود حكومية جديدة لشركات ألمانية بعد شهور من توتر العلاقات بين البلدين».
وكانت الرياض استدعت في وقت سابق سفيرها من ألمانيا للتشاور وأرسلت مذكرة احتجاج بسبب تعليقات لوزير الخارجية الألماني عن الأزمة السياسية في لبنان.
كما استدعت سفيرها من ستوكهولم، وأوقفت إصدار تأشيرات عمل للسويديين عام 2015 في أعقاب انتقادات رسمية لسجل السعودية في مجال حقوق الإنسان.
مجموعة الأزمات الدولية
وقال جوست هيلترمان المدير الإقليمي لدى مجموعة الأزمات الدولية «السعودية تُطلق النار على قدمها. إذا أردت أن تجعل بلدك منفتحاً على العالم فلا تبدأ في طرد السفراء وتجميد التجارة مع دول مثل كندا».
وأضاف «لكن القيادة تشعر أنها أمام اختيار مستحيل: إذا كان الانفتاح على العالم يعني قبول التغيير فهم يريدون فرض الإصلاحات والسيطرة عليها ملياً لأنهم يخشون جداً من أن يأتي التغيير من أسفل لأعلى… من خلال الناشطات على سبيل المثال إلا أن هذا يوقعهم في مشاكل مع شركائهم الغربيين».
وبحسب موقع مجلس الأعمال الكندي السعودي، يبلغ حجم التجارة بين البلدين نحو 14 مليار ريال 3.73 مليار دولار سنوياً ويتألف بالأساس من الاستثمارات الكندية في المملكة والصادرات السعودية من البتروكيماويات والبلاستيك ومنتجات أخرى.
الجامعة العربية
أعلنت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، أمس، عن موقفها من الأزمة بين السعودية وكندا، مؤكدة على «مساندتها للمملكة العربية السعودية، في رفض تدخّل كندا في شؤونها».
وقالت الجامعة في بيان لها، «تراقب الأمانة العامة لجامعة الدول العربية باهتمام كبير التطوّرات الحالية للخلاف الدبلوماسي القائم بين المملكة العربية السعودية وكندا، وهو الخلاف الذي يأتي انعكاساً لوجود نهج غير إيجابي يشهد توسّع بعض الدول في توجيه الانتقادات والإملاءات لدول أخرى، فيما يخصّ أوضاعها أو شؤونها الداخلية».
وأضاف البيان «وتؤكد الأمانة العامة في هذا الصدد مساندتها موقف المملكة العربية السعودية، في رفض التدخل في شؤونها الداخلية، وهو ما يأتي تأسيساً على الموقف الراسخ للأمانة العامة في رفض التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء في الجامعة العربية في إطار إعمال واحترام مبدأ عدم التدخل المنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة والمستقر في ساحة العلاقات الدولية، بما في ذلك ما يتعلق بعدم التدخل أو توجيه إملاءات بشأن الإجراءات القانونية والقضائية التي تتخذها الدول في إقليمها اتساقاً مع قوانينها الوطنية».
وتابع «كما تؤكد أيضاً على موقفها الثابت من احترام عمل المجتمع المدني العربي ومنظماته وممثليه، وكذا اعتزازها بالجهد الذي يُسهم به في دعم تنمية المجتمعات العربية في مختلف المجالات، مع الأخذ في الاعتبار ضرورة اتساق نشاطاته مع القوانين الوطنية المنظمة لعمله».