العراق: جيش العشائر وتحرير الأنبار
حميدي العبدالله
أعلن عن ولادة جيش يجري تشكيله من قبل الحكومة العراقية ومجلس محافظة الأنبار، وسوف يضمّ ثلاثين ألف مقاتل. البعض أطلق عليه اسم «جيش العشائر» والأرجح أنّ هذا الجيش سوف يحصل على معونات عسكرية، وتدريب على يد مستشارين أميركيين، وستوكل إليه وإلى الجيش العراقي مهمة تحرير الأنبار من سيطرة «داعش».
ومعروف أنّ موافقة الحكومة العراقية على هذه الخطوة أملتها حسابات تتصل بالخشية من توجيه الاتهام إلى الحكومة بتسعير الصراع المذهبي في حال أرسلت وحدات من الحشد الشعبي لمؤازرة الجيش في هذه المحافظة.
لكن السؤال الأهمّ: هل يتمكن «جيش العشائر» والجيش العراقي من إلحاق الهزيمة بـ«داعش» في هذه المنطقة التي طالما صنّف سكانها بأنهم معادون في غالبيتهم لحكومة بغداد، ويشكلون بيئة حاضنة للمجوعات الإرهابية، وفي طليعة هذه التنظيمات «داعش»؟
الأرجح أنّ هذه الاستراتيجية سوف تلحق الهزيمة بتنظيم «القاعدة» على المدى الطويل وليس بشكل سريع، لأنّ المنطقة تشكل معاقل لتنظيم «داعش» وهذا التنظيم مدعوم من جهات كثيرة في المنطقة، حتى وإنْ كانت بعض العشائر تجاهر بعدائها لـ«داعش» وتحارب إلى جانب الجيش ضدّه، أما العوامل التي ستقود في النهاية إلى إلحاق الهزيمة بـ«داعش» في الأنبار فإنها تكمن في واقع أنّ ثلاث جهات مهمة سوف تنخرط في هذه الحرب, الجهة الأولى الجيش العراقي، والذي سيكون في وضع قادر معه على إرسال المزيد من القوات إلى محافظة الأنبار بعد تمكنه بالتعاون مع قوات البيشمركة من توجيه ضربات قوية لتنظيم «داعش» في محافظات صلاح الدين ونينوى وديالى، وهو احتمال مرجح في غضون فترة تعدّ بالأشهر وليس بالسنوات، وإضافةً إلى قوات الجيش العراقي التي سوف تتزايد في هذه المنطقة بالتدريج، ستقدّم قوات التحالف الأميركي دعماً فعّالاً في هذه المنطقة، إنْ لجهة توجيه المزيد من الضربات الجوية المركزة، أو لجهة تحوّل دعم دول المنطقة، ولا سيما السعودية, إلى جيش العشائر بدلاً من الدعم السياسي والإعلامي وحتى المالي الذي كانت تقدمه بعض حكومات الخليج إلى تنظيم «داعش» وشركائه الذين ساعدوه في السيطرة على نينوى وصلاح الدين. كما أنّ إعداد جيش العشائر وتقديم الأسلحة المتطورة له، إضافةً إلى تخصيص موازنات هامة، والإشراف على عمل هذا الجيش من قبل مستشارين أميركيين، جميعها عوامل تشير بوضوح إلى حدوث تحوّل في توازن القوى في غير مصلحة «داعش»، وإذا ما أخذ بعين الاعتبار توزع مقاتلي «داعش» على جبهات عديدة في سورية وفي العراق، فإنّ من المبالغة توقع أن ينجح هذا التنظيم في صدّ هجوم مركز قد يتعرّض لـه في وقت ما في محافظة الأنبار عبر عملية منسقة تشارك فيها وحدات مختارة من الجيش العراقي، وقوات مدرّبة من العشائر، وغطاء جوي كثيف من دول التحالف بزعامة الولايات المتحدة.