أوباما… وتحدّي الحزب الجمهوري في الكونغرس
عامر نعيم الياس
مشاكل كثيرة يعاني منها الرئيس الأميركي باراك أوباما على المستويين الداخلي والخارجي. تراجع عن التوجّه شرقاً، والعودة إلى وحول الشرق الأوسط، هو امتداد لمرحلة جورج بوش الابن بتكتيك مختلف. خلاصة تصبّ في مجملها في مصلحة الحزب الجمهوري في الانتخابات النصفية للكونغرس في الرابع من الشهر الحالي. انتخابات هي الأخيرة في عهد الرئيس باراك أوباما، يجري بموجبها التجديد لمجلس النواب، ولثلث أعضاء مجلس الشيوخ. وإذا كان «النواب» سيبقى جمهورياً، فالتحدّي بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري هو مجلس الشيوخ، الذي تتوقع معظم استطلاعات الرأي سيطرة الجمهوريين عليه، الأمر الذي يخلط الأوراق ويضع الكونغرس في عهدة الجمهوريين حتى انتهاء ولاية الرئيس باراك أوباما. فهل سنشهد تغييراً جوهرياً في السياسة الأميركية على الصعيد الخارجي؟ ماذا عن الملفات التي تهمّ منطقتنا من التفاوض مع إيران إلى الحرب على «داعش» في سورية والعراق؟
تلخّص المؤرخة مايا كاندل مسؤولة برنامج الولايات المتحدة في معهد الدراسات الاستراتيجية في المدرسة العسكرية، الملفّات التي على الكونغرس الجديد مواجهتها بالتالي: «المفاوضات حول التجارة عبر الهادئ، وبالتوازي معها التجارة عبر الأطلسي، الاتفاق مع إيران، الوجود الأميركي في أفغانستان، العلاقة مع الصين، استخدام القوة العسكرية ضدّ تنظيم داعش، والحرب الطويلة وتداعياتها التي تتجاوز عهد باراك أوباما، وخفض الموازنة العسكرية». طارحةً التساؤل التالي: هل يستطيع الجمهوريون تحمّل تغيير شامل في هذه الملفات التي يهاجمون فيها الرئيس الأميركي والحزب الديمقراطي ليلاً ونهاراً؟
بالعودة إلى ملفّات منطقتنا، من الواضح أن ملفّ تطوير الحرب الأميركية على «داعش» يحتل الحيّز الأوسع من تساؤلات المراقبين والعامة، مع ميل عددٍ من المطّلعين على الشأن الأميركي إلى التشاؤم من تعزيز نفوذ الجمهوريين في الكونغرس، وصولاً إلى رؤية أوسع لشكل معركة الرئاسة الأميركية المقبلة واستعادة الجمهوريين الكرسيّ الرئاسية. إذ يرون أن ذلك سيدفع الكونغرس إلى الضغط على الرئيس للزجّ بالقوات الأميركية أو قوات من التحالف الدولي في حرب بريّة جديدة في سورية والعراق. لكن هذا يطرح جملة علامات استفهام أهمها: هل يستطيع الكونغرس الجمهوري وقبل سنتين على الانتخابات الرئاسية، أن يزجّ الجيش الأميركي في حرب بريّة في سورية والعراق تعيد إلى الأذهان صورة الجنود الأميركيين في نعوشٍ يعودون بها إلى الأراضي الأميركية؟ أليس الكونغرس الحالي والذي يسيطر الجمهوريون على مجلس النواب فيه، هو من رفض التحرّك السنة الماضية في ملف الكيماوي السوري؟ أليس من الأجدى التركيز على السياسة الداخلية الأميركية في السنتين الأخيرتين من ولاية أوباما؟
أما الملفّ الآخر، فيتمثل بالمفاوضات النووية مع إيران. هنا يُتوقّع أن يتحرّك الكونغرس في حال سيطرة الجمهوريين على مجلس الشيوخ، وبالتالي السيطرة على الكونغرس بغرفتيه، من أجل عرقلة المحادثات النووية و«إقرار سلسلة من العقوبات القاسية على طهران، تلك العقوبات التي صوّت عليها مجلس النواب الذي يسيطر الجمهوريون عليه، ورفض تمريرها في مجلس الشيوخ زعيم الغالبية الديمقراطية هاري ريد بحجة عدم التشويش على المفاوضات التي تجري مع إيران»، وفقاً لمقال مايا كاندل في صحيفة «لوموند» الفرنسية، لكن هنا، تجدر الإشارة إلى عاملين مهمين يتحكمان بقدرة الجمهوريين على إحداث إنقلاب ملموس في السياسة الخارجية الأميركية على المستوى الدولي عموماً وعلى مستوى منطقتنا خصوصاً:
ـ العامل الأول: صلاحيات الرئيس الأميركي الذي يملك الفيتو على أيّ قرار من الكونغرس يراه غير مناسب، على رغم أنّ الكونغرس يملك صلاحيات نقض الفيتو الرئاسي في حال تم التصويت بنسبة الثلثين على القرار، وهذا أمر مستبعد في ضوء نفوذ الديمقراطيين في الكونغرس.
ـ العامل الثاني: الانقسامات داخل الحزب الجمهوري، وعدم وجود أيّ مرشّح جدّي حتى الآن للانتخابات الرئاسية الأميركية بسبب صراع الأجنحة. وهنا تقول كاندل: «مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، يزداد الموقف تعقيداً بالنسبة إلى الحزب الجمهوري ومرشحيه المفترضين من السيناتور مارك روبيو، وتيد كروز، وراند بول. فضلاً عن انقسام الجمهوريين أنفسهم حول السياسة الخارجية، وتأثير جناحهم المتطرّف «حزب الشاي» على استراتيجية الحزب».
كاتب سوري