الشقيف قلعة الشعر المقاوم
بلال رفت شرارة
شهدت قلعة الشقيف التاريخية الأسبوع الماضي ليل الأحد 5 / 8 / 2018 سهرة تاريخية تميّزت بأضخم مهرجان للشعر العربي هذا العام، نافس بقوة الحشد والنصوص الشعرية في أضخم المهرجانات العربية من المربد إلى جرش إلى الشارقة إلى معرض القاهرة للكتاب إلى مكتبة الأسد في دمشق. وأثبتت ليلة الشعر أنّ الناس لا تخضع للطبلة والنغم، وأنها تستمع بأرجلها، بل هي تشنّف آذانها لتسمع كلاماً من القلب الى القلب.
محبّو الشعر احتشدوا من الناقورة إلى عكار كذلك، وبينهم عدد من الشعراء اللبنانيين والعرب وشخصيات ثقافية تدير أشهر المنتديات.
المهرجان أعاد إلى الذاكرة حيوية الشعر في أيام عزّه يوم كانت تقف على منابره أجيال من الشعراء الكبار مثل على سبيل المثال الأخطل الصغير، نزار قباني، مظفر النواب، عبد العزيز المقالح، البياتي، محمود درويش، سميح القاسم وجوزيف حرب.
أصداء الشعر تجاوبت عبر جدران القلعة وتلال ووهاد جبل عامل، وصولاً إلى الجليل الفلسطيني والقدس التي سكنت كلّ قصائد الشعراء، وعنونت المهرجان الذي وجّه جميع شعرائه تحية التبجيل والتعظيم الى مقام الشهداء.
وقد تصدّر أقطاب الشعراء طليعة المقاومة الثقافية المهرجان الذي قدّمه الشاعر والفنان سليم علاء الدين الذي يرأس فرقة «حكي» الفنية، وشارك فيه على التوالي الشعراء: المير طارق آل ناصر الدين لبنان ، أنور الخطيب فلسطين ، د. إبراهيم شحرور لبنان ، حسن شهاب الدين مصر ، واختتم المهرجان الشاعر د. مهدي منصور لبنان .
افتتح المهرجان قادة أحد مؤسّسي بيت الشعر المير طارق آل ناصر الدين شاعر العروبة المعروف، وقد حملت قصائده عبقاً سحرياً تحريضياً باتت تفتقده القصيدة العربية، وركّزت على قضية العرب المركزية: فلسطين.
في المهرجان أذاع المير وصيته الشعرية وأدّى أمانة السلاح كأيّ محارب من الصعاليك، ثم تلاه على المنصة الشاعر الفلسطيني أنور الخطيب الذي أنشد فلسطين من القلب، مشدّداً على أنّ كلّ الجهات القدس رافضاً الإشارات الجغرافية السياسية بتقطيعها شرقية وغربية.
وتلاه الشاعر إبراهيم شحرور الذي زيّن المسرح بأسوار من عتب بدت أجمل وأوقع من الذهب، ثم حمل الشاعر حسن شهاب الدين مصر إلى لبنان منشداً قلعة الشقيف والصمود الأسطوري للمقاومة فيها بمواجهة العدوان «الإسرائيلي».
المهرجان اختتمه الشاعر مهدي منصور صاحب العديد من الدواوين الشعرية وآخرها كي لا يغار الأنبياء ، وقد قدّم العديد من النصوص الشعرية المميّزة التي لاقت التقدير وحسن الاستماع.
يستحقّ الشعر الذي يحتلّ موقعاً مميّزاً في مهرجانات صور وهو الليلة الوحيدة التي تتميّز بدعوة عامة مفتوحة غير مدفوعة ـ يستحق ـ أن يرتفع قيمة فوق المزيكا والأغنية التي تخضع أساساً للكلمة طبعاً باستثناء الأغنية الهابطه التي تعتمد على الأداء بالجسد بدل الصوت .
يستحقّ الشعراء والإبداعيون منصة للغتهم ومنبراً مفتوحاً لقصيدتهم لا تخضع لمعايير الربح والخسارة، ويُستدعى النجاح الكبير للمهرجان الشعري أن تفرض وزارة الثقافة على كلّ مهرجان مكاناً للنص.
مهرجانات الشعر لا تشحذ أو تستدعي جمهوراً ولا تنفد بطاقاتها من على شباك التذاكر، فقط نعلن انّ هناك مهرجاناً للشعر فيأتي إليه ذوّاقة الشعر وأناس تقطع بهم الكلمة أكثر من ضربة السيف، وقد أتوا هذا العام إلى قلعة الشقيف ارنون صانعة تاريخ أسطوري في المقاومة بصناعة وحيث خُلدت ذكرى عشرات الشهداء الذين قاتلوا الانتداب الأجنبي وبله محاولة السلطنة إخضاع جبل عامل.
شكراً لجنة مهرجانات صور التي تتميّز بالشعر والشكر موصول إلى السيدة رندى عاصي بري التي حافظت على اعتبار المهرجان ثقافياً بامتياز، وليس ترفيهياً، فأنشد فيه لطفي بوشناق أغانيه الكثيرة الناس الذين يحبون الوطن، ووقف على أهبة فلسطين مشيراً الى التحرير القادم/ وهكذا أطلّ مهرجان صور من شرفة الشقيف على تاريخ الحاضر.