ما سرّ هذا الحب لسيدة الضحكة والياسمين؟

ماجدي البسيوني

كانت أهمّ دعوة تدعوها أمي لمن تحبّهم «روح إلهي يحبّب خلقه فيك».

تستطيع أن تشتري أيّ شيء مهما غلا ثمنه، لكنك لن تشتري حبّ الناس حتى لو كنت تمتلك خزائن الأرض.

هل صدر مرسوم رئاسي اليوم يطالب الشعب السوري عنوة بالإعلان وبلا تردّد التعبير عن حبّه لسيدة الياسمين، كما اعتاد الناس البسطاء أن يلقبوها…؟

كلّ ما أعلن وبكلّ وضوح أنّ السيدة أسماء الأخرس الأسد تعاني من السرطان في المرحلة الأولى، وبثت صورة وهي بصحبة الرئيس في غرفة من غرف المشفى العسكري، كما هو واضح بالشرشف، تبع هذا الإعلان تصريح لها بأنها لن تبارح سورية وستباشر العلاج والمتابعة في المشفى نفسه، وأنّها ستستمدّ قوّتها من قوة الجيش السوري… كان بالإمكان ألا يتمّ الإعلان وتنطلق إلى روسيا في صمت بدون حسّ ولا خبر.. كان بالإمكان أن يذهب قسم المعالجة بأجهزته الطبية إلى القصر في صمت.

أيّ صمت…؟ وأيّ علاج والمرض ليس سبّة وليس عيباً بل إرادة الله… إرادة الله هي مَن تغرس أيضاً الحب من عدمه للإنسان الإجماع على الحب هي نعمة من الله والإجماع على الكره نقمة من عمل الإنسان نفسه.

وبعيداً عن التفاعلات التي نشاهدها منذ اللحظة الأولى للخبر الصادر عن القصر بخصوص مرض سيدة الياسمين، وما نشاهده من احتفالية دعائية على مواقع التواصل، فداخل كلّ بيت في سورية وعلى لسان كلّ إنسان سوري أصيل الآن حلقات دعائية تناجي الله بسرعة الشفاء لسيدة أحبّها الناس بصدق، لأنّ حواسهم الصادقة أيقنت أنها أحبّتهم بصدق وبلا تكلّف… بكت على صدور أمهات الشهداء ولفّت بذراعيها صدور الأطفال المرضى والمتفوّقين، انطلقت حيث يرقد الجرحى وطافت على بيوتهم، غرفت بيدها الطعام وجلست وسط اليتامى تشاركهم صحونهم، تعاملت بلا اصطناع وبلا «تظبيط» من أجل الكاميرا، ارتدت البسيط مثلها مثل كلّ الصبايا السوريات بنطلون وبلوزة بالمستوى نفسه… صدقت مع الناس وصدقت مع نفسها فامتلكت مقوّمات الحب، ما برحت الابتسامة عن وجهها الملائكي.

نعم منحها الله كلّ هذا الحب الذي تسرّب لعباده البسطاء، فجاءت الترجمة لهذا الحب المتدفق بلا استئذان وبلا مراسيم… حيث لا تجدي أية مراسيم.

هل تتذكرون السنوات الأولى من الحرب على سورية عندما هاج أعداء سورية بعد أن قام المهكّرون بالدخول على حساب الرئيس بشار الشخصي ليكتشفوا على حد هرائهم «فضيحة»! هل تتذكّرون هذه «الفضيحة»؟ رسالة منه لزوجته يعبّر فيها عن حبه وتبادله نفس الحب والانتماء… صار الحب جريمة… نعم، لأنهم لا يعرفونه ولا يعرفون معناه، فقط يعرفون الكره الأسود.

شعب المقاومة والياسمين وعاصمة المقاومة والياسمين وسيدة المقاومة والياسمين.

السيدة أسماء الأخرس كلنا ثقة في الله أنك مصحوبة بالشفاء، لأنّ دعوات أمهات الشهداء تصدح في كلّ ركن من أركان الوطن كالأذان، فحيٌّ على المقاومة والحب والابتسامة كي يزداد حقد الكارهين.

ويا سيدة الياسمين الله يحبّب فيك خلقه كمان وكمان…

رئيس تحرير جريدة «العربي» المصرية

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى