تركيا وباكستان لتعامل تجاري مع إيران… وحرب عملات أميركية على العالم الحريري يواجه تحدّي حكومة 10 بـ 10 بـ 10 للالتزام برفض الثلث المعطل
كتب المحرّر السياسي
الجريمة السعودية المروّعة بحق أطفال اليمن استنهضت العالم واستفزته حتى عجز حماة الإجرام السعودي عن توفير الحماية لمرتكبيها وتسويق بياناتهم المستخفّة بدماء الضحايا التي تحدّثت عن دفاع مشروع، ما ظهر في بيان مجلس الأمن الدولي الداعي لتحقيق محايد في الجريمة، ومثله بيانات فرنسية وبريطانية وروسية، بينما ذهب السناتور الأميركي بيرني ساندرز المرشّح الرئاسي السابق إلى اعتبار أن الولايات المتحدة شريكة في الجريمة الأخيرة التي ارتكبها التحالف السعودي في قتل الأطفال في اليمن، مطالباً بـوقف الإدارة الأميركية دعمها للغارات الجوية السعودية على اليمن.
واعتبر أن «الولايات المتحدة بدعمها للحرب التي يشنّها التحالف السعودي في اليمن عن طريق تجهيزه بالأسلحة وتزويده بوقود المقاتلات جواً والمساعدة في ضرب الأهداف، فإنها تعدّ شريكاً في هذه الجريمة الوحشية»، مشيراً إلى أنه «لا أحد يمكنه الادعاء ان دعمنا لهذه الحرب سيعزّز أمننا. في الحقيقة فإن العكس صحيح. فهذه الحرب لا تثير الكراهية للولايات المتحدة فحسب، وإنما حسب التقارير الجديدة التي وصلتنا، فإن التحالف السعودي عقد صفقة مع تنظيم القاعدة في اليمن، أي أخطر الفروع في هذا التنظيم الإرهابي، والذي أعلن ان هدفه مهاجمة الولايات المتحدة».
في واشنطن لا تزال الأولوية للمواجهة الاقتصادية التي تتخذ شكل العقوبات على حلفاء الولايات المتحدة قبل خصومها، فأوروبا واليابان وكندا وتركيا، جميعاً في دائرة الاستهداف، وليس روسيا وإيران والصين وكوريا الشمالية فقط، ووسط الهيستيريا الأميركية سقطت مساعي الحلحلة للملف النووي لكوريا الشمالية، وسقط قبله التفاهم النووي مع إيران والشراكة الاستراتيجية مع كندا وشراكة حلف الأطلسي مع أوروبا ومع تركيا، وحرب العملات التي يشنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب تحت عنوان العقوبات والرسوم الجمركية لحماية الصناعات الأميركية تترك آثارها في كل مكان، حيث هبوط دراماتيكي في أسعار صرف العملة التركية، والهدف وفقاً لمصادر الخبراء في الأسواق المالية تأمين رفع سعر الدولار من دون الحاجة لرفع الفائدة على سندات الدين الأميركية والتسبّب بزيادة العجز المتراكم والمتفاقم للخزينة الأميركية والارتهان لمموّليه الذين تتصدّرهم الصين، بينما رفع سعر الدولار سيف ذو حدين فهو مموّل للدين لكنه معيق للتصدير، ولذلك يلجأ ترامب وقائياً للرسوم على المستوردات خصوصاً الصناعية منها، ويجعل شركاءه الاقتصاديين يدفعون الثمن.
إلى الرفض الروسي للعقوبات الجديدة الذي اعتبره وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف إعلان حرب في اتصال بوزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو، تمسّك التركي بالعلاقات التجارية مع إيران من موقع المصالح الوطنية التركية خصوصاً في حقل الطاقة، وانضمام باكستان للموقف التركي، يمنح إيران جارين كبيرين كمدى حيوي اقتصادي، تواجه عبره العقوبات. فقد جاء البيان الصادر عن وزارة الخارجية الباكستانية انعكاساً لنتائج الانتخابات النيابية التي جاءت بخصوم واشنطن والرياض بأغلبية تتيح لهم تشكيل الحكومة الجديدة، وقال البيان، إن باكستان ستواصل علاقاتها التجارية مع إيران ، رغم عقوبات الولايات المتحدة على طهران ، وتهديداتها للدول التي تواصل التعامل التجاري معها وإن باكستان بصفتها دولة ذات سيادة، هي صاحبة القرار في ما يخصّ أنشطتها الاقتصادية والتجارية الرسمية وأن باكستان ستواصل علاقاتها التجارية والاقتصادية مع جارتها إيران التي تشكل شريكاً لباكستان بقضايا إقليمية وعالمية، ولا سيما إيجاد حل لعدم الاستقرار في أفغانستان .
لبنانياً، بعد يوم من التفاؤل زرعته اللقاءات التي كان أبرزها لقاءين جمعا الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري بكل من رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل، وزّعت الأطراف السياسية مناخات وأجواء متضاربة عما بلغها من نتائج الاجتماع، وغالباً كلٌّ وزّع ما يناسب مطالبه. وقالت مصادر مطلعة على أجواء اللقاءات أن تفادي امتلاك اي من الأطراف للثلث المعطل كان عنوان حركة الرئيس الحريري نحو الرئيس بري طلباً مساعدته في إقناع الوزير باسيل بالتخلي عن مطلب الحصول على أحد عشر وزيراً للتيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية، ليواجه بمطلب موازٍ عنوانه عدم حصول قوى الرابع عشر من آذار التي تتشكل من تياره وحزب القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي للثلث المعطل أيضاً، خصوصاً أن تمثيلها النيابي لا يخوّلها الحصول على حصة تفوق حصة الثامن من آذار البالغة وفقاً لتشكيلات الحريري المتداولة على سبعة مقاعد فقط. وقالت المصادر إن أيّ تقدّم من الآن وصاعداً خارج الكلام العام من نوع المزيد من العدالة والمزيد من التفهّم وعدم امتلاك الثلث المعطل من أي فريق، بات يتوقف على تقديم الحريري معادلة حكومية تحقق هذه العناوين، فمن غير المنطقي أن يطلب موافقة التيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية بعشرة وزراء منعاً لامتلاك الثلث المعطل وبالمقابل الإصرار على ثلاثة عشر وزيراً لقوى الرابع عشر من آذار وتجاهل تضمينه الثلث المعطل، والتحدّي الذي ينتظر الحريري برأي المصادر هو في قدرته على تسويق صيغة عشرة وزراء لكل من فريق التيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية، مقابل عشرة وزراء لكل من فريقَيْ الثامن والرابع عشر من آذار، بحيث تضمّ حصة الثامن من آذار سنيين ومسيحيين إضافة لستة وزراء شيعة، وتضمّ حصة رئيس الجمهورية درزياً وثلاثة مسيحيين بينهم نائب رئيس الحكومة ووزير الدفاع، وتتوزّع حصة الرابع عشر من آذار بين ثلاثة مسيحيين للقوات وأربعة سنة لرئيس الحكومة ومسيحي بينه وبين الحزب التقدمي الاشتراكي إضافة لإثنين دروز للحزب التقدمي الاشتراكي، ويبقى ستة مسيحيين للتيار الوطني الحر.
حركة مفاوضات خارج التفاؤل…
لم تتعدّ حركة الرئيس المكلف سعد الحريري أمس الأول، حدود كسر الجمود الحكومي وتذويب الجليد مع رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل، على أن يستكمل الرئيس المكلف لقاءاته التشاورية مع رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع ورئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط، علماً أن اتصالاً جرى بين الحريري وجعجع أمس، أطلع الحريري خلاله جعجع على تفاصيل لقائه باسيل. في حين أن مصادر جنبلاط تشير الى أن الأمور على حالها ولم يفاتحها أحد بأية طروحات جديدة بعدما تردّد عن طلب الحريري من الرئيس نبيه بري خلال لقائهما الأخير المساعدة في حلّ العقدة الجنبلاطية بحصول اللقاء الديمقراطي على وزيرين درزيين اشتراكيين على أن يكون الدرزي الثالث محل توافق بين جنبلاط والرئيس ميشال عون.
وتؤكد مصادر تيار المستقبل لـ«البناء» رداً على سؤال عن الخرق على الصعيد الحكومي بالقول: «ما فينا نقول فيه حكومة الا عندما يوقع رئيس الجمهورية التشكيلة»، مشيرة الى أن «الرئيس المكلف والوزير باسيل أشاعا أجواءً ايجابية تؤكد الالتزام بالتسوية الرئاسية والتفاهم السياسي من دون إعطاء أية تفاصيل إضافية حيال المفاوضات الحكومية».
واستبعدت مصادر «البناء» ترجمة هذه الحركة الحكومية المستجدة في تأليف حكومة قبل عيد الأضحى، مشيرة الى أنها حركة خارج التفاؤل مضيفة: «كافة الأطراف تُدرك أن الظروف الإقليمية لم تنضج بعد لولادة آمنة للحكومة، وتهدف هذه اللقاءات الى تمرير الوقت ودفع متبادل لتهمة التعطيل بين كل من رئيس التيار الوطني الحر والرئيس المكلف»، علماً أن الأسبوع المقبل قد يشهد استراحة بسبب عطلة عيد السيدة العذراء ومغادرة بعض السياسيين لقضاء العطل مع عائلاتهم، من بينهم باسيل الذي يتوجّه مع عائلته الى اللقلوق في إجازة تمتدّ لأيام، فيما يغادر الحريري أيضاً بحسب المعلومات في إجازة خاصة، وبعدها تحلّ عطلة عيد الأضحى حتى أواخر آب على أن تبدأ بعدها مرحلة ترقب واستكشاف التطورات الإقليمية والدولية وانعكاس ذلك على لبنان لا سيما الدفعة الثانية من العقوبات الايرانية على إيران في تشرين الثاني المقبل».
«التيار»: الخارجية مقابل الداخلية أو المالية
وفيما تردّد أوساط التيار الوطني الحر بأن باسيل أبلغ الحريري موافقته على منح القوات حقيبة سيادية أو 4 وزراء من ضمنها 3 حقائب خدماتية»، أكد عضو تكتل « لبنان القوي » النائب الياس بو صعب أن «لقاء بيت الوسط أكد على التفاهم و التسوية الرئاسية». وتوقع بو صعب، في حديث تلفزيوني أن يبادر الحريري خلال أسابيع قليلة الى عرض معيار على جميع القوى السياسية وسيكون الجميع مقتنعاً به».
وفي ما يخصّ الحقيبة الوزارية السيادية، قال: «الموضوع ليس عندنا وإمكانية حزب «القوات اللبنانية» الحصول على حقيبة سيادية متعلقة بالحريري»، موضحاً «اننا نتخلى عن وزارة الخارجية مقابل الحصول على الداخلية أو المالية».
وفُسِّر كلام بو صعب بأن التيار لن يعطي القوات السيادية من حصته، ما يعني أن لقاء بيت الوسط لم يحل العقدة القواتية لا سيما أن مصادر القوات تؤكد أنه «لم يُعرَض عليها شيء محدد بعد في حركة المشاورات الجديدة، فهناك صيغ عدة مطروحة من الرئيس المكلف».
وأمس زار المعاون السياسي للرئيس بري الوزير علي حسن خليل بيت الوسط والتقى الحريري ونقل خليل إلى عين التينة أجواء اللقاء بين الحريري وباسيل. وقال بعد اللقاء: «هناك حراك جديد على الصعيد الحكومي ونأمل أن تتقدم الأمور».
هل يملأ «تشريع الضرورة» الفراغ الحكومي؟
ووسط هذا الواقع الحكومي الملبد بالغيوم، يبرز الى الواجهة بقوة موضوع تشريع الضرورة الذي يدفع به الرئيس بري محاولاً إقناع الحريري به لاستباق تفاقم الملفات الحياتية والاقتصادية مع تراكم اقتراحات ومشاريع القوانين في أدراج المجلس النيابي ما يستوجب الدعوة الى جلسات تشريعية للمجلس النيابي لسدّ الفراغ الحكومي القائم جراء تأخر تأليف الحكومة الأمر الذي يؤيده حزب الله والتيار الحر ورئيس الجمهورية وجنبلاط والقوات اللبنانية. واعتبر النائب إبراهيم كنعان انه «اذا طالت حالة المراوحة ولم تتشكل الحكومة قبل ايلول المقبل، وهو ما لا نتمناه، يصبح عندها التشريع موضوعاً داهماً»، مشيراً الى ان «لا مصلحة لأحد في تعطيل تشريع الضرورة في ظل مؤتمر سيدر والإصلاحات المطلوبة». ورأى كنعان في حديث للـ»او تي في»، أن «تشريع الضرورة لا يأتي في سياق الضغط من قبل رئيس المجلس النيابي، بل في إطار الحاجة الفعلية لتحصين الوضع الاقتصادي والسياسي والثقة المطلوبة بلبنان»، وأشار كنعان الى ان من القوانين التي تقع تحت خانة تشريع الضرورة «إصلاحات سيدر والقوانين التجارية والتسهيلات للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم».
عون: خطة شاملة لمكافحة الفساد
وأبلغ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر الذي استقبله مع وفد من الاتحاد في قصر بعبدا، أن خطة عملية وشاملة تمّ وضعها لمكافحة الفساد تنتظر تشكيل الحكومة للمباشرة في تنفيذها، وتشمل إصلاحات جذرية إدارية ووظيفية وهيكلية اساسية. وان تحقيق هذه الخطة سيكون من اولويات عمل الحكومة العتيدة، وهي ستضع الذين يعلنون دعمهم لمكافحة الفساد امام مسؤولياتهم ليقرنوا القول بالفعل، لأننا نسمع أصواتاً تدعم وتؤيد وتزايد أحياناً. وعند التطبيق يحصل العكس، وأحياناً تتعرقل العملية الإصلاحية من بعض اصحاب هذه الاصوات. ودعا رئيس الجمهورية الاتحاد العمالي الى المساهمة المباشرة بالعملية الاصلاحية، مؤكداً ان عقارب ساعة مسيرة الإصلاح لن تعود الى الوراء، وستحقق المسيرة أهدافها بالطرق السلمية والقانونية.
السفير السوري
على صعيد آخر، برز موقف السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي ، الذي أشار في حديث تلفزيوني الى أن «بعض السياسيين اللبنانيين الذين راهنوا على إسقاط سورية قبل رمضان 2011، وهم كانوا يراهنون على إسقاط القيادة و الدولة السورية ، أصيبوا بالخيبة ولا يستحق كلامهم اليوم أن نتوقف عنده، ولو كانت سورية تقبل بالمساومة والإملاءات التي حملها كولن باول من الجانب الاميركي، لكان هؤلاء اليوم في مكان آخر». وأضاف: «حين تُعيد الدول المتآمرة على سورية النظر في مواقفها، ستعيد دمشق حينئذ النظر في موقفها تجاه هؤلاء عند بدء إعادة الإعمار، لأن سورية تميّز جيداً بين من دعمها وبين مَن تواطأ ضدها خلال الحرب»، وأكد عبد الكريم علي غامزاً من قناة جنبلاط والحريري أن «لا رصيد لبعض الأفرقاء اللبنانيين الذين حاولوا الاستثمار في مجزرة السويداء، ومواقفهم في هذا السياق تأتي من ضمن محاولتهم إرضاء جهات أخرى وليس هدفهم نصرة السويداء وأهالي السويداء.»