لافروف يمهّد لقمة روسية تركية فرنسية ألمانية حول الإعمار والنازحين والتسوية في سورية الحريري «يمزح» بصيغة الـ «3 عشرات» ويحسب جنبلاط على 8 آذار… والعقدة هي «الشام»
كتب المحرّر السياسي
انفجارات في مستودعات الأسلحة التابعة للجيش الانكشاري الذي بدأت تركيا بتجميعه في إدلب وريفها والحصيلة أربعون قتيلاً، بينما الجيش السوري يحسم بادية السويداء ويُسكت الأصوات النشاذ التي حاولت المزايدة بدماء أهالي المحافظين على الجيش والدولة، وإدلب تترقّب الساعة الصفر التي سيبدأ فيها الجيش عمليته العسكرية الموعودة.
تركيا التي أكثر جماعات المسلحين حديثهم عن غضبها، إذا بدأت العملية العسكرية السورية وصولاً لنقل تهديدات الرئيس التركي رجب أردوغان بالانسحاب من تجمّع أستانة الذي يضمّ تركيا وإيران وروسيا في حال تقدّم الجيش السوري نحو إدلب، منشغلة حكومة وشعباً واقتصاداً، بتدهور غير مسبوق في سوق الصرف لعملتها الوطنية تحت وطأة حرب تشنها واشنطن لتطويع انقرة وتركيعها، والرئيس التركي يلوّح بالانسحاب من الناتو بدلاً من أستانة، ويتشاور مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بمنح الأتراك تسهيلات اقتصادية إضافية، والخارجية الروسية تعلن دراسة طلب تركيا بإعفاء شرائح من الأتراك من تأشيرة الدخول إلى روسيا.
موسكو التي توثق محور الاستقلال عن واشنطن في بحر قزوين بالتعاون الكامل مع إيران، فتنجزان أول ترسيم للحدود المائية والنفطية وللثروات السمكية بين الدول المتشاطئة على ضفاف قزوين لترسيخ قواعد حلف الدول المستقلة المتصلة بدول محور شانغهاي من جهة وبدول البريكس من جهة أخرى. هي موسكو التي أعلن وزير خارجيتها سيرغي لافروف عبر الناطقة بلسان وزارته عن التحضير القريب لقمة تضم رؤساء روسيا وتركيا وألمانيا وفرنسا لبحث ثلاثية سورية متكاملة تتكوّن من شروط التسوية السياسية وشروط الشراكة في إعادة الإعمار ومخططات إعادة النازحين وتمويلها.
كما في العالم القريب والبعيد سورية محور رئيسي للسياسة والخلافات والتحالفات، في لبنان تعثر الحكومة عنوانه قضية اسمها الشام. فالتوازنات المحلية الحاكمة لتشكيل الحكومة واضحة وتختزنها صبغة الـ 3 عشرات التي تعني 10 وزراء للتيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية وعشرة وزراء للثامن من آذار وعشرة لقوى الرابع عشر من آذار قياساً لحصتهما النيابية المتساوية، لكن السعي لاسترضاء السعودية الرافضة لحكومة تفتح ملف العلاقات بدمشق تسبّب بتضخيم المطالبات لعرقلة التشكيل أو تجميع ثلث معطل يمنع انعقاد الحكومة دون إحراج رئيسها بالغياب أو الاستقالة، بيد قوى الرابع عشر من آذار. وسيراً على طريق التذاكي أو « المزح» في تداول صيغ غير واقعية لا تؤدي إلا إلى التعطيل تقول مصادر مقربة من الرئيس المكلف تشكيل الحكومة الجديدة سعد الحريري أن صيغة الـ 3 عشرات تعني عشرة لرئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر وعشرة للثامن من آذار مع حصة النائب السابق وليد جنبلاط، وعشرة لثنائي تيار المستقبل والقوات اللبنانية، علماً أن شراكة الثامن من آذار لجنبلاط مخالفة لأي منطق في السياسة كما في الحسابات للأحجام. فحجم الثامن من آذار مع جنبلاط 54 نائباً بينما المستقبل والقوات معاً 35، فكيف يتمثلان بالتساوي، علماً أن القضية عنوانها العلاقة بسورية وفي هذه القضية لا شيء يجمع الثامن من آذار وجنبلاط؟
هل حُلَّت العقدة القواتية؟
تراجع منسوب التفاؤل بولادة الحكومة خلال فترة قريبة بعد حركة المشاورات الأخيرة التي أجراها الرئيس المكلّف سعد الحريري، وسط معلومات تؤكد التوصل الى حلّ للعقدة القواتية وموافقة التيار الوطني الحر على حصول القوات اللبنانية على حقيبة سيادية المرجّح أن تكون وزارة الخارجية والمغتربين، مقابل موافقة القوات على 4 وزراء بدلاً من خمسة، وكان لافتاً اتهام قناة «أو تي في» في مقدّمة نشرتها المسائية جنبلاط بعرقلة التأليف وعدم إشارتها للمرة الأولى الى تعطيل «القوات»، ما يُعزّز المعلومات عن موافقة التيار على الحقيبة السيادية للقوات، ونقل «تلفزيون لبنان» عن مصادر قريبة من بعبدا أن «لا صحة لما تناقلته وسائل الإعلام بأن رئيس الجمهورية اعترض على منح حقيبة سيادية لـ»القوات»، وذكرت بموقف الرئيس عون الذي أبلغه إلى الوزير الرياشي بأنه لا يُعطي ولا يأخذ لأن التشكيلة الحكومية من مسؤولية الرئيس المكلف»، بينما سرّبت مصادر القوات بأن لا مانع لدى أمل وحزب الله بأن تنال القوات حقيبة سيادية.
وإذ عادت صيغة الثلاث عشرات بقوة الى التداول حيث لا ينال أي فريق الثلث المعطل، أعلن نائب رئيس حزب القوات جورج عدوان ، أن «القوات تنازلت عن المطالبة بخمسة وزراء لأجل 4 وزراء بينهم وزارة سيادية، مؤكداً أنه لا يوجد أي تدخل خارجي في تشكيل الحكومة . وأضاف في حديث تلفزيوني: «لن يمتلك أي فريق الثلث المعطل، وبالتالي هذه حكومة تريد العمل لا تبادل التعطيل فيها، وهناك تفاهم مبدئي على توزيع الأرقام بالحكومة، والقوات من حقها أن تكون لديها وزارة سيادية ورئيس المجلس النيابي نبيه بري أبلغنا أنه لا يعارض حصولنا على وزارة سيادية، ولا أتصور ان حزب الله سيدخل في مسألة الفيتوات».
بري يتوسّط مع جنبلاط بطلب من الحريري
بينما يعمل رئيس المجلس النيابي بطلب من الحريري التوسّط لدى رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط لإقناعه بمخرج وسطي للعقدة الجنبلاطية في ظل تمسك جنبلاط حتى مساء أمس، بحسب مصادر الاشتراكي بالوزراء الدروز الثلاثة، وأحد المخارج المطروحة حصول جنبلاط على وزيرين درزيين اشتراكيين والدرزي الثالث يكون بالتفاهم بين رئيسي الحكومة والجمهورية ورئيس الاشتراكي.
وأشارت قناة «أو تي في» الى أن «العقدة باتت معروفة المصدر، لكن صاحبها يحتاج إلى حلّ عقدة أصعب وهم يكبر وحمولات تزداد في علاقته مع الشقيقة التي حرث الطريق إليها لسنوات بمعسول الكلام، قبل أن ينقلب على الشام ثم يعود إليها ثم يهاجمها». وأشارت الى أن رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل «سيلاقي الرئيس عون في موقف بارز هذا الأسبوع باسم تكتل «لبنان القوي»، يرفض فيه «أي حكومة» وابتزاز العهد بحجة وجوب تشكيل حكومة لتولد الحكومة معطلة، أي بما معناه حكومة بما اتفق وبمن حضر تشبه حكومة العجلة الآن والندامة لاحقاً، ملوحاً إلى خطوات لفك أسر لبنان من الاعتقال السياسي الذي نحن فيه».
غير أن الرئيس المكلف لم يُبادر الى التواصل مع طرفَيْ الخلاف داخل الطائفة الدرزية، بحسب مصادر الفريقين، وكشف رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال ارسلان أن التواصل بينه والرئيس المكلف سعد الحريري مقطوع. وقال ارسلان للـ «ال بي سي»: «كيف يمكن أن تكون الحكومة حكومة وحدة وطنية باستثناء الطائفة الدرزية التي يتم فيها احتكار التمثيل لطرف واحد من الطائفة؟».
لا ضوء أخضر سعوديّ
ولم تُبدِ مصادر مطلعة لـ «البناء» تفاؤلها بقرب تأليف الحكومة، معتبرة أن «حركة المشاورات الدائرة ليست سوى تعمية على فشل المعنيين بالتأليف وخضوعهم للضغط الخارجي والحسابات الإقليمية»، من جهتها لفتت مصادر في 8 آذار «البناء» الى أن «الموقف السعودي لم يتغير من الملف الحكومي في لبنان، إذ إن المملكة لم تُعط الحريري الضوء الأخضر للتأليف حتى الآن، وهو لا يزال في دائرة الفلك السعودي ولا يمكنه النفاذ منه». وأشارت المصادر الى الرسالة السعودية بمسألة استثناء الحريري من الدعوات الى الحج، رغم نفي مكتبه الإعلامي الخبر، لكن المعلومات تؤكد استثناءه من «دعوات الحجيج مقابل منحها لوزير الداخلية ورئيس القوات سمير جعجع». وتوضح المصادر بأن «السعودية لن تقبل بترجمة نتائج الانتخابات في الحكومة، وأن يملك الرئيس عون وحزب الله أرجحية القرار في الحكومة والمجلس معاً اضافة الى رئاسة الجمهورية»، وتساءلت: «هل ستقبل السعودية بتسليم المواقع الدستورية في الحكومة لحزب الله وعون؟ وترى بأن السعودية تفضل انتظار مآل الأمور في ساحات العراق واليمن وسورية للبناء على الشيء مقتضاه في لبنان».
ودعا وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل إلى «الإسراع في تشكيل حكومة، تعكس نتائج الانتخابات النيابية، ويشترك فيها أغلب القوى السياسية في البلد»، طالباً من الشركاء في الوطن عدم إضاعة الوقت «في نقاشات عقيمة حول الأحجام وحول الحقائق، ووضع قاعدة واضحة تخرجنا جميعاً من أزمة المواقف». وقال في كلمة له: «لا أريد أن أعمم قلقاً حول الوضع المالي، لكن بالتأكيد لا يمكن أن نستمر أكثر في منطق المراوحة».
بدوره، دعا رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد الى ضرورة اعتماد آليات صريحة وواضحة تلزم الجميع ويعتمدها في تمثيل الكتل النيابية كلها. واضاف: «قيل إن مطلع الأسبوع المقبل سوف نبدأ بحركة جديدة تقوم على هذا الأساس، ونحن نامل ان تتشكل الحكومة بأقرب وقت، لان الوضع الاجتماعي والأمني في البلاد لا يزال يضغط ويحتاج الى حكومة ترعاه وتدير شؤونه». كما دعا الحكومة المقبلة الى إعادة النظر بالعلاقة مع سورية من أجل التخفيف من المشاكل الضاغطة».
نصرالله يطلّ غداً
في غضون ذلك، يطل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مساء غدٍ في كلمة له في ذكرى انتصار تموز، ويتطرّق السيد نصرالله الى الواقع الحكومي إلا أنه لن يُطلق مواقف حادة وعالية السقف، كما لم يُحدد توقيتاً معيناً للتأليف، ولن يدخل في تفاصيل الحصص والحقائب حيث يترك الأمر للرئيس المكلف ورئيس الجمهورية، بحسب مصادر مطلعة لـ»البناء» والتي لفتت الى أن «السيد نصرالله سيركز على نقطتين في الملف الحكومي: الأولى اعتماد معيار موحد للتأليف، الثاني الإسراع في التأليف وعدم الانتظار والرهان على الخارج»، وسيأخذ ملف الصراع مع «إسرائيل» الحيز الأكبر في الخطاب بحسب المصادر، حيث سيشدد على أن الحرب على سورية لم تُمكِن «إسرائيل» من حجب القضية الفلسطينية ولا إنهاء الصراع مع عدو العرب والمسلمين ولا تصفية القضية وتمرير صفقة القرن»، كما سيتناول الأمين العام لحزب الله التطورات الاخيرة على الساحة السورية لا سيما التطورات الأمنية والعسكرية في السويداء».
على صعيد آخر، أعلن مكتب شؤون الإعلام في المديرية العامة للأمن العام ، في بيان، أن «المديرية ستقوم بتأمين العودة الطوعية لعدد من النازحين السوريين من منطقة شبعا و البقاع الأوسط ، إلى بلداتهم في سورية ، عبر معبر المصنع الحدودي، اعتباراً من الساعة السادسة من صباح غد اليوم الاثنين»، مشيراً إلى أن نقطتي التجمع: المصنع، وملعب ثانوية شبعا الرسمية.