رئيس الجمهورية: نحن بانتظار أن يأخذ المبادرة ويؤلف ولبنان متمسك بعودة النازحين السوريين الى المناطق الآمنة

توافق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الاتحاد السويسري ألان بيرسيه على ضرورة تفعيل العلاقات الثنائية التاريخية على مختلف الصعد، وتطوير آليات التعاون بين البلدين في المجالات كافة، بما يخدم مصالحهما المشتركة.

وجدد الرئيس عون تأكيد موقف لبنان المتمسك بعودة النازحين السوريين الى المناطق الآمنة في بلدهم، وترحيبه بالمبادرة الروسية التي تصّب في هذا الاتجاه. وطلب من الرئيس الضيف ان تكون بلاده الى جانب هذه الخطوة وعدم ربطها بالحل السياسي الذي قد يطول التوصل اليه. وأكد تمسك لبنان بمبادرة السلام العربية وضرورة احترام حقوق الشعب الفلسطيني ومن بينها حق العودة، وإدانته «قانون القومية الدينية» الذي اقرّه الكنيست الاسرائيلي والذي يتناقض مع مسار التاريخ، ورفضه اي مساس برمزية مدينة القدس ومكانتها الانسانية والدينية الفريدة.

مواقف الرئيس عون جاءت خلال محادثات ثنائية أعقبتها محادثات موسعة، بحضور الوفدين الرسميين اللبناني والسويسري اللبنانية – السويسرية التي جرت في القصر الجمهوري في بعبدا، وأعقبها مؤتمر صحافي مشترك .

وقال الرئيس عون إنه أطلع الرئيس الضيف على مطلب لبنان، الذي أطلقه من على منبر الامم المتحدة، في ان يكون مركزاً دولياً لحوار الاديان والحضارات، متمنيا دعم بلاده في تحقيقه. وعلى الصعيد السياسي، تطرقنا الى اهمية الانتخابات النيابية الاخيرة، لكونها جرت للمرة الاولى على اساس النسبية، وشارك فيها المتحدرون من أصل لبناني، وكان من بينهم ابناء الحضور اللبناني في سويسرا. ولفت الى انّ العمل ينصبّ اليوم على تشكيل حكومة جديدة على اساس معايير تعكس صحة التمثيل الذي ارسته نتائج هذه الانتخابات، مشددا على ان الرئيس المكلف هو من سيشكل الحكومة، اما في المرحلة النهائية فهناك صلاحية رئيس الجمهورية بأن يطلع ويوافق كي يوقع مرسوم التشكيل. حتى الآن نحن في المرحلة الاولى، ويبدو ان الحريري استمع الى المطالب بما يكفي وبات عليه ان يأخذ المبادرة ويؤلف، ونحن بانتظاره.

وتابع: اطلعت الرئيس الضيف على ان الورشة الأبرز التي تنتظر لبنان تتمثّل في وضع «الخطة الاقتصادية الوطنية» وما اقرّه مؤتمر «سيدر» موضع التنفيذ، ومحاربة الفساد. وعرضنا لضرورة تفعيل اتفاقية التجارة الحرة الموقعّة بين البلدين، وتشجيع حركة التبادل، لا سيما أن سويسرا هي الشريك التجاري السابع للبنان، ولبنان هو الشريك الخامس لها في المنطقة.

وأكد بيرسيه من جهته، مواصلة بلاده مساعدة لبنان من خلال دعم السكان المحليين وكذلك النازحين، الى حين توفر ظروف عودتهم الطوعية الآمنة وبكرامة، معتبراً ان المطلوب في هذه المرحلة اظهار نوع من البراغماتية وايجاد حلول قابلة للتطبيق والنجاح في الجمع بين الشروط الضرورية لتأمين عودة النازحين في افضل الظروف وعدم تجاهل التوصل الى حل سياسي. وقال: «نحن مقتنعون في سويسرا ان محادثاتنا الثنائية وتبادل الافكار المشتركة هي في غاية الاهمية في هذا الاطار، كما ان الدور الذي يجب على المجتمع الدولي ان يضطلع به هو ايضا مهم».

وقال تناولت محادثاتنا الاوضاع السياسية والاقتصادية، وكذلك الأزمة السورية وموجات النزوح. وسويسرا مدركة حجم التحديات الهائلة التي يواجهها لبنان نتيجة الوضع في سورية. وهي تحيي روح التضامن والسخاء التي اظهرها الشعب اللبناني والسلطات اللبنانية من خلال استقبالهم النازحين السوريين وتأمين حمايتهم. ورأى ان من الواجب ان يكون هناك نقاش حول المبادرة الروسية المتعلقة بعودة النازحين، «والمكان الوحيد الذي يجب ان يجرى فيه هذا النقاش هو داخل المؤسسات الدولية. وفي هذا الاطار، تعرفون ان لدينا في جنيف مركزاً مهماً للغاية لنشاطات الأمم المتحدة. ونحن متعلقون جداً بوجوب احترام قواعد دولية ثابتة يمكن الاعتماد عليها، وتتضمن ما يجب القيام به، والاطلاع على ما تحقق من ذلك. ومن الطبيعي ان نؤيد كل جهد يتيح ايجاد حل سياسي، وفي الوقت عينه العودة الطوعية بكرامة للعائدين.

وتمنى الرئيس السويسري الافضل للبنان، خصوصاً مع تشكيل الحكومة الجديدة عقب اجراء الانتخابات النيابية الاخيرة، وذلك للتمكن من مواجهة التحديات التي تحيط به.

وعن مبادرة رئيس الجمهورية جعل لبنان مركزاً لحوار الاديان والحضارات، أكد جهوزية سويسرا لتعميق البحث بشأنها مع لبنان «ولدينا مصلحة للقيام بذلك»، مشيرا الى التوافق مع الرئيس عون على «تعميق المباحثات حولها على المستوى الثنائي، ومن ثم نرى ما هي المبادرات التي يمكن ان ندعمها في هذا الاتجاه على الصعيد المتعدد الاطراف».

وبعد انتهاء المؤتمر الصحافي، التقط الرئيس عون وضيفه وعقيلتاهما صوراً تذكارية في صالون السفراء، ثم دوَّن الرئيس السويسري في سجل الشرف الكلمة التالية: «لقد تأثرت كثيراً وتشرفت بالاستقبال الحار الذي خصصتموه لي في زيارتي للبنان. تتقاسم سويسرا ولبنان الكثير من القيم المشتركة، وتاريخاً كان في بعض المرات مضطرباً. مستندين الى غنى التنوع، نعمل على الحفاظ على قيم الحرية والتسامح. أتمنى ان يكون مستقبل العلاقات بين لبنان وسويسرا مشعاً».

وأقام رئيس الجمهورية مأدبة غداء رسمي على شرف الرئيس السويسري وعقيلته، حضرها إلى أعضاء الوفدين اللبناني والسويسري، عميد السلك الدبلوماسي السفير البابوي جوزف سبيتيري، ورئيس لجنة الصداقة النيابية اللبنانية – السويسرية النائب أنور الخليل وعميد السلك القنصلي العام في لبنان جوزف حبيس وعدد من السفراء والامين العام لوزارة الخارجية السفير هاني شميطلي وعدد من الشخصيات الاقتصادية والسياسية وكبار الموظفين في رئاسة الجمهورية. وشرب الرئيس عون نخب الرئيس الضيف وبلاده بفرادتها وتعدديتها.

وردّ عليه الرئيس بيرسيه بشرب نخب لبنان المتنوع والغني بحضارته وثقافته ونبوغ ابنائه.

وعرض برسيه مع رئيس مجلس النواب نبيه بري مع العلاقات الثنائية والتعاون البرلماني بين البلدين، وتناول الحديث التطورات في لبنان والمنطقة وموضوع النازحين السوريين. وقال بري بعد اللقاء: كانت هناك مواقف من موضوع النازحين وضرورة ان يكون التعاطي بهذا الموضوع من لبنان لأنه يخفف أعباء كثيرة عنه، عدا عن العلاقات السوية التي يفترض ان تكون دائما بيننا وبين الأخوة في سورية. وكان هناك أيضاً نقاش لمواضيع منها ما يتعلق بالعلاقات البرلمانية بين البلدين، وهو كان قد زار لبنان بناء على دعوة مني شخصيا عندما كان رئيسا لمجلس الشيوخ السويسري عام 2009». وقال: «أنا اعتقد ان 95 ، إن لم يكن اكثر من السوريين الموجودين في لبنان، قد تحررت مناطقهم. مع ذلك نحن لا نلزم احدا، لكن علينا ان نتساعد نحن والحكومة السورية ونحن والدولة السورية على العودة». وردا على سؤال عن رفض البعض الحوار مع الحكومة السورية، وهذه هي احدى العقبات التي تواجه العودة: قال بري: «لا، لا، لا احد يرفض ما دام هناك سفراء وعلاقات، وطالما «مشيت» الكهرباء ايضا». وعن تأليف الحكومة قال بري: أنا لا أقل حرصاً عن الرئيس عون و الرئيس المكلف سعد الحريري في الوصول الى حكومة بأسرع وقت ممكن، لأن هذا الامر لا يمكن ان يستمر على هذا الشكل».

وفي بيت الوسط، استقبل الرئيس المكلف سعد الحريري الرئيس السويسري ، وتم البحث في التطورات المحلية والاقليمية، وبعد انتهاء المحادثات أقام الحريري مأدبة عشاء على شرف الرئيس السويسري والوفد المرافق.

وزار الرئيس السويسري ساحة الشهداء، وسط بيروت، حيث كان في استقباله الوزيران في حكومة تصريف الاعمال، للدفاع الوطني يعقوب الصراف، ولشؤون مكافحة الفساد رئيس بعثة الشرف نقولا تويني، محافظ بيروت القاضي زياد شبيب، رئيس مجلس بلدية بيروت جمال عيتاني وقائد منطقة بيروت العسكرية العميد الركن فؤاد الهادي.

الى ذلك، وقّع لبنان والمجلس الفيديرالي السويسري اتفاقاً بشأن الإعفاء المتبادل من الحصول على تأشيرة دخول لحاملي جواز سفر ديبلوماسي، وذلك خلال لقاء في قصر بسترس بين مدير الشؤون السياسية في وزارة الخارجية والمغتربين السفير غادي خوري والسفير المفوض لمنطقة الشرق الأوسط بشؤون الهجرة أورس فون أرب. وكان عقد حوار حول الهجرة بين لبنان وسويسرا في وزارة الخارجية والمغتربين بتاريخ 18/3/2018 شكل مناسبة للتفاوض على النص النهائي من اتفاقية إلغاء تأشيرات الدخول لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية، وتم التوقيع على محضر الحوار الذي تضمن، بناء على طلب الجانب اللبناني، الإشارة إلى الاستمرار في التفاوض بين الجانبين السويسري واللبناني لكي يشمل الاتفاق فئات جوازات أخرى.

وكان الرئيس بيرسي التقى النائب الخليل، وبحث مع عدد من رجال الاعمال الى فطور عمل المعطيات حول فرص الاستثمار والتعاون بين رجال الاعمال في لبنان والاتحاد السويسري.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى