بوارج ترامب المأزوم ومؤشرات الساعة الصفر في إدلب
مهند فائز نصرة
بدأت الحكومة السورية وبدعم من الحلفاء إعداد العدة خلال عطلة الأعياد لخوض أمّ المعارك وأضخم العمليات العسكرية التي خاضها الجيش السوري على الأراضي السورية خلال سنوات الحرب السبعة السابقة، والتي ستكون في إدلب وريفها التي باتت مكبّاً للإرهاب الدولي ممثلاً بجبهة النصرة جناح القاعدة الرئيسي وحلفائها وآلاف المتطرفين الرافضين للمصالحات والحوار مع الدولة السورية والذين نقلتهم الباصات الخضر خلال معارك الجيش السوري في ريف دمشق ودرعا والسويداء مؤخراً.
فجميع التقارير والمؤشرت السياسية والعسكرية والدولية تؤكد أنّ ساعة المعركة تقترب فهل تعلن دمشق الساعة الصفر خلال الأيام القليلة المقبلة؟
في المقابل بدأ الحلف الداعم للإرهاب والمعادي للدولة السورية بقيادة الولايات المتحدة إعداد العدة العسكرية والسياسة والإعلامية والتجهيز لمسرحيات الكيماوي عبر الخطف لمجموعة من الأطفال، والذي قامت به عناصر تحرير الشام تمهيداً لتصويرهم واتهام الجيش السوري والطيران الروسي بارتكاب مجازر كيماوية على غرار ما حدث في الغوطة الشرقية قبل العدوان الثلاثي على مواقع الجيش السوري في 14 نيسان الماضي، فبحسب ما صرّحت وحذرت موسكو فإنّ هناك احتمال وقوع عدوان ثلاثي جديد على أهداف استراتيجية للجيش السوري، أيّ يمكن القول إنّ هذا المؤشر الاستخباراتي الروسي يُعتبر فاعلاً وحقيقياً بعد أن أثبت صدقه في المرات السابقة فقبل كلّ عدوان كانت موسكو تستبق وتحذر دائماً وما كان جديداً في التحذيرات الروسية هذه المرة أنّ الفصائل المسلحة وحلفاءها ستحاول بغطاء ودعم أميركي إعادة السيطرة على حلب وحماة لكسر صورة الانتصارات التي حققها الجيش السوري خلال العامين الماضيين عبر استعادته لنسبة كبيرة من أراضي الجمهورية العربية السورية والتي وصلت إلى 94 بحسب وزارة الدفاع الروسية.
كان لافتاً أيضاً وصول المدمّرة الأميركية The sullivans المزوّدة بـ 56 صاروخاً مجنّحاً من نوع توماهوك إلى القواعد الأميركية في الخليج ووصول القاذفات الاستراتيجية من نوع B-B2 الحاملة لصواريخ أرض جو من نوع Gassm والتي رست في قاعدة العديد القطرية، والتي تعدّ مؤشرات حقيقية ووشيكة لجدية أميركا بعدوانها على سورية بحجة الكيماوي المزعوم واستعدادها للدفاع عن إرهاب إدلب الدولي بكلّ الوسائل وصدّ هجوم الدولة السورية وحلفائها تحت أيّ ظرف من الظروف والذي يبدو أنّ سورية عازمة على خوضه مهما كانت التهديدات والتكاليف، فهؤلاء المسلحون الرافضون للتسوية والذين يشكلون الوجه الإرهابي المتطرف تمّ تجميعهم من كلّ بقاع الأراضي السورية التي تمّ تحريرها مؤخراً لا بدّ أن تلفظهم سورية وتتخلص منهم لتكمل بذلك الدولة السورية استعادة سيطرتها على كامل الأراضي وتعيد الأمن وتهيئ الظروف لعودة المهجرين إلى قراهم ومنازلهم.
أيضاً من المؤشرات الواضحة لقرب وقوع المعركة الزيارة المفاجئة والنوعية التي قام بها وزير الدفاع الإيراني إلى دمشق على رأس وفد من كبار الضباط الإيرانيين حيث التقى نظيره السوري العماد علي أيوب وكانت التطورات العسكرية والتحضيرات للمعركة الكبرى في إدلب على رأس قائمة أولويات الزيارة، وأيضاً أعلن الوزيران عن توقيع اتفاقيات مشتركة تقدّم من خلالها إيران دعماً تقنياً وعسكرياً للصناعات العسكرية السورية للمساهمة بزيادة قوة ومنعة الجيش السوري في مواجهة التحديات الحالية والمستقبلية، وذلك في رسالة واضحة تدل على تمسك القيادة الإيرانية ودعمها لخيارات الحكومة السورية في التصدي للعدوان الثلاثي المرتقب الداعم للإرهابيين الذي أعلن عنه عبر وسائلهم الإعلامية، وما أسموه «الجهاد ضدّ الدولة العلمانية السورية» على لسان أبو محمد الحولاني أمير هيئة تحرير الشام النصرة سابقاً خلال تواجده في ريف اللاذقية بإحدى غرف العمليات التابعة له، حيث أقدم الجولاني خلال الأيام القليلة السابقة على تصفية أكثر من 200 شخص من المؤيدين للحوار مع الدولة السورية وتوقيف المئات منهم بعد حالة الذعر التي بات يعيشها مقاتلو النصرة نتيحة التحشيد السوري الروسي الإيراني الكبير على تخوم إدلب حيث بدأت الهيئة حملات التجييش والتعبئة لآلاف المسلحين في المدينة وريفها لمواجة الهجوم…
سياسياً الرئيس الأميركي ترامب المأزوم داخلياً والذي خذله مساعدوه وطعنوه في الظهر وقدموا المعلومات الخطيرة للمحقق مولر، والتي من المحتمل أن تطيح به، خرج بتصريحات تنمّ عن خوفه من أن يُعزل حيث خاطب الشارع الأميركي بأنه في حال عزله ستنهار البورصات وسيتضرّر الاقتصاد الأميركي بشدة، وبالتالي كان لا بدّ له من افتعال حرب خارجية وتحريك بوارج وقاذفات كي يشغل الداخل عنه ويخفف الضغط الداخلي عليه، فهذه السياسة باتت معروفة لديه ولدى الرؤساء السابقين ومن جهة أخرى يكسب ودّ الحزب الجمهوري في الانتخابات النصفية المقبلة لمجلس الشيوخ والنواب الشهر المقبل…
أميركا أثبتت وبما لا شك فيه أنها لا تريد إيقاف الحرب الدائرة منذ سبع سنوات في سورية، فهي لا تملك الجرأة على تسليم آخر ما لديها من أراض خاضعة للمسلحين في إدلب وريفها والذين تدعمهم بالمال والسلاح والإعلام منذ أول الحرب السورية، فتسليمها يعتبر إعلان انتصار الدولة وحلفائها على المشروع الأميركي الخليحي التركي في المنطقة، فإدلب تعتبر آخر الأوراق التي تساوم عليها أميركا على خروج القوات الإيرانية من سورية والتي اعتبرتها من أولويات المبعوث الأميركي للمنطقة وطبعاً هذا ما يُعتبر المطلب الرئيسي للكيان الإسرائيلي الذي يعيش حالة من الرعب والخوف من تواجد ضباط وقوات من الحرس الثوري قرب حدوده، وبالتالي الضغط على إيران لتقديم التنازلات والجلوس على طاولة الاتفاق النووي الجديد…
اللهجة الروسية القوية والتحذيرات التي أطلقتها موسكو ضدّ أيّ هجوم محتمل للحلف المعادي للدولة السورية يؤكد بأنها لن تتراجع عن دعم معركة إدلب مهما كانت التكاليف ولن تقف متفرّجةً على العدوان الثلاثي، فهي ضاقت ذرعاً من هجوم المسلحين بطائراتهم على قاعدة حميميم من جهة وهي بأمسّ الحاجة لإعلان النصر الكبير للسياسة الروسية خلال السنوات.