10 أيلول يوم حاسم في بيروت وبغداد
ناصر قنديل
– في الظاهر يبدو الوضع بين بغداد وبيروت متعاكساً لجهة التعاطي مع المهل المتاحة لبلورة صورة المشهد الحكومي الجديد من الزاوية التي تنص عليها مواد الدستور في كل من البلدين، حيث ينص الدستور العراقي على مهلة خمسة عشر يوماً من تاريخ إقرار المحكمة العليا لنتائج الانتخابات لقيام رئيس الجمهورية بدعوة المجلس المنتخب لانتخاب رئيس جديد للمجلس ورئيس جديد للجمهورية وتسمية رئيس الحكومة من قبل الكتلة الأكبر في المجلس الجديد، بينما لا تلحظ مواد الدستور اللبناني أي مهل تلزم الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة لتقديم تشكيلته الحكومية أمام رئيس الجمهورية ولا تلحظ مهلاً لاحقة في حال رفض رئيس الجمهورية لتشكيلة الرئيس المكلف ودخول الوضع الحكومي في الاستعصاء.
– عملياً يتقابل في لبنان والعراق تكتلان متشابهان سياسياً، واحد تقف وراءه واشنطن وترعاه السعودية، ومقابله تكتل ينتمي لمحور المقاومة، ويتسابقان على الفوز بالدور الرئيس في المشهد الحكومي عبر الصيغ المتداولة لآليات تشكيل الحكومة في كل من البلدين. وعملياً يجري هذا في لحظة احتدام المواجهة بين المحورين الإقليميين الدوليين الكبيرين اللذين تقود واشنطن أحدهما بهدف التضييق على إيران وقوى المقاومة، وتقود قوى المقاومة الآخر لحماية مكتسباتها وتحصين ساحاتها. وعملياً أيضاً لم يكن من باب الصدف أن يجري ضبط توقيت إجراء الانتخابات في لبنان والعراق على موعد واحد في مطلع أيار الماضي، ولا كانت مجرد صدف عمليات المماطلة في إعلان نتائج الانتخابات العراقية، ومثلها المماطلة في تشكيل الحكومة اللبنانية.
– في العاشر من أيلول يكون العراق على موعد مع حسم أسماء رؤساء الجمهورية ومجلس النواب والحكومة، أو يكون قد دخل في الاستعصاء خارج نطاق الدستور، وفي العاشر من ايلول يكون لبنان عشية افتتاح المحكمة الدولية الخاصة بلبنان والتي يهدّد محور واشنطن والرياض بجعلها منصة لتجريم المقاومة في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري ويسوق لها كعامل من العوامل المرتبطة في الضغوط لتشكيل الحكومة، وما استدعاه ذلك من تحذير الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بمعادلته التي أطلقها تحت عنوان، «لا تلعبوا بالنار». ومثلما تستحضر واشنطن والرياض المحكمة في لبنان في معادلة تشكيل الحكومة، تستحضر صلاحيات رئيس الحكومة في العراق وهو في حال تصريف أعمال للضغط على قوى المقاومة، كما هو حال قرار إعفاء مستشار الأمن القومي ورئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض ونائبه أبو مهدي المهندس من منصبيهما.
– في العاشر من أيلول سنعلم اشياء كثيرة، أولها حدود التوازنات العراقية الدقيقة بين محور المقاومة ومحور واشنطن الرياض، وسيكون لفوز أحدهما معانيه الكبيرة في المنطقة، كما سيكون للاستعصاء معناه أيضاً، وبالتالي سيكون قد توضح خصوصاً أين صب الأكراد العراقيون ثقلهم ولترجيح أي كفة، كفة المصالح العراقية التي يفترض أنها ظهرت مع تجربة الانفصال، أم كفة العودة للمغامرات والمخاطرات التي تهدد بخراب العراق، وفي العاشر من أيلول سيكون ثاني ما نعلمه هل بقي لبنان بلا حكومة، أي هل ثبت أن الرئيس المكلف ينتظر المحكمة ويدخل في نطاق تحذير السيد من اللعب بالنار، أم أنه قرر السير بما هو متفق على توصيفه بالمعادلات اللبنانية الوفاقية؟
– في العاشر من أيلول يوم حاسم في تاريخ المنطقة.