لا حكومات بعد اليوم والمقاومة ليست جزءاً منها
العلامة الشيخ عفيف النابلسي
سنوات على معارك الاستنزاف المذهبي المقنن، سنوات على معارك الإشغال الداخلية السياسية والأمنية، سنوات من الحملات الإعلامية التحريضية. سنوات من العقوبات والحصار في شتى المستويات واتهامات متواصلة بالإرهاب.
كل ذلك لتغيير سلوك حزب الله وعزله أو حتى تغيير ميزان القوى الداخلي يسمح باعتراضه والحد من تأثيره في المعادلة اللبنانية، لكن كل ذلك فشل. بقي صوت المقاومة أعلى الأصوات، وإرادة المقاومة أقوى الإرادات، وسياسة المقاومة أشرف السياسات.
محاولات الأبلسة وتشويه الصورة التي يعمل عليها أعداء المقاومة في الداخل والخارج وصلت إلى حائط مسدود العمق الشعبي والاجتماعي الذي ما زال عنصراً أساسياً في قوة المقاومة لا لأن المقاومة تبني الجسور والطرقات، بل لأن الإنسان قوامه الحق والكرامة. والناس يمكنهم أن يؤجلوا كل شيء مادي لكنهم أبداً لا يتخلون عن حقوقهم وكرامتهم.
نحن نعرف أن تأجيل تشكيل الحكومة يعود لوهم إبعاد حزب الله من الحكومة، لكن ذلك لا يمكن أن يحصل. لا حكومات بعد اليوم والمقاومة ليست جزءاً منها. انتهى الزمن الذي تشكلون فيه الحكومات وحدكم وتسوقون الناس كما يحلو لكم أو كما هي الإملاءات الخارجية. كل الحكومات المقبلة يجب أن تكون حكومات وطنية، بمعنى أن المصلحة الوطنية هي الحاكمة في التشكيل لا الإرادة الخارجية.
المعادلة تغيّرت كلياً وعلى القوى السياسية المحلية أن تعي ذلك والمرحلة المقبلة هي مرحلة المضحّين والمشروع هو مشروع الشرفاء والأكفاء ومَنْ يعمل لبلده بأمانة ومسؤولية. كفى هذا الوطن تبعية للخارج، وكفى تحويله ساحة لتنفيس الاحتقانات الإقليمية. الشعب يريد حكومة تربط التحولات والموازين الجديدة بأفق سياسي وإصلاحي يحمل في طياته حلولاً لأزمات الناس المختلفة.
وإذا كان المطلوب المشاركة لأن ذلك من مقتضيات التنوّع، ولكن ليس على أساس التعطيل والتخريب وإعلاء إرادة أميركا والسعودية أو غيرها من الدول التي تريد الإضرار بسيادة لبنان واستقلاله وقوته.
منظومة الوكلاء المحليين يجب أن تسقط، ومنظومة الأحرار المحليين يجب أن تسود، لأن شعباً بهذه التضحيات يستحق قيادات متمحضة بالزهد والنزاهة والكفاءة والوطنية.